دروس من رحلة جون فولي المذهلة.. الرجل الذي عمل في كل المجالات
عند الاطلاع على قصص نجاح العصاميين غالباً ما نجد منعطفا أو منعطفين في المهن التي عملوا فيها. جزء كبير منهم يبدأ في مهنة ما ثم ينتقل إلى المجال الذي يشعر بالشغف تجاهه وتبدأ بعدها رحلة النجاح، ولكن مسار جون فولي حافل بالمنعطفات التي لا علاقة لها ببعضها البعض. مساره المهني خط متعرج فتارة نجده يتجه إلى صناعة الحلوى وتارة نراه في سيلكون فالي، ثم ينتقل إلى مجال الموسيقى ومن هناك إلى عالم الكتب لتنتهي به الرحلة في عالم المعدات الرياضية.
جون فولي عمل في غالبية المجالات وربما هذا الواقع يفسر كون شركته «بلوتون» توفر وتتضمن كل شيء أيضاً.
في عام ٢٠١٢ عندما أسس جون فولي شركته كانت الفكرة هي إما النجاح المطلق وإما الفشل الذريع، ففي النهاية كانت شركته هي شركة برمجيات وصناعة أجهزة ومنتج للمحتوى وناد رياضي في الوقت عينه..بتعبير آخر الشركة كانت تقدم ٤ خدمات وتبيعها بسعر خدمة واحدة للزبون.
المستثمرون من جهتهم كانوا خلال تلك الفترة غير متحمسين للمعدات الرياضية حتى ولو كانت تفاعلية بل كانوا يفضلون الاستثمار في تطبيقات مثل سناب تشات وإنستجرام وكل ما له علاقة بهما.
غالبية الذين عرض عليهم جون فولي فكرة بلوتون أبلغوه وبصراحة مطلقة بأنها فكرة مريعة للغاية، فما كان منه إلا أن توجه الى منصة كيك ستارتر حيث تمكن من جمع ٣٠٧ آلاف دولار لا أكثر.
الشركة حققت النجاح وجعلت جون فولي مليونيراً ثم حلت جائحة كورونا، فارتفعت المبيعات إلى مستويات قياسية وانتقل فولي إلى نادي أصحاب البلايين. فمع الإقفال التام أو الجزئي وتحول الغالبية إلى ممارسة الرياضة في المنزل ارتفعت نسبة مبيعات شركته ٣٥٠٪ لا لأنها تبيع معدات رياضية ولكنها لأنها تبيع معدات رياضية تختلف بشكل كبير عن غيرها من المعدات المتوفرة في السوق كما أنها وفرت للزبون فرصة للقيام بالتمارين الرياضية والتفاعل عن بعد مع الآخرين خلال فترة عصيبة نفسياً وبدنياً.
فما هي الدروس التي يمكن تعلمها من رحلة جون فولي التي أخذته الى أماكن مختلفة قبل أن يصل إلى القمة؟
رحلة فيسبوك بدأت بـ ٢٠ شخصاً لم يبق منهم سوى شخصين.. فأين أصبحوا اليوم؟
العثور على موطئ قدم
يقول جون فولي بأن المفتاح الأساسي للنجاح هو اكتشاف المجال الذي يحب الشخص العمل فيه ثم العثور على موطئ قدم في ذلك المجال. وبالتالي فإن الأهمية كلها تتمحور حول اقتناص فرصة الدخول إلى المجال والبدء في مكان ما، ولا أهمية ما إن كان هذا المكان هو في أسفل السلم الوظيفي، المهم هو البدء من مكان ما.
«كنت عاطلاً عن العمل بسن الثلاثين، وكنت مستعداً لقبول وظيفة لم تكن وظيفة الأحلام الخاصة بي، لكنها كانت في شركة وفي مجال أردت العمل فيه»، يقول جون فولي عند الحديث عن بدايات رحلته مع «بلوتون»: الفكرة هي أن العمل في وظيفة لا تعجبك وإنما في مجال مناسب أفضل بكثير من العمل في وظيفة تعجبك في مجال غير مناسب، فعلى الشخص أن يرى الأمور من منظور بعيد المدى وعدم التركيز على النتائج قصيرة المدى.
التعليم الجامعي يعود بالفائدة المالية.. ولكن تأثيره على التقدم المهني محدود
التعليم الجامعي هام خصوصاً إن كانت الجامعة التي تخرج فيها الشخص مرموقة، فاسم الجامعة كفيل بجعل راتب الموظف يتضاعف. «التحقت بجامعة هارفارد بعد أن تم، بمعجزة ما، قبولي»، يقول فولي: «حينها كنت أعمل في «سيتي سيرش» مع مجموعة من خريجي جامعات «الأيفي ليغ» وبالتالي استفدت من اسم الجامعة المرموق ولكن ما حصل في الواقع هو أن التحاقي بهارفارد أفادني على مستويات مختلفة».
فولي تخرج في معهد جورجيا للتكنولوجيا عام ١٩٩٤ بعد أن تخصص في مجال الهندسة الصناعية، ولكنه في عام ٢٠٠٠ التحق بكلية هارفارد للأعمال وهو في الثامنة والعشرين من عمره .«كنت ساذجاً ولا أملك الكثير من الخبرة ولم أكن أملك المؤهلات العلمية التي تخولني منافسة غيري، وإلتحاقي بكلية هارفرد للأعمال بدل كل ذلك».
ولكن الأمر لا يتعلق فقط بالحصول على التعليم المناسب بل يرتبط وبشكل مباشر بالجهود التي يبذلها الشخص في عمله. ففولي كان عاملاً جدياً ومجتهداً لأنه تربى على هذا المبدأ. «وظيفتي الأولى كان بسن الرابعة عشر في مطعم مكدونالدز وقد عملت في ذلك المكان حتى السابعة عشر من عمري وهذه الفترة علمتني الكثير لأنها جعلتني أفهم كيف تسير الأعمال على أرض الواقع».
الاحتكاك بالآخرين والعمل على الخطوط الأمامية بوظائف متواضعة منذ البداية لم توفر له معلومات واقعية فحسب بل جعلته أكثر تعطشاً للنجاح من غيره، فهو كان عليه إثبات نفسه وقدراته. الشهادة الجامعية وفرت له المردود المالي ولكن تفانيه في العمل هو الذي جعله يتقدم مهنياً.
8 خطوات لتحقيق النجاح في مشروعك التجاري.. نصائح قابلة للتنفيذ
الفكرة الجيدة هي التي تجعل حياتك أفضل
الفكرة الجيدة يمكن قياس نجاحها من خلال تأثيرها على حياة مبتكرها الشخصية، فإن جعلت حياته أفضل وأسهل وأكثر متعة فحينها هي فكرة ناجحة.
مع بلوغ جون فولي عقده الرابع بدأت فكرة العمل بشكل منفصل تراوده، «لست من الأشخاص الذي يحركهم غرورهم ولكن وصلت إلى مرحلة ما من حياتي حيث أردت أن يكون لي قصتي الخاصة وعملي الخاص ومسيرتي الخاصة».
جون وفولي زوجته كانا من عشاق بوتيك اللياقة البدنية، فهي اجتماعية وممتعة وتوفر للشخص الدروس الفعالة التي تعود عليه بالفائدة التي يسعى إليها. ولكن في الوقت عينه كان هناك عقبات تحول دون اكتمال هذه التجربة فهي مكلفة كما أنه يصعب حجز مكان في هذه الصفوف. ولأنه كان يسعى للعثور على مقاربات أسهل بدأت الفكرة تتبلور، فقام بعرضها على المحيطين به كي يرى ردات الفعل، فهو سيوفر ناديا رياضيا مع مدرب وصفوف للزبون الذي سيحصل على كل هذا دون أن يغادر منزله.
سيتم رفضكم من قبل الأفضل في المجال.. ولا بأس بذلك
أسوأ ما يمكن لأي رجل أعمال يؤسس لشركة جديدة أن يسمعه هو أن الفكرة التي تتمحور حولها شركته مريعة بكل ما للكلمة من معنى. ولكن هذا ما سمعه جون فولي مراراً وتكراراً، ليس من الأصدقاء وإنما من المستثمرين. غالبية المستثمرين لا يحبون الشركات التي تصنع أدواتها، فهذا يعني أنه يجب امتلاك المواد الأولية، ورأس المال الضخم والأمور اللوجستية المعقدة والمنهكة وعليه كانوا يرفضون الاستثمار في شركته ومساعدته على جعل حلمه واقعاً.
حتى الفترة التي قرر فيها فولي البدء بعمله لم تكن لصالحه، ففي الوقت الذي كان يحاول جمع المال من المستثمرين تم بيع إنستجرام ببليون دولار والكل بات مهووساً بفكرة استثمار ٧٥٠ ألف دولار في شركة ثم بيعها بعد أشهر ببليون. تطبيق سناب تشات كان أيضاً في رحلة نجاح ساحقة وعليه غالبية المستثمرين كانوا يسعون للاستثمار في مجالات مشابهة. عوّل فولي على قيام جوجل بالاستثمار في شركته وذلك لأنها في تلك الفترة كانت قد اشترت شركة «نست» ولكن ذلك لم يحصل وذلك لأنه كان هناك تخوف من صعوبة تطبيق وتنفيذ فكرة شركة «بلوتون».
لا تسمحوا للمثالية بأن تصبح عدو ما هو جيد
رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، قول الغالبية تجده ملهماً ولكن جون فولي يعتبره ناقصاً. فالرحلة تبدأ بخطوة ولكن إن كان الشخص يريد للخطوة الأولى أن تكون مثالية فهو لن يقدم عليها بل سيتجمد في مكانه الى الأبد.
الهوس بالمثالية يمكنه أن يفسد كل شيء، فمن أجل تحقيق النجاح على الشخص الحرص على إنجاز الأمور والمهام كل يوم، إن كانت النتيجة غير مثالية لا بأس بذلك، إذ يمكن العمل على جعلها أفضل في اليوم التالي. الفكرة هي العمل والإنجاز وعدم الخوف من القيام بالخطوة الأولى والثانية وحتى الثالثة، الهدف هو الانطلاق وخلال المسار يمكن الوصول الى المثالية.
من عالم المصارف إلى الفورمولا ون.. دروس من رحلة إدي جوردان نحو القمة
المصدر: ١