كيفية صلاة الليل وأسباب تعين عليها
صلاة الليل عبادة تصل القلب بالله تعالى، وتجعله قادراً على التغلب على مغريات الحياة الفانية، وعلى مجاهدة النفس في وقت هدأت فيه الأصوات، ونامت العيون وتقلب النّوام على الفرش، ولذا فإن صلاة الليل من مقاييس العزيمة الصادقة، وسمات النفوس الكبيرة، وكما أخبرنا صلى الله عليه وسلم: "أَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ، الصَّلَاةُ في جَوْفِ اللَّيْلِ".
وقد حافظ النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الليل، ولم يتركها سفراً ولا حضراً، ولذلك سنعرض كيفية صلاة الليل والأسباب المعينة عليه ليتعلمها ويحافظ عليها كل مسلم.
حكم صلاة الليل
صلاة الليل سنة مؤكدة حث النبي صلى الله عليه وسلم على أدائها بقوله: "عليكمْ بقيامِ الليلِ فإنَّه دأبُ الصالحينَ قبلكمْ، و قربةٌ إلى اللهِ تعالى، ومنهاةٌ عنِ الإثمِ، وتكفيرٌ للسيئاتِ، و مطردةٌ للداءِ عنِ الجسدِ".
ولذلك لابد أن يعرف المسلم كيفية صلاة الليل وأن يحرص عليها، لأنه نهج النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة رضوان الله عليهم، والصالحين.
فضل الصلاة في الثُّلث الأخير من الليل
قيام الليل فيه خير وفضل للمؤمن في أيّ وقت من أوقات الليل، إلّا أنّ الثُّلث الأخير من الليل هو أفضل الأوقات وأشرفها، لأن الله تعالى يتجلّى فيه إلى السماء الدُّنيا، قال عليه الصلاة والسلام: (يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يقولُ: مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له).
كيفية حساب الثلث الأخير من الليل
لحساب الثلث الأخير من الليل، يجب أولاً تحديد عدد ساعات الليل، وذلك من خلال تحديد الوقت الذي تكتمل فيه عتمة الليل (أذان العشاء) بالإضافة إلى وقت طلوع الفجر الواضح (أذان الفجر وليس الأذان التذكيري كما يحدث في رمضان):
1- حساب الوقت من أذان العشاء إلى أذان الفجر
2 - بعد أن يتمّ حساب ساعات الليل نقسم الناتج على ثلاثة، لأننا نريد الثلث الأخير من الليل، ولو كنا بحاجة إلى منتصف الليل نقسم الناتج على اثنين.
3- نطرح الناتج الأخير من وقت طلوع الفجر، فنحصل على بداية الثلث الأخير من الليل.
فمثلاً: لو كان أذان العشاء الساعة السادسة مساءً، وأذان الفجر الساعة الخامسة فإنّ عدد ساعات الليل هو تسع ساعات، بالقسمة على ثلاثة يكون الثلث ثلاث ساعات، إذا فالثلث الأخير من الليل من الساعة الثانية صباحاً إلى الساعة الخامسة صباحا.
كيفية صلاة الليل
صلاة الليل ليس لها عدد مُعيّن؛ ويجوز التنوّع في كيفية صلاة الليل، وأمّا عدد ركعات صلاة النبي عليه الصلاة والسلام لليل؛ ورد أنّها كانت إحدى عشر ركعة، وورد أنّه صلّى ثلاث عشرة ركعة، والثلاث عشرة ركعة هي نفسها الإحدى عشر، لأنّ الركعتين هما التي كان يُصلّيهما بعد الوتر وهو جالس، أو أنّهما سنّة العشاء، أو أنّهما الركعتين الخفيفتين اللاتي كان يفتتح بهما قيامه لليل.
إذا كيفية صلاة الليل: أن يصلي المسلم ركعتين، ركعتين، ويزيد ما شاء، ويجتهد في ترتيل القرآن، ثم يختتم قيامه بالشفع والوتر.
صلاة الشفع والوتر
تُصلّى صلاة الشفع والوتر على شكل ثلاث ركعات، تُقرأ سورة الفاتحة وسورة الأعلى في الركعة الأولى، وتُقرأ سورة الفاتحة وسورة الكافرون في الركعة الثانية، ثم يسلم، وهذه الركعتان هي التي تسمى بالشفع.
أما صلاة الوتر فهي ركعة واحدة تتبع الركعات السابقة، ويُقرأ فيها سورة الفاتحة والإخلاص ثم يركع. ووردت طريقة الصّلاة عن الرّسول عليه السّلام في الحديث الشريف: (أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ يوتِرُ بسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ، وقُلْ يَا أيُّهَا الْكَافِرُونَ ، وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، وَكانَ يقولُ : سبحانَ الملِكِ القدُّوسِ ثلاثًا ، ويرفعُ صوتَه بالثَّالثةِ).
ويجوز للمصلي أن يُصلي الركعاث الثلاث مُتصلة، ولكن لا يقعد فيها للتشهد الأوسط، وذلك حتى لا تتشابه بصلاة المغرب، وإنما يقعد فيها قعوداً واحداً وهو للتشهد الأخير، كما يمكن أن يوتر بخمس، أو سبع، أو تسع، أو إحدى عشرة ركعة.
دعاء صلاة الوتر
كما أن صلاة الوتر يوجد فيها دعاء، يعرف بدعاء القنوت، وهو من الأدعية التي يفضل أن يقولها العبد، ويقال عند القيام من الركوع في الركعة الأخيرة، وبعد قول "سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد"، نبدأ بحمد الله تعالى ثم الصلاة على النبي، وندعو:
- اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت.
- اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبعفوك من عقوبتك، وبك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك.
- ويمكن الدعاء بعدها بما شاء.
أسباب تعين على صلاة الليل
بعد أن عرضنا كيفية صلاة الليل، لا بد أن نعرف الأسباب المعينة عليه، ومنها:
- الإخلاص لله تعالى: كما أمر الله تعالى بإخلاص العمل له دون ما سواه، فكلما قوي إخلاص العبد كان أكثر توفيقاً إلى الطاعات والقربات.
- أن يستشعر أن الله تعالى يدعوه للقيام: فإذا استشعر العبد أن الله يدعوه لذلك وهو الغني عن طاعة الناس جميعاً كان ذلك أدعى للاستجابة.
- معرفة فضل صلاة الليل: فمن عرف فضل هذه العبادة حرص على مناجاة الله تعالى، والوقوف بين يديه في ذلك الوقت، ومما جاء في فضل هذه العبادة ما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أقرَبُ ما يكونُ الربُّ منَ العبدِ في جَوفِ اللَّيلِ الآخِرِ، فإن استَطعتَ أن تكونَ مِمَّنْ يذكُرِ اللهَ في تِلكَ السَّاعةِ فكُنْ".
- النوم على الجانب الأيمن: كان النبي صلى الله عليه وسلم يرشد أمته إلى النوم على الجانب الأيمن.
- النوم على طهارة: الحفاظ على الطهارة مع المداومة على ذكر الله شعار المسلم الحق، فإنَّه يكون بذلك طاهِرَ الظَّاهرِ والباطِنِ.
- التبكير بالنوم: النوم بعد العشاء مبكراً وصية نبوية، وخصلة حميدة، وعادة صحية، أما السمر قد يؤدي إلى النوم عن صلاة الليل والفجر.
- المحافظة على الأذكار الشرعية قبل النوم: فإن هذه الأذكار حصن حصين يقي بإذن الله من الشيطان، ويعين على القيام، ومن هذه الأذكار، قراءة الآيتين في آخر سورة البقرة، وآية الكرسي.
- اجتناب كثرة الأكل والشرب: فإن الإكثار منهم من العوائق العظيمة التي تصرف المرء عن قيام الليل.
- مجاهدة النفس على القيام: وهذا من أعظم الوسائل المعينة على قيام الليل لأن النفس البشرية بطبيعتها أمارة بالسوء تميل إلى كل شر ومنكر إلا من رحم ربي.
- اجتناب الذنوب والمعاصي: فإذا أراد المسلم أن يكون مما ينال شرف مناجاة الله تعالى، والأنس بذكره في ظلم الليل، فليحذر الذنوب، فإنه لا يُوفّق لقيام الليل من تلطخ بأدران المعاصي.
- محاسبة النفس على ترك صلاة الليل: فمحاسبة النفس من شعار الصالحين، وسمات الصادقين.
- تعليم الأهل كيفية صلاة الليل: الحرص على تعليم الأهل ليكونوا عونا على الاستيقاظ والصلاة في الليل.
المصادر: