مدخل إلى علم الإدارة (2): كيف تنظّم مواردك لتنفّذ خطتك بنجاح؟
يأتي التنظيم مباشرةً في الخطوة التالية لعملية التخطيط ضمن مهام الإدارة الأربع الرئيسة، حيث يتم فيها جمع الموارد التي تملكها الشركة وتوظيفها في الخطة المحددة الخاصة بها، وذلك من أجل الوصول إلى أفضل فاعلية في تنفيذ الخطة، فكما يقول تشيستر برانارد الاقتصادي الأمريكي: "التنظيم هو وظيفة يمكن من خلالها تحديد المناصب والأدوار والوظائف ذات الصلة والتنسيق بين السلطة والمسؤولية".
مدخل إلى علم الإدارة (1): كيف تخطط لوضع حجر أساس جيد للشركة؟
لماذا تحتاج الشركات إلى وظيفة التنظيم؟
يتساءل البعض عن جدوى وجود وظيفة مخصصة للتنظيم، بينما في أثناء عملية التخطيط يتم التركيز على مسألة توزيع بعض من الأدوار والمهام، وبالتالي يمكن اعتبار التنظيم جزءًا منها. لكن وظيفة التنظيم في الشركات لها أهمية أكبر من ذلك في مسألة استمرارية الشركة.
فبينما التخطيط يهدف إلى توزيع الموارد التي تحتاج إليها للتنفيذ، فإن التنظيم يهتم بحصر الموارد من البداية بمختلف أنواعها، سواءً موارد مالية أم مادية كالأدوات والمعدات أو البشرية، فكثيرًا ما تحدث عملية نسيان بعض الموارد الموجودة وعدم الاستفادة منها، فهنا يمكنك التنظيم من ضمان استخدام جميع الموارد.
لا تقتصر مهمة التنظيم على توزيع الموارد، لكنّها تشمل كذلك تحديد الأنشطة ومحاولة جمع الأنشطة المتشابهة معًا في وظائف واحدة، كذلك تهتم باختيار الأسلوب الأفضل لتنظيم عملية الإدارة مع مختلف الأقسام الموجودة داخل الشركة، لا سيّما في حالة الشركات التي تملك فروعًا كثيرة في أماكن مختلفة.
تحديد الموارد وتوزيعها
من هذا المنطلق ستكون الخطوة الأولى حول حصر الموارد وتوزيعها، ويمكن إتمام هذه الخطوة بتنفيذ المراحل التالية:
الموارد الموجودة حاليًا: حصر الموارد الموجودة في الشركة، وذلك من خلال النقاش مع أصحاب الشركة وكذلك مع بقية الأقسام الموجودة في الشركة في حالة كونها قائمة منذ فترة، أو من خلال مناقشة أصحاب الشركة فقط في حالة كون الشركة ما زالت في البداية.
التوافق بين المطلوب والمتاح: بعد الانتهاء من جمع الموارد الموجودة، يتم توزيعها على الخطة وعمل توافق بين المطلوب تنفيذه وبين المتاح حاليًا داخل الشركة. وفي حالة اكتشاف وجود موارد إضافية، في هذه الحالة يتم بحث الطرق المثلى للاستفادة منها كإضافة المزيد من المهام في الخطة. على النقيض في حالة اكتشاف نقص في الموارد المطلوبة للخطة، يتم التفكير في كيفية تعويضه وتوفيره، أو تغيير طريقة التنفيذ للتوافق مع الموارد الحالية، مثل تقليل المهام.
تنظيم المهام داخل الخطة
من أهم الفوائد من عملية التنظيم هي مساهمتها في تنظيم الأنشطة والمهام التي يتم تنفيذها في الشركة أو كجزء من الخطة، من خلال خلق علاقات متشابهة تسهّل القيام بهذه المهام مستقبلًا وتصنفها ضمن مجموعة متشابهة لها روابط مشتركة، يمكن تسميتها واعتمادها تحت مسمى وظيفي واحد وواضح للجميع.
تحديد الأنشطة: تبدأ هذه الخطوة ببحث الأنشطة المختلفة التي يتم تنفيذها داخل الشركة، مثلًا إجراء الحسابات الخاصة بالشركة، متابعة الأداء، الحفاظ على الجودة، متابعة العمليات، تجهيز عروض البيع وإجراء المبيعات.
تجميع المهام وتصنيفها: بعد تحديد الأنشطة في الشركة، يتم جمع المهام المتشابهة وتصنيفها داخل هذه الأنشطة، يمكن إضافة أكثر من نشاط معًا، وتعريفهم كوظيفة واحدة داخل الشركة، ويتم جمع الوظائف المتقاربة ضمن قسم واحد، مثل قسم للمبيعات وقسم للعمليات.
تحديد المسئوليات والسلطات: بعد الانتهاء من عمل الأقسام، يبدأ العمل على تحديد المسئوليات الخاصة بكل قسم وتحديد الأشخاص المسئولين عن إدارة هذه الأقسام، حسب التسلسل الإداري الموجود في الشركة.
من المهم كذلك تحديد مستوى السلطات المملوك لكل مدير أو الشخص المفوّض بتنفيذ مهمة معينة، بحيث يمكنه تنفيذها بالشكل الصحيح، وحتى لا يحدث تداخل بين الأقسام وإهدار الوقت والجهد في تكرار الوظائف، فيكون لكل شخص مسئولية محددة وسلطات تمكنه من تنفيذها بنجاح.
الهيكل الإداري: بعد تقسيم المسئوليات والسلطات، سينتج لديك الهيكل الإداري الخاص بالشركة، يمكنك مراجعته مرة أخرى مع الخطة للتأكد من كونه يحقق لك الأهداف التي تريدها بالفعل، ومن وجود جميع المهام المطلوبة للعمل في الشركة بالشكل السليم.
تحديد أسلوب التنظيم
بعد الانتهاء من تجهيز الهيكل الإداري، من المهم تحديد أسلوب التنظيم الأفضل في التعامل بين الإدارة وبين الأقسام الأخرى، حيث يسهّل هذا متابعة العمل وتنفيذ المهام بالشكل الصحيح، ويؤكد على الصلاحيات التي يملكها كل شخص داخل العمل.
نظام التقرير: من الشخص المطلوب توجيه التقارير له؟ هل كل فرد مطالب بتجهيز تقرير وتقديمه لك مباشرةً؟ أم يقدم كل فرد تقريره للمدير المباشر، وفي النهاية يقوم مديري الأقسام بتوجيه هذه التقارير للإدارة؟ هذه النقطة على بساطتها لكنّها تحدد شكل التعامل مع جميع العاملين.
نظام التفويض: يجب إيجاد نظام للتفويض، يوضح مقدار الصلاحيات الممنوحة للأشخاص بناءً على حجم المهام المطلوبة منهم. يحتاج هذا النظام إلى ثقتك في العاملين معك وتأكدك من فهمهم للمطلوب منهم، ومن ثم إتاحة الفرصة لهم للعمل. كذلك من المهم التأكد من منحهم السلطة التي يحتاجون إليها داخل العمل ومستوى القرارات التي يمكنهم القيام بها داخل الشركة.
هذا الأمر ليس سهلًا بالتأكيد، فقد يؤدي إلى اتّخاذ قرارات خاطئة في حالة نقص الخبرة لدى الأفراد، لكن من ناحية أخرى فهو شيء مطلوب حتى يمكنك توزيع العمل على الآخرين، بدلًا من الاضطرار بالقيام بجميع المهام بذاتك، وهو ما قد يستغرق وقتًا طويلًا، كذلك يخلق حاجزًا لدى الأفراد من شعورهم بنقص الثقة في أدائهم، لا سيّما بالحديث عن أشخاص في مناصب إدارية كبيرة.
تقييم فاعلية عملية التنظيم
من الأمور الهامة في عملية التنظيم هي إجراء تقييم دوري للعملية ككل، حيث يتم في هذه الخطوة مقارنة النتائج مع عنصرين أساسيين، للتأكد من كفاءة التنظيم، والثقة في أنّ هذه المهمة في الإدارة تم تنفيذها بشكل سليم، وكذلك لمعرفة الإجراءات المطلوبة للتصحيح في حالة وجودها.
توزيع الموارد مع النتائج: هل تم استغلال الموارد بالشكل الأمثل أم يوجد خلل معين في توزيعها؟ هل حدث فائض أو عجز في الموارد؟ وهذه النقطة ستساعدك كثيرًا لتفهم كيفية الوصول إلى الشكل الأمثل للتخطيط، بسبب أن فشل العديد من الخطط ينتج عن الموارد وتوزيعها، فنجد خططًا خيالية بدون موارد مساعدة، أو خططًا بسيطة رغم وجود موارد كثيرة. من هذه النقطة سيمكنك تطوير خطتك لتحسين النتائج.
الهيكل الإداري مع النتائج: هل تم تصنيف الأنشطة والمهام معًا بشكل سليم؟ هل هناك حاجة إلى تعديل أو تغيير في وظيفة معينة وإضافة وظيفة أخرى تحتاج إليها الشركة؟ تساعدك هذه النقطة على تطوير الهيكل الإداري وإضافة أقسام جديدة للشركة بناءً على احتياجها، حتى يمكنك تعويض أي مشكلة تواجه الشركة، أو للمساهمة في تطويرها خصوصًا مع وجود توسع في الأنشطة.
تسهّل عملية التنظيم التأكد من فاعلية التخطيط، وبالتالي فلا يمكن عزل الاثنين عن بعضهما البعض أو إهمال أهمية التنظيم كواحدة من المهام الرئيسية في الإدارة والتي تحتاج إلى اهتمامك بها، فوجود نظام في الشركة يخلق حالة الاستمرارية المطلوبة للنجاح.
المصادر