"زيادة الوزن إحدى المشكلات".. هذا ما يحدث للجسم عند النوم بعد الأكل مباشرة
يميل كثيرٌ من الناس إلى النوم بعد الأكل مباشرةً، سواء كان ذلك بعد وجبة الغداء أو العشاء، فمع تناول أنواعٍ مُعيّنة من الطعام أو كمياتٍ كبيرةٍ منه، يهجم النعاس على الدماغ بشكلٍ يصعب معه مقاومته، لكن هذه العادة ليست أمرًا جيدًا، وإن أعطت الجسم بعض الراحة، فقد تُسبِّب زيادة الوزن على الأمد البعيد، كما يكون الإنسان مُعرَّضًا لارتجاع المريء، فلماذا هذه الرغبة في النوم بعد الأكل؟ ومتى ينبغي أن تنام بعد تناول الطعام؟
لماذا قد تشعر بنعاس بعد الأكل؟
عوامل عديدة تلك التي تُسهِم في النعاس والرغبة في النوم بعد الأكل، بدءًا من نوع الطعام الذي تتناوله، ومرورًا بكمية الطعام، وغير ذلك من العوامل:
1. نوع الطعام
قد تتسبَّب بعض العناصر الغذائية الموجودة في بعض الأطعمة في الشعور بالتعب بعد الأكل، وهبوب رغبة في النوم، خاصةً لو تناولها الإنسان في الغداء، أمّا بالليل فقد تُساعِده في الحصول على نومٍ جيد، ويشمل ذلك الأطعمة الغنية بـ:
الميلاتونين
الميلاتونين هو هرمون النوم، والذي يدفع الجسم في نهاية اليوم إلى النوم، ويُوجَد في العديد من الأطعمة التي تُسهِم في الشعور بالنعاس بعد الأكل، مثل:
- الشعير.
- الذرة.
- التوت البري.
- الخيار.
- البيض.
- الشوفان.
- الفراولة.
- السلمون.
التريبتوفان
التربتوفان حمضٌ أميني قد يجعل الإنسان يشعر بالنعاس أيضًا، إذ يُحوِّله الجسم إلى السيروتونين، ثُمّ إلى الميلاتونين، ومن الأطعمة الغنية بالتربتوفان:
- الدجاج.
- الديك الرومي.
- السمك.
- بياض البيض.
- بذور دوّار الشمس.
- الفول السوداني.
- بذور اليقطين.
الكربوهيدرات
أظهرت الأبحاث أنّ الوجبات الغنية بالكربوهيدرات قد تجلب الخمول والنعاس، إذ تضطرب مستويات السكر في الدم بين زيادةٍ مُفاجئة ثُمّ انهيارٍ كبير فيها، وهذا يأتي بنعاس عقب تناول الطعام، ومن الأطعمة عالية الكربوهيدرات:
- المخبوزات والمعجنات.
- البطاطا.
- السكر.
- الأرز الأبيض.
- الشوفان سريع التحضير.
اقرأ أيضًا:لماذا نشعر بخمولٍ بعد الأكل؟ وما السبيل للوقاية منه؟
الدهون
يرتبط تناول الأطعمة الغنية بالدهون بالتعب والخمول في أثناء النهار، خاصةً الدهون المُشبّعة والدهون المتحولة، ومن الأطعمة الغنية بتلك الدهون:
- المخبوزات.
- لحم البقر.
- الجبن.
- المقليات.
- لحم الضأن.
- منتجات الألبان كاملة الدسم.
2. الساعة البيولوجية للجسم
قد لا يكون للطعام علاقة بالشعور بالنعاس بعد الأكل، بل رُبّما يأتي النعاس في الوقت الطبيعي للجسم تزامنًا مع تناول الطعام أو بعده، وهذا قد يُسهِم فيه:
- الساعة البيولوجية: تتحكَّم في فترات اليقظة والنوم، ويزداد نشاطها على مدار اليوم لإبقائك مستيقظًا، لكنّها قد تتراجع في نشاطها أحيانًا بعد الظهر، وهذا يحدث عادةً بعد 7 - 9 ساعات من الاستيقاظ، وربّما يبدأ الشعور بالنعاس سواء أكلتَ أم لم تأكل.
- الرغبة في النوم: يتراكم الأدينوزين في الدماغ طول اليوم تدريجيًا، وتصل مستوياته إلى ذروتها قبل النوم مباشرةً، كما أنّ مستوياته أعلى بعد الظهر مقارنةً بالصباح مثلاً، وكُلّما طالت مد الاستيقاظ، تراكم الأدينوزين، الذي يزيد الرغبة في النوم.
أضرار النوم بعد الأكل مباشرةً
قد يتعرَّض الإنسان لبعض المخاطر الصحية عند النوم بعد الأكل مباشرةً، خاصةً لو كان ذلك في وقتٍ متأخرٍ من الليل، ومن أبرز الأضرار التي قد يجلبها الإنسان على صحته مع فعل ذلك ما يلي:
1. حرقة المعدة وارتجاع المريء
مُجرَّد الاستلقاء بعد وقتٍ قصيرٍ من تناول الطعام، يُسهِّل ارتجاع المريء، وقفز عصارة المعدة إليه، وإذا كان ذلك بالليل، فقد يُعانِي الإنسان حرقة المعدة، والشعور بعدم الراحة في الصدر.
جديرٌ بالذكر أنّ ارتجاع المريء مرضٌ مزمن يحدث مع ضعف العضلة العاصرة السُفلية في المريء - التي تحجز حمض المعدة عن اقتحام المريء حال قوتها - وقد تزداد أعراض الداء ليلاً، خاصةً إذا لم تُفرَغ المعدة من الطعام بحلول وقت النوم.
أيضًا قد يُؤدِّي ارتجاع المريء إلى صعوبة النوم ليلاً، وربّما المعاناة من الأرق إثر صعود حمض المعدة إلى المريء باستمرار.
اقرأ أيضًا:التغذية الزمنية.. هل يؤثر تغيير مواعيد الأكل في صحتك؟
2. زيادة الوزن
من السيئ تناول الطعام قبل النوم بالليل مباشرةً، خاصةً لو تناولتَ كمية كبيرة من الطعام، فكُلّما كان تناول الطعام قريبًا من موعد النوم، زاد احتمال بقاء الشخص يقظًا طوال الليل، وهذا ليس في صالح صحته بأيّ حالٍ من الأحوال.
يُؤدِّي تناول الطعام أيضًا إلى إفراز هرمون الأنسولين؛ كي يساعد الجسم على استخدام الطاقة من الطعام، لكن هذه العملية قد تُغيِّر إيقاع الساعة البيولوجية، بما يمنع النوم.
أيضًا وجدت إحدى الدراسات المنشورة في مجلة النوم السريري "Clinical Sleep Medicine"، وجود صلة قوية بين تناول الطعام في وقتٍ متأخرٍ من الليل وتدنّي جودة النوم، إذ يكون المرء مُعرَّضًا لانقطاع التنفُّس في أثناء النوم.
3. اضطراب النوم
قد يُؤدِّي النوم بعد الأكل مباشرةً إلى اكتساب مزيدٍ من الوزن، إذ ربط الباحثون بين تناول الطعام في وقتٍ متأخر وزيادة الوزن، وإن كانوا غير مُتأكّدين بعد من طبيعة تلك الصلة، وربّما تكون زيادة الوزن المُرتقبة مرتبطة بالعديد من العوامل، مثل التمثيل الغذائي والأنسولين.
أيضًا هناك بعض الأدلة على أنّ قلة النوم المزمنة - التي قد تنجم عن النوم بعد الأكل مباشرةً - مرتبطة بزيادة الوزن على الأمد البعيد.
هل للنوم بعد الأكل فوائد؟
نعم، قد يكون للنوم بعد الأكل فوائد، خاصةً لو تناول الإنسان وجبة خفيفة مليئة بالعناصر الغذائية، والحصول على تلك الفوائد عمومًا مرهون بنوع الطعام الذي يتناوله الإنسان وكذلك مقداره، ومن بين تلك الفوائد:
1. توازن مستويات السكر في الدم
تُوجَد بعض الأدلة على أنّ تناول وجبة خفيفة قبل النوم، قد يُساعِد في استقرار مستويات السكر في الدم، خاصةً لو كانت منخفضة الكربوهيدرات وغنية بالبروتين، مثل البيض، فستُساعِد في منع ارتفاع سكر الدم في الصباح، لكن لا تزال هناك حاجةٌ إلى مزيدٍ من الأبحاث بذلك الشأن.
2. قد يُحسِّن النوم
لماذا نأكل؟ تفاديًا للجوع، والحقيقة أنّ الذهاب إلى النوم جائعًا قد يُبقِيك يقظًا طوال الليل ويمنعك من النوم؛ لذا قد يُساعِدك تناول وجبة خفيفة صغيرة قبل النوم؛ في التغلُّب على الجوع ومساعدتك على النوم بصورةٍ أفضل.
لكنّ تناول كميات كبيرة من الطعام ليس بالأمر السديد، خاصةً لو كان الطعام غنيًا بالكربوهيدرات، بل تُفضّل الوجبات الخفيفة على الكميات الكبيرة من الطعام قبل النوم.
اقرأ أيضًا:احذر "متلازمة الأكل الليلي".. زيادة محققة في الوزن واكتئاب يصعب علاجه
الأطعمة الصحية قبل النوم
تحتوي بعض الأطعمة على موادٍ تُساعِد على النوم، فمثلاً يحتوي الديك الرومي على مادة التريبتوفان، التي تتحوّل إلى الميلاتونين لاحقًا، وهو هرمون النوم؛ لذلك بدلاً من تناول الحلوى والأطعمة الضارة ثُمّ النوم، يُمكِن تناول الأطعمة الغنية بالميلاتونين، فهي صحية لا تضرُّك وتُساعِد على النوم أيضًا، مثل:
- أوراق التوت.
- الكرز.
- الفراولة.
- الكيوي.
- الفلفل.
- المكسرات، خاصةً الجوز واللوز.
الأطعمة والمشروبات التي ينبغي تجنُّبها قبل النوم
لا يُنصَح بتناول بعض الأطعمة إن كُنت تتوقّع أن تنام بعد الأكل مباشرةً، مثل:
- الأطعمة الحارة والأطعمة الحمضية، مثل الطماطم، خاصةً إذا كُنت تُعانِي حرقة المعدة أو ارتجاع المريء.
- المشروبات الغنية بالكافيين، مثل الشاي والقهوة، والمشروبات الغازية، ومشروبات الطاقة.
متى تنام بعد الأكل؟
يختلف الوقت الفاصل بين الأكل والنوم، حسب نوع الطعام الذي تتناوله، فكلُّ نوعٍ من أنواع الطعام يستغرق وقتًا مُحدّدًا للمرور عبر الجهاز الهضمي، فالسوائل هي الأسرع، والأطعمة الصلبة، خاصةً الغنية بالدهون هي الأبطأ في الهضم.
وكُلّما طالت المدة الزمنية الفاصِلة بين تناول الطعام وبين النوم، كان ذلك أفضل لصحة الإنسان؛ لذلك يُفضّل الانتظار نصف ساعةٍ على الأقل بعد شُرب السوائل، وما لا يقل عن ساعتين إلى ثلاث ساعات بعد تناول الطعام قبل الذهاب إلى النوم، فهذه المدة تمنح الجهاز الهضمي الوقت الكافي للتعامل مع الطعام، ما يُقلّل خطر ارتجاع المريء.