كيف يمكنك تفويض المهام للعاملين معك بطريقة ناجحة؟
يقول ستيف جوبز المؤسس الشريك لشركة آبل: "إن اتّخاذ القرار بشأن ما لا يجب فعله، لا يقل أهمية عن تقرير ما يجب فعله"، وهذا الأمر هام جدًا بإسقاطه على الواقع، فكونك مديرا لعدد من الأفراد يعني وجود العديد من المهام التي ينبغي عليك القيام بها يوميًا، ويجب أن يكون لديك القدرة على تفويض المهام للعاملين معك حتى يكون بإمكانك التركيز على المهام الأكثر أهمية في الشركة.
قبل أن تبدأ عملية تفويض المهام.. هل أنت مستعد لذلك؟
على الرغم من أهمية تفويض المهام في نجاح العمل، إلّا أن تنفيذه ليس سهلًا على بعض المديرين، للعديد من الأسباب، إمّا لعوامل متعلّقة بسير العمل أو لخوف المدير من عدم كفاءة الآخرين في تنفيذ المهام عندما يتم تفويضهم لأدائها، لذلك من المهم وضع بعض الأساسيات التي يمكن أن تساعد في تسهيل عملية تفويض المهام داخل الشركة.
- ضع نظامًا لسير العمل في الشركة
يظن البعض أن فشل عملية تفويض المهام للآخرين يعود بالأساس لنقص في إمكانياتهم، ولكن في الحقيقة في الكثير من الأحيان يتعلّق الأمر بعدم فهم العاملين لسير العمل بشكلٍ عام داخل الشركة، وطريقة تنفيذ المهام المختلفة.
وبالتالي عندما يُفوض لأداء مهمة جديدة، فإنّه يقضي الكثير من الوقت في فهم المطلوب تنفيذه.
لذلك من المهم أن يتم وضع نظام لسير العمل داخل الشركة، يكون موضحًا فيه تفاصيل عن المهام التي يتم تأديتها داخل كل قسم في الشركة، وكذلك مناطق اللقاء والتعاون بين الأقسام المختلفة.
يؤدي الفهم الكامل لهذه التفاصيل إلى تسهيل عملية تفويض المهام مستقبلًا، فالعامل لن يحتاج إلى الكثير من الوقت لإدراك طبيعة العمل المطلوب إنجازه.
- وضّح أن تفويض المهام هي طريقة تعلّم
لا يُفضل الكثير من الأشخاص أن تسند إليه مهام قد تكون إضافية على عمله، وفي الواقع فإن أغلب المديرين يهتم مباشرةً بذكر تفاصيل المهام المطلوب إنجازها دون أي توضيح آخر.
يطرح المؤلف سيمون سينك في نظرية الدائرة الذهبية أن هناك ثلاثة مستويات من التوجيه في أداء أي عمل، تبدأ بماذا يجب فعله؟ ثم كيف يمكن فعله؟ وختامًا لماذا يجب فعله؟
فبينما يركّز أغلب المديرين على مستوى ما يجب فعله وكيفية تنفيذه، فإن القادة الملهمين يركزون دائمًا على السبب، حيث إنّ إدراك الشخص للمطلوب منه وهدفه، يجعله أكثر فهمًا وقبولًا للتنفيذ.
وبالتالي يجب دائمًا توضيح أن تفويض المهام هي طريقة لتعليم الموظفين مهارات جديدة ستفيدهم في الشركة، لا سيّما عندما تتعلّق المهام بشيء يخص مستوى أعلى وظيفيًا.
وإذا كان بالإمكان إضافة مقابل مادي على هذه المهام، فإنّ هذا يزيد من تحفيز الموظفين وقابليتهم لقبول المهمة وتنفيذها بكفاءة.
- ابدأ في الثقة بالعاملين معك
من العوائق الرئيسية التي تمنع المديرين عن تفويض المهام للآخرين هي شعورهم بعدم الثقة في قدرتهم على تنفيذها كما كانوا هم سيفعلونها، ولكن هذا الشعور على رغم من صعوبته فهو يحتاج إلى مقاومته والتغلّب عليه.
من المهم أن تكون قادرًا على الثقة في العاملين معك، وفهم أنّهم يتعلمون كيفية تحسين أدائهم مع الوقت، فمع التجربة تزداد قدرتهم على تنفيذ هذه المهام الإضافية، بينما إذا لم يتم تفويضهم أبدًا فإن مهاراتهم ستظل كما هي، وبالتأكيد في لحظةٍ ما ستحتاج للمساعدة في مهام معينة، وقتها ستصطدم بنقص المهارات لدى موظفيك.
يمكنك التحكم في هذا الشعور من خلال تقديم الدعم والتوجيه دائمًا أثناء عملية التفويض، فهذا ما يضمن لك سير العمل بالشكل المطلوب، كما أنّه يجعل العاملين معك يشعرون بدعمك، فتزداد الكفاءة في التنفيذ.
أربع مراحل تساعدك في تفويض المهام للعاملين معك
المرحلة الأولى: تقييم المهام
يوميًا توجد العديد من المهام التي تقوم بها، ولذلك فإن أول خطوة يجب عليك التفكير فيها هي المهام التي يمكنك تفويضها للآخرين، حتى تركّز أنت على المهام التي لا بديل لك فيها.
في هذه الحالة عليك أن تفكّر في أهمية كل مهمة بالنسبة لك، والوقت الذي تستغرقه عملية التنفيذ، والمهارات اللازمة للقيام بهذه المهام بنجاح.
بناءً على التقييم سيكون بإمكانك التفكير في الأشخاص الذين سيكون في مقدرتهم القيام بها بدلًا منك، فأحيانًا قد لا تجد الأشخاص المناسبين لأداء بعض الوظائف، فتضطر إلى تنفيذها بنفسك، وقد تجد العدد من الأشخاص المناسبين لوظيفة معينة، فتبدأ في الاختيار بينهم.
عند الانتهاء من المرحلة الأولى، ستكون قد عرفت المهام التي سيتم تفويضها، وكذلك وقع الاختيار على الأشخاص الذين سيقومون بالتنفيذ.
المرحلة الثانية: إبلاغ الشخص المفوّض بالتنفيذ
حيث إنّ تفويض المهام سيكون وسيلة مهمة للتعلّم، فالمرحلة الثانية تبدأ بإبلاغ الشخص المفوّض بالمهام المطلوبة منه، وشرح الأسباب التي تم اختياره بناءً عليها للقيام بالمهمة.
في بعض الأحيان من المهم أن يتم توضيح هذا الأمر لجميع العاملين، وذلك لاحتمالية التعاون مع الغير في التنفيذ فيكون المعنيون بالأمر على دراية بما سيحدث، وأيضًا لمنع حدوث مشاكل داخلية بين الأفراد نتيجة لشعور البعض بالضيق لعدم فهمه سر اختيار الشخص المفوّض بالمهمة دونًا عن غيره في الشركة، فيتم الرد على التساؤل قبل أن تظهر أي مشكلة.
يجب أن تقوم بتوضيح المهام المطلوبة من الشخص بالضبط وطريقة تنفيذها، فبدلًا من الاكتفاء بذكر المهمة، يتم تحديد الخطوات اللازم اتّباعها، من لحظة الانطلاق حتى لحظة التسليم، بالطبع مع توضيح مستوى السلطة التي سيملكها أثناء المهمة، فهل فقط مطلوب منه التطبيق الحرفي للخطوات، أم سيكون لديه بعض السلطات التي تمنحه القوة لاتّخاذ قرارات أثناء التنفيذ.
في بعض الأحيان قد يكون مستوى السلطة في المهمة مطلق، وكأنّ الشخص قد أصبح في موضع المدير كليًا، ولديه جميع الصلاحيات التي للمدير داخل العمل حتى الانتهاء من المهمة.
لذلك ومع اختلاف مستوى السلطة والخطوات التي سيتم اتّباعها، فمن المهم تحديد الناتج النهائي المتوقع تحقيقه من المهمة، فهذا هو الهدف الأساسي من التفويض أيًا ما تكون طريقة التنفيذ.
المرحلة الثالثة: متابعة التنفيذ
بعد الانتهاء من تفويض المهام للشخص، سيبدأ في التنفيذ الفعلي خلال الفترة الزمنية المحددة له، وهنا تأتي المرحلة الثالثة حيث متابعة التنفيذ، سواءً عن قرب في كل التفاصيل التي سيقوم بها الشخص، أو الاكتفاء بتقرير بسيط عمّا تم إنجازه من وقت لآخر.
من المهم أن يتم تقسيم عملية التنفيذ إلى جدول زمني، ويتم تقسيم الوقت المتاح على كل الخطوات، بحيث تكون المتابعة مع كل خطوة بدلًا من الانتظار حتى النهاية.
لا بد وأن تقوم بتقديم التوجيه المناسب للشخص أثناء تنفيذ المهمة، مع إظهار كامل الدعم والتشجيع له، فهذا يحفزه أكثر للاستمرار في أداء المهمة بنجاح.
المرحلة الرابعة: التقييم
لا ينتهي دورك عند استلام المهام من الأشخاص المفوضين بتنفيذها، بل إنّ المرحلة الرابعة قد تكون أهم مراحل تفويض المهام للآخرين، ألا وهي تقييم الأداء.
يجب أن تجتمع مع الشخص ومناقشة ما تم تنفيذه بالفعل، والتطرق إلى الإيجابيات والسلبيات التي ظهرت، مع مدح التصرفات الجيدة التي قام بها، وتوضيح كيف يمكن إصلاح العيوب التي ظهرت في المرات القادمة.
فالمدير الجيد يتعامل مع تفويض المهام على أنّها عملية تأثير في الآخرين، لا مجرد مهام بسيطة يتم تنفيذها، بل هي فرصة جيدة لتطوير العاملين معه، وهذا يجعلهم يشعرون بأنّهم يتعلّمون المزيد من الأشياء داخل بيئة العمل. لذلك يجب أن تهتم باكتساب مهارة تفويض المهام للعاملين معك، وأن تكون حريصًا دائمًا على دعمهم ومساعدتهم لتحسين الأداء بمختلف الأشكال في العمل، فهذا يمكن أن يزرع لديهم ولاءً للشركة، ويجعلهم يؤمنون بأنّك المدير الأفضل على الإطلاق.
المصادر:
6- سيمون سينك "مقال من المجلة وتمت إضافته في موضعه عند ذكر سيمون سينيك"
7- ستيف جوبز "مجال من المجلة وتم إضافته في موضعه عند ذكر ستيف جوبز"