رائد الأعمال بندر هوساوي: مشاركاتي في عروض الازياء العالمية أحدثت صدى عظيم على بعض صفحات المجلات المحليه والعالمية
بدأ شغفه في الأزياء من بدلة والده (السموكي)، فمنذ طفولته وهو ينظر بعين الإعجاب إلى اللباس الرسمي (البدلة) لوالده، الدبلوماسي في السفارة السعودية بواشنطن، غير أن شغفه واهتمامه لم يتوقفا عند الأزياء والموضة -عشقه الأول- بل وصل إلى مهنة الدبلوماسية بحد ذاتها، فسعى يطارد أحلامه تلك بالدراسة والمثابرة.
بعد إنهاء الثانوية العامة سافر إلى أمريكا وهناك أتقن اللغة الإنجليزية، ودرس العلوم السياسية في إحدى جامعاتها، ولم يكتف بهذا، حيث يرغب في إستكمال مسيرته الأكاديمية للحصول على درجة الماجستير في مجال إدارة الاعمال من الجامعة السعودية الإلكترونية، مدركاً بأن هذا سيعينه على إدارة أي مشروع يعمل به مستقبلاً.
إنه رائد الأعمال بندر هوساوي، الذي جمع في شخصيته بين عشقه للدبلوماسية وعالم الموضة، وتمكن بما لديه من موهبة، تقديم عروض عالمية، وتأسيس علامة تجارية خاصة به (BEYONDRAY’S)، في حوار"مجلة الرجل" يعرض تجربته مع الموضة والأزياء، بدءاً الولايات المتحدة وصولًا إلى العاصمة السعودية الرياض.
بعد أن حصل الشاب هوساوي على الثانوية العامة، انتقل الى الولايات المتحدة، والتحق بالجامعة هناك ليدرس العلوم السياسية، يقول لمجلة "الرجل" "كانت الحياة الدبلوماسية محوراً مهماً في أحلامي، لأن والدي هو مثلي الأعلى، وبالتالي كان طموحي دارسة هذا التخصص، وبالفعل انتقلت للولايات المتحدة والتحقت بجامعة إنديانا، وتخرجت فيها حاصلاً على البكالوريوس عام 2016".
ولكن أثناء الدراسة حصلت الفرصة وأتى الحدث الذي سينقل حياته واهتماماته إلى حلم الأزياء الذي راوده منذ الصغر، وبالفعل يروي لمجلة "الرجل" كيف كانت الانطلاقة في عام 2014، عندما وجهت له دعوة لحضور عرض أزياء عالمي (FASHIN SHOW) داخل الحرم الجامعي، حيث إن على الطلاب المشاركة بزيهم الوطني الرسمي الذي يمثل دولته، هذه المناسبة كانت مؤشراً كبيراً لشغفه بهذا اللباس مرتدياً البدلة، وردود الفعل كانت إيجابية، إضافة إلى إحساسه بشعور مختلف وهو يسير على ممشى العرض الذي اكتشف من خلاله شغفه بالمهنة.
هذه الانطلاقة نقلت بندر هوساوي، من مجرد طالب سعودي يبحث عن شهادته الجامعية، إلى مشهور على صفحات المجلات والصحف الأمريكية يوضح قائلاً:" مشاركتي بالبدلة في هذا الحدث جعلت كثير من الصحف والمجلات تتحدث عن الطالب السعودي الذي شارك في عرض الأزياء، والذي عزز ثقتي وجعل كثيراً من الشركات تتواصل معي، خصوصاً رواد الأعمال في صناعة الأزياء هناك، للمشاركة (مصمماً – وعارض أزياء)، ومنها بدأت مشاركتي مع مصممي أزياء لهم اسم معروف في عالم الموضة في الولايات المتحدة، فقد شاركت في عرض في ولاية إنديانا في عام 2015، وظهرت في مجلة ( FORWARD MAGAZINE )" الأمريكية.
وحين انتهت سنوات الدراسة، كان لا بدّ أن يعود الشاب السعودي إلى بلاده، حاملاً طموحه وأحلامه، لتأسيس عمل خاص له في الأزياء، وكانت البداية.
التمكين المادي
ويضيف "كان لا بدّ لي من العودة إلى السعودية، وبدء رحلة البحث عن عمل، لإيجاد وظيفة مناسبة، وحيث إنني لم أتمكن من الانتظار لوقت أطول، رأيت أنه من الأفضل الدخول في عدة مجالات للحصول على الخبرة ومواجهة تحديات الحياة، فعملت في مجموعة فنادق حياة رجنسي، وشركة أديل للطيران، وشركة بوبا العربية للتأمين، ومن ثم شغرت منصبًا في إحدى مؤسسات القطاع الحكومي التي تعدّ الأقرب لتخصصي الدراسي".
من خلال عمله وتنقلاته بين قطاع وآخر، استطاع بندر هوساوي، تنمية كثير من المهارات التي تعلمها خلال الدراسة، كان من أبرزها في قطاع التأمين، فعقد اتفاقيات مع شركات كبرى محققًا أرباحًا هائلة، لمصلحة بوبا العربية، وتصدر قائمة أفضل رجال المبيعات في الشركة المنطقة الوسطى، في عام 2018.
العائلة والبيئة الداعمة
في كل هذه التنقلات كان شغفه لا يزال حاضراً في هيئة (البدلة الرسمية) التي يرتديها الأب وتحاكي مخيلته أينما ذهب، رغم أن هذا اللبس غير معتاد على المجتمع الخليجي، بشكل عام، إلا أنه كان يتناسب مع بندر هوساوي الذي اعتاد رؤيته في منزله منذ طفولته وحتى اللحظة، وهنا تحدث قائلاً "مجال الفاشن أقدم من العلوم السياسية، حيث بدأت التعلق فيه والاهتمام بكل حكاياته من قبل المرحلة الجامعية، فالبدلة الرسمية لفتت انتباهي منذ الصغر حتى باتت شغفي، خصوصًا أن والدي كثيرًا ما كان يتحدث عن كل بدلة وطريقة ارتدائها ومناسبتها، إضافة إلى أن والدتي كانت تمتلك مشغلًا للخياطة وعلى علم تام بكل ما يتعلق بالخياطة والتصميم، والألوان وتنسيقها وكثير من التفاصيل المتعلقة بهذا المجال، بالتالي كانت البيئة مهيأة جدًا وداعمة".
أما عائلته التي احتضنت موهبته، فيكشف لمجلة "الرجل" أنها متوسطة الحجم ( أربعة أبناء: ذكران وأنثيان) أختان هما الأكبر، ومن ثم بندر وأخوه الأصغر، جميعهم كان لديهم ارتباط في مجال الأزياء، ما جعل بندر يتعلق أكثر وأكثر في أن يكون له خيط وإبرة بعد تخرجه.
مشروعي الخاص
أثناء عمله في مجالات متعددة، شعر بندر، أن الوقت قد حان لتأسيس عمله الخاص في الأزياء والموضة، بعد أن ترك بصمة مميزة في الولايات المتحدة، عن هذا الانتقال والاختلاف قال "نعم كانت لدي أعمال وعروض في الولايات المتحدة، بحكم وجودي ودراستي فيها، إلا أن معظم متابعيّ كانوا من السعودية، عن طريق وسائل التواصل، فكثير من الشركات السعودية كانت تترقب عودتي للتعاون في الأزياء".
ويضيف"هذا كوَّن لديَّ قاعدة بيانات وبالتالي كانت البداية شبه واضحة، أن أمتلك عملي الخاص، خصوصًا في رحلة البحث عن وظيفة تتلاءم مع تخصصي الدراسي في إدارة الأعمال التي أرست قواعد هذه الفكرة وبشدة، وكان الفرصة متاحة لي بأن أكون من أوائل المبادرين للدخول في التصميم بملابس مختلفة".
وكيف كان الدخول إلى السوق السعودي بشيء مختلف، يقول "من خلال دراسات مكثفة للسوق المحلي في ما يتعلق في الأزياء، اتضح أن هنالك فجوات في هذا المجال بل تكاد يكون غير موجودة، لذلك فكرت بتغيير هذه الصورة النمطية وبشكل تدريجي، فبدأت العمل والتفكير في كيفية تكوين (ماركة متميزة) بفكرتها، وبشكلها النهائي وكامل تفاصيلها التي اكتملت صورتها في عام 2018، ولكن أطلق المنتج عام 2019".
خطوات عمليه
أنشأ بندر هوساوي سجله التجاري الخاص، وقدم دراسة الجدوى، وبحث عن الموظفين المعتمدين، وسافر إلى أكثر من دولة (الصين، فرنسا، إسبانيا، الولايات المتحدة)، لاعتماد أفضل خامات الأقمشة المستخدمة، وتوسع في الفكرة، فجعل للعطور نصيباً من إنتاجات شركته الخاصة.
يقول "لم تكن البداية سهلة" ويوضح بأنه اضطره للدخول في كثير من اجتماعات من هم أكثر خبرة، والتعرف إلى السوق السعودي. مضيفا: "تطلب هذا المشروع ابتداءً من الفكرة وحتى خروجه للعلن أربع سنوات من الجهد المتواصل، من خلال تقديم دراسة الجدوى، واختيار الخامات، واجتماعات متواصلة مع أصحاب الشركات والخبرات للاطلاع على السوق السعودي واحتياجاته، وتحديد الفئة المستهدفة، وبالفعل بعد كل هذا العمل المضني ولله الحمد، خرج المنتج عام 2019".
استديو صغير
انطلق بندر هوساوي من السعودية وكانت البداية بتدشين أول تشكيله بدل أطلق عليها (Elegant Captain Collection) وعن الدعم المادي الذي اعتمد عليه في تأسيس الشركة قال:" كنت حديث التخرج ولكن كان لديّ شغف كبير في تأسيس عملي الخاص، ما دفع والدي لتقديم الدعم المادي المبدئي".
ولم يكتف بالدعم المقدم من والده يقول "ثم التحقت في أكثر من عمل واستطعت من خلاله تعزيز رأس المال خلال السنوات الأربع التي تنقلت خلالها من وظيفة إلى أخرى، فبدأت وضع اللبنات الأولى لتحقيق الحلم، بتأسيس الشركة التي تشمل استديو، ومكتباً داخله، وورشة العمل التي تنفذ فيها التصاميم، ولدينا حالياً عدد متواضع من الموظفين، والمصورين والخياطين".
ولأن الفكرة مختلفة من البداية كان أيضاً التنفيذ مختلفاً، حيث إن بندر هوساوي، لم يعتمد فكرة المحل التجاري لعرض منتجه أو بدله الرسمية، بل جزّأ الاستديو إلى أكثر من جزء، حيث جمع في المكان نفسه، بين مكتب العمل الذي يستقبل العميل، والمعرض الذي يعرض عبره تصاميمه، وبالتالي يستطيع العميل الاطلاع على أنواع الأقمشة، الموديلات، الأكسسوارات المناسبة.
متجر إلكتروني
لم يتوقف بندر هوساوي، عند هذا الحدّ فقط، بل أطلق متجره الإلكتروني الذي حقق نسبة متابعة جيدة، على الرغم من حداثته. مضيفاً "يستطيع العميل أن يستعرض كل منتجاتنا عن طريق المتجر الإلكتروني، الذي يشتمل على قسم الأحذية، المجوهرات، العطور، الحقائب، ويمكن للعميل في أي نقطة من العالم الطلب من خلاله، وتوصيل المنتج خلال سبعة أيام عن طريق شركات عدة، عقدنا اتفاقيات معها من أبرزها "أرامكس"".
وعن الشريحة التي سستهدفها هوساوي، كما ذكر لمجلة "الرجل":"تغيرت الوجهة، والمعتقد لدى الشعب السعودي مؤخراً تماشياَ مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وباتت بعض المناسبات التي تقام داخل المملكة تتناسب مع مفهوم البدلة الرسمية، وهنا لا أتحدث عن ضيوف السعودية من الخارج الذين تعدّ البدلة شيئاً أساسياً من خزانة ملابسهم فقط، بل عن الشاب السعودي ، أيضاً، وأعتقد أن لدينا قلة من المهتمين بمقاييس وشكل البدلة بتفاصيلها وقصاتها واختلافاتها العالمية، وهذا ما تم العمل على توفيره وفق معايير الجودة العالمية، وفي أقصى سرعة (12ساعة) تقريبًا".
خصوصية الذوق السعودي
ويكشف رائد الأعمال عن ذوق العميل في السعودية فيقول "يميل عادة إلى القصات الأوروبية لأنه يحب التميز، خصوصاً أن بعض جهات العمل تفضل البدل الرسمية الكلاسيكية البسيطة، وبالتالي تكون الخيارات في حرية الألوان أو إضافة الأكسسوارات، ما يجعله يميل عند تفصيل البدلة خارج نطاق العمل تحاكي شخصيته، حتى أننا نقوم بحفر اسم/ كنية العميل على البدلة عند دخول عنصر الجلد في الموديل، وهذا يشعره بأن القطعة صممت له خصيصاً، ومن أكثر البدل طلباً الانجليزية".
ولفت إلى أن الألوان الغامقة (الكحلي بكل درجاته، والأسود، والرمادي الغامق، والبني) هي الأكثر طلباً في منطقة الخليج بصفة عامة، ولكن يبقى ذوق العميل دائماً هو الحاضر الأقوى، خصوصاً إذا كانت البدلة مصممة لمناسبة بعينها".
وأشارهوساوي، إلى أن معرضه يوفر جلسة خاصة لكل عميل، للتعرف إلى شخصيته، واللون المناسب له، ومناسبة البدلة، وتفاصيل قوامه ليتناسب التصميم وكل ما سلف.
المهمة الأصعب
لم يكن وصول بندر هوساوي، إلى شريحة كبيرة من العملاء داخل السعودية ومنطقة الخليج بالسهولة المتوقعة، خصوصاً أن مفهوم اللبس الرسمي مختلف تماماً عن ما يقدمه.
هذا ما جعل التحديات صعبة في مشوار رائد الأعمال، فكيف واجهها؟ وماذا فعل للتغلب عليها؟ يقول بندر "لعل الأصعب كان في كيفية إقناع العميل الذي لا يرتدي البدل كلياً، إلى شخص يرتديها بشكل دوري، يتطلب الأمر أحياناً تعريف العميل بثقافة وتاريخ البدل الرسمية، والفرق بين أنواعها وقصاتها المختلفة".
أحلام بلا سقف
لم يقتصر عمل رائد الأعمال بندر هوساوي، على المحلية فقط، فقد كانت له مشاركة في عروض "أسبوع باريس للموضة"، لسنتين على التوالي (2018ـ 2019)، فيما أطلق ماركته السعودية العالمية في احتفالية خاصة عام 2019، حضرها كثير من المشاهير والإعلاميين. وهناك اتفاقيات عدة، كانت في طريقها للنور وتم إلغاؤها بسبب جائحة كورونا، إضافة إلى عرض أزياء عالمي في دولة الجزائر، فيما لديه مشاركة في سبتمبر 2021، في عرض "أسبوع ميلان للموضة".
وعلى الرغم من أن جائحة كورونا ضربت الاقتصاد العالمي والمحلي بشكل عام، فإن هوساوي أكد أنه تماشى مع المعطيات الحالية، وأطلق متجره الإلكتروني الذي حقق كثيرًا من النجاح، لافتاً إلى أنه أطلق أيضاً تصميمات خاصة من الكمامات القماشية (The Mask 2020 ) حيث حققت نجاحاً عظيماً على المستوى المحلي والدولي.
ويؤكد هوساوي أنه "حالم جدًّا"، ويوضح بأنه يعمل على أن تكون علامته التجارية من أبرز العلامات المحلية، بمواصفات وخامات وقصات عالمية، متوجهاً لعمل وكالة لرواد الأعمال في التصميم والأزياء والتصوير، تضم كل رواد الأعمال في المجال.