يتقاضى خريجو جامعات النخبة رواتب ضخمة.. هل يؤدون عملهم بمهارة أكبر؟
يراجع مدير قسم الموارد البشرية رزمة من الطلبات التي تقدمت للحصول على وظيفة شاغرة في الشركة التي يعمل بها، يعرف مديرو الموارد البشرية أن هناك مجموعة من العوامل التي تحدد أداء الموظفين: الخبرات السابقة، التدريب، مهارات التعامل مع الآخرين، الشخصية، معدّل الذكاء، الذكاء العاطفي، ومدى الالتزام بأخلاقيات العمل.
من المنطقي التعامل مع تصنيف الجامعة باعتباره من المعايير المهمة لاختيار الموظفين، خاصة أنها توفر لهم تعليمًا وتدريبًا أفضل، ولهذا السبب يطالب هؤلاء الموظفون بأجور أعلى، ولكن هل هناك استراتيجية توظيف جيدة؟ هل يؤثر تصنيف الجامعات على الأداء الوظيفي؟
ما سر تميز طلاب الجامعات ذات التصنيف العالي؟
في دراسة أجريت مؤخرًا تتبعت أداء 28.339 طالبا من 294 جامعة في 79 دولة، لاحظت الدراسة أن أداء الطلاب خريجي الجامعات المرموقة كان أفضل نسبيًا، كما أنهم تمتعوا بمجموعة من المهارات من بينها إتقان اللغة، والذكاء العاطفي والإبداع، علاوة على المهارات التقنية.
يوجد مجموعة من الأسباب التي تفسر تفوق خريجي الجامعات النخبوية على أقرانهم من خريجي الجامعات ذات التصنيف الأدنى، أولاً أن هذه الجامعات تضم أفضل الطلاب الذين تنشأ بينهم حالة من التنافسية تدفعهم طوال الوقت على بذل قصارى جهدهم، وبالتالي يصبحون أفضل. كما أنهم يكونون متقنين للغة الإنجليزية، ويكونون على مستوى أعلى من الثقافة.
علاوة على ذلك، توفر الجامعات ذات التصنيف الأعلى تدريبًا أفضل لطلابها، وتساعدهم على عيش تجارب عملية تسهل عليهم مرحلة الانتقال إلى سوق العمل، وبالتالي يكون أداؤهم أفضل خاصة أنهم يكونون أكثر دراية بالموضوعات المتعلقة بالأعمال والتجارة والتسويق والإعلان وغيرها.
الآثار السلبية لتوظيف خريجي الجامعات المرموقة
برغم الفارق البسيط في الأداء الوظيفي العام بين خريجي الجامعات المرموقة والعادية، فإن توظيف خريجي الجامعات ذات التصنيف الأعلى قد يكون له تأثير سلبي في بعض الأحيان. تُشير بعض البيانات إلى أن هؤلاء الموظفين قد يتلفون ديناميكيات الفريق بدون قصد أحيانًا، لأنهم يركزون بشكل مُفرط على تنفيذ المهام ولا يهتمون كثيرًا بتأسيس علاقات شخصية مع باقي الموظفين، وفي بعض الأحيان يفضلون ألا يكوّنوا صداقات مع غيرهم، كما أنهم أكثر عرضة للدخول في صراعات.
أظهرت الكثير من الدراسات أن العلاقات الشخصية بين الموظفين تلعب دورًا مهمًا في تحفيز الموظفين ومدى شعورهم بالرضا الوظيفي وفعاليتهم، وفي النهاية تؤثر على أدائهم الوظيفي ونجاحهم. وحسب بعض الدراسات، فإن خريجي الجامعات المرموقة يرون أنفسهم مُختلفين عن باقي أعضاء الفريق، خاصة خريجي الجامعات العادية، وفي المقابل يتعامل باقي الموظفين مع خريجي الجامعات النخبوية على أنهم أشخاص متعجرفون ومتكبرون، ويقررون تجنبهم ويعزفون عن العمل معهم، وهو ما يؤثر على الأداء الوظيفي بصورة عامة في الشركة.
إذًا من يجب أن توظف؟
قد يكون خريجو الجامعات المرموقة أكثر قدرة على أداء المهام بصورة أفضل من أقرانهم خريجي الجامعات العادية، لكن بيانات Payscale ووزارة التعليم الأمريكية كشفت أن توظيفهم يكون أكثر تكلفة.
هل يستحق الأمر دفع تكلفة إضافية؟ للإجابة على هذا السؤال، على المسؤولين التفكير بعناية في القيمة التي يُضفيها الموظفين الجدد خريجي الجامعات المرموقة إلى أداء الشركة، بالنسبة لبعض الشركات فإن الفرق بين خريج الكليات المتوسطة أو العادية وخريج كليات النخبة يستحق منحهم أجور أعلى.
مع ذلك، بالنسبة للبعض قد لا تؤدي التكلفة المُضافة إلى النتائج المرجوة من الاستثمار، وبالتالي تصبح غير مبررة. بشكل عام تُشير نتائج بعض الأبحاث إلى أن توظيف خريجي الجامعات المرموقة سيؤدي إلى تحسين نسبي في الأداء.
في الوقت نفسه، لا يمكن الاعتماد على تصنيف الجامعة فقط لتقييم أداء الموظفين، قد يجني أصحاب العمل الكثير من المكاسب من وراء اختيار المُرشحين المناسبين للوظيفة بغض النظر عن مستوى الجامعة التي تخرجوا منها، وسيكون من الحكمة أيضًا وضع معايير أخرى في عين الاعتبار عند اختيار أشخاص لملء وظيفة شاغرة.
ومن الممكن تعويض الفجوة بين المهارات المكتسبة أثناء الدراسة الجامعية والاستعداد للعمل من خلال توفير تدريبات لخريجي الجامعات العادية، تساعدهم على التحسين من أنفسهم أثناء العمل.
إلى حد كبير، ستعتمد الإجابة على متطلبات الوظيفة الشاغرة، هل تحتاج هذه الوظيفة إلى خريج جامعة مرموقة ذات تصنيف عالي، والتي يطالب خريجها بالحصول على أجور أعلى حتى لو كان الفارق بين جودة أدائهم واداء أقرانهم لا تتجاوز 2%، أم بإمكان خريجي الكليات العادية تأدية الوظيفة بمهارة والحصول على أجر أقل نسبيًا؟ من أجل اتخاذ أكثر القرارات استراتيجية، يجب أن يعرف مدير الموارد البشرية الإجابة على هذا السؤال.