اجتماعات مجلس الإدارة الافتراضية.. مقاربات مبتكرة لتحقيق النتائج المطلوبة
أعضاء مجلس الإدارة في أي شركة كانت حالهم حال جميع العاملين حول العالم، فهم أيضاً أسرى تداعيات كوفيد ١٩ وبالتالي كان عليهم الخروج بحلول مبتكرة للتعامل مع الجائحة. وفي السياق نفسه، الصدمة الاقتصادية التي تردد صداها في كل أنحاء العالم جعلت الغالبية الساحقة من القرارات الاستراتيجية موضع إعادة بحث ونقاش ولكن من دون إمكانية اجتماع الأعضاء وجهاً لوجه لمناقشتها.
أعضاء مجلس الإدارة وجدوا أنفسهم أمام مهمة صعبة وهي دخول عالم الاجتماعات الافتراضية غير المألوفة بالنسبة إليهم والعمل تحت ضغوطات كبيرة جداً من أجل حماية الشركات من كارثة قد تكون حتمية في حال لم يتم التصرف بسرعة.
وفي الوقت الذي ما زال عدد كبير من أعضاء مجلس الإدارة في شركات مختلفة حول العالم يحاولون إيجاد المقاربة الصحيحة لمناقشة الأمور الأساسية، تمكنت شركات أخرى من التأقلم بسرعة كبيرة مع المتغيرات وحتى أنها خلصت إلى نتيجة هامة ومفاجئة في الوقت عينه وهي أن الإجتماعات الافتراضية لأعضاء مجلس الإدارة أفضل بأشواط وأكثر فعالية من الاجتماعات وجهاً لوجه.
وعلاوة على الفوائد الواضحة والمتمثلة بعدم السفر من مكان لآخر لحضور الاجتماعات هذه بالإضافة إلى ارتفاع عدد المشاركين بالإجتماعات فإن الانتقال إلى العالم الافتراضي مكن أعضاء مجلس الإدارة من تحسين الحوكمة والتعاون من خلال برامج عمل أقل كثافة من ذي قبل، ومناقشات أشمل وأكثر جرأة بالإضافة إلى تعامل أعضاء مجلس الإدارة مع اختصاصيين وخبراء من خارج الشركة.
الديناميكية المحركة لاجتماعات مجلس الإدارة الافتراضية أفضل بكثير مما هي على أرض الواقع وذلك لأن الجلوس في غرفة واحدة حول طاولة واحدة لا تمنح الجميع الفرص المتساوية للحديث وذلك لأن الأفضلية وبشكل دائم تكون للذين هم أقرب مسافة للشخص الذي يتحدث. بينما في العالم الافتراضي الجميع ينظر مباشرة إلى وجوه الآخرين ويتحدثون إليهم مباشرة وبالتالي النوعية هذه من التواصل مكنت أعضاء مجلس الإدارة من حسم القرارات بسلاسة وبسرعة أكبر.
شركة «إي باي» أقدمت مؤخراً على خطوة جريئة جداً وهي اختيار الأشخاص الذين سينضمون إلى مجلس الإدارة «أونلاين»، والمسار هذا الذي عادة يتطلب بين ٤ إلى ٦ أشهر تم تحقيقه بمدة زمنية أقل بكثير وذلك لأن اللقاءات الافتراضية سمحت للمجلس بالتعرف عن كثب على الأشخاص ومناقشة كل الأمور التي يجب مناقشتها.
ووفق رون شوغر عضو مجلس إدارة في شركات «أوبر» و«أبل» و«شيفرون» فإن أعضاء مجلس الإدارة ولسنوات رفضوا القيام باجتماعات افتراضية لأنهم لطالما اعتبروا أنه ليس بديلاً عن التواجد الفعلي ولكن كورونا أرغمهم على القيام بذلك وأثبت لهم بأنهم كانوا مخطئين تماماً.
حتى لا تضيع أموالك ...كيف يمكنك السيطرة على إنفاقك وتحديد ميزانيتك؟
تحضيرات مختلفة للاجتماعات
عادة وقبل الإجتماع يقوم أعضاء مجلس الإدارة بالاطلاع على الأمور التي سيتم طرحها وقراءة الملفات المتعلقة بكل ما سيتم مناقشته أو ما سيطرحونه هم شخصياً لا أكثر. المقاربة هذه يجب تبديلها بشكل كلي في حال كان الهدف نجاح اجتماعات أعضاء مجلس الإدارة الافتراضية. بطبيعة الحال هناك حاجة للاطلاع على ما تم ذكره أعلاه ولكن هناك بعض الأمور الأخرى التي يجب أن تضاف إلى عملية التحضيرات.
أعضاء مجلس الإدارة عليهم تشارك الملفات وتوفير الردود والقيام بمحادثات حول هذه النقطة أو تلك. المقاربة هذه تمنح جميع الأعضاء بالتفكير ملياً بكل الأمور التي ستطرح خلال الإجتماع وبالتالي الاجتماع الفعلي ستكون مدته الزمنية قصيرة نسيياً، كما أنه سيكون مباشراً وواضحاً والتركيز كله سيكون على الأمور الأساسية.
وبطبيعة الحال بما أنه لا داعي للتنقل أو السفر للمشاركة بالاجتماعات فإن الوقت الإضافي هذا يمكن استغلاله للقيام بهذه التحضيرات.
أجندات مختصرة
الأجندات والبرامج التي كان قد تم وضعها للاجتماعات التي ستتم على أرض الواقع لا مكان لها في العالم الإفتراضي. يجب شطب كل النقاط غير الهامة أو تلك التي لا تعتبر أساسية وضرورية لمناقشة ما تم تحديده. التخلص من كل ما هو غير هام للتعاون والإشراف من شأنه أن يجعل التركيز كله ينحصر في نقطة أو نقاط محددة وبالتالي يختصر الوقت ويسمح باتخاذ القرارات الحاسمة.
بشكل عام اجتماعات أعضاء مجلس الإدارة الافتراضية خصوصاً خلال هذه الفترة يجب أن تركز على المسؤولية الائتمانية والقرارات التي يجب اتخاذها والتي تتعلق بهذه النقطة الأساسية فقط. أي تحديثات أخرى يمكن إرسالها عبر البريد الإلكتروني لأن الهدف كما سبق وذكرنا هو تقليص مدة الاجتماعات وجعل التركيز كله يتمحور حول المسؤولية الائتمانية والقرارات الائتمانية.
ولكن ما يجب وضعه بالحسبان هو أن الاجتماعات الافتراضية تحفز مشاعر الإنهاك بشكل سريع لذلك يجب بناء أجندة العمل بحيث تتضمن فترات راحة كما يجب أن يتم العمل من قبل الفريق التنفيذي على اختصار مدة أي عرض سيتم تقديمه. عروض الأرقام والنسب والأرباح والخسائر وغيرها من الأمور والتي كانت عادة تستغرق بحدها الأدنى ٤٥ دقيقة لا مكان لها في العالم الافتراضي. الفريق التنفيذي عليه أن يجد الحلول لاختصار الوقت ولجعل المعلومات التي ستعرض واضحة.
فترات الراحة يجب أن تكون عديدة ويمكن أن يتم منح أعضاء مجلس الإدارة ١٥ دقيقة راحة أو ٢٠ دقيقة كل ٩٠ دقيقة.
دراسة: العمل من المنزل يزيد الإنتاجية ويقلل الضغط على العاملين
توزيع الجلسات على أسبوع أو أسبوعين
بشكل عام جلسات الاستراتيجية الخاصة بالشركة تمتد لثلاثة أيام ولكن اعتماد المدة الزمنية نفسها خلال اجتماعات مجلس الإدارة الافتراضي مستحيل. من الخيارات المطروحة والتي اعتمدتها كبرى الشركات حول العالم هو جلسة واحدة مدتها ساعة ونصف أو ساعتان أسبوعياً لمدة شهر. وفي الواقع الشركات التي اعتمدت المقاربة هذه وجدت أن الاجتماعات هذه كانت منتجة بشكل أكبر بكثير مما كانت عليه سابقاً.
عندما يتم توزيع الأجندة على سلسلة من الاجتماعات فإن أعضاء مجلس الإدارة سيقومون بطرح الأسئلة الأساسية والمحورية في الجلسة الأولى وخلال الجلسات اللاحقة سيتم مناقشة ما تم طرحه بالإضافة الى أن المقاربة هذه تمنح الجميع الفرصة لجمع المعلومات الضرورية وللازمة لحسم القرارات بشكل دقيق وموضوعي.
بناء الثقة
من المتطلبات الأساسية للحوكمة الناجحة هي بناء الثقة والألفة بين الأعضاء. الألفة عادة يتم تكوينها بين الأعضاء خلال حفلات العشاء التي تقام خلال اللقاءات الدورية أو خلال فترات الراحة حيث يتناولون القهوة معاً.
يمكن نقل هذه اللحظات الى العالم الإفتراضي وخلق الألفة بينهم. على سبيل المثال شركة «فيرازي غرين لايت» قامت بتصميم عدد من التمارين التي أثبتت نجاحها مع شركات «فورتشن ١٠٠». واحد من هذه التمارين هو قيام أعضاء مجلس الإدارة بذكر أمر ما جيد يحصل في حياتهم حالياً وآخر سيئ. عادة يتم البدء مع عضو مجلس يكون الأكثر انفتاحاً وبالتالي لن يتردد قبل الحديث وهذا ما يشجع الآخرين.
ولكن بعض الشركات قد لا تحبذ اعتماد هكذا نوعية من التمارين، ولا بأس بذلك إذ يمكن نقل الفكرة نفسها لمجالات أخرى. يمكن جعل الحديث يتمحور حول الصراعات الحالية المهنية والشخصية. الغاية هنا خلق الألفة بين أعضاء مجلس الإدارة خصوصاً الجدد، لذلك يمكن منحهم الأسئلة هذه قبل «جلسة الثقة» كي يشعروا بالراحة الكافية للحديث.
غرف للاجتماعات المصغرة
تطبيق «زووم» الذي تعتمده الغالبية الساحقة من الشركات مؤخراً يملك خيار «برايك أوت روم» والذي يسمح بتوزيع الأشخاص على غرف منفصلة. اعتماد التقنية هذه مفيد جداً خصوصاً للنقاشات التي تتطلب الصراحة المطلقة والتي بشكل عام قد تتمحور حول تطبيق الأفكار الجديدة. التوزيع هنا يتم وفق الشخص الذي يجب مناقشة الفكرة معه، أي لو كان الأمر يتمحور حول فكرة جديدة يتم طرحها حينها النقاش المصغر هذا سيتمحور حول الأمور الأساسية والتي هي المخاطر التي يجب وضعها بالحسبان، الموارد التي قد يحتاج إليها الشخص، الممارسات الأفضل التي تؤدي الى النجاح أو قد تكون هذه المناقشات عبارة عن الحديث عن الأمور التي يجب الحديث عنها ولم يتم قولها خلال الإجتماع الموسع.
عدد الأشخاص في الغرف المنفصلة هذه لا يجب أن يتجاوز الثلاثة أشخاص كما أن مدة المناقشات يجب أن تتراوح بين ١٠ و٣٠ دقيقة. إعتماد هذه الألية يعني مناقشات معمقة وفرصة للجميع للحديث مع بعضهم البعض.
لاحقاً وبعد انتهاء هذه الاجتماعات المصغرة يتم عرض تقرير عام لكل الأمور التي تم التوصل إليها في هذه الاجتماعات، وهكذا يكون الجميع على اطلاع على ما حصل.
المصدر: ١