كيفية قراءة لغة الجسد واستخدامها لترك أثر إيجابي
يستخدم مصطلح لغة الجسد بكثرة في التواصل غير اللفظي. وبالنسبة للبعض تعد لغة الجسد هي الوسيلة التي تساعدهم على فهم الآخرين دون الحاجة إلى النطق بالكلمات. لكن يبقى السؤال الأهم دائمًا هو كيف يمكن قراءة لغة الجسد بطريقة صحيحة فعلًا؟ وهذا ما نتعرف عليه في هذا المقال.
ما هي لغة الجسد؟ ولماذا هي مهمة؟
إذا أردنا تعريف لغة الجسد، فيمكننا الإشارة إليها على أنّها الوسيلة التي نستخدمها لفهم مشاعر وعواطف الآخرين، وكذلك للكشف عن مشاعرنا الخاصة. من خلال تعبيرات بسيطة بالجسد، يمكننا نقل رسالة إلى الطرف الآخر، وكذلك تلقي رسالة معينة. يمكن أن تعني هذه الرسالة أنّه مهتم بما نقول، أو يشعر بالملل، وكل هذا دون أن ينطق بكلمة واحدة.
ويمكن الاستفادة من لغة الجسد في المواقف التالية:
1- إدارة العلاقات مع الآخرين: تعتمد علاقاتك مع الآخرين على التواصل، وتؤثر لغة الجسد في التواصل بطريقة كبيرة جدًا. لذا، من خلال فهمك الجيد لما تعنيه لغة الجسد، وكيف يستخدمها الإنسان في التعبير عن ذاته، ستكون أكثر قدرة على فك شفرة الطرف الآخر، لتصلك الرسالة بمعناها الكامل الذي يريد الآخرون قوله، وهو الشيء الذي نتمناه جميعًا، حتى لا نقع في خلافات أو مشاكل في علاقاتك مع الآخرين.
2- تقديم العروض التقديمية: لو كنت تعمل في مجال يتطلب تقديم عروض باستمرار، مثل عرض أفكارك على المستثمرين، أو تقديم عروض المبيعات، فأنت في حاجة إلى لغة الجسد، لتساعدك على تقديم عروض جيدة، تقدر على التأثير في الآخرين، وتقنعهم بقبول أفكارك. إذ لا يعتمد الأمر هنا على المحتوى فقط، لكن على طريقة العرض.
3- المقابلات الشخصية: عندما تقرر إجراء مقابلة شخصية؛ بحثًا عن وظيفة جديدة، فإنّ واحدة من أهم النصائح التي ستسمعها هي استخدام لغة الجسد في التواصل مع محدثك. عندما تعرف كيف توظّف لغة الجسد بطريقة إيجابية، ستكون أكثر قدرة على التأثير في محاورك، وإقناعه بأنّك تستحق فرصة العمل. هذا بالطبع إلى جانب إجاباتك على الأسئلة بطريقة صحيحة.
3 عوامل لا بد من الانتباه لها قبل قراءة لغة الجسد
بالطبع قبل الحديث عن جوانب لغة الجسد، من المهم الإشارة إلى أنّه لا توجد قاعدة واضحة ومحددة للحكم أو تفسير أفعال الآخرين، إذ هناك بعض الاختلافات بين الأشخاص نتيجة العديد من العوامل، التي تجعل لكلٍ منهم تفسيره الخاص لعناصر لغة الجسد. لذا، هناك 3 عوامل مهمة لا بد من الانتباه إليها جيدًا قبل قراءة لغة الجسد:
1- الاختلافات الثقافية: يستخدم كل فرد لغة الجسد وفقًا لثقافته ومرجعيته الشخصية. على سبيل المثال في الثقافة الغربية قد يشير التواصل البصري في أثناء الحديث إلى الاهتمام. بينما في الثقافة الشرقية قد لا يكون هناك التواصل البصري المستمر، إذ يفضل البعض النظر إلى الأسفل احترامًا للطرف الآخر.
2- الاختلافات التنموية: نختلف في طريقة نمونا، وبالتالي يختلف استخدامنا وتعريف لغة الجسد بالنسبة لكل فرد. إذ من خلال النشأة قد يكون لكل فرد طريقة استخدامه الخاصة. على سبيل المثال، قد يفضل البعض استخدام الإيماءات بهدف يختلف عن شخص آخر، وهكذا.
3- الاختلافات النفسية: بالطبع لا يمكن إهمال هذا العامل أبدًا، إذ الحالة النفسية والعقلية تلعب دورًا رئيسًا في لغة الجسد. مثلًا الشخص المصاب بالقلق الاجتماعي، سيجد الأمر أكثر صعوبة أن ينظر إلى شخص آخر. الشخص الذي لا يحب ملامسة الأخرين، قد يرفض بعض السلوكيات مثل المصافحة أو الأحضان، وهذا جزء من حدوده ليس موقف شخصي تجاه أحد.
بالتالي، من المهم عدم التسرع في تفسير الأفعال بناءً على لغة الجسد، دون وضع هذه العوامل الثلاثة في الاعتبار. حتى لا تكون النتيجة النهائية هي تفسير الأفعال بطريقة خاطئة، وبدلًا من فهم الرسالة الصحيحة، تصل الرسالة مشوشة ومنقوصة، ويترتب عليها أفعال غير مناسبة.
6 من أهم أجزاء لغة الجسد
بالطبع هناك العديد من العوامل في لغة الجسد التي لا بد من الاهتمام بها في أثناء التواصل مع الآخرين، سواءً تقييمها لمعرفة ما يقولونه بدون كلمات، أو من أجل تقديم الدعم والمساندة لهم بطريقة غير منطوقة. من أهم 6 أجزاء في لغة الجسد:
1- التواصل بالعين: تُوصف العين دائمًا بأنّها نافذة الروح، إذ يمكن استخدامها في معرفة ما يشعر به الشخص الآن. إذ التواصل بالعين قد يعني الاهتمام بالمحتوى، ويساعدك على تقييم شعور الطرف الآخر بالوضع الحالي جيدًا.
2- الفم: تساعد حركات الفم في قراءة وفهم لغة الجسد. مثلًا، عندما تجد الطرف الآخر يمضغ شفته السفلية، فهذا يعني احتمالية شعوره بالقلق أو الخوف. من أهم الجزئيات التي تساعدك في هذا الجزء هي استخدام الابتسامة، لكن احرص على فعل ذلك بطريقة بسيطة، حتى تكسب الطرف الآخر لصالحك.
3- الإيماءات: يعد استخدام الإيماءات شائعًا في لغة الجسد، فهي لا تحتاج سوى لاستخدام الحركات والتلويح بالأصابع، وبالتالي فهي من أكثر أجزاء لغة الجسد وضوحًا وسهولًا في الاستخدام. على سبيل المثال، الإيماء بالرأس يعني المتابعة والاهتمام، استخدام الإبهام في الإشارة إلى الاتفاق على الكلام. في هذه الجزئية من المهم معرفة ثقافة الطرف الآخر جيدًا، وما الذي تعنيه الإشارة بالنسبة إليه، حتى تتأكد من أنّكما تستقبلان المعنى ذاته.
4- الأرجل والأذرع: تستخدم حركات الأرجل والأذرع في لغة الجسد أيضًا، وقد تبعث من خلالها ببعض الرسائل، حتى لو لم تقصد ذلك. على سبيل المثال الوقوف وأنت مربع اليدين قد يعني إظهار الحماية الشخصية، والوقوف مع اليدين حول الجسد من الجانبين، قد يشير إلى موقف دفاعي، والجلوس مع رجلين متقاطعين قد يعني حاجة الطرف الآخر إلى الخصوصية.
5- الوضعيات في الجلوس: يمكن استثمار وضعية الجلوس في فهم الكثير من الأشياء حول لغة الجسد. مثلًا الجلوس بشكل مستقيم يوحي بالاهتمام، بينما الجلوس مع انحناء الجسد إلى الأمام قد يوحي بالشعور بالملل. هناك نوعان أساسيان من الوضعيات، الوضعية المفتوحة توحي بالود والانفتاح، والوضعية المغلقة التي قد تشير إلى الشعور بالقلق.
6- المساحة الشخصية: يحتاج كل شخص إلى مساحة شخصية في المعاملات مع الآخرين، وبالتالي قد تجد أنّ الطرف الآخر يشعر بالقلق عندما يقترب منه الآخرون، وتشير لغة الجسد إلى شعوره بعدم الأمان. لذا، من المهم التركيز على فهم المساحات الشخصية، وتحديد درجة الاقتراب من الشخص بناءً على طبيعة العلاقة الشخصية.
كيف تستخدم لغة الجسد في ترك انطباع إيجابي؟
لا يقتصر الهدف من لغة الجسد على فهم الآخرين فقط، لكن أيضًا كيفية استخدامها في ترك انطباع أولي رائع لدى الآخرين في المعاملات، إذ يمكنك استثمار لغة الجسد لصالحك بطريقة إيجابية. من أهم الخطوات التي تساعدك على فعل ذلك:
1- اتّخذ وضعية مفتوحة: عندما تلتقي بأحد، كن مسترخيًا لكن دون تراخ. قف بشكل مستقيم مع وضع اليدين على الجانبين. تجنب الوقوف مع وضع اليدين على الوركين، حتى لا تعكس انطباعًا عدوانيًّا عنك للطرف الآخر.
2- المصافحة: قبل أي شيء حاول فهم ثقافة الطرف الآخر، وإذا كانت المصافحة بالنسبة له شيئا مقبولا أو لا، لا سيّما إذا كان من الجنس الآخر. إذا أدركت أنّ هناك ترحيبًا بالمصافحة، فاحرص على فعل ذلك بطريقة بسيطة دون إطالة ولا التسبب في ألم.
3- التواصل البصري الجيد: يعد التواصل البصري الجيد من أساسيات لغة الجسد التي ينتبه إليها الجميع دائمًا، وبالتالي لا بد من استخدامها بطريقة إيجابية في التعامل. في أثناء اللقاء مع الشخص الآخر، توقف لبضع ثوان في كل مرة، سيُظهر هذا اهتمامًا من ناحيتك، لكن تجنب أن تطيل النظر فيصبح الأمر محرجًا للطرف الآخر.
4- تجنب لمس وجهك: إذا فعلت ذلك أثناء الإجابة على الأسئلة، قد يعني ذلك أنّك تكذب بشأن إجابتك. بالطبع هذا ليس شيئًا ثابتًا، لكنّك ترغب في تجنب أي فهم أو انطباع خاطئ، وبالتالي تجنب لمس وجهك أو أنفك، حتى تعكس قدرًا من الثقة بالنفس التي تنتقل إلى الطرف الآخر.
ختامًا، لا تدع تقييم لغة الجسد يرهقك بأكثر مما يستحق الأمر، بل انظر إليه على أنّه عامل مساعد، يمكنك من فهم الأمور بطريقة أفضل، ويزيد من قدرتك على التواصل مع الآخرين جيدًا. لذا، حاول دائمًا استثمار لغة الجسد، والتركيز عليها مع الآخرين باعتدال، حتى تقدر على استيعاب وتوصيل جميع الرسائل، دون الحاجة إلى استخدام الكلمات.
المصادر: