هل يبالغ الرجال في إظهار أعراض البرد الشديدة؟
مصطلح "إنفلونزا الرجال" يُستخدم غالبًا للإشارة إلى مبالغة الرجال في وصف أعراض البرد أو الإنفلونزا، ويُصور على أنه سلوك درامي أو طلب للشفقة. إلا أن بعض الدراسات الحديثة تُلمّح إلى أن الفكرة قد لا تكون خالية تمامًا من الأساس العلمي.
في عام 2017، نشرت مجلة "British Medical Journal" دراسة طريفة في عددها السنوي المعروف بخفة الظل، دعمت النظرية القائلة بأن الرجال قد يعانون فعلاً أعراضًا أشد حدة من النساء عند الإصابة بأمراض تنفسية.
الفروق البيولوجية والاستجابة المناعي
تشير بعض الأبحاث إلى وجود فجوة هرمونية في المناعة بين الجنسين، قد تؤدي إلى استجابة مناعية أضعف لدى الرجال. وتدعم هذه الفرضية بيانات عن ارتفاع معدل الوفيات بين الرجال خلال أوبئة مثل الإنفلونزا الإسبانية وكوفيد-19.
لكن، وفقاً للطبيب تشارلز غارفن، لا يمكن الجزم بذلك بسبب نقص الأدلة العلمية المباشرة. معظم الدراسات تعتمد على تقييم المرضى لأنفسهم، وهو ما يُعَد نقطة ضعف عندما يكون جوهر المصطلح محل البحث هو المبالغة في الوصف.
تأثير الثقافة والتوقعات الاجتماعية
قد لا يكون الأمر متعلقًا فقط بجهاز المناعة، بل أيضًا بالمجتمع. فالتوقعات الثقافية من الرجال — كالتحمل والصلابة — قد تؤثر في طريقة تعبيرهم عن الألم. بعض الرجال قد يُبالغون، وآخرون قد يُخفون أعراضهم، ما يُصعّب على الأطباء تقديم تقييم دقيق.
وقد أظهرت أبحاث أن الرجال أقل ميلًا لزيارة الأطباء، وقد يستخدمون المرض كفرصة لإظهار الضعف المؤقت، خصوصًا في مجتمعات تتوقع منهم الكتمان الدائم.
نتائج متباينة في الأبحاث الحديثة
بعض الدراسات الحديثة تناقض نظرية "إنفلونزا الرجال"، مثل دراسة عام 2022 وجدت أن النساء أبلغن عن أعراض أشد في حالات مثل التهابات الجيوب الأنفية، رغم تعافيهن أسرع من الرجال.
كما أن الفروق في الأعراض لا تعني بالضرورة ضعفًا مناعيًا، إذ إن السعال والحمى قد تكون علامات على استجابة مناعية قوية وليست فشلاً في مكافحة المرض.
اقرأ أيضًا: دراسة : الكرياتين يساعد في تخفيف الاكتئاب والتعب المزمن
الوقاية أولاً.. لا تسخر من الأعراض
سواء وُجدت "إنفلونزا الرجال" أم لا، يؤكد الأطباء أن السخرية من المرضى ليست طريقًا للتعافي، بل قد تثني الرجال عن زيارة الطبيب عند الحاجة. وفي الولايات المتحدة، لا يتجاوز عدد الرجال الذين يخضعون للرعاية الوقائية 50%، ما يعرضهم لمخاطر صحية غير مكتشفة.
ينصح الدكتور غارفن بعدم الاستناد إلى القوالب النمطية عند تقييم الحالات الصحية، بل بالاعتماد على التشخيص الطبي والمتابعة المنتظمة.