العمل 4 أيام في الأسبوع: مستقبل الذكاء الاصطناعي بإنتاجية العمل
مع انتشار فكرة العمل 4 أيام في الأسبوع، قد يستفسر البعض عن كيفية استغلال العاملين أوقات الفراغ التي تصير متاحة لديهم، وهل سيكون الترفيه خيارهم الأول أم سيتفرغون لإنجاز المزيد من العمل؟ يبدو أن التجربة الناجحة لشركة إيرثلي في لندن قد قدمت إجابات واضحة بشأن نظام ساعات العمل في المستقبل، وهو ما سنبرزه فيما يلي.
تأسست شركة إيرثلي في مجال تكنولوجيا المناخ، واعتمدت نظام العمل 4 أيام في الأسبوع منذ أكثر من عامين، وقد أظهرت النتائج ارتفاعًا واضحًا في معدلات إنتاجيتها مع تزايد معدلات تركيز الموظفين.
الذكاء الاصطناعي ونمط العمل الأسبوعي
في هذا السياق، أفادت تقارير بأن الذكاء الاصطناعي يعلب دورا حيويا في زيادة الإنتاجية ورفع مستوى الكفاءة، وهو ما كان له إسهاماته في تغيير الصورة المأخوذة عن نمط العمل الأسبوعي المعتاد.
رئيس الشركة، أوليفر بولتون، أشار من جانبه إلى أن الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل شات جي بي تي، قد ساهم بشكل كبير في تسهيل آليات العمل وتوفير المزيد من الوقت للموظفين.
ونوهت التقارير بأن هذا النموذج يعد نجاحًا يمكن تطبيقه على نطاق واسع في بريطانيا، إذ أوضح تقرير مركز أوتونومي إلى إمكانية تقليل ساعات العمل بنسبة 10% على الأقل للعديد من الشركات.
ومع تطور التكنولوجيا وتقدم الذكاء الاصطناعي في مجالات كثيرة، يستعرض التقرير سيناريوهين مستقبليين: إما تقليل ساعات العمل بنسبة 20% أو تعزيز وظائف العاملين بزيادة إنتاجيتهم بنسبة 10%. وفي كل الحالتين، يتوقع أن يستفيد الموظفون بشكل إيجابي دون تأثير على أجورهم.
اقرأ أيضا: بشرى للموظفين .. الذكاء الاصطناعي سيخفض ساعات العمل إلى 12 ساعة أسبوعيًا
وتحدث في نفس الإطار مدير إدارة الأبحاث في مركز أوتونومي، ويل سترونغ، عن أهمية التفكير في توزيع فوائد زيادة الإنتاجية بطريقة عادلة وشمولية، مشيرا إلى أن هذا النهج يساعد في التأقلم مع تطورات التكنولوجيا وتحسين جودة الحياة العملية.
هل تقود التكنولوجيا إلى عصر العمل 4 أيام بالأسبوع؟
في ظل التطورات السريعة في مجال التكنولوجيا، يعود الحديث حول اعتماد نظام العمل 4 أيام في الأسبوع إلى الواجهة، وذلك بفضل الذكاء الاصطناعي ومنصات الشات المتطورة.
مذكرة أصدرها بنك جيفريز الاستثماري أشارت إلى التأييد المتزايد لفكرة تقليل أيام العمل، من منطلق أن الذكاء الاصطناعي يسهم في زيادة إنتاجية العاملين، ما قد يرسم صورة مغايرة لما ستؤول إليه الأوضاع مستقبلاً.
رأى خبراء وأكاديميون أن هناك فرصًا كبيرة للانتقال إلى نظام العمل المرن بفضل التكنولوجيا الحديثة. وهو الاتجاه الذي تحدث عنه كريستوفر بيساريدس، البروفيسور الذي سبق له أن حاز على جائزة نوبل في اقتصاديات العمل، بإعرابه عن تفاؤله بدور الذكاء الاصطناعي في تعزيز الإنتاجية.
ومع طرح هذه النقلة التكنولوجية لبعض التساؤلات بشأن كيفية استغلال الأفراد للوقت الإضافي الناتج عن تحسين الإنتاجية، يرى كارل بينيديكت فراي، الأستاذ المشارك في الذكاء الاصطناعي، أن السؤال الرئيسي يتعلق بالكيفية التي سيستخدم بها الأفراد هذا الوقت الإضافي الذي ستوفره لهم التكنولوجيا.
وتنبأ فراي في ورقة بحثية سابقة بأن الأتمتة قد تؤدي إلى اختفاء نصف الوظائف في الولايات المتحدة، قائلا إنه رغم أن التكنولوجيا الحديثة قد تساعد على تحسين الإنتاجية، لكن التحول نحو أيام العمل القصيرة قد يُشكِّل تحديا.
وبالرغم من أن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي ومنصات الشات لتحسين الإنتاجية قد يكون أمرا إيجابيا، لكن التحول الفعّال يعتمد على تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية. ومع ذلك، يرى فراي أن تاريخ العمل يظهر أن زيادة الإنتاجية لم تترجم بالضرورة إلى زيادة في الوقت الفراغ.
تجربة العمل 4 أيام في الأسبوع في عدد من الشركات أظهرت نجاحا بلغ 92%، مع تحسن ملحوظ في استبقاء الموظفين والصحة العقلية والبدنية. ومع ذلك، يبقى الأمر مسألة اختيار شخصي يعتمد على التفضيلات الفردية والظروف المحيطة.
ويرى الخبراء في نفس الوقت أن الاستفادة من ساعات العمل الإضافية قد تكون مسألة صعبة التحقيق في المستقبل، وإن بقي الذكاء الاصطناعي محفزًا للتفكير بطرق جديدة بشأن التوازن بين العمل والحياة.
رؤية مستقبل العمل الذكي
مع تسارع وتيرة التقدم التكنولوجي، يشهد الحديث حول مستقبل العمل تغييرات ملحوظة، إذ يفتح الذكاء الاصطناعي ومنصات الشات الباب أمام فرصة تاريخية لتحقيق تحول في أيام العمل. وقد تبنت بعض الشركات هذا المفهوم بفضل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، حيث أظهرت النتائج نجاحًا باهرًا.
اقرأ أيضا:أكثر وأقل دول العالم في ساعات العمل
في دراسة أجريت على مدى عام 2022، بمشاركة 61 شركة في المملكة المتحدة، تبين أن 92% من هذه الشركات نجحت في تنفيذ أيام العمل الأربعة بنجاح، مما أدى إلى تحسين كبير في استبقاء الموظفين وتحسن صحتهم العقلية والبدنية. وهو النجاح الذي أرجعه البعض إلى استفادة الموظفين بشكل فعلي من تلك الأيام الإضافية في القيام بأنشطة مختلفة وتمكنهم من تعزيز مهاراتهم.
ويثير السؤال الذي يفرض نفسه هنا: كيف يمكن للأفراد استثمار الوقت الإضافي الناتج عن زيادة الإنتاجية؟ وهو ما أجاب عليه كارل بينيديكت فراي، الأستاذ المشارك في الذكاء الاصطناعي، بقوله إن هناك إمكانية لتحسين نوعية الحياة الشخصية واستثمار هذا الوقت في الهوايات والأنشطة المهنية.
وعلى الرغم من التحديات التي قد تواجه سيناريو التحول نحو العمل 4 أيام أسبوعيا، فإن الشركات الرائدة تشير إلى أن هذا التحول قد يكون مفيدًا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، من منطلق أن الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة يعززان الإنتاجية ويسهمان في تحسين جودة حياة الأفراد.
فضلا عن أن التحول نحو العمل الذكي والعمل 4 أيام هو خطوة إيجابية نحو تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة الشخصية. ويُشجع الرؤساء التنفيذيون في بعض الشركات، مثل أوليفر بولتون من إيرثلي، موظفيهم على الاستفادة القصوى من هذا التحول، مشجعين إياهم على ممارسة هواياتهم وتحسين مهاراتهم الشخصية.
وفي النهاية يمكن القول إن تفعيل الإمكانيات الكامنة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي قد يفتح آفاقا جديدة للعمل بمنظوره الجديد، مع إمكانية تحقيق فوائد اقتصادية واجتماعية تعزز من جودة حياة الأفراد وتعزز التوازن بين متطلبات الحياة المهنية والشخصية.