"فرص واعدة".. السعوديون يرسمون ملامح السياحة العالمية في عام السفر الأكبر 2024
في مشهد دولي تتسارع فيه وتيرة النمو الاقتصادي، يأتي قطاع السفر والسياحة ليتولى دور البطولة في ساحة الإنفاق العالمي، مُتجاوزًا التوقعات الاقتصادية العالمية بنطاق واسع.
الأرقام لا تكذب والمعطيات ترسم صورة لعالم يعيد اكتشاف الأفق بين سماء متسلسلة من الرحلات، وبحار إلكترونية من الحجوزات. والحديث هنا لا يدور حول قيمة مضافة عادية، بل عن صناعة قُدرت قيمتها السوقية العالمية بتريليونات الدولارات، ويُنظر لها كقائد مستقبلي في سوق التجارة الحديث.
التحول الرقمي في حجوزات السفر
مع حلول العام 2024، ستنقلب الموازين في عالم السفر، حيث يتوقع الخبراء أن يقوم 67% من المستهلكين حول العالم بإجراء حجوزاتهم عن طريق العالم الافتراضي "شبكة الإنترنت"، طبقا لتقديرات "يورومونيتور"، التي أشارت بدورها إلى أن هذا التحول ليس مجرد تغيير في العادات الاستهلاكية، بل هو فصل جديد في ديمومة القطاع الترفيهي والاستثماري.
اقرأ أيضا: أقوى جوازات السفر حول العالم.. دول عربية في الصدارة
نمو السياحة في الشرق الأوسط
أما في الشرق الأوسط، فقد شهد عام 2023 تجاوزًا لأعداد السياح الدوليين فوق المستويات التي سبق أن تم تسجيلها في عام 2019، وذلك بنسبة 15% خلال الربع الأول، وفقًا لمنظمة السياحة العالمية.
وأوضح المحللون بهذا الخصوص أن هذا الارتفاع اللافت يبشر بعام 2024 الذي قد يُسجل فيه أعداد حجوزات قياسية، متجاوزًا بذلك المعايير التاريخية في هذا القطاع.
التوقعات المستقبلية
تفيد التوقعات القادمة من متخصص السياحة والسفر، محمد جاسم الريس، بأن إجمالي الحجوزات في قطاع السياحة سيشهد قفزة هائلة في الربع الأول من عام 2024، مع وجود توجه ملحوظ نحو آسيا وأوروبا متوقع من السياح عالميًا، بينما من المتوقع أيضًا أن تجذب السعودية والإمارات ودول الخليج الأنظار إليها بأعداد طاغية من السياح.
نمو الإنفاق السياحي
مع هذا التدفق السياحي، هناك ظاهرة الإنفاق المرتفع الذي يُتوقع أن يبلغ تريليوني دولار عالميًا وفقًا لـ "يورومونيتور إنترناشيونال". ولعل أبرز اللاعبين في هذه السوق هم السعوديون والمسافرون الخليجيون الذين ينفقون ما يقرب من 6.5 أضعاف ما ينفقه سياح من أماكن أخرى من العالم، طبقًا لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة.
الحلول التمويلية والرحلات الميسّرة
ومع توافر الحلول التمويلية الميسّرة، بات بمقدور الناس السفر الآن بتكاليف موزعة على الأشهر، وهو ما يدور في فلك الديمومة السياحية وتعزيز إمكانية الوصول إلى الأسواق الجديدة. وعاود هنا "الريس" ليقول إن هذه الحلول قد ساهمت بشكل ملحوظ في رفع الإنفاق على السفر والسياحة.
وفي إطار التقديرات التي تفوق التوقعات، يُظهر النمو المرتقب في الإنفاق السياحي عن نشاط اقتصادي موعود بالازدهار. كما تبشر الإحصاءات بحقبة ذهبية منتظرة لقطاع السفر، ومعها من المنتظر أن تتصاعد على نطاق أكبر آمال العاملين بالقطاع من موانئ وفنادق وشركات طيران ومنظمات الرحلات.
ومن ضمن المعالم البارزة التي ستظهر في تلك الساحة الروحية الجديدة للسفر هي خيارات التمويل المبتكرة التي تُقدمها الشركات المتخصصة، حيث بات المجال أوسع لشرائح أكبر من المجتمع في سعيهم للتنقل والترحال.
وفي ظل هذا المناخ المحفز، تَعِدُ الحلول التمويلية المتنوعة بجمع المسافرين من مختلف الفئات الاقتصادية حول بوتقة السياحة الدولية، هو الواقع الذي قد تبدأ ملامحه في التشكل والظهور الفترة القادمة.
صيحة جديدة في سوق السياحة
وعلق خبراء على ذلك بقولهم إن الإقدام السعودي الخليجي المتزايد على السفر، الذي يعبر عنه الإنفاق الضخم والموزع قاريًا، قد يُلهم العالم صيحة جديدة في سوق السياحة، باعتبارها محورًا مغناطيسيًا ضخمًا ومحركًا اقتصاديًا فاعلاً.
كما أن التأثير الذي يحدثه المسافرون السعوديين والخليجيين في الأسواق السياحية العالمية، ومضاعفتهم للإنفاق مقارنة ببقية السياح، يبرز كمؤشر لا يمكن تجاهله، وهو ما يمكن استغلاله بشكل كبير.
اقرأ أيضا: ما هي الدول التي يتيح جواز السفر السعودي دخولها بدون تأشيرة؟
وبالنظر إلى الزيادات الملموسة في الحجوزات وتقديرات المقاعد الطائرة للعام الجاري، يُمكن التوقع بثقة أن الأفق مفتوح لعام سياحي قياسي، فالمؤشرات لا تبين فقط حدوث تعافي قوي للقطاع بعد الانكماش الذي شهده في فترة الجائحة، بل تُنبئ كذلك بتفوق غير مسبوق على المستويات التي سجلت قبلها.
ويبرز هذا التحدث في استدامة هذا النمو، والحفاظ على الدورة الإيجابية للقطاع في وجه الأحداث الجيوسياسية المتقلبة التي يتوقع الخبراء أن تؤثر على الوجهات السياحية في الشرق الأوسط.
ومع ذلك، فإن الإشارات التي يرسلها السياح القادمون بأعدادهم الهائلة إلى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات تعكس ثقة عالية في استقرار وجاذبية هذه الوجهات.
ومهما كانت الاعتبارات الجيوسياسية، فإن الاقتصاد العالمي يقف على أعتاب عصر سياحي جديد، يحقق فيه المسافرون الخليجيون وخاصة السعوديين، بأساليب إنفاقهم المتقدمة واحتياجاتهم الفريدة، ريادة في ديمومة القطاع وتوسيع آفاقه.
وانطلاقًا من ذلك، يمكن القول إن عام 2024 يُعبر عن لحظة تحول حقيقية في قطاع السياحة والسفر؛ حيث يرحب العالم بالسياح القادمين من هذه الرقعة الغنية والأنيقة من الخليج، والتي تقدم نموذجًا لشغف التنقل والاستكشاف، وتوقعات بمزيد من الإنفاق في سنوات أكثر سفرًا وأقل تكلفة.
ومع دخول عام 2024، بدأ يشهد العالم تسابقًا سياحيًا متناميًا يدفعه الإسهام السعودي والخليجي للواجهة، ويبرهن بوضوح على التغيرات العميقة في تفضيلات السفر والإنفاق.
وانعكاسًا لهذا التوجه، تفتح الأسواق والوجهات أبوابها الواسعة، وهي تستعد لترحيب تاريخي بالزوار من كافة أرجاء المعمورة، مُقبِلة على عام السفر الأكثر نشاطًا والأقل تكلفة على الإطلاق.
توقعات ازدهار سوق السفر العالمي
يشير المشهد القادم لقطاع السفر والسياحة إلى تطلعات عريضة وأرقام متصاعدة تنبئ بمرحلة مزدهرة، حيث تؤكد توقعات خبراء "سوق السفر العالمي" على تجاوز القيمة السوقية العالمية لهذا القطاع الحيوي لحاجز تريليون دولار في الفترة الممتدة بين 2023 و2027، مع احتمال وصول معدل نمو سنوي مركب إلى 4.42 بالمائة.
وبحسب الأعداد الصادرة من شركة الأبحاث "ألايد ماركت ريسيرش"، فإن سوق سفر الأعمال، الذي بلغ حجمه 689.7 مليار دولار في عام 2021، من المتوقع أن يشهد قفزة نمو مذهلة إلى 2.1 تريليون دولار بحلول العام 2031.
ولا يقتصر النمو على هذا القطاع فحسب؛ بل ثمة توقعات تشير إلى أن سوق السفر الفاخر سيُسجل تجاوزًا لـ 440 مليار دولار بحلول نهاية العقد الجاري.
التحديات والاتجاهات المتوقعة
رغم التوقعات الإيجابية، لكن هناك عوامل تُلقي بظلالها على قطاع السفر وفقا لما كشفه استطلاع رأي صناعة السفر الذي أجرته "يورومونيتور". وإذ يُظهر الاستطلاع أن التضخم "بنسبة 56%" واضطرابات السفر "بنسبة 53%"، إضافة إلى السعي الدائم للحصول على خدمات ذات قيمة أفضل "بنسبة 46%"، تعد من أكبر التحديات الراهنة، والتي يحتمل أن تبقى مستمرة لبعض الوقت.
ومع ذلك، فإن هناك تفاؤلاً بتحسن طفيف في أداء القطاع المالي خلال الفترة من 2023 إلى 2024، وذلك بنسبة 59%، وهو ما قد يعكس ارتفاع الكلفة لتقع على عاتق المستهلكين.
رقمنة السفر
يتجه سوق السفر نحو البيئة الرقمية بشكل متزايد، بما يتماشى مع التطور التكنولوجي الذي يهيمن على مختلف المجالات. وبحسب ما أوردته "يورومونيتور"، فإن التوقعات تشير إلى أن 67% من المستهلكين حول العالم سيضعون خططهم للسفر من خلال القنوات الرقمية في عام 2024.
السياحة في الشرق الأوسط
على صعيد منطقة الشرق الأوسط، تُبرز بيانات منظمة السياحة العالمية قيادة المنطقة لقائمة السياحة العالمية لعام 2023، حيث شهدت أعداد السياح الدوليين الوافدين نموًا قويًا تجاوز مستويات ما كانت عليه قبل جائحة كوفيد-19.
وشهد الربع الأول من عام 2023 زيادة بنسبة 15% في أعداد الوافدين الدوليين إلى الشرق الأوسط مقارنة بنفس الفترة من عام 2019، ما يُشير إلى تعاف ملحوظ ومبشر لصناعة السياحة في هذه المنطقة.
وإذ تحمل الأرقام والتقديرات الحالية وعودًا بأفق مشرق لقطاع السفر والسياحة العالمي، مع تحديات ورؤى تنبئ بسفر أكثر رقمنة وتكاليف يُمكن التحكم فيها، ومع احتلال الشرق الأوسط لمقعد الصدارة، يبدو المستقبل مليئًا بالعديد من فرص النمو الواعدة.