يحتاج الإنسان في جميع الأدوار التي يعيشها في الحياة إلى التأثير على الآخرين بطريقة أو بأخرى، إلا أن فن الإقناع يعتبر من أهم الأساليب التي يجب على رواد الأعمال إتقانها للارتقاء بشركاتهم وأعمالهم التجارية، حيث إن معظمهم يكون متحمسا لفكرة مشروعه الجديد لدرجة أنهم يعتقدون أن المستثمر أو العميل سيكون بنفس الحماس بعد تقديمهم لفكرة المشروع، لكنهم لا يدركون أن هذا الحماس يقتل مصداقيتهم في كثير من الأحيان.
ويحتاج فن الإقناع إلى تعريف واسع بالمعنى الفلسفي، ولكن يمكن اعتباره كنشاط ومهارة تعتمد على عناصر أساسية هي:
- التعبير عن المشاعر القوية
- التحدي الفكري
- نقل الرسائل المعقدة
- التعبير عن وجهة نظر فردية
- الأصالة والتفرد
- الانتماء إلى وضع موجود في الواقع ولكنه بحاجة إلى تغيير بسيط
- محاولة للوصول إلى أعلى درجات الإبداع
ومع ذلك، فإن الإقناع لا يحتاج إلى كل هذه العناصر وإنما بعضها، فهذا الفن يعد تحديا فكريا لنقل رسائل معقدة لإظهار وجهة نظر معينة، وهو من أهم المهارات التي يحتاجها رواد الأعمال لإقناع الآخرين بأفكارهم ودفعهم للاستثمار بها، وهي تعتمد على العديد من مهارات التواصل الأخرى وقد يكون الاستماع الفعال أكثرها أهمية بهدف إيجاد النقاط المشتركة للوصول إلى قاعدة مشتركة لتنفيذ المشاريع الطموحة.
يتطلب فن الإقناع عادة بعض الصبر والالتزام وأخذ الوقت الكافي لتطوير أساليب التفاوض ومهارات التواصل والقيام بشرح وجهة النظر الخاصة بك بمهارة وثبات، ويجب أن ترتكز هذه الأساليب على قواعد أخلاقية ولا تؤدي إلى إلحاق الضرر بالآخرين، فلا أحد يثق بشخص يريد أن يؤذي منافسيه حتى يحصل على ما يريد.
وتكمن أهمية فن الإقناع خلال عملية التفاوض وفي فن الخطاب، حيث يسعى أحد الأطراف أو ملقي الخطاب لإقناع الآخرين بأفكاره ووجهة نظره، فأحد تعاريف هذا الفن أنه استخدام بعض المهارات والتقنيات لتغيير معتقدات الآخرين أو مواقفهم أو طريقة تفكيرهم لتأييد وجهة نظر معينة.
يجب أن يبدأ جميع رواد الأعمال في طريقهم بشغف بفكرة، ثم يأتي الجزء الصعب من إقناع الآخرين بأن الفكرة تتمتع بنفس الجدارة التي يروها في مخيلتهم، وإقناع الآخرين بالانضمام ودعم جهدهم وإقناع العملاء بشرائها، ووفقًا لبعض الخبراء، يعتبر الإقناع أهم مهارة نحتاجها للنجاح في العمل.
خطوات لإتقان فن الإقناع
يعتبر الكاتب الشهير توني روبنز أن فن الإقناع من أهم المهارات التي يجب إتقانها في الحياة ويجب تطويرها باستمرار لأن الافتقار لها يجرد الأفكار من قوتها وأهميتها، وسيجعل رجال الأعمال يخسرون كل الموارد والدعم الذي يحتاجونه، ومن دونها لا يمكن الوصول إلى القمة في أعمالهم، فإن تطوير القوة الشخصية يمكن أن تعطي رواد الأعمال القوة و السيطرة والثقة حتى يضمنوا مشاركة الآخرين في مشاريعهم، فالإقناع يعد أقوى مهارة لإحداث تغيير وتحقيق الأهداف، وفيما يلي بعض الخطوات والتقنيات العملية لإتقان هذا الفن:
- التكرار هو مفتاح جذب انتباه الناس
يفترض العديد من رواد الأعمال عن طريق الخطأ أن شغفهم سيؤدي إلى بروز رسالتهم على الفور وفق عبء المعلومات الزائد في وقتنا الحالي، ولكن في الواقع قام معظم الأشخاص اليوم بتطوير مرشحات في دماغهم لتجاهل المدخلات غير المرغوب فيها إلا إذا سمعوها عدة مرات بشكل لفظي ورأوها بشكل مكتوب.
- وضع الرسالة في سياق مثير للانتباه
يجب وضع الرسالة التي نريد إيصالها للآخرين في سياق يثير انتباه كل مستلم، لذلك يفضل تجنب التصريحات التجريدية أو الفنية التي قد تبدو وكأنها محاولة لإقناع الآخرين أو تضليلهم بطريقة ذكية، ويمكن استخدام عروض قيّمة محددة بدلاً من المصطلحات الغامضة لتكون أسهل للاستخدام وأفضل في التأثير.
- استخدم سيناريوهات القصة المتناقضة لتوضيح التأثير
تمتلك القصص تأثيراً مقنعاً على الآخرين أكثر من السرد البسيط للحقائق، لذلك يمكن دمج الرسالة بقصة ليكون التأثير أكبر بالنسبة للمتلقي، حيث تظهر القصة وجه التباين والتشابه مع الرسالة أو توضح النتائج، كما أنها محرك فعال للانتقال بالآخرين من معتقداتهم القديمة إلى وجهات نظر جديدة.
- إضفاء الطابع الشخصي على رسالتك لتتناسب مع خلفية المتلقي
يحتاج رواد الأعمال لإتقان فن الاستماع الفعال سواء كان متأكدا من قدرته على إقناع المستثمرين أو الشركاء أو العملاء أو عدم قدرته على ذلك، وذلك يسهم في تقريب وجهات النظر وإيجاد النقاط المشتركة لتكون القاعدة المتينة لتأسيس العلاقة التجارية معهم.
العمل لساعات طويلة.. هل يدفعنا للتقدم أم أنه دليل على الفشل؟
- استخدام الأصدقاء والمستشارين كمصادر موثوقة
يميل معظم الناس إلى الاستماع لأشخاص جدد أحضرهم إليهم شخص مشترك يعرفونه بشكل جيد، وخاصةً إذا كان هذا الشخص يتمتع بخبرة ومصداقية عالية لدى الطرفين، لذلك ينصح بالاعتماد على الأصدقاء والمستشارين للحصول على مصداقية وتأثير أكبر لدى الآخرين.
- تجسيد فكرتك في نموذج أولي أو تجريبي
تزداد الثقة لدى الناس إذا رأوا نموذجا عن العمل يمكن أن يلامس مشاعرهم في حين تفتقد الكلمات هذا النوع من التأثير، قد لا يرى الأخرون ما يتخيله رواد الأعمال بشكل واضح، لذلك الاستعانة بمجسمات ونماذج يساعد على توضيح الرؤية ورفع الثقة.