كيف تدفع المتاجر الأشخاص حول العالم نحو التسوق والشراء؟| إنفوجراف
هل سبق لك أن دخلت إلى متجر البقالة (وحدة البيع بالتجزئة - Super Market) لشراء علبة حليب وبعض ثمار الباذنجان لكنك خرجت منه مع عربة مليئة بالوجبات الخفيفة والأشياء غير المخطط لشرائها؟ نعم، لقد حدث ذلك لنا جميعًا، وليس من قبيل الصدفة من جانب المتجر. هذا ما يؤكده لنا «باكو أندرهيل - Paco Underhill»، خبير قطاع البيع بالتجزئة، في كتابه الهام «لماذا نشتري - علم التسوق - why we buy - the science of shopping».
الحقيقة البسيطة، أن التسوق في وحدات البيع بالتجزئة ومتاجر البقالة ليس - ولم يكن أبدًا - بهذه البساطة التي قد تتخيلها، سواء كنت تتسوق لنفسك وبمفردك ولأول مرة، أو كنت تتسوق لعائلة مكونة من ثمانية أفراد طيلة 20 عاما مضت، حيث تنفق تلك المتاجر ومراكز التسوق الملايين على الحيل التكتيكية؛ لجعلك تتسوق أكثروتنفق المزيد من المال داخل أروقتها.
فبحسب «أندرهيل» تم تصميم وتنظيم هذه المتاجر وفقًا لاستراتيجيات تجعلك تشتري أكثر لتنفق أكثر. وهي النقطة الأساسية التي انطلق من خلالها الأمريكي «سيلفان غولدمان - Sylvan Goldman» نحو فكرة اختراع «عربة التسوق» عام 1936، بعدما أراد أن يجعل التسوق سهلاً أمام الزبون لينفق أكثر داخل متجره.
سيلفان غولدمان مبتكر عربة التسوق
أصول علم نفس المستهلك
في الأصل، يدرك القائمون على مراكز التسوق ومتاجر البقالة الضخمة، أن التسوق الذكي لمشترياتك يبدأ قبل أن تصل إلى مدخل المتجر، حيث تتم عملية الشراء مسبقًا في ذهن المتسوق/المستهلك قبل فترة طويلة من فتح محفظته لدفع الفاتورة؛ لذا فإن فهم ما يريده المتسوقون هو نصف المعركة في تحقيق نجاح دائم في قطاع البيع بالتجزئة.
ولهذا يتم تكليف نفسية المستهلك أو دراسة «سلوك المستهلك - Consumer Behavior» بتحديد ما يريد المستهلك شراءه، والأهم من ذلك، لماذا يريد شراءه، وما الذي يمكن أن يجعل عربة التسوق مهجورة أو فارغة المشتريات؛ وذلك بغرض تحفيز رحلة المستهلك داخل المتجر أو السوبر ماركت من أجل زيادة المبيعات وبالتالي تحقيق ربح أكبر.
يكمن المبدأ الأساسي لـ «علم النفس الاستهلاكي - Consumer Psychology» في دراسة السلوك، أو الطرق التي يمكن أن تؤثر بها العوامل الخارجية على قرارات الشراء الخاصة بالفرد وتحفزه وتدفعه نحو سلوك شرائي معين، حيث ينظر علم «سلوك المستهلك» في كيفية اختيار الأفراد للمنتجات والخدمات واستخدامها. يمكن أن يكون فهم المستهلك بشكل كلي هو مفتاح النجاح للشركات التجارية ومنها سلاسل البيع بالتجزئة.
تُعد دراسة نفسية المتسوق مجالا رائعا ومهما جيدًا لذوي الخبرة في مجال التسويق، على الأقل فيما يتعلق بمبيعات التجزئة التقليدية في العالم الحقيقي، أو حتى من قبل الأشخاص العاديين.
ولقد كان الأمريكي «جون ب. واتسون - John B. Watson» صاحب الفضل على المتاجر، كونه رائد دراسة سلوك المستهلك ونفسيته في النصف الأول من القرن العشرين، فمع بدء تأكيد النتائج الواقعية لأبحاثه ونظرياته، نمت دراسة علم نفس المستهلك.
جون ب. واتسون رائد دراسات علم نفسك المستهلك
اليوم، يتم استخدام «علم نفس المستهلك» لتحقيق تأثير كبير من قبل العلامات التجارية المعروفة عبر جميع أنواع القطاعات والصناعات، بما في ذلك سلسلة متاجر Wal-Mart و Carrefour و Ikea، وغيرها. ومن ناحية أخرى، بدأ تطبيق المبادئ النفسية وسلوكيات المستهلكين على مبيعات التجزئة عبر الإنترنت في الازدهار بشكل كبير على مدار العقد الماضي. حيث يتم استخدام علم نفس المستهلك على نطاق واسع من قبل العلامات التجارية الكبرى على الإنترنت مثل شبكة Netflix، التي توظف علماء النفس في قسم رؤى المستهلك للمساعدة في تعزيز أرقام المشاهدين وتمديد أوقات المشاهدة.
لماذا نشتري؟
إن دمج نفسية المستهلك في نماذج الأعمال التجارية لوحدات البيع بالتجزئة في العالم الحقيقي بهدف إدارة رحلة المستهلك والمشتري في كل أروقة المتجر هو شيء تشهده كل يوم تقريبًا، وفرع المتجر القريب منك هو مكان رائع للبحث عن أمثلة تطبيقية لعلم النفس المستهلك في مجال البيع بالتجزئة.
فإذا كنت تعتقد أن محلات البقالة تلعب الحيل عليك، فهي في الحقيقة كذلك. فقد تم تصميم متاجر السوبر ماركت بدقة شديدة الذكاء باستخدام تكتيكات مختارة بعناية باتباع أساليب علم نفس المستهلك، تجعلك تنفق المزيد من المال.
غلاف كتاب «لماذا نشتري»
يؤكد لنا «باكو أندرهيل - Paco Underhill»، خبير قطاع البيع بالتجزئة، وأحد أبرز المهتمين بـ «أنتروبولوجيا التسويق - Shopping Anthropology»، وهي مدرسة فكرية تمزج بين أبحاث السوق والعلوم السلوكية، على أن الأمر كله يتعلق بالطبيعة البشرية،أو دراسة كيفية يتصرف الأشخاص داخل بيئة البيع بالتجزئة.
مدير اكبر موقع عالمي للتسوق الالكتروني: النظر مطولا الى المرآة قبل الشراء اصبح من الماضي
وله في ذلك كتاب كلاسيكي هام، يقع في 255 صفحة، تم نشره لأول مرة عام 1999، ويقع تحت عنوان:«لماذا نشتري - علم التسوق - why we buy - the science of shopping» عن ثقافة المستهلك، يوصي به لأي شخص مسؤول عن مبيعات التجزئة أو يشارك في إدارة أو تصميم متاجر البيع بالتجزئة.
إدارة رحلة المستهلك داخل المتجر
هل تساءلت يومًا عن السبب في جعل قسم الفاكهة والخضراوات هو المنطقة الأولى التي تمر بها عند دخولك إلى المتجر، أو لماذا يتغير ترتيب الممر من شهر لآخر، أو كيف تتخلل رائحة الخبز الطازج معظم محلات السوبر ماركت الكبيرة طوال اليوم؟ إنه باختصار تطبيق لمبادئ «علم نفس المستهلك».
يقول «أندرهيل» في كتابه الهام «لماذا نشتري» إن عرض المنتجات الخضراء عند مدخل المتجر يمنح المتسوق انطباعًا بالانتعاش، كما يتم ترك رائحة الخبز الطازج اللذيذ تتغلغل عن عمد في أروقة السوبر ماركت؛ بهدف جذب الحواس بهذه الطريقة لقسم المخبوزات، مما يوفر فرصًا دافعة لزيادة المبيعات والتشجيع على شراء المزيد من السلع.
يستند كتاب «لماذا نشتري» إلى البيانات الموثقة التي تم جمعها من آلاف المتسوقين خلال عمليات البحث الميداني في مراكز التسوق والمتاجر الكبرى في جميع أنحاء أمريكا، فقد ظل «أندرهيل» وفريقه البحثي المعاون لسنوات يراقبون المتسوقين في كل تحركاتهم داخل أروقة المتاجر الكبرى، سواء بشكل شخصي أو عن طريق كاميرات المراقبة؛ ليجمعوا ثروة من النصائح العملية والتكتيكات العملية حول الصراع الخفي بين التجار والقائمين على إدارة متاجر البقالة والمستهلكين، للسيطرة حول كيفية تحقيق أقصى قدر من مبيعات/مشتريات التجزئة.
المتاجر تدفعك دفعًا نحو عدم ترك عربة التسوق مهجورة فارغة
حيل المتاجر الذكية
وهنا يتبادر السؤال عن: «كيف يتم تطبيق سيكولوجية التسوق في وحدات البيع بالتجزئة؟» وفيما يلي عدد قليل من تقنيات البيع بالتجزئة، والطرق التي تعبث بها متاجر السوبر ماركت للتأثير على عقل ونفسية المستهلك، بحسب ما ورد بكتاب «لماذا نشتري» لخبير قطاع البيع بالتجزئة «باكو أندرهيل»:
1- عربة التسوق: حتى قبل البدء بالتجول في ممرات المتجر، يضعك القائمون عليه في وضع الجاهزية لشراء المزيد من الأشياء التي لا تحتاجها، من خلال الرص المتعمد لعربات التسوق ذات الحجم الكبير أولًا، وبأعداد أكبر بكثير بالمقارنة مع سلات التسوق الصغيرة الموضوعة في الزاوية، هذا بجانب الزيادة المتعمدة فيحجم العربة ذاته؛ تطبيقًا لفكرة كلما كانت عربة التسوق أكبر، كلما زادت احتمالية شرائك لمنتجات أكثر لملئها.
2- المنتجات الموسمية: بمجرد اختيارك عربة تسوق كبيرة الحجم، والسير بها، سيتم الترحيب بك بترتيب العناصر الموسمية. نحن نتحدث عن الفانوس المضئ والياميش في رمضان، وألعاب الأطفال في الأعياد، ومجسمات الشوكولاتة في نهاية العام والأطعمة الموسمية. سمها ما شئت. تعمل هذه العناصر بهذا الترتيب الذكي بمثابة «ومضة تذكير سريعة»، مما يجعلك تبطئ وتتأمل في المنتجات التي قد تحتاجها في العطلات القادمة. حتى إذا لم تشتر هذه العناصر على الفور، فقد جعلها المتجر في ذهنك حتى تشتريها في المرات القادمة.
3- الفاكهة والخضراوات أولاً: تعرض متاجر البقالة الفاكهة والخضراوات أولًا، بحيث تجذب انتباه المستهلك بمجرد دخوله المتجر، وجود الألوان المتنوعة والأشكال الجذابة مع الروائح المنعشة، تلهم المتسوق الحالة العقلية الإيجابية والسعيدة، فالمكان جيد ومنعش وبالتالي يمكن بدء رحلة شراء ممتعة، فهي توضع أولًا في طريقك ليس لتشجيعك على شراء المزيد منها، ولكن لجعلك تشعر بصحة فائقة. بمجرد أن يكون لديك خيارات صحية مثل الفاكهة والخضروات في عربة التسوق، تشعر بالرضا عما تشتريه،وهذا يعني أنه من المرجح أن تستسلم للمنتجات الأقل صحة التي تجدها في جميع أنحاء المتجر.
4- تقسيم المساحة: من منظور القائمين على المتجر، يجب إبعاد الزوار عن الحواف وجذبهم إلى المركز، إذا كانوا يشترون منتجات معينة، مثل: الحبوب والبن، التي تتطلب من المتسوقين دقة الاختيار وعقد المقارنات والتفضيلات بين مجموعة متنوعة من العلامات التجارية؛ لذا يتم وضع هذه المنتجات بعيدًا عن مناطق حركة المرور العالية، نظرًا لاحتياج المتسوقين للوقوف والتفكير في الأمر.
5- ترتيب المنتجات على الرفوف: إدارة المتجر لا تترك شيئًا للصدفة، حيث يتم عرض المنتجات ذات العلامات التجارية الشهيرة والممتازة والقيمة العالية على مستوى النظر تمامًا لتسهل رؤيتها، في حين سيتم عرض العلامات التجارية للمتاجر الأقل قيمة ومكانة أعلى الرفوف بعيدًا عن مستوى الرؤية.
6- منتجات الأطفال: عندما يتعلق الأمر بالمنتجات التي يتم تسويقها للأطفال، مثل: بعض أنواع حبوب الإفطار أو السكاكر، فقد تجد أن هذه المنتجات ستكون أقرب إلى خط رؤية الطفل من رؤية الشخص البالغ، وأن عيون الشخصيات الكرتونية المستخدمة في تصميم عبوة المنتج كبيرة، وبشكل عام تكون مائلة لأسفل، وهذا كله بهدف جذب انتباه الأطفال، وليس البالغين، إنهم يعرفون جيدًا أنه إذا تمكن الأطفال من الالتصاق بالمنتج واستجداء والديهم بما فيه الكفاية، فمن المحتمل أن ينتهي الأمر بالمنتج في عربة التسوق.
7- ممرات نفسية: تستخدم المتاجر الممرات على أنها «ممرات نفسية»، تجهز المتسوق لما هو قادم، أو المنتجالموجود في نهايته، حيث يتم استخدام النهايات للإشارة إلى المنتجات المهمة أو المثيرة للاهتمام أو ذات المكانة العالية بشكل خاص، وكأنهم يقولون لك:(أن هذه العلامات التجارية القابعة في نهاية الممر هي أشياء مهمة ومثيرة للاهتمام لا تدعها تفوتك).
8- حركة المرور: تتعمد العديد من المتاجر توجيه المتسوقين عن قصد للسير عبر ممر معين من خلال إدارة حركة المرور على الأقدام في المتجر بأستخدام الحواجز، لضمان زيادة كمية المنتجات التي يمكن عرضها أمام نظر المتسوق، وهو أمر معروف لدى عملاقة الأثاث السويدي Ikea، حيث يمكن أن يؤدي هذا إلى عمليات شراء أكبر من المتسوقين الذين يصممون على التأكد من أنهم يلتقطون كل شيء صغير يريدون أو يعتقدون أنهم قد يحتاجون إليه دفعة واحدة، لتجنب رحلة العودة لنفس المكان في المتجر في المستقبل القريب.
9- نشر الروائح: غالبًا ما تستخدم المتاجر الروائح لتشجيعك على شراء منتجات معينة، مثل: شم رائحة طهي النقانق من قسم اللحوم، وأحيانًا تستخدم متاجر البقالة آلات لضخ الروائح، مثل: فطيرة التفاح أو كعكات رقائق الشوكولاتة في الهواء، مما يوجهك نحو قسم المخبوزات، وهذا ما يطلق عليه «التسويق بالرائحة»، كما قلت لك لا يوجد شيئًا للصدفة.
10- عينات التذوق: في بعض الأحيان، تسير الروائح جنبًا إلى جنب مع توزيع عينات التذوق المجانية. الروائح مع العينات تؤدي عملًا مزدوجًا، فهي تجذبك وتشجعك على تجربة المنتج، وتجعلك جائعًا. بمجرد تجربة منتج، من المرجح أن تشتريه، وحتى إذا لم تشترِ المنتج الذي يتم أخذ عينات منه، فإن شمه وتذوقه يجعلك ترغب في المزيد منه؛ لذلك من المرجح أن ترغب في شرائها فورًا أو في المرات القادمة.
11- ممر الخروج: عندما تنتهي من التسوق، هناك مكان آخر يمكن أن تخدعك المتاجر من خلاله، وهو ممر الخروج، والذي بالعادة يكون مكان تواجد الوجبات الخفيفة رخيصة الثمن، مثل: قطع الحلوى والرقائق والمقرمشات. حيث تعتمد المتاجر في بيع هذه المنتجات على تهور المستهلك، واندفاعه نحو شرائها لتناولها في السيارة أثناء العودة إلى المنزل، أو مشاهدة أطفالك لها ومن ثم دفعهم للمستهلك على شراء المزيد منها.
كانت هذه الأمثلة منطقية تمامًا، من «علم النفس المستهلك» في العالم الواقعي داخل متاجر البيع بالتجزئة، والتي يتم تطبيقها بفاعلية لدفعك نحو التسوق.
قاوم الرغبة
هل يمكنك مواجهة نزوة الاندفاع نحو الشراءوالوقوف ضد حيل القائمين على إدارةمراكز التسوق ومتاجر البقالة والسوبر ماركت؟يُعتبر الشراء باندفاع مشكلة كبرى لدى العديد من الأشخاص، لكن مع القليل من الانضباط يمكنك ضبط الأمر.
وأفضل نصيحة تبقيك على المسار الصحيح أثناء التسوق من المتاجر، هي وضع خطة مسبقة لعملية التسوق، اكتب قائمة بالأشياء التي تريد شرائها والتزم بها، وفكر في ما يمكنك فعله بتلك الأموال الإضافية! إنها نقطة انطلاق رائعة لتحديد هدف للتوفير وادخار الأموال، سواء لقضاء عطلة أو شراء سيارة أو تحسبًا لأي شيء طارئ.
كما إن تأخير قرار الشراء والتفكير مليًا في ما إذا كانت بحاجة إلى المنتج قد يؤتي نفعًا. من الممكن الانتظار 24 ساعة قبل القيام بأي عمليات شراء محتملة، كبيرة أو صغيرة، إذا كنت لا تزال تريد المنتج في اليوم التالي، فقم بشرائه إذا كنت تستطيع تحمل تكلفته. ولكن على الأرجح أنك قد نسيت ذلك أو تتبددت مشاعرك الشديدة تجاه.
حيلة أخرى، ابدأ بمراقبة إنفاقك وادفع نقدًا بدلًا من استخدام كروت الإئتمان. إذا كنت قادرًا على رؤية مقدار ما يخرج من محفظة أموالك، فمن المرجح أن ينتهي بك الأمر إلى شراء الأشياء التي تريدها فقط.