هل تحل البنوك الرقمية محل التقليدية؟ مفاجآت يكشفها المستقبل القريب
شهد العالم تزايدًا ملحوظًا في عدد عملاء البنوك الافتراضية، حيث وصل إلى 188 مليونًا عام 2022، بارتفاع قدره 19 مليونًا منذ عام 2017. ووصل عدد البنوك الرقمية لما يزيد على 500 بنك في 2022، بعد أن كان يقدر عددها بـ 450 بنكًا في عام 2021.
منذ أواخر عام 2017 وحتى الآن، وهناك انتشار ملحوظ وملموس في الخدمات المالية الرقمية بالمنطقة العربية والعالم بأسره، سواء من خلال تأسيس بنوك رقمية جديدة، أو إطلاق البنوك التقليدية والشركات المالية المتخصصة في تقديم خدماتها المصرفية والمالية الرقمية.
وفي عام 2020، أشارت دراسة نشرتها شركة الاستشارات الاستراتيجية والإدارية "Exton Consulting" إلى أن 256 بنكًا افتراضيًا جديدًا دخلوا الخدمة بكل أنحاء العالم خلال الفترة من مطلع 2018 إلى 2020.
تزايد عملاء البنوك الافتراضية
وفي ظل هذا النمو المستمر بهذا القطاع، تبين من دراسة حديثة أجرتها مؤخرًا وكالة "ستاندرد آند بورز" الأمريكية أن العدد الإجمالي لعملاء البنوك الافتراضية قد وصل بالفعل إلى 188 مليونًا في عام 2022، بزيادة قدرها 19 مليونًا مقارنة بما كان عليه الوضع في عام 2017، وأن عدد البنوك الافتراضية قد وصل هو الآخر لما يزيد على 500 بنك في 2022 مقابل 450 بنكًا في 2021.
أما على مستوى الخدمات المصرفية الرقمية في الشرق الأوسط، فقد اتضح من النتائج التي آلت إليها الدراسة أن المنطقة تشهد في واقع الأمر نموًا بوتيرة أبطأ مقارنة بالمستوى العالمي.
وبحسب ما نوه إليه صندوق النقد الدولي، فإن نسبة 17% من العملاء في الشرق الأوسط تستخدم الخدمات المصرفية الرقمية، مقارنة بنسبة 60% في الولايات المتحدة الأمريكية.
ومع ذلك، فإن المتوقع هو أن تزيد الإيرادات الخاصة بقطاع التكنولوجيا المالية في المنطقة بشكل عام، لتنطلق من 1.5 مليار دولار في عام 2022 إلى 3.5-4.5 مليار دولار بحلول العام 2025.
اقرأ أيضًا:ريادة الأعمال.. مفهومها وأهم مصطلحاتها ومهاراتها المطلوبة
تنامي التنافسية في الشرق الأوسط
وبحسب ما ورد أيضًا في تقرير "ستاندرد آند بورز"، فإنه من المتوقع أن تحقق بعض الدول بمنطقة الشرق الأوسط معدلات نمو تنافسية في هذا القطاع، مثل الإمارات التي أصبحت مركزًا للخدمات المصرفية الرقمية.
ومن الجدير ذكره أن هناك بعض البنوك الافتراضية المستقلة قد بدأت تظهر مؤخرًا في دولة الإمارات العربية المتحدة، مثل زاند وويو والمارية المحلي، فيما قدمت بنوك تقليدية مثل ليف وإي 20 والمشرق نيو خدماتها الرقمية.
ووفقًا لتقرير "ستاندرد آند بورز"، فقد صارت الإمارات مركزًا محوريًا للخدمات المصرفية الرقمية بفضل ما تملكه من بنية تحتية متطورة، وانتشار أجهزة الهواتف الذكية بنسبة كبرى وصلت إلى 96.2% في 2022، متجاوزة المتوسط الأوروبي بنسبة قليلة.
وعلى الرغم من نمو البنوك الرقمية، يتوقع تقرير "ستاندرد آند بورز" أن تظل البنوك الرقمية بمثابة بنوك ثانوية في العديد من الأسواق الناشئة، حيث يفضل السكان المحليون في هذه الأسواق البنوك التقليدية للأنشطة التي تتطلب خدمة العملاء الوجه لوجه، مثل الاقتراض والادخار.
ومع ذلك، يتوقع تقرير "ستاندرد آند بورز" أن تقدم البنوك الرقمية قيمة مضافة للخدمات المصرفية التقليدية، وأنها ستكون حافزًا لتحفيز البنوك نحو التحول الرقمي. ووفقًا لموقع "ستاتيستا"، فإن حجم البنوك الرقمية العالمية قد بلغ حوالي 66.8 مليار دولار في 2022، ومن المتوقع أن ينمو بمعدل سنوي يبلغ 53.4% بحلول العام 2030، مع وصول قيمتها إلى 2.05 تريليون دولار.
مفاهيم البنوك الرقمية والخدمات المالية الرقمية
البنوك الرقمية، أو ما تعرف بالـ "نيوبانكس"، هي نظام بنكي افتراضي يقدم الخدمات المصرفية عبر الإنترنت، بما في ذلك سحب وإيداع الأموال وتحويلها. وتختلف عن البنوك التقليدية بعدم وجود مقرات فعلية لها، ولكنها تخضع للقوانين المالية والرقابة.
تحدد كل دولة حدًّا أدنى لرأس المال المدفوع لكل بنك رقمي، ويتعين عليها الامتثال لمعايير الأمان السيبراني ومكافحة غسل الأموال. كما يجب عليها تخصيص جزء من رأس المال لدى البنك المركزي لحماية ودائع العملاء في حالة الإفلاس.
كيف تعمل البنوك الرقمية؟
تعمل البنوك الرقمية بشكل مشابه للبنوك التقليدية، حيث يودع العملاء أموالهم في محافظ إلكترونية لديها رصيد لدى البنك المركزي. ويمكن تحويل الأموال بسرعة بين البنوك الرقمية أو التقليدية، ويظهر ذلك للعملاء فورًا.
ما هي مزايا البنوك الرقمية؟
من بين المزايا التي تقدمها البنوك الرقمية والخدمات المالية الرقمية:
- تعد هذه البنوك بنوكًا صديقة للبيئة كونها تقلص المعاملات الورقية.
- تعمل هذه البنوك وفق الإطار التنظيمي للدولة، وتحت رقابة البنك المركزي مباشرة.
- تقدم هذه البنوك خدماتها بوتيرة أسرع وبصورة أسهل وبتكلفة أقل من البنوك التقليدية.
- تتطلب هذه البنوك الالتزام بمعايير الأمان ومكافحة الجريمة المالية، ما يجعلها خيارًا جذابًا في عصر التكنولوجيا المتقدمة.
عيوب البنوك الافتراضية والخدمات المالية الرقمية
نسرد فيما يلي أبرز عيوب البنوك الافتراضية لإيضاح كل التفاصيل الخاصة بها بكل شفافية:
- عدم توفير جميع الخدمات المالية
لا تقدم البنوك الافتراضية كل الخدمات المالية، إذ قد تقتضي بعض المعاملات إجراء مقابلات شخصية مثل عمليات الائتمان، ما يقلل من قدرتها على تلبية احتياجات بعض العملاء.
اقرأ أيضًا:نموذج الأعمال.. ما هو؟ وممَ يتكون؟ وكيف تختاره لإنجاح مشروعك؟
- قلة الشعبية خاصة في الدول الناشئة
لا تحظى البنوك الافتراضية بشعبية البنوك التقليدية نفسها، خاصة في الدول الناشئة، نظرًا لحداثتها وتفضيل العملاء للنمط التقليدي للخدمات المصرفية.
- خطر التعرض لهجمات القرصنة الإلكترونية
قد تتعرض البنوك الافتراضية لهجمات قرصنة إلكترونية، ما يعرض أمان وسرية معلومات العملاء للخطر. ولهذا يتطلب الحفاظ على أمان الأنظمة الرقمية جهودًا مستمرة لمكافحة التهديدات السيبرانية.
- نقص الخبرة لدى بعض العملاء
يمكن أن يتعرض بعض العملاء الذين يفتقرون إلى الخبرة في استخدام التكنولوجيا لخسارة مدخراتهم جراء تحويل بنكي خاطئ، أو عدم فهم بعض جوانب الخدمات الرقمية.
البنوك الرقمية حول العالم
أفاد مؤشر "إكستون" للبنوك الافتراضية حول العالم، طبقًا لبيانات حديثة، أن القارة الأوروبية ما زالت إلى الآن هي المحرك الأبرز للابتكار والريادة في مجال التكنولوجيا المالية والبنوك الافتراضية.
وأضاف المؤشر أن بريطانيا، وهي قوة في هذا المجال، تتصدر الريادة في مجال البنوك الافتراضية، تليها السويد وفرنسا. وقد قام أكثر من 50 مليون شخص في أوروبا بفتح حسابات في البنوك الجديدة خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
ولفتت وكالة "ستاندرد آند بورز" إلى أن البنوك الافتراضية في أوروبا، مثل ريفولت وإن 26 ومونزو، نجحت بشكل كبير في استقطاب الملايين من المستخدمين، فضلاً عن توسيعها نطاق خدماتها في العديد من الدول.
وتجدر الإشارة إلى أن البنوك الرقمية في أمريكا مثل تشايم وفارو وعلي بنك شهدت بالفعل نموًا سريعًا، وكذلك زادت في آسيا البنوك الرقمية مثل وي بنك في الصين، وكاكاوبنك في كوريا الجنوبية، وتونيك في الفلبين بصورة ملموسة في آخر السنوات، ما يعكس مدى تزايد الإقبال على تلك النوعية من البنوك.