قواعد العمل عن بعد .. انتبه للغة الجسد خلال الاجتماعات الافتراضية
البعض معتاد على الاجتماعات الافتراضية والبعض الآخر وجد نفسه يخوض تجربة جديدة مع الانتقال إلى العمل من المنزل بسبب فيروس كورونا. الغالبية الساحقة تملك فكرة عامة عن لغة الجسد والمقاربات الصحيحة التي يجب اعتمادها خلال اللقاءات المختلفة، سواء كان لقاءات مهنية أو اجتماعية، ولكن حين يتعلق الأمر بالجلوس أمام كاميرا والتحدث إلى الآخرين فإن الصورة هنا مختلفة تماماً عن اللقاءات وجهاً لوجه.
والسبب الأساسي لهذا الاختلاف يكمن في واقع أن الآخرين لا يمكنهم رؤية جسدك كاملاً بل تركيزهم كاملاً سينصب على الوجه وما يحمله من تعابير وعلى وضعية الكتفين وعلى نبرة الصوت وبالتالي الانطباعات التي سيتم تكوينها ستعتمد عليها حصراً وبالتالي كسب ثقة زبون، أو التواصل بفعالية مع الزملاء أو المديرين يعتمد على هذه التفاصيل. فما الذي عليك فعله خلال الاجتماعات الافتراضية؟
ارتداء الملابس المناسبة
بطبيعة الحال ليس المطلوب أن تقوم بإرتداء بدلة رسمية وفي الوقت عينه لا يمكنك ارتداء ملابس النوم. الحل الوسط هنا هو اعتماد الملابس التي ترتديها عادة عند اللقاء وجهاً لوجه مع الآخرين. الملابس هامة للغاية خصوصاً للفئة التي تثير اللقاءات الافتراضية توترها لكونها ستخدم هدفين، تعزيز ثقة الشخص بنفسه وفي الوقت عينه ترك الانطباع الجيد عند الآخرين.
وضعية الكاميرا
الأفضل لو يتم الابتعاد قليلاً عن الكاميرا كي تتمكن من إظهار الجزء العلوي من جسدك أو بالحد الأدنى ذراعيك لاستغلال حركة اليدين من أجل ترك الانطباعات الإيجابية. أهمية حركات اليدين هنا أنها ستساعدك على جبهات عدة، مثلاً يمكنك أن تستخدمها لإلقاء التحية على الزملاء، أو للقيام بإشارات استفسارية عند حديث شخص آخر لتجنب مقاطعته، أو حتى إظهار حجم انخراطك واهتمامك بما يحدث. الجلوس بشكل قريب جداً من الكاميرا سيحرمك من استغلال الحركات غير اللفظية هذه والتي هي جزء أساسي من لغة الجسد في الاجتماعات الإفتراضية.
التواصل البصري المناسب
المحافظة على التواصل البصري خلال الاجتماعات الافتراضية صعب وذلك لأن هناك الكثير من الأمور التي تحدث أمامك على الشاشة وبالتالي من السهولة بمكان الشعور بالضياع وعدم معرفة أين عليك النظر. يجب خلق التوازن بين النظر إلى وجوه الآخرين وبين النظر مباشرة في عدسة الكاميرا. التواصل البصري خلال الاجتماعات الافتراضية يختلف عن التواصل البصري الواقعي، فحين تريد القيام بتواصل بصري افتراضي عليك أن تنظر إلى الكاميرا وليس إلى نفسك أو إلى الآخرين.
القيام بالتواصل البصري الافتراضي يحتاج إلى بعض الوقت، كما أنه قد يجعلك تشعر بعدم الراحة بداية الأمر بيد أنه سيصبح أسهل مع الوقت، فكما سبق وذكرنا لغة الجسد خلال الاجتماعات الافتراضية تختلف عن لغة الجسد «الواقعية».
الوقت لا يكفي لكل هذا.. تعديلات بسيطة توفر عليك عشرات الساعات
التعامل مع تعابير الوجه
خلال الاجتماعات الافتراضية الأمر أشبه بجلسة تصوير عن قرب إذ إن التركيز كله سينصب على الوجه وعلى الإيماءات. لغة الجسد المفتوحة تدل على الصدق، وهذا الأمر سيرفع من مستويات الإوكسيتوسين، وهو هرمون يلعب دوراً كبيراً في الروابط الاجتماعية لكونه يرتبط بمشاعر الارتياح والثقة. الهدف هنا هو خفض معدلات الكورتيزول لديك وذلك كي تبدو وتشعر بالراحة والحماسة من أجل التمكن من التفاعل بطريقة صحيحة وإتخاذ القرارات المناسبة والضرورية.
الارتفاع في معدلات الكورتيزول سيجعل تعابير وجهك وإيماءاتك جامدة ما سيولد مشاعر التوجس عند الآخرين وسيتعاملون معك بحذر لأنك لم تتمكن من تحفيز مشاعر الراحة عندهم. وهنا يجب التذكير بضرورة الاعتدال، أي اعتماد الحلول الوسط، فكثرة الإيماءات واللجوء إلى تعابير الوجه والراحة المبالغ بها لها نفس التأثير السلبي للجمود.
التركيز على وضعية الجسد
وضعية الجسد المثالية خلال الاجتماعات الافتراضية هي تلك التي لا تمكن الآخرين من معرفة ما إن كنت في وضعية الجلوس أم الوقوف. بطبيعة الحال هم يرون الجزء العلوي من جسدك، أي منطقة الكتفين والرأس ما يعني أنه يجب «هندسة» طريقة جلوسك بشكل صحيح.
لتحقيق وضعية الجلوس المثالية عليك أن تضع قدميك بشكل مسطح على الأرض، والجلوس على الجزء الأمامي من الكرسي بحيث لا تقوم بالانحناء باتجاه الكمبيوتر لكنك في الوقت عينه لا تقوم بالجلوس وظهرك ملتصق بالكرسي. أهمية ملامسة القدمين للأرض تنبع من واقع أنها تخلق مشاعر التوازن وبالتالي ستشعر بالراحة وستنقل هذه المشاعر للآخرين. أما فيما يتعلق بوضعية الكتفين، فعليك اتخاذ وضعية المهيمن وعدم الانحناء إلى الأمام. الهدف هنا هو جعلك تشعر بالثقة بالنفس، إذ إن جلوسك بهذه الطريقة والشعور بأن المهيمن سيجعل معدلات التسترستيرون والسيروتونين في جسمك ترتفع وهذ يعني ثقة أكبر بالنفس.
لا تلمس وجهك
أكدت مجموعة من الدراسات أجرتها جامعة كامبريدج أن الأشخاص الذي يشعرون بالتوتر يميلون إلى لمس الوجه بمعدلات أعلى بكثير من غيرهم في محاولة لتهدئة أنفسهم. وبالتالي لمس الحاجبين، أو شحمة الأذن أو حك الأنف أو حتى العض على الشفة السفلى، كلها ستجعلك تبدو متوتراً. فإن كان الهدف هو ترسيخ صورة الواثق من نفسه والهادئ عليك تجنب القيام بهذه الأمور حتى لو كنت تشعر بالتوتر. و لغة الجسد هذه هي نفسها على أرض الواقع وفي العالم الافتراضي.
رغم الانتقادات اللاذعة.. كيف ربح وارن بافيت 11 مليار دولار ؟
نبرة الصوت
رغم أن كل ما تم ذكره أعلاه هام للغاية ولكن للصوت أهمية بالغة خلال الاجتماعات الافتراضية. صحيح أن وجهك ظاهر على الكاميرا ولكن التكنولوجيا، مهما بلغ بها التطور، ما تزال تخلق حواجز عدة تؤدي إلى سوء فهم أو سوء تفسير.
حين تتحدث في الاجتماعات الافتراضية يجب أن يكون صوتك واضحاً ومسموعاً وبلفظ سليم. الكلمات التي يتم لفظها بسرعة وبنغمات قصيرة تدل على قلة الاكتراث أما تلك التي يتم لفظها ببطء ووضوح مع التركيز على حروف العلة تجعل الكلمات واضحة تماماً وتحمل في ثناياها الدفء.
مثلاً لو افترضنا أنك ستقول «مرحباً، أهلاً بكم جميعاً»، لو قمت بقول هذه الجملة بسرعة بالغة فهذا سيوحي بأنك لا تكترث على الإطلاق ولا تعني ما تقوله بينما لو قلتها ببطء مع التوقف قليلاً بين مرحباً وباقي الجملة فهذا سيجعلها ذات معنى وعاطفة.
التوقف لبرهة قصيرة خلال الحديث هام جداً في حال كانت الفكرة التي تريد إيصالها هامة وجدية أو حين تتوقع أن تثير بعض الانفعالات عند الآخرين. لو افترضنا أنك في اجتماع افتراضي مع عدد من الأشخاص الذين عليك إبلاغهم بتسريحهم المؤقت أو بتخفيض رواتبهم، فإن الحديث ببطء مع التوقف قليلاً سيمنحهم الوقت لاستيعاب الصدمة كما أنه سيظهر بأنك تكترث، بينما لو قمت بقول ما تريد قوله بسرعة بالغة فإن الآخر سيعتبر بأنك لا تكترث على الإطلاق.
حالة الصوت ترتبط مباشرة أيضاً بكل ما تم ذكره أعلاه، وذلك لأن كل العوامل الأخرى تخدم غاية زيادة الثقة بالنفس التي بدورها ستخلق مشاعر الارتياح وبالتالي خفض معدلات الكورتيزول. في المقابل لو كنت في حالة من انعدام الثقة بالنفس والتوتر فحينها معدلات الكورتيزول هذه ستؤثر على صوتك وتجعله حاداً وعالياً وكما أنك وبشكل لا إرادي ستجد نفسك تتحدث بسرعة.
ما تحتاج إليه هو القوة الصوتية والمرونة وهذه الأمور ترتبط بشكل مباشر بآلية التنفس. قبل أي اجتماع قم بتهدئة نفسك من خلال الشهيق والزفير لخمس أو سبع مرات وخلال الاجتماعات احرص على أن تقوم بعملية الشهيق من أنفك، والزفير من فمك. المرونة الصوتية ترتبط بالمرونة الجسدية أيضاً، أي في حال كانت عضلات الكتفين والرقبة متشنجة فإن ذلك سيؤثر على صوتك.