رائد الأعمال وائل طيب: التحديات والانتقال أجمل ما في العمل الإعلامي
• ريادة الأعمال لا تكون برأس مال قليل.. هذا من ضرب الجنون، فأي عمل يحتاج رأس مال جيد
• دخلنا السوق بعد أن وضعنا يدنا على مشكلة حقيقية في المحتوى، فما يقدم هو إعلانات تسويقية وليس محتوى إعلامياً
• في سنة التخرج قررت تحويل مسار الدراسة الأكاديمية من الإنجليزية إلى صحافة وإعلام ورفض طلبي
• 200 ألف متابعة في أول تجربة وتقرير إخباري أطلقته على "حجازيات"
• 500 ألف ريال مجمل رأس مال "حبكة" وعصارة خبرتي ومسيرتي الإعلامية
• الإنتاج الإعلامي والسينمائي لا يزال بعيداً عن حاضنات الأعمال
• أدعو المستثمرين والدولة لدعم الإنتاج السينمائي بكل جرأة لتخرج السعودية إلى العالم بصورتها الجديدة
• علينا أن نكون أرضية استثمارية تضخ مبالغ في صناعة الإنتاج السينمائية
الاسم: وائل حسن عبد العزيز طيب
تاريخ ومكان الميلاد: 1985 – مدينة الخبر شرق السعودية. وفي السادسة انتقل مع والدته إلى مكة المكرمة
الدراسة: قسم اللغة الإنجليزية جامعة أم القرى
المهنة: إعلامي ومؤسس والرئيس التنفيذي لمؤسسة "حبكة" الإعلامية
الاهتمامات: الإعلام والإنتاج السينمائي
عشق صناعة المحتوى من صغره، ما جعله يرسم طريقه بكل احترافية، مطارداً حلمه ومتجاوزاً كل العقبات، حقق حضوراً لافتاً في صناعة المحتوى على موقع "يوتيوب"، فتسابقت على اختطافه القنوات التلفزيونية، فأصبح ضمن فريق برنامج "الثامنة"، مع الإعلامي داوود الشريان.
ولكن طموح الإعلامي ورائد الأعمال وائل طيب، لم يعرف حدوداً، فقرر بناء مشروعه الخاص ليحمل أفكاره وتطلعاته وبصماته، فأسس الشبكة المفتوحة التي تغير اسمها، بعد ذلك، لتصبح "حبكة" واضعاً فيها عصارة خبرته وتجاربه في عالم الإعلام.
مجلة "الرجل" التقت وائل طيب، في حوار تناول أهم العقبات التي واجهته، وتناول رؤيته للعمل الإعلامي الريادي، فهو يدرك بأن الشغف يصنع المستحيل، ولا يرى نهضة حقيقية للإعلام دون محترفين، دون عشاق حقيقيين للمهنة، ويدعو المستثمرين والدولة إلى دعم صناعة السينما بكل جرأة.
ولد في مدينة الخبر بالمنطقة الشرقية، إلا أن انفصال والديه، وعودة أمه إلى مكة المكرمة، جعله ينشأ بين أزقتها، ويتربى مع أهلها، يعود طيب إلى تلك المرحلة ليقول "انتقلت إلى مكة المكرمة مع والدتي، في عمر الخمس أو الست سنوات، نشأت بين أهلها، وطيبها، ورائحة مسكها وعنبرها، حتى أنهيت تعليمي في جامعة أم القرى، قسم اللغة الإنجليزية، وتخرجت عام 2009. وكان من المفترض أن اعمل إما في مجال الترجمة في إحدى الشركات الخاصة، أو الانخراط في السلك التعليمي، لأكون معلم لغة إنجليزية".
لكن شغف وائل، كان في مكان آخر، يقول "إلا أن عشقي للإعلام أخذني في طريق مختلف تماماً، وأتذكر أن هذا العشق بدأ معي منذ المرحلة الابتدائية، حيث إن الاهتمام بهذا المجال قديماً كان لافتاً. وأذكر أن الأستاذ محمد الغامدي، في المرحلة الابتدائية، هو من زرع البذرة في داخلي، فقد كان مهتماً بالإعلام والمسرح، فكثيراً ما كان يسجل لنا أصواتنا، ونعمل فقرات متنوعة، فضلاً عن المسرحيات التي يصورها بنظام "الفيديو" والتصوير الفوتوغرافي".
ورغم كل هذا الارتباط مع حلم حياته، فإن طيب لم يستطع دراسة الإعلام والتخصص، لأن الجامعة لم تكن في ذلك الوقت قد افتتحت قسم الصحافة والإعلام، وفي الوقت نفسه، لم يستطع التوجه إلى جامعة الملك عبد العزيز لدراسة هذا القسم، إرضاء لوالدته بعدم البعد عنها.
أمام هذه المعادلة الصعبة، تابع مساره في تعلم اللغة الإنجليزية والأدب والمسرحيات الشكسبيرية، فوجد بأن هذا التخصص يقترب به أكثر من حلمه، يوضح بالقول:" خلال الدراسة للأدب الإنجليزي كان علينا قراءة الرواية ومشاهدة الفيلم الخاص بها، للتعامل معها بنظرة نقدية أدبية معمّقة، ولمدة خمس سنوات كان لدينا كثير من المهام على هذا النحو".
وعادت الفرصة من جديد حين وصل للسنة الخامسة، حيث افتُتح قسم صحافة وإعلام، في جامعته أم القرى، يقول "كنت حينها على وشك التخرج، لكني قررت تحويل المسار التعليمي من اللغة الإنجليزية إلى الإعلام، ولكن للأسف رُفض طلبي، كوني على وشك الانتهاء من الدراسة".
وللمرة الثانية يبتعد طيب عن هدفه، غير مدرك أن المستقبل كان يخبّئ له ما ليس في الحسبان، فمع القليل من الاجتهاد بدأ نجمه يلمع في فضاء الإعلام.
"يوتيوب" حول مساري
"الشغف يصنع المعجزات" يعتقد طيب بأن هذه الجملة تعبر عنه جملة وتفصيلاً، لقد قرر وبجهوده الذاتية، أن يتعلم صناعة المحتوى وتسجيل الفيديوهات، والأفلام القصيرة، في وقت لم يكن قد لمع نجم "يوتيوب"، ولا حتى وسائل التواصل. بدأ التحدي منذ عام 2005، عبر المنتديات، من حيث تكوين اللقطات، وعمل المونتاج، وبلورة الأصوات، فكان يقرأ ويطبق، ولاحظ أنه يقوم بالعمل بسهولة وإتقان، ما دفعه لعمل أول فيديو بكل ما تعلمه من تقنيات، وعرضه على أصدقائه فأعجبوا به.
يروي طيب أنه من شدة الحماسة، توجه إلى التلفزيون السعودي، وطلب أن يعرضه على الشاشة، ولكن للأسف لم يجد أي تجاوب. فتوجه إلى قسم الإعلام في الجامعة، وتم التعامل مع المشروع بشكل أكاديمي لم يرض طيب؛ يوضح "كنت أريد أن أسترشد برأي المختصين، ولكن للأسف لم أجد ما يشبع فضولي، حتى حدثني صديق لي عن "يوتيوب"، وكان قد بدأ بالظهور، حينها أسست قناة تحت مسمى "حجازيات"، وبالفعل بدأت في بثّ محتوى مختلف، ووجدت تجاوباً ومتابعة جميلة ومشجعة. وأذكر أن أول تقرير إخباري تم بثّه حصد نحو 200 ألف متابعة. ومن ثم كوّنت فريق عمل متطوعاً وموهوباً، وباتت من القنوات "يوتيوب" المتابعة جداً".
بدايات وتقلبات
في عام 2009 تخرج وائل طيب في الجامعة، وكانت قناة "يوتيوب" آخذة في الشهرة، ما دفع بالتليفزيون السعودي إلى التواصل معه، وعدد من الصحف السعودية كان من أهمها "الوطن".
عام 2011، كانت نقطة البداية في الإعلام الرقمي، وكانت الخطة ابتعاث 15 شخصاً إلى بريطانيا لدراسة الصحافة الرقمية، وعلى الرغم من أن وائل لم يستطع السفر مع المجموعة، فإنه أكمل مسيرته، ولكن داخل السعودية، وتلقى تدريبه في بلاط الصحيفة في جدة.
انتقل بعد أقل من عام، للعمل مدرساً للغة الإنجليزية في إحدى المدارس الحكومية، ولكنه لم يكمل عامه الأول، بسبب شغفه بالعمل الصحافي، ما دفعه لترك التعليم. وفي هذه الفترة كان طيب يعاني الكثير من التقلبات في القناة، لأنها لم تكن تحت مظلة رسمية، وكل ما يعرض بمجهودات فردية منه، ومن الفريق الذي قل عدده، واختلف نظامه، بسبب ظروف الحياة، لتلفظ القناة أنفاسها الأخيرة، وتغلق أبوابها مع بزوغ عرض جديد.
العمل ضمن فريق mbc
تلقى وائل طيب اتصالاً، من مجموعة "mbc"، للعمل ضمن فريق برنامج "الثامنة مع داوود"، وكان البرنامج قد حقق نجاحاً حيث تناول قضايا الشأن الداخلي والمجتمعي السعودي، وتم التواصل هذا، بناء على متابعة قناة "حجازيات" ومحتواها الذي قدمه الطيب في تلك الآونة. وقال وائل لمجلة "الرجل" "عندما قدم لي العرض لم أستطع رفضه، خصوصاً أن المجموعة قوية جداً، والبرنامج بالفعل حقق صدى واسعاً في السعودية وكثير من الدول العربية".
عمل الطيب في البرنامج مراسلاً ومعداً، له من جدة والرياض، فضلاً عن أن هذا العمل فتح له المجال للانضمام لفريق "صباح الخير ياعرب"، و"نشرة التاسعة"، و"mbc في أسبوع"، واستمر في المجموعة عامين متواصلين، حقق فيهما الكثير من الطموح، بين إعداد، ومونتاج وتصوير وغيرها من متطلبات العمل الصحافي التلفزيوني.
ولادة مشروعه الخاص
بعد هذه الرحلة في عوالم الإعلام، شعر طيب أنه أصبح يمتلك العدة والعتاد، فهو صاحب خبرة تليفزيونية، وصحافية، وإعلامية، لديه جمهوره الخاص، ورؤيته المهنية التي رسمها خلال الفترة الماضية، ما جعله يشرع في وضع أول لبنات مؤسسته الخاصة في الإنتاج المرئي والمسموع. وانطلق العمل والبحث عن الفريق والتأسيس واستخراج الأوراق الرسمية، منذ عام 2017، حتى أطلقها عام 2018، برأس مال يقارب 500 ألف ريال، مؤسسة فردية.
يطمح طيب إلى أن تتحول مؤسسته الخاصة إلى مساهمة ويردف "أطلقت المؤسسة في البداية، تحت اسم "الشبكة المفتوحة"، ومن ثم تغيرت إلى "حبكة للإنتاج الإعلامي". ولم يكن التأسيس بهذه السهولة، حيث إن من يقول أن ريادة الأعمال ممكن أن تكون بأي رأس مال، مهما كان قليلاً، هذا من ضرب الجنون، فأي عمل يحتاج إلى رأس مال جيد، لأنك في النهاية تحتاج إلى كثير من المعدات، والتجهيزات لدفع هذه المؤسسة للعمل مهما كان نشاطها".
يرى طيب أن مجال الإنتاج الإعلامي لا يزال بعيداً عن حاضنات الأعمال، أو حتى الورش التدريبية، وبالرغم من كل الخبرة التي ألمّ بها، فإنه عندما قرر الدخول في "العمل" واجه كثيراً من الإخفاقات، سواء أخطاء لم ينتبه لها، مثل الاسم الذي اختاره في البدايات، أو من ناحية مسرّعات الأعمال والحاضنات التي لم تستثمر أو تجرب الاستثمار في الإنتاج المرئي والمسموع، ومن ثمّ تبقى مجهودات فردية بين نجاح وفشل.
وعن المؤسسة قال "دخلنا السوق بعد أن وضعنا يدنا على مشكلة حقيقة في المحتوى الذي يقدم، عبر وسائل التواصل، خصوصاً من الجهات الحكومية، حيث إن ما يقدم هو إعلانات تسويقية، وليس محتوى إعلامياً، من هذا المنطلق قررت أن نهتمّ بكل ما هو صوتيّ ومرئيّ، من حيث التسجيلات، والفيديوهات، ومحتوى على وسائل التواصل أيضاً".
ويلفت طيب إلى أن القطاعات العاملة، عادة ما تلجأ إلى العاملين في المجال متعاونين بدون أن تكون لديهم أي خبرة طويلة، أو مرجع ودراسة ما أفقد شركات الإنتاج الإعلامي قيمتها. مطالباً الجهات الحكومية والقطاع الخاص بأن "يعطوا الخبز لخبازه".
ادعموا الإنتاج السينمائي
وعن أبرز أعمال "حبكة"، يقول طيب إنه فيلم قصير تحت عنوان "قصة فنان"، إلا أنه لم ير النور بعد لصعوبات عدة، يسردها "لا نزال نعاني مشكلات إنتاجية، خصوصاً من ناحية الإعلانات والدعم المادي، فالتجربة الإنتاجية داخل السعودية ومع كل الخطوات الجبارة الأخيرة، لاتزال بين نجاح وفشل ومجهودات شخصية، على الرغم من أن هذا النوع من الصناعة سيفتح أبواباً وظيفية لكثير من الشباب، فضلاً عن أنه يحقق ربحية مادية عالية، في حال تم العمل بشكل صحيح".
لذلك يرى الطيب أن على المستثمرين والدولة، أن تدعم قطاع الإنتاج السينمائي بكل جرأة، كما في الدول المتقدمة، لتتحقق القوة وتخرج السعودية إلى العالم بصورتها الجديدة، وتتكون أرضية استثمارية تضخّ مبالغ في صناعة الإنتاج السينمائية.
برامج تدريب
يكشف الإعلامي طيب، بأن مؤسسته "حبكة"، لم تقتصر على إنتاج الأفلام القصيرة فقط، فقد تفرعت إلى البرامج التليفزيونية، وإدارة مواقع التواصل الإعلامية، وصناعة المحتوى.
ويعمل حالياً على وضع أولى لبناته في المجال التدريبي، ورسم الخطط التدريبية لخريجي أقسام الإعلام، وكل من يريد اكتساب خبرة حقيقية في هذا المجال، سواء الإنتاج السينمائي، أو العمل الإعلامي.