السعودية تبرز قوة اقتصادها بعد استحواذها على حصة بمطار هيثرو
في خطوة استراتيجية هامة، أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي عن اتفاق تاريخي مع شركة "أرديان" الفرنسية للاستحواذ على حصة بنسبة 25% في مطار هيثرو الدولي في لندن، وقد بلغت قيمة الصفقة الضخمة 2.4 مليار جنيه إسترليني.
وأعلن صندوق الاستثمارات العامة عن دخوله في اتفاق مع شركة "فيروفيال أس أي" لشراء حصة تبلغ 10% من أف جي بي توبكو، الشركة القابضة لمطار هيثرو. وهي الخطوة التي تأتي في إطار استراتيجية توسيع نطاق استثمارات الصندوق وتعزيز وجوده في قطاع الطيران العالمي.
ووفقًا لتفاصيل الاتفاقية، فسيحصل صندوق الاستثمارات العامة على حصة قدرها 10%، فيما ستحصل أرديان على حصة تبلغ 15% من أف جي بي توبكو، من خلال صناديق البنية التحتية التي تديرها. ويأتي ذلك التقسيم بهذا النحو ليعكس استراتيجية كل طرف في الاستثمار بشكل فعّال ومنفصل.
صفقة ناجحة
وتتوقع الأطراف المعنية أن تكون الصفقة ناجحة بموجب الشروط المحددة، التي تشمل حقوق الأولوية للشراء وحقوق المشاركة في البيع وفقًا لاتفاقيات المساهمين الحاليين في أف جي بي توبكو.
وعلق مراقبون ومحللون على ذلك بقولهم إن الصفقة التي تحظى بتداعيات اقتصادية مهمة تأتي في إطار الالتزام بالأنظمة والإجراءات المرتبطة بآليات عمل الشركات والموافقات اللازمة من الجهات الرقابية.
اقرأ أيضا: خالد الفالح: صندوق الاستثمارات العامة سيغير قواعد اللعبة في إفريقيا
وأضافوا أن هذه الاستثمارات تعكس إلى حد كبير التوجه الاستراتيجي لصندوق الاستثمارات العامة السعودي نحو دعم القطاعات الحيوية وتعزيز الاقتصاد العالمي من خلال استثمارات طويلة المدى.
ويُعد مطار هيثرو الدولي واحدًا من أهم المرافق الجوية على مستوى العالم، حيث يلعب دورًا حيويًّا في تعزيز الروابط التجارية العالمية وتحفيز النمو الاقتصادي.
فرصة استثمار استراتيجية
وأفادت تقارير تناولت الخبر على نطاق واسع خلال الساعات الماضية أن هذا الاستثمار المشترك تم تحت إشراف كل من الصندوق وأرديان بشكل منفصل، طبقًا للاتفاقية التي تحمل شروطًا محددة، منها حقوق الأولوية للشراء وحقوق المشاركة في البيع، التي يمكن ممارستها من قبل المساهمين الحاليين.
وأشار الصندوق من جانبه إلى أهمية مطار هيثرو الدولي كوجهة حيوية على الساحة العالمية، حيث يرى في هذا الاستثمار فرصة استراتيجية تتناغم مع خططه الاستثمارية على المدى الطويل.
ومن الجدير ذكره بهذا الخصوص أن مطار هيثرو يعد واحدًا من أكثر المطارات ازدحامًا على مستوى العالم، فضلا عن الدور الرئيس الذي يلعبه على صعيد ربط المملكة المتحدة بشركائها التجاريين حول العالم.
وفي تصريح منفصل، أعلنت شركة "فيروفيال" الإسبانية عن بيع حصتها البالغة 25% في إف جي بي توبكو بقيمة تبلغ 2.37 مليار جنيه إسترليني (3.01 مليار دولار) إلى صندوق الاستثمارات العامة وشركة أرديان الفرنسية.
وتابع المحللون، وفقا لما أوردته عنهم التقارير، ليؤكدوا على أهمية تلك الصفقة استراتيجيًّا، حيث قالوا إن تلك الخطوة تظهر الرؤية الاستراتيجية للطرفين فيما يتعلق بتعزيز تواجدهما في سوق الطيران العالمي.
وعنونت بعض المواقع تقاريرها حول هذا الموضوع بـ "توسيع السعودية لنفوذها في أوروبا: استثمارات استراتيجية ترسم ملامح مستقبل اقتصادي قوي"، وذلك عقب إعلان صندوق الاستثمارات العامة السعودي عن نيته تحقيق خطوة استراتيجية جديدة في أوروبا، باستحواذه على حصة 10% في مطار هيثرو بلندن، وهي صفقة بقيمة 2.4 مليار جنيه إسترليني بالتعاون مع شركة أرديان الفرنسية.
السعودية قوة نشطة في الصفقات الدولية
وأضاف هذا التقرير أن ذلك الاستثمار الجديد يبين بما لا يدع مجالاً للشك مدى تطور السعودية كقوة نشطة في مجال الصفقات الدولية، خاصة خارج الولايات المتحدة التي كانت تحظى بالاهتمام الرئيس للمملكة.
اقرأ أيضا: صندوق الاستثمارات العامة يرفع حصته في "أستون مارتن" إلى 20.5%
هذا وتتنوع الاستثمارات السعودية في أوروبا، حيث تنطوي أيضًا على استثمار في شركة الاتصالات الإسبانية تليفونيكا بنسبة 10% بقيمة 2.25 مليار دولار. وتمتلك السعودية حصة قدرها 21% في شركة صناعة السيارات البريطانية أستون مارتن، وشاركت بنيوكاسل يونايتد بالدوري الإنجليزي الممتاز في صفقة استحواذ رياضية فاخرة بقيمة تجاوزت 300 مليون جنيه إسترليني.
ومن بين الاستثمارات الأخرى، شهدت السعودية دعمها لصفقة استحواذ على وحدة الأبراج التابعة لـ "فانتيج تاورز" مع كيه كيه آر آند كو وغلوبال إنفراستركتشر بارتنرز بقيمة 17.8 مليار دولار.
كما أعلنت شركة "سابك"، التابعة لأرامكو السعودية، عن استثمار قدره مليار جنيه إسترليني في منشأتها في إنجلترا لتعزيز جهودها في تقليل الانبعاثات.
وتأتي هذه الصفقات الاستراتيجية لتعكس رؤية المملكة التي ترمي من ورائها إلى توسيع نفوذها وتحقيق استدامة اقتصادية، في الوقت الذي تواصل فيه دعم الجهود التي تهدف لتحقيق التنوع الاقتصادي وتعزيز البنية التحتية في مختلف القطاعات، بما في ذلك السياحة والصناعات الحديثة.
توسعات السعودية بالاستثمارات الأوروبية
ولفتت تقارير أخرى بنفس السياق إلى أن السعودية تتوسع بثبات في مساهماتها الدولية، حيث تُبرز الاستثمارات الحديثة في أوروبا التزام المملكة بتحقيق تنويع اقتصادي شامل، علما بأن نطاق الاستثمارات السعودية يتنوع بين قطاعات متعددة، ما يشير إلى رؤية استراتيجية لتحقيق توازن في المحفظة الاستثمارية للصندوق.
وفي سياق الطيران على سبيل المثال، يأتي استحواذ صندوق الاستثمارات العامة على حصة في مطار هيثرو كجزء من خطة واسعة النطاق لتعزيز البنية التحتية السياحية. كما يسهم هذا الاستثمار في دعم مكانة هيثرو الاستراتيجية كمركز رئيسي للسفر العالمي ويعكس التزام السعودية بتطوير قطاع الطيران على المدى البعيد.
ومن جهة أخرى، فإن الاستثمار في شركة "تليفونيكا" الإسبانية يعكس مدى الاهتمام الذي توليه السعودية بقطاع الاتصالات العالمي. وبالرغم من التحديات التي واجهت هذه الصفقة، فإنها تظهر استعداد السعودية لتوسيع نطاق نشاطاتها في قطاعات متعددة، بما في ذلك القطاعات التكنولوجية الحديثة.
اقرأ أيضًا: السعودية تشتري 10% من مطار هيثرو البريطاني
وفي ظل امتلاكها حصة في شركة أستون مارتن والاستحواذ على نيوكاسل يونايتد، فإن السعودية تظهر تفانيًا في دعم الصناعات الفاخرة والرياضية، وهي رؤية متكاملة للمساهمة في تعزيز التنوع الاقتصادي.
كما يَظهر مدى تركيزها على قطاع السيارات من خلال حصة الصندوق في شركة Lucid Group الأمريكية، وهي خطوة تدعم جهود السعودية في تطوير صناعة السيارات الكهربائية على المدى الطويل.
وفي قطاع الاتصالات، فإن دعم السعودية لصفقة اقتناص حصة في Vantage Towers تبرز التزامها بالبنية التحتية الرقمية وتحسين خدمات الاتصالات في المنطقة، ما يسهم في تعزيز التكامل التكنولوجي وتعزيز الاقتصاد الرقمي.
وأخيرًا يمكن القول إن تلك الاستثمارات السعودية تتجسد في تطور اقتصادي مستدام ورؤية مستقبلية تعتمد على توجيه الاستثمار نحو قطاعات ذات أهمية حيوية، مما يشير إلى دور السعودية كلاعب رئيس في المشهد الاقتصادي العالمي، وهو ما سيتضح أثره بصورة أكبر خلال الفترة المقبلة.