يعد فن الإقناع من أهم الفنون التي يحتاج رجل المبيعات إلى تعلمها، فهي تساعده على زيادة المبيعات وتحقيق أداء متميز لشركته، مما يمكنه من التفوق في عمله. لم يعد الأمر مقتصرًا فقط على محاولة البيع بالطرق التقليدية، لأنّ وعي العملاء تطور كثيرًا، وأصبحت لديهم تساؤلات مستمرة بشأن عمليات الشراء، بالتالي لا يمكن تجاهل هذا الأمر، بل لا بد من التفكير في سبل التعامل مع العملاء، ولهذا فن الإقناع مؤثر في البيع. إذًا كيف تستخدم فن الإقناع في زيادة مبيعاتك؟
كيف تجيد فن الإقناع؟
يتعلق فن الإقناع بمجموعة من السلوكيات التي تحتاج إلى اتّباعها، لتساعدك على التأثير في العملاء، ومحاولة إتمام عمليات البيع. من أهم الأشياء التي تساعدك على إجادة فن الإقناع:
1- الاستماع جيدًا إلى العميل
لا يوجد شيء يؤثر على استجابة العملاء أكثر من الاستماع إليهم جيدًا، إذ يعكس الاستماع اهتمامك بهم ورغبتك في مساعدتهم، كذلك يمكنك من معرفة ما يفكر به العميل، بالتالي تحاول توظيف هذه الأمور من خلال تقديم منتجك إليه بالطريقة التي تناسبه.
تعلّم أن تفسح المجال للعميل للحديث من خلال طرح الأسئلة، والاستماع إلى الإجابات التي يشاركك بها، ثم استمر في طرح الأسئلة حتى تحصل على ما تريد. في النهاية ستجد أنّك تستخدم فن الإقناع بطريقة إيجابية، لأنّك تملك معلومات وبيانات من العميل نفسه، فعندما تتحدث عن أحد فوائد المنتج، ستدرك أنّ العميل يبحث عنها فعلًا، وأنّها ميزة مهمة بالنسبة له.
2- البساطة في عرض البيع
من أهم الأشياء التي تساعدك على إتقان فن الإقناع هي استخدام البساطة في عرض البيع، إذ بالنسبة للعميل فهو يرى أنّ المعلومات السهلة والبسيطة، التي يمكنه فهمها، هي التي تقنعه أكثر من الكلمات المعقدة. لا يهتم العميل بالأرقام والإحصاءات أو الحجج البلاغية ذات الكلمات الرنانة، فهو يعرف أنّ كثيراً من هذه مجرد كلمات، إلى جانب أنّه لو شعر بعدم الفهم، فبعضهم سيشعر بالحرج ولن يسأل، وسيكتفي بعدم الشراء.
لذا، من المهم اختيار الكلمات البسيطة في العرض، التي يفهمها العميل، وفي الوقت ذاته تترجم احتياجاته إلى فوائد ومميزات سيحصل عليها. لا يرغب العميل في الاستماع إلى أنّ بطارية الهاتف 5 آلاف أمبير، بل يريد أن يعرف كيف يمكنه استثمار هذا الأمر، لا سيّما إذا لم يكن خبيرًا في المجال.
بالتالي من فن الإقناع أن تتحدث معه عن الفائدة، فتقول له إنّ بطارية الهاتف 5 آلاف أمبير، وهذا يعني أنّ هاتفه لن يفصل على الأغلب، وسيمكنه استخدامه لمدة يوم كامل، دون الحاجة إلى شحنه مرة أخرى، وهذا يعني أنّه سيكون فعّالًا في الخروج مع الأصدقاء، أو السفر لمسافات بعيدة.
3- حاول الوصول إلى أرضية مشتركة مع العميل
من أهم الأشياء التي تحتاج إلى فعلها في فن الإقناع هي محاولة الوصول إلى أرضية مشتركة تجمع بينك وبين العميل المحتمل. في أثناء التحضير للبيع، احرص على اكتشاف عملائك جيدًا، ومعرفة احتياجاتهم وما يبحثون عنه، حتى تقدر على تحديد النقطة الأكثر تأثيرًا بالنسبة لهم، فتستخدمها في أثناء العرض.
يمنحك ذلك نقطة تواصل بينك وبين العميل، ويزيد من قابليته للاستماع إليك بالفعل. أشر دائمًا إلى نقاط الألم التي يعاني منها، ويهتم منتجك بعلاجها. مثلًا في حالة كنت تقدم نظام لإدارة العملاء، قل للعميل بعد الاستماع إليه: "إذا كنت قد فهمت كلامك بطريقة صحيحة، فأنت تقصد أنّك تعاني من مشكلة في المبيعات لأنّ الموظفين لا يملكون فن الإقناع والمهارات الكافية لذلك، وهذا يسبب لك خسائر كبيرة".
بعد هذه الجملة، سيكون بإمكانك الإشارة إلى فائدة برنامجك بالطريقة الصحيحة، فستتمكن من التوضيح كيف ستساعده أنظمة إدارة العلاقات مع العملاء على تنظيم البيانات، والاستفادة منها في اتّخاذ قرارات أفضل للبيع، وستساعد في زيادة كفاءة أفراد الفريق.
4- بناء علاقات شخصية مع العملاء
تعد هذه النقطة امتدادا فعليا إلى النقطة الماضية، لكنّها تلعب على زاوية أخرى مختلفة في فن الإقناع، وهي محاولة بناء علاقات شخصية مع العملاء المحتملين. ليس المقصد من العلاقات الشخصية هو محاولة اكتساب صداقتهم، لكن من المهم ألّا تجعل الأمر يبدو وكأنّ هدفك هو البيع فقط، بل أظهر اهتمامك بالشخص الذي تتحدث معه.
على سبيل المثال، يمكنك الثناء على الأعمال السابقة له في حالة كنت تبيع لشركة أخرى، وأظهر معرفتك بنجاحاته، بالتالي يتولد بينكما رابط جيد من التعامل ويزيد من قيمة فن الإقناع بالنسبة لك. عندما تبدأ لا تجعل الأمر يذهب مباشرةً نحو البيع، بل حاول الحديث مع العميل في أمور أخرى إذا كان لديكما الوقت طبعًا، ربما تكتشف من خلال الحديث نقاطا إضافية كذلك تساعدك على البيع.
في حالة عدم الوصول إلى اتفاق بشأن البيع، فمن المهم ألّا تنهي علاقتك مع العميل بطريقة سلبية، بل على الأقل استفد بالتجربة لتجعله ضمن شبكة علاقاتك، وربما يتبدل الحال في المستقبل، وتتولد لديه الرغبة في الشراء مرة أخرى، في هذا الوقت سيحاول الوصول إليك لإتمام عملية الشراء.
5- تعامل مع اعتراضات العملاء بطريقة صحيحة
من أهم مبادئ فن الإقناع هي ألّا ترفض اعتراضات العميل، لأنّ بعضها يكون منطقيا، والعميل يبحث عن حل له، فهو لا يطرح الاعتراض لهذا الهدف فقط. لذا، لا تحاول توجيهه نحو أنّ اعتراضاته ليست صحيحة، أو لا داعي لأن يفكر بها، فالعميل سيظل يفعل ذلك دائمًا حتى إذا لم تفعل أنت، ولن يشعر بالطمأنينة وقد لا يستكمل عملية الشراء.
لذا، من فن الإقناع هو أن تعمل على تضمين هذه الاعتراضات كجزء من عملية الإقناع، من خلال الإشارة إلى قيمة الحل الخاص بك. مثلًا في الحل الماضي، قد يكون الاعتراض من العميل هو أنّ قيمة النظام عالية بالنسبة له. يمكنك الرد عليه أنّك تدرك ذلك، لكن رغم هذا فهو يحتاج إلى تعزيز المبيعات، إذ سيساعده ذلك على زيادة الإيرادات، وبالتالي يمكنه تحمل التكلفة دون أي مشكلة. إذا عرضت له الأمر بالأرقام كذلك، فإنّ هذا سيقرّب الأمر أكثر من الواقع.
6- تقديم الدليل الاجتماعي لنجاحك
من أهم المشكلات في فن الإقناع هي أنّ العملاء المحتملين يدركون أنّ دورك هو البيع، بالتالي قد لا يثقون بك بسهولة، حتى إذا كانت كلماتك صادقة تمامًا. لذا، أنت بحاجة إلى دعم ما تقوله بآراء العملاء السابقين لك، والاعتماد على تجاربهم لتشجيع العملاء المحتملين على أخذ قرار الشراء.
احرص دائمًا على امتلاك تجارب إيجابية في المشروع، حتى يمكنك استثمار هذه التجارب في تقديمها إلى عملائك المحتملين، ومن ثم التأثير عليهم. بعد ذلك استخدم فن الإقناع في توضيح قوة هذه التجربة، وكيف ساهمت في تغيير حياة أصحابها إلى الأفضل تمامًا.
أشياء تؤثر سلباً على الإقناع
توجد بعض الأشياء التي تؤثر على فاعلية عملية البيع، فحتى رغم محاولاتك الشخصية لتوظيف فن الإقناع، إلّا أنّ بعض السلوكيات قد تؤثر سلبًا على محاولاتك إذا لم تنتبه لها. من أهم الأشياء التي يجب ألّا تفعلها في أثناء البيع:
1- لا تجعل العرض يدور حولك
إذا كنت متمكنًا من فن الإقناع، فأنت ستحاول قدر الإمكان توظيف مهاراتك للتأثير على العميل والتفاعل معه بكل الطرق الممكنة. من الممكن أن يجعلك ذلك تتولى زمام الأمور وتكون أنت المتحدث طوال الوقت، وهذا ما قد يجعل الأمر كأنّ العرض يدور حولك أنت كشخص يعمل في المبيعات.
لذا، بدلًا من ذلك، أنت بحاجة إلى جعل العميل في مركز الاهتمام، وأن تجعله يشعر فعلًا أنّ كل شيء يتعلق به. امنحه فرصة للحديث والتساؤلات، وطبق الجزئية الأولى الخاصة بسلوكيات فن الإقناع من خلال الاستماع الفعال، حتى يرى أنّ العرض يدور حول متطلباته الشخصية وتفكيره بشأن عرضك الذي تقدمه له من خلال فن الإقناع.
2- لا تستخدم طريقة واحدة مع جميع العملاء
من الأشياء التي يقوم بها بعض العاملين في المبيعات، هي التركيز على عرض واحد في المبيعات أو الطريقة ذاتها مع جميع العملاء. يعود السبب وراء ذلك إلى رؤيتهم بأنّ هذا العرض سبق وحقق نجاحًا واسعًا عند استخدامه قبل ذلك، فتكون هذه فرصة جيدة لتثبيته واستخدامه باستمرار.
لكن في الحقيقة لا تسير الأمور بهذا الشكل، والعرض الذي قد يحقق نتائج مبهرة مع عميل، قد لا يساعدك على تحقيق أي شيء مع آخر. يعود السبب في ذلك لأنّ احتياجات الأفراد تختلف، وبالتبعية يختلف استخدامهم للمنتجات، فلن يكون لديهم التأثر بالشيء ذاته. وهذا أحد أدوار فن الإقناع المهمة، أنّه يساعدك على فهم العميل الموجود أمامك، فتستخدم الطريقة المناسبة له، التي تساعدك على إتمام عملية البيع، لا الاعتماد على أسلوب واحد فقط.
3- لا تعتمد على الطرق النمطية في البيع والإقناع
لم يعد العملاء مثل السابق، بل ازداد وعيهم تمامًا، وأصبح لديهم القدرة على تقييم الأمور بطريقة مختلفة عن الماضي، وهذا الأمر منطقي مع تطور أساليب الشراء، فأصبح العميل يملك العديد من الخيارات المناسبة له، فيمكنه المقارنة واختيار الأنسب بالنسبة له من بين العديد من الخيارات المتاحة.
لذا، من المهم تجنب الاعتماد على فن الإقناع بالأساليب النمطية التي لم يعد العملاء يهتمون بها، مثل الثناء المفرط على منتجاتك التي تقدم إلى العميل وعود واسعة جدًا، فحتى إذا نجحت عملية البيع الآن، سيكتشف أنّ هذه الوعود مبالغ بها وستكون لديه توقعات أعلى من المنتج. بدلًا من ذلك، من المهم تطوير أساليب فن الإقناع، والاعتماد على الطرق الإبداعية التي تساعدك على تحقيق أفضل النتائج دون مبالغة.
4- لا تعتمد على البيع المباشر دائماً
من أهم الأخطاء في عملية البيع أن تتجاهل احتياجات العملاء، وأن تركز على البيع المباشر للمنتجات، دون النقاش معهم أو الحرص على تقديم المنتجات بالطريقة الصحيحة التي تؤثر على قراراتهم. على سبيل المثال، لن يفيدك الذهاب إلى العملاء مباشرةً، ومحاولة إقناعهم بخصائص المنتج، فهو قد لا يستوعبها من الأساس.
لكن أنت بحاجة إلى توظيف فن الإقناع، الذي يعتمد على توضيح المميزات والفوائد التي ستعود على العميل من هذه الخصائص عند استخدام المنتج. تذكّر أنّك لست وحدك الذي يحاول البيع، بل هناك العديد من الشركات الأخرى التي تحاول الفوز بالعملاء، وهم يستخدمون فن الإقناع كذلك لتشجيع العميل على الشراء من خلالهم، بالتالي فأنت في حاجة إلى مواجهة ذلك.
5- لا تقدم أكثر من ثلاثة ادّعاءات إيجابية لبيع منتجاتك
في 2014، أجرت مجلة التسويق دراسة حول أسلوب البيع المقنع، ووجدت أنّ الأفضل هو التقليل من عدد الادّعاءات الإيجابية، وأنّ الرقم المفضل هو ثلاثة. أشارت الدراسة إلى أنّ استخدام أكثر من ذلك، يؤدي إلى تحوّل العميل ليكون متشككا في محاولات إقناعه، وعلى الأغلب تقل احتمالية الشراء. في الحقيقة لا يقوم فن الإقناع على محاولة الترويج للمنتج بالإكثار من الادّعاءات، لكن حول طريقة عرض هذه الادّعاءات.
تتولد شكوك العميل نتيجة لشعوره أنّ هذه الادّعاءات تحاول التدليل على المنتج، بينما إذا كان المنتج جيدًا بالفعل، فلا يوجد أي داعٍ لهذه المحاولات، ويمكن الاكتفاء بعرض أهم المميزات فقط. في الواقع هذا هو الأهم بالنسبة للعميل، فأنت تستخدم فن الإقناع لتخبره بجودة ما لديك، ولن تحتاج سوى توظيف خصائص المنتج في عرض الفوائد التي ستعود عليه من الاستخدام، فيكون الأمر حول المستخدم نفسه لا المنتج فقط.
6- لا تحاول تسريع عملية البيع بطريقة خاطئة
من المهم ألّا تحاول استعجال العميل المحتمل لإتمام عملية البيع، أو أن يبدو الأمر وكأنّك تضغط عليه أو تحاول إجباره للقيام بفعل معين، فلا أحد يحب ذلك أبدًا، وحتى مع رغبته في الشراء، فقد يشعر بالضيق نتيجة هذه المحاولات.
لذا، لا تحاول فعل ذلك مع العميل المحتمل، بل استخدم فن الإقناع للتأثير عليه دون إخباره بما يجب عليه فعله بطريقة خاطئة. إذا أردت تسريع عملية البيع، فبإمكانك تقديم عرض معين لا يُرفض بالنسبة له، مثل عمل خصومات على البيع لفترة مؤقتة وإبلاغه بذلك، بالتالي فأنت تترك خيار الشراء له، لكن من خلال تقديم عرض لا يقاوم بالنسبة له، يجعله يفكر في تسريع عملية الشراء.
ختامًا، يعد فن الإقناع من أهم الفنون التي تحتاج إليها الشركات، وذلك من أجل تحسين مبيعاتها وتقوية علاقاتها مع العملاء. يتطلب ذلك فهم للمنهجيات والأساليب التي تساعد على النجاح في الأمر، لا الاعتماد فقط على الموهبة والأسلوب الشخصي في البيع. إذ من خلال الجمع بين العلم والفن معًا، ستكون لديك القدرة على تحقيق أفضل النتائج وزيادة المبيعات.
المصادر: