كيف تتغلب على مغالطات التفكير الناقد في المبيعات
لا شك أنّ قيمة التفكير الناقد تزداد يوماً بعد يوم في الوقت الحالي، لا سيّما مع الاحتياج دائماً إلى امتلاك العقلية الناقدة القادرة على تقديم أفضل أداء في العمل. لذا، من الضروري الحرص على معرفة أساسيات التفكير الناقد ومحاولة إجادته.
في الوقت ذاته لا بد من معرفة أخطاء التفكير الناقد وكيفية التغلب عليها.
في هذا المقال سنتحدث عن مغالطات التفكير الناقد، وكيفية ظهورها في أثناء عملك بالمبيعات، وتوضيح الطريقة الصحيحة للتعامل معها، والختام بمجموعة من النصائح المهمة لتحسين التفكير الناقد.
8 من أشهر مغالطات التفكير الناقد وكيفية التغلب عليها
توجد العديد من المغالطات في التفكير الناقد، التي تحتاج إلى الانتباه إليها في أثناء عملك، حتى تقدر على معالجتها جيداً، ومن ثم تحقيق أفضل النتائج من خلال تعاملاتك مع العملاء. نقدم إليك 8 من أشهر مغالطات التفكير الناقد مع توضيح كيفية التغلب عليها:
المغالطة الأولى: التعميم
واحدة من أكثر مغالطات التفكير الناقد شيوعاً، وهي التعميم في إصدار الأحكام في أثناء التعامل مع الأشخاص، أو التصور بأنّ الجميع يتعاملون بالطريقة ذاتها، وبالتالي ربما تقدم وعوداً لا يمكنك الالتزام بها حقاً، نتيجة لتصوراتك الخاطئة.
كيفية التغلب على هذه المغالطة
تجنب في حديثك استخدام الكلمات التي توحي بالتعميم أو المبالغة مثل "دائماً، أبداً، الجميع، لا أحد". بدلاً من ذلك، اختر الكلمة المناسبة لكل شخص في التعامل، ولا تحاول تعميم تجربة واحدة على بقية التجارب. سيساعدك ذلك على ضمان العمل بالطريقة المناسبة لكل فرد، وستضمن الحفاظ على صلتك الوثيقة بكل مشترٍ بدلاً من ظهور الأمر كمحاولة للبيع بصفة عامة.
المغالطة الثانية: التفكير الأبيض والأسود
تحدث هذه المغالطة في التفكير الناقد عند النظر إلى الأمور على أنّها خيارين متاحين فقط، وبالتالي الحكم على الأمور من هذه الزاوية. مثلاً، عند التواصل مع أحد العملاء تركز على أمر معين، وتتعامل مع الأمر على أنّ إجابة محددة منه، تعني أنّه لا توجد خيارات أخرى متاحة. يؤدي ذلك إلى تقليل فرصك في النجاح بالبيع، أو عدم الانتباه إلى وجود هذه الفرص من الأساس.
كيفية التغلب على هذه المغالطة
بدلاً من التعامل مع الأمر بمبدأ الخيارين فقط، من الجيد النظر إلى الأمر بطريقة أكثر شمولية، مع فحص الاختيارات المتنوعة التي قد تتاح، وبالتالي تضمين المزيد منها في أثناء البيع لتعزيز النتيجة. يؤدي ذلك إلى توظيف التفكير الناقد في تحسين المبيعات، من خلال اقتراح وتضمين أفكار أخرى لزيادة المبيعات أو التواصل مع العملاء.
المغالطة الثالثة: مغالطة ارتباط السببية
تعد هذه من أشهر المغالطات في التفكير الناقد، وذلك لأنّها تعتمد على محاولة حل المشكلة من السبب الظاهري، بدلاً من معرفة السبب الجذري للمشكلة. في النهاية قد يؤدي فهمك الخاطئ إلى العميل لاقتراح الحلول غير المناسبة، وستبذل مجهوداً واسعاً، لكن في النهاية ستجد بأنّ المشكلة باقية ولم تحل بعد، وهو ما يخلق عميلاً لا يشعر بالرضا، مع ضياع للمجهود.
كيفية التغلب على هذه المغالطة
ركز جيداً على توظيف مهارة الاستماع في التواصل مع العملاء، وحاول فهم الأسباب الجذرية للمشكلات التي تحدث معهم. يمكنك الاعتماد على طريقة 5 why’s لمساعدتك على تحليل الأسباب الجذرية للمشكلات، وبالتالي تتأكد من تقديم الحل المناسب للعميل، الذي يشعر من خلاله بجودة مشاركتك معه ومساهمتك في حل المشكلة التي تواجهه.
المغالطة الرابعة: التصديق في عقلية القطيع
تعد هذه واحدة من أشهر المغالطات في التفكير الناقد، التي ينتج عنها العديد من المشكلات غير المحلولة بكل أسف، وذلك نتيجة التفسير الخاطئ للأشياء. عندما تؤمن بوجود خيار واحد مناسب للكل، وأنّ ما يبحث عنه فرد، هو بالتبعية ما يبحث عنه البقية، فأنت تخسر فرصة حقيقية للوصول إلى عدد كبير جداً من الأفراد.
كيفية التغلب على هذه المغالطة
بدلاً من الاعتماد على هذا الأمر، فحاول النظر إلى كل عميل على أنّه شخص مستقل بذاته عن البقية. حتى لو تشابهت أسبابه مع الآخرين، فقد يعني هذا بعض الاختلاف في الدوافع التي تجعله يتصرف بهذه الطريقة. لذا، احرص على الانتباه جيداً إلى متطلباته والالتزام بها، وتقديم الحلول التي تتوافق مع احتياجاته فقط.
المغالطة الخامسة: مغالطة الرنجة الحمراء
تعبّر هذه المغالطة في التفكير الناقد عن التركيز على الإلهاءات. وهي تحدث عندما يتحدث العميل أو يركز على أشياء أخرى غير المشكلة الحقيقية التي يعاني منها. المشكلة في هذه المغالطة هي أنها تتسبب في تضييع الوقت والمجهود، وفي النهاية قد يلقي العميل باللوم عليك لعدم تنفيذ ما يريده.
كيفية التغلب على هذه المغالطة
من المهم عند الاستماع إلى العميل محاولة فهم احتياجاته لا رغباته في البداية. مثلاً الجوع هو الاحتياج، والرغبة هي نوعية الطعام الذي يفضل الشخص تناوله. من خلال التفكير الناقد ستقدر على معرفة الاحتياج الرئيس للعميل، ومن ثم سيكون بإمكانك التركيز على تقديم الحل المناسب له، بدلاً من العشوائية في الحديث معه.
المغالطة السادسة: الالتزام بالمألوف
تحدث هذه المغالطة كثيراً في التفكير الناقد، لا سيّما عندما تحاول تقديم أشياء جديدة إلى العملاء. إذ تجدهم على الأغلب يفضلون الحلول القديمة، حتى لو كانت غير فعالة، أو يوجد ما هو أفضل منها في الوقت الحالي. يعود السبب في ذلك إلى قناعتهم بالقديم واعتيادهم عليه. بالتالي، قد تواجه هذه المغالطة عندما تكون شركتك رائدة وتقدم حلولاً جديدة إلى العملاء
كيفية التغلب على هذه المغالطة
في البداية لا بد من الحرص على فهم أساسيات إدارة التغيير، وكيفية استجابة الأفراد لها، وذلك من أجل فهم صعوبة التغيير بالنسبة لهم. بعد ذلك يمكنك مناقشة الافتراضات الخاصة بهم، وإقناعهم بجودة المنتجات التي تقدمها، وكيف أنّك تقدم لهم الحل المثالي للمشكلات التي تواجههم بالفعل. مع توضيح أنّ الاستبدال بين القديم والجديد هو لصالح الشخص، سواء من ناحية الكفاءة أو الجودة أو الوقت، مع تقديم الضمانات اللازمة له التي تحفزه على التجربة.
المغالطة السابعة: الاحتكام إلى الجهل
تحدث هذه المغالطة من العملاء عندما لا يكون لديهم المعلومات الكافية، أو يظنون افتراضات معينة عن منتجاتك، وفي الحالتين تكون النتيجة هي عدم إقبالهم على الشراء. مثلاً قد تجد بعض العملاء يقولون لك: "نحن لا نعرف ما هذا، لذا لا نحتاج إليه". ما يحدث هنا هو اعتماد العملاء على جهلهم بمنتجك لتفسيرهم عدم القيام بعمليات الشراء.
كيفية التغلب على هذه المغالطة
لا بد من الاهتمام بعدم السماح لحدوث هذه المغالطة. يجب عليك إظهار الاحترام والتقدير لعدم معرفة الأشخاص، وإدراك بأنّ جهلهم قد ينفرهم من الشراء فعلاً. في أثناء البيع ركّز دائماً على محاولة بيع الفوائد لا الخصائص في المنتج. مثلاً لا تقول نحن نبيع هاتف بكاميرا دقتها 100 ميجا بيكسل فقط، لكن اشرح للعميل ما الذي يعنيه هذا بالنسبة له، وكيف سيستفيد من الأمر في توثيق لحظاته السعيدة.
المغالطة الثامنة: الاحتكام إلى السلطة
تحدث هذه المغالطة في التفكير الناقد كثيراً، إذ تجد العملاء يقولون لك نحن لا نملك القدرة على اتخاذ قرار الشراء، ولا بد لنا من العودة إلى شخص أو مدير أو أي طرف آخر لأخذ القرار. بالتالي، تجد نفسك غير قادر على المتابعة في النقاش مع الشخص نتيجة لذلك الأمر.
كيفية التغلب على هذه المغالطة
المشكلة الأساسية بالنسبة لك هنا هي عدم معرفتك بمدى صدق الحديث. هل فعلاً لا يملك الشخص القدرة على اتخاذ القرار؟ أم هي محاولة للتهرب من إتمام عملية الشراء؟ لذا، أنت بحاجة إلى دراسة سلوك المستهلك جيداً ومعرفة العوامل التي تؤثر على قراره، ومن بينها الأشخاص الذين يؤثرون عليه لتعرف مدى صدق الحديث. بالطبع يصبح الأمر أكثر صعوبة في حالة محاولتك للبيع إلى الشركات. من المهم التركيز على التواصل والمتابعة مع الشخص مرة أخرى، وذلك لمحاولة إنهاء البيع، بدلاً من الاستسلام لما قاله العميل من المرة الأولى بينما هو قد يكون بالفعل عميلاً محتملاً.
10 نصائح تساعدك على تعزيز مهارة التفكير الناقد في المبيعات
إلى جانب هذه المغالطات، ستجد العديد من التحديات الأخرى التي تواجهك في التفكير الناقد. لذا، حتى إذا كنت لا تعرف جميع المغالطات، فيمكنك توظيف التفكير الناقد لمساعدتك على تحقيق هدفك بالطريقة الصحيحة، وهذا قد يحدث من خلال اتّباع النصائح التالية.
النصيحة الأولى: تمتع بعقلية باحثة
لا تسرع إلى تقبل ظاهر الأشياء التي تواجهها في حياتك. بدلاً من ذلك، ركّز على البحث فيما وراء هذه الظاهرة، ولا تحاول تجاهل الأمور التي لا تعرفها، أو تسرع إلى وضع افتراضات. احرص على توظيف التفكير الناقد للبحث جيداً حول جميع الأشياء التي تقابلها من حولك.
النصيحة الثانية: الاعتماد على المصادر الموثوقة
نحن نحتاج جميعاً إلى المصادر التي تمنحنا المعلومات، التي من خلالها نبني الافتراضات والتصورات الخاصة بنا عن كل شيء. من أهم الأمور في التفكير الناقد هي الاعتماد على المصادر الموثوقة، التي تقدم لك معلومات صحيحة خالية من التحيز لأي طرف. لا تقصر مصادرك على ما يسهل الوصول إليه، أو ما يؤكد لك أفكارك، بل احرص على الاعتماد على مصادر متنوعة، تقدم وجهات نظر مختلفة.
النصيحة الثالثة: ضع نفسك مكان الآخرين
واحدة من الأشياء التي تحسن التفكير الناقد هي محاولة معرفة دوافع الأشخاص. عندما تعرف ما يحفز الشخص للشراء، ستقدر على توظيف هذه الدوافع لصالحك في إتمام عمليات البيع. بالطبع لن تعرف هذه الأشياء إلّا عندما تتعلم وضع نفسك في مكان الآخرين، ومحاولة رؤية الأشياء من ذات الزاوية الخاصة بهم للوصول لأفضل فهم ممكن، ومن ثم تحسن من الرسائل التسويقية التي ترسلها إليه، وتساعده على اتخاذ قرار الشراء منك بسهولة.
النصيحة الرابعة: ابحث عن الدافع
تعد هذه النصيحة استكمالاً للنصيحة الماضية، وهي أنّ لكل مشتر أسبابه ودوافعه من عملية الشراء. قد يكون الدافع هو البحث عن الجودة، السعي للحصول على سعر أقل، وغيرها من الدوافع. عندما تحاول فهم العميل جيداً ومعرفة دوافعه، ستقدر على الانتباه إليها لإتمام عملية البيع.
النصيحة الخامسة: تحديث المعرفة باستمرار
بصفتك فرد مبيعات، فأنت تتعامل مع أشخاص مختلفين، وبالتالي تحدث العديد من النقاشات معهم. لذا، من نصائح التفكير الناقد التي تحسن من تواصلك مع العملاء، وفي الوقت ذاته تحسن من مهاراتك في النقاش وطرح الآراء، هي الحرص على امتلاك معرفة محدثة باستمرار، والبقاء على متابعة للتحديثات في مجالك وفي المجالات التي تهمك وترتبط بما تبيعه.
النصيحة السادسة: تعلم طرح الأسئلة
يعد طرح الأسئلة هو جوهر التفكير الناقد. عندما تقدر على طرح الأسئلة المناسبة على العملاء، ستحصل على الإجابات التي يمكنك استثمارها لتطوير عرض البيع الاحترافي للعملاء، وستقدر على التغلب على جميع مغالطات التفكير الناقد التي قد تقع بها، كما ستعرف كل شيء عن دوافع العملاء من عملية الشراء.
النصيحة السابعة: تحقق من فهمك
لا تحاول القفز مباشرةً إلى الاستنتاج في حديثك مع العميل، ولا تحاول وضع أي افتراضات قبل التأكد من أنّك تسير على الطريق الصحيح. عندما تسعى إلى التحقق من فهمك للأمور بالشكل المناسب، ستقدر على تطوير آرائك بالفاعلية المطلوبة، وستكون مقترحاتك للعميل ذات قيمة عالية.
النصيحة الثامنة: تقسيم الأمور الكبيرة إلى أجزاء صغيرة
من أهم الأمور في التفكير الناقد أن تعرف بأنّ الأمور مركبة من عدة أجزاء، وبالتالي لا يمكن حلها مرة واحدة دون التركيز على تقسيم المشكلة الكبيرة إلى نقاط صغيرة. عندما تفعل ذلك، ستقدر على التفكير جيداً في كل جزء لديك، حتى تصل في النهاية إلى الصورة الكاملة.
النصيحة التاسعة: الاستماع الجيد
في جميع مغالطات التفكير الناقد، ستجد أنّ وجود الاستماع يساهم في التغلب على العديد من هذه المشكلات. إذ كل ما تحتاج إليه هو الاستماع الصحيح لما يرغب العميل في قوله، والانتباه إلى المعلومات والرسائل الخفية التي يشاركها العميل معك من خلال كلماته. بالتالي، ستقدر على تقديم الحلول المناسبة له.
النصيحة العاشرة: تحقق من أسلوبك
قد يكون الشيء الأهم في التفكير الناقد هو الانتباه إلى أسلوبك، والتأكد من أنّك لا تستخدم المغالطات المنطقية مع الآخرين مثلما يفعلون هم معك. عندما تستخدم الأسلوب المناسب للتعامل مع الأفراد، ستجد نفسك تحقق أفضل النتائج التي تريدها ببساطة شديدة.
ختاماً يعد التفكير الناقد من أهم المهارات المطلوبة لنجاح الأفراد في العمل، ولذلك فأنت بحاجة إلى الاهتمام بتطوير هذه المهارة باستمرار، والتركيز على جميع الأمور التي تحدث معك في أثناء النقاشات مع العملاء. عندما تفعل هذا الأمر، ستتطور عقليتك للأفضل، وستجد أنّك تحسن من مهارة التفكير الناقد لديك، وهو ما سيعود عليك بالنفع في وظيفتك الحالية، ولجميع جوانب حياتك.