نصائح للأب عند التعامل مع الابن في مرحلة المراهقة
المراهقة هي المرحلة التي ينتقل فيها الإنسان من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ والرشد والنضوج، وهي مرحلة شديدة الحساسية في عمر الإنسان لأنها تقترن بصفات بعضها حاد وبعضها متمرد، ولطبيعتها السنية ومحوريتها في حياة الإنسان فإن التعامل في تلك المرحلة لا بد أن تكون له أسس مختلفة من قبل الآباء.
تقترن مرحلة المراهقة أيضًا بعدد من التغيرات الجسدية للإنسان التي تواكب طبيعة المرحلة التي يمر بها كي يمر من الطفولة إلى الرشد بسلاسة ويصبح إنسانًا مختلفًا عما ولد عليه.
حين يتم تقديم نصائح للأب عند التعامل مع الابن في مرحلة المراهقة، لابد أن توضع في الحسبان مجموعة من العوامل الأساسية التي تحكم شخصية المراهق وبناء عليها يتحدد مستوى النصح وتتحدد النصائح الأساسية.
فمثلاً هناك مراهقون تكون آليات تأسيسهم التربوي معتمدة على استقاء كل شيء من أولياء الأمور، هنا لن يكون النصح النظري مهمًّا بقدر ما ستكون محاكاة سلوكيات جيدة لا تصيب المراهق بالتناقض ولا تضعه في حيرة من أمره هي الأساس.
القدوة هي أساس كل شيء، لا يصح أن تنصح ابنك المراهق بشيء وأنت لا تقوم به، ومهما كان النصح النظري مهمًّا فإن ضرورته محدودة قياسًا إلى الجانب العملي في إسداء تلك النصائح بالعمل لا الكلام فقط.
أيضًا بجانب النصائح اللازمة للأب كي يعطيها للمراهق، من الضروري أن يكون هناك فن التعامل مع المراهقين بحيث لا تتم معاملتهم بشكل يساء فهمه من قبلهم أولاً، أو يعرضهم لانتكاسات سلوكية ثانيًا، من الضروري للغاية أن نفهم أن تلك المرحلة السنية شديدة الحرج ولها ما بعدها في تشكيل شخصية الشاب وإرثه الثقافي والوجداني.
اقرأ أيضًا: 4 أخطاء يقع فيها الوالدان وتقود إلى انحراف الأبناء ماليًا في سن البلوغ
كيف يضغط الآباء على المراهقين؟
يضغط الآباء على المراهقين حينما يطالبونهم بأداء سلوكي معين غير مبني على وعي حقيقي بهذا السلوك، فإن كان المراهق مطيعًا فإنه يلبي هذا النداء ولكنه لا يكون مستوعبًا لكل تفاصيله، وبناء على ذلك فإنه لا يقوم بهذا السلوك على دعائم متينة فيصبح معرضًا لفقده أو عدم قبوله مجددًا وهذا هو التحدي الذي ينبغي على الآباء أن يعرفوه في أثناء تعاملهم مع أبنائهم المراهقين.
أما إن كان المراهق من طبعه التمرد، فيصبح رفض النصائح أمرًا كارثيًّا لأن النصح كلما جرى توجيهه له فإنه يزداد نفورًا وتمردًا، ومن ثم فمن أهم نصائح للأب عند التعامل مع الابن في مرحلة المراهقة هي أن يستشير المتخصصين ويدرس جيدا حالة ابنه ويقيم أداءه ونصحه سلوكيًا قبل الإقدام على نصيحة قوية أو مطالبة فيها بعض التصادم مع ابنه بتغيير سلوكه أو شيء من هذا القبيل.
التعامل مع المراهق في علم النفس له مجموعة من الأسس خصوصًا في النقطة المتعلقة بالاقتناع بالسلوك الجيد، وهنا ينبغي التفريق بين المراحل الثلاث للمراهقة وهي المراهقة المبكرة والمراهقة المتوسطة والمراهقة المتأخرة.
المراهقة المبكرة تبدأ في سن 13 عامًا، ويكون المراهق فيها طيعًا بنسبة أكبر من المراحل اللاحقة، لكنه يبدأ بعض الشيء في بدء التساؤل حول التعليمات التي تأتي من الآباء ومدى جدواها وماذا يمكن أن يحدث لو لم تنفذ هذه الأمور أو إذا جرى السؤال فيها.
في بعض الحالات يكون المراهق مستعدًا للاستفسار عن أي شيء بما يتضمن بعض الأساسيات المتعلقة بنشأته، ودينه، وأسرته، ومستوى العائلة الاجتماعي، ولذا ينبغي أن يجري التأسيس بهذه المرحلة بحذر.
أما المراهقة المتوسطة فيبدو فيها عنفوان الرفض والتمرد أشرس، وإذا لم يجرِ الوصول إلى إجابات هادئة ومقنعة تهدئ حماس المراهق في المرحلة المبكرة، فإن المراهقة المتوسطة تكون مرحلة صعبة بحق، يكون الشاب قد وصل إلى مرحلة من الإحساس بكبر السن تجعل النصائح التي تعطى إليه محل نقد دائم، ومع زيادة قوته الجسدية ودخوله في طور الكبار، يشعر بنفسه أنه قادر على تغيير أي شيء، حتى النصائح والتعليمات.
أما المراهقة المتأخرة فهي سهلة وصعبة في الوقت نفسه، سهولتها مستمدة من أن حماس المراهق عادة يكون قد فتر تجاه التعبير عن نفسه وآرائه المختلفة وقبوله ورفضه لبعض الأمور، ولكن صعوبتها تكمن في أن تغيير ما سبق هذه المرحلة من نصائح وأنماط سلوكية يكون أمرًا صعبًا للغاية، لأن الطبيعة العمرية لها، التي تقترب من العشرين وتتجاوزها بقليل تكون صعبة من حيث تراكم الخبرات ورصيد التجارب وشعور المراهق بأنه بات شخصًا قادرًا على اتخاذ قراراته بنفسه وبناء أفكاره بالشكل المرضى له.
أخطاء يرتكبها الآباء في تربية المراهق
فمثلاً تعامل الأب مع المراهق الكذاب لا بد أن يكون بحذر، إذا وجدت أن ابنك يكذب أكثر من مرة ويحاول إخفاء كذبه، عليك أن تواجهه ولكن برفق في البداية، هذا الرفق سيجعله ينظر لنفسه باشمئزاز ويرى أنك لم تعرضه لأي إهانة ولكنك في الوقت نفسه أثبت له بأنك تعرف كل شيء في المنزل وهذا شعور مطلوب في هذه المرحلة حتى لا يخلط المراهق الحابل بالنابل.
اقرأ أيضًا: حتى تتفادى المخاطر.. علامات تكشف كذب نجلك المراهق
ولكن من الضروري أن يسمع المراهق في لغة أبيه لغة الثواب والعقاب حول هذا الفعل، الإقدام على الكذب مجددًا سيستلزم تبريرًا واضحًا وأحيانًا عقابًا رادعًا دون إهانة، والتطور في هذا الأمر وعدم الإقدام على هذا الفعل من جديد يستوجب شيئًا محببًا له، الثواب والعقاب مبدأ ضروري لإرساء الدعائم التربوية في المنزل.
نصائح للأب عند التعامل مع الابن المراهق
من أهم نصائح للأب عند التعامل مع الابن في مرحلة المراهقة أن يكون الأب هادئًا ولا يظهر بمظهر العصبي دائمًا، هذا إلى جانب خلق حالة من التوتر في المنزل، يشعر الابن بضعف موقف الأب في بعض الأحيان حتى إن لم يكن الأمر كذلك، لأن القوة لا تشترط الصوت العالي والعصبية في كل المواقف.
أيضًا من أهم نصائح لتربية المراهقين عدم التناقض، اضرب القدوة لابنك المراهق بسلوكياتك التي لا تتناقض مع ما تنصحه به.
كذلك فإن تلافي لحظات الصدام العنيفة أمر ضروري للغاية، وإن كان صدامًا فليكن بالرأي وفي حدود ما يسمح له بتقبل رأيك وعدم الوقوع في فخ العناد الذي يدمر كل شيء.
يضاف هذا إلى نقطة إرساء مبدأ الثواب والعقاب بعدل، كي تكتمل مجموعة من أهم نصائح للأب عند التعامل مع الابن في مرحلة المراهقة.
كيف يقوي الأب الثقة بالنفس لدى ابنه؟
1. تقديم الدعم المعنوي: في مختلف المراحل، وبخاصة في البدايات، فإن أكثر ما يحتاجه الأبناء من آبائهم هو الدعم المعنوي الذي لا يُقدَّر بثمن. يمكن لكلمة أو فعل تشجيعي بسيط أن ينقلا ثقة الابن بنفسه لمستوى آخر تمامًا، والعكس بالعكس.
2. لعب دور القدوة بالشكل الصحيح: الأطفال، وكذلك المراهقون، سريعو التأثر ويقلدون سلوكيات والديهم بحذافيرها، بالنسبة لهم الآباء هُم كل شيء وأي فعلٍ يبدر عنهم هو مرجعٌ بالنسبة إليهم، وبالتالي يجب على الآباء أن يظهروا بأفضل شكل ممكن ويكونون واثقين من أنفسهم حتى ينقلوا هذه "العدوى" الصحية إلى أبنائهم تلقائيًا.
3. احترام وجهة نظر الأبناء: الأبناء بطبيعتهم مُكدَّسون بالأسئلة ودائمًا ما يطرحون وابلًا منها على آبائهم، والذين بدورهم ينقسمون لنوعين؛ نوعٌ يتقبل هذه الأسئلة بصدر رحب ويجيب عليها دون كلل، والنوع الآخر يتجاهلها، بل وأحيانًا ينعتها بالغبية وما شابه. أما أبناء النوع الأول من الأبناء فيصبحون واثقين من أنفسهم وهذا على عكس النوع الثاني الذي يُصاب بخيبة أمل وتتزعزع ثقته بنفسه بشكل كبير.
4. لعب دور الصديق: لا شك أن احترام الابن لوالده شيء واجب لا نقاش فيه، ولكن أحيانًا يجب أن تذوب الفوارق حتى يجد الابن في والده الصديق ويُخبره بكل شيء ويكتسب منه الخبرات اللازمة، وبالتالي تزداد ثقته. ولا شك أن الأمر أحيانًا يعتمد على جنس الابن سواء أكان ولدًا أم فتاة، إذ تحتاج الأخيرة -في معظم الحالات- عطفًا وحنانًا أكثر من أي شيء.