مهارات المستقبل (2): التفكير النقدي طريقك لبناء الحقائق
"لا تقع في حب فرضيتك" هي واحدة من أهم الاقتباسات التي أومن بها، والتي تجعلنا دائمًا نخرج من حيّز الافتراضات الشخصية، إلى حيّز الحقائق والوقائع والمعلومات فقط، فلا يكون هناك مجال للآراء المجرّدة، وإنّما المدعمة دائمًا بالأدلة المناسبة.
يعتبر هذا الأمر هو جوهر مهارة التفكير النقدي، الذي يعني القدرة على التفكير في الأشياء وفهم العلاقات المنطقية بينها، وبالتالي يمكنك اتّخاذ قرارات منطقية بناءً على التحليل والبحث، ولهذا جاءت في الترتيب الثاني في مهارات المستقبل خلف مهارة حل المشكلات، لأنّها تساعدك على تحسين الكفاءة بصورة مستمرة، وهو الأمر الذي يبحث عنه مسئولو التوظيف.
مهارات المستقبل (1): لماذا حل المشكلات المعقدة هي المهارة الأهم طلبًا في سوق العمل؟
فعلى سبيل المثال، إذا كنت أحد أفراد قسم إدارة الموارد البشرية، وكُلفت بحل نزاع بين اثنين من العاملين، فإنّك ستستخدم مهارة التفكير النقدي في تحليل الوضع وفهم طبيعة الصراع، ومحاولة الوصول إلى حل يناسب الموقف بقائمة من الإجراءات المنطقية.
كيف يمكنك تطوير مهارات التفكير النقدي؟
1- تعلّم طرح الأسئلة: المفكر النقدي هو شخص يملك القدرة على طرح الأسئلة المناسبة في المواقف المختلفة، وبالتالي كلّما أمكنك تعلّم طرح الأسئلة ستزداد قدرتك على إبعاد الافتراضات والبحث عن الحقائق. يمكنك أن تأخذ سؤال نيوتن على سبيل المثال عن سر سقوط التفاحة بدلًا من أكلها مباشرةً.
يمكنك في كل موقف البدء بطرح الأسئلة قبل تكوين أي قناعات، فاسأل دائمًا: من، متى، لماذا، كيف، لماذا، أين. حتى لو كنت ترى الأمر واضحًا بالنسبة لك، فابدأ بالأسئلة، لأنّها تكشف لك جوانب أخرى في التفكير.
2- استخدم الملاحظة: يمكنك ربط الأسئلة دائمًا مع الملاحظة، لأنّها تساعدك على فهم ما يحدث، فمثلًا تقدر على تحديد هل ما يحدث الآن هو متوافق مع الوضع المعتاد، أو بدأ الدخول في مرحلة المشكلة وينبغي الوصول إلى حل سريعًا.
يمكنك تحسين قدرتك على الملاحظة من خلال عدم التسرّع في أخذ القرارات أو معالجة المعلومات التي تصل إليك، بل ركّز على متابعة مجريات الأمور، وتدوين ما يصل إليك، مع التركيز على الاستماع الجيد لكل ما يُقال من حولك.
3- طوّر أسلوب البحث عن المعلومات: ماذا بعد طرح الأسئلة واستخدام الملاحظة الفعّالة للوضع؟ ستحتاج إلى تطوير قدرتك في البحث عن المعلومات، والتي يمكنها المساهمة في الوصول إلى الإجابات الصحيحة على الأسئلة.
يمكنك استخدام البحث على الإنترنت على سبيل المثال في هذه المحاولات، أو من خلال متابعة تقارير الأداء في العمل، سيسهّل عليك هذا الأمر الوصول إلى معرفة جيدة يمكنك توظيفها فيما بعد، لكن الشيء الهام هو الاستفادة من جميع الملاحظات والبحث بناءً على ذلك.
4- ركّز على الاستدلال: في النهاية جميع الخطوات الثلاث الماضية هي خطوات شخصية ربما لا يستفيد منها أحد، ما يمكنك مشاركته هو النتيجة النهائية بناءً على هذه الخطوات، لذا يحتاج الأمر إلى التركيز على الاستدلال واستخلاص النتائج من المعلومات التي جمعتها.
ليس ضروريًا أن تكون جميع الاستنتاجات صحيحة، لذا لا بد من امتلاكك القدرة على التحليل والفحص الجيد قبل الخروج بالاستدلال النهائي، وذلك من خلال تقييم المعلومات وفهم العلاقات بين أجزائها جيدًا، ثم في النهاية تقديم الاستدلال الأخير.
5- وظّف التفكير النقدي في حل المشكلات: ما فائدة الخروج بأي استدلال سوى إمكانية توظيفه في موقف معين من حولك؟ لذا سواءً كنت تمارس التفكير النقدي لذاتك أو جزء من عملك، فمن المهم الربط بين استدلالاتك النهائية وبين المشكلات أو الوقائع التي تحدث في العمل.
كيف يمكنك الاستفادة من التفكير النقدي في العمل؟
بالتزامك بالخطوات الخمس الماضية لمحاولة تطوير مهارات التفكير النقدي، فإنّك ستفتح الباب لتميّزك في العمل، حيث يمكن لذلك أن يساعدك دائمًا في التفاصيل التالية:
1- سرعة التعرّف على المشكلات والأزمات في العمل، وبالتالي اتّخاذ إجراءات سريعة قبل تفاقم أثرها، فالكثير من الأزمات تشبه بعض الأمراض، إذا تعرّف عليها الطبيب مبكرًا أمكنه علاجها سريعًا، أمّا إذا ازدادت فإن العلاج يصبح أكثر صعوبة.
2- إمكانية فحص الحقائق والمعلومات الواردة في العمل، والقدرة على الفصل بينها وبين المشاعر الشخصية للأفراد، وهذا يحدث كثيرًا من بعض الأشخاص، تجدهم يخلطون بين الحقيقة ورؤيتهم لها، فيعرّفون وضعًا معينًا على أنّه مشكلة، في حين هي ليست مشكلة بل هو افتراضهم الخاطئ.
3- التعامل مع المشكلات بطريقة ممنهجة وعملية، فلا يصيبك التوتر عند حدوث أي أزمة وتأخذ قرارات متسرعة، بل تبدأ في تطبيق المنهجية المناسبة لحل المشكلات والبدء بخطوات صحيحة من خلال تعريف المشكلة ومحاولة الوصول إلى الحل المناسب لها.
4- تحليل الآراء وفهم الروابط المختلفة بين الأفكار المطروحة لحل أي مشكلة، ومن ثم إمكانية جمعها معًا في إطار واحد مناسب للمشكلة، وبناءً على المنهجية المتّبعة لذلك.
تذكّر دائمًا أن مهارة التفكير النقدي هي طريقك لبناء الحقائق في العمل، لذا كان لا بد من وجودها في قائمة المهارات الأكثر طلبًا لسوق العمل، فهي تمنحك تميزًا عن غيرك، ويمكنك توظيفها في مختلف المواقف التي تحدث معك في بيئة العمل.
المصادر: