رائد الأعمال مسفر المالكي: احترقت ورشتي فبنيت على أنقاضها شركة كبرى للأثاث بالمملكة
إدارة وأعمال 12 مايو 2020
• التحدي الأكبر هو تخطي الفرد للخوف والقلق.. ثم مواكبة التطور المستمر.
• احتراق ورشتي زادني قوة وكان ميزة دفعتني إلى مزيد من العمل والإصرار.
• نجاح العمل الحر بالبناء على أسس متينة من العلم والتدريب والخبرة والعلاقات الحسنة.
• أنصح للشباب بعدم قبول أعمال خارج مجالهم، ما يزيد رغبة الآخرين في مشاركتهم.
• لتكن 50% على الأقل من أوقاتكم الحرة وإنجازاتكم وعطائكم، لعلاقاتكم وقراءاتكم.
• أطمح إلى أن نصبح على كل لسان بسمعتنا الطيبة.. وأن يكون "اللامع" المنتِج الأول للأثاث.
كان لا يملك أكثر من حلم؛ جمع رواتبه وافتتح ورشة صغيرة لتصنيع الأثاث، عمل فيها لمدة سنوات متواصلة إلى أن أتى يوم احترقت بالكامل، لكنه لم ييأس وزادته تلك المصيبة قوة، ودفعته إلى مزيد من العمل والإصرار للوقوف مرة أخرى على قدميه، وتأسيس شركة كبرى تحت اسم "اللامع للمقاولات والصناعة" التي تعدّ الآن من الشركات الرائدة في تصنيع الأثاث.
في لقائه مع مجلة "الرجل" يتحدث مؤسس الشركة ومديرها مسفر بن مثيب المالكي، عن تجربته بحلوها ومرها، يقدم خلاصة معرفته للشباب القادمين حديثاً إلى عالم الأعمال، ويبدي رأيه في بيئة العمل السعودية والميزات التي تقدمها لرواد الأعمال.
بداياتك كانت متعثرة، ما أبرز الصعوبات التي واجهت انطلاقتك؟ وكيف تغلبت عليها؟
حين قررت الدخول في عالم الأعمال، لم يكن في يدي أي ضمان أو إرث لعمل سابق، أنهيت الثانوية وبدأت العمل فوراً، فتأخرت في الدراسة الجامعية بعض الشيء. عملت في وظائف عدة خاصة، مؤجلاً حلماً كان يراودني بشدة.
وبعد ثلاث سنوات، ورغم الراتب العالي الذي كنت أتقاضاه، فإنني قررت التخلي عنه مقابل حلمي وهدفي، أسست مركزاً لأجهزة الكمبيوتر والتكنولوجيا، كما سعيت لإنهاء دراستي الجامعية، وعكفت على التدريب المستمر.
خلال ذلك بدأت أهتمّ بسوق الأثاث، في وسط الشكوك والقلق والخوف ممن حولي، ثم أخذت قراري وبدأت بورشة صغيرة لتصنيع الأثاث، استمر العمل فيها 6 سنوات ما بين صعود وهبوط، حتى جاء ذلك اليوم الذي احترقت فيه الورشة! نعم احترقت، ولكن الحمد لله، أنه لم يصب أحد بسوء، لكن الضرر كان مادياً، لم يكن لديّ ما يعوض الخسائر آنذاك.. ولوهلة شعرت أنها النهاية.
هل تتذكر أول رأس مال دخلت به عالم الأعمال؟ ومن أين حصلت على التمويل اللازم لإنشاء مصنع اللامع؟
أتذكر جيداً، حين كنت أجمع رواتبي الشهرية، وأتذكر تلك اللحظة التي وضعت فيها تسعين ألف ريـال، رأس مال لإنشاء ورشة لصناعة الأثاث. أما عن تمويل المصنع فقد وقعت اتفاقية شراكة كانت ناجحة بحمد الله.
كيف استفدت من تجربة احتراق الورشة؟
كما يقولون "ربّ ضارة نافعة"، احتراق ورشتي زادني قوة، وتبين أن ذلك ميزة لمصلحتي دفعتني إلى مزيد من العمل والإصرار على الوقوف مرة أخرى.
ومن الناحية العملية باتت معرفتي بالمخاطر متقدمة، وأفادتني في تجنبها والوقاية منها مستقبلاً، الحادث الذي حصل ظهر منه المصنع، وبذلك تمكنت من الاستفادة منه بطريقة غيّرت حياتي.
الأثاث متوافر وموجود في الأسواق.. كيف تمكنت من اقتحام هذا المجال؟
كنت ألاحظ حال سوق الأثاث وتركيزه على الاستيراد، وافتقار التصنيع المحلي للّمسة الجميلة والحديثة التي تبهر الناظر، من هنا بدأت تتكون الفكرة لديّ، كنت أتطلع إلى سدّ تلك الحاجة وتلبيتها بأفضل وأجمل ما يمكن، فأنشأت الورشة، وبعدها المصنع بحمد الله.
انطلاقاً من تجربتك، كيف صنعت مكانتك ونجاحك لتتصدر الشركات الرائدة والمتخصصة في الأثاث؟
أولاً، الإيمان بالله والتوكل عليه. ثم الحرص على العميل وإرضائه وبناء السمعة الطيبة، بالتعامل وبالمنتج المُصنع، وهذا يأتي عن طريق الأخذ بالأسباب بما يشمل كل التجهيزات: دراسة السوق، والتوجه بهدف، والتطوير المستمر، ومتابعة كل جديد، والتغلب على العقبات ودراسة الاستراتيجيات وعمليات التسويق.
هل لديكم خطط تسهم في زيادة فرص التدريب والتوظيف للشباب السعودي؟
نعم لدينا الخطط والحافز لمساعدة الشباب على تحقيق النجاح، فعموماً لا يعطى الشباب في العشرينات من أعمارهم الفرصة، ولذا أشعر أن لديّ التزاما ومسؤولية تجاههم، وأعدّه رداً للجميل للجيل القادم أيضاً، لأن تلك الفرصة أتيحت لي شخصياً.
أنا متفائل بأن الأمور في طريقها إلى التغيير للأحسن بإذن الله، حيث إنها ستطلق العنان لإمكانية النجاح والتغيير الحقيقي، وهو ما يجعلني أشعر بالفخر. ونحن في الشركة نركز على توفير الفرص للجميع، عبر بناء منظومة مرتبطة باحتياجات سوق العمل وتنمية الفرص للجميع.
وما أبرز التحديات التي تواجه توطين صناعة الأثاث والديكور من وجهة نظرك؟
أرى أن من أبرز التحديات هو التطور المستمر في مجال الأثاث في السوق المحلية والخارجية، وصعوبة الوصول إلى الميزة التنافسية والمحافظة عليها طوال مسيرة العمل، فضلاً عن الكلفة والعقبات التصنيعية والتسويقية.
تشهد صناعة الأثاث في المملكة انتعاشاً، وتشير الإحصاءات إلى ارتفاع حجم المبيعات خلال الثلاثة أعوام الماضية برأيك لماذا؟
ترجع الزيادة في مبيعات المنتج المحلي بلا شك لزيادة الوعي أولاً في المجتمع، حيث إن الجميع مبادرون ومقبلون على الانفتاح والتغيير، وزيادة فرص التعلم والاطلاع. كما أن الوعي لزيادة الاكتفاء الذاتي في المملكة أصبح أعلى.
وصناعة الأثاث السعودي أحد المجالات التي إذا جربها المستهلك لدينا، ولمس الفرق في السعر والوقت والمميزات والمرونة الشديدة، فسوف يعود إليها من جديد ويقبل عليها.
برأيك كيف تسهم رؤية 2030 في دعم رواد الأعمال وأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة ومساعدتهم على النجاح، ليسهموا في تنمية مجتمعهم واقتصادهم القومي؟
تشهد المملكة منذ انطلاق الرؤية 2030 قبل أربع سنوات تغيراً وتطوراً سريعاً جداً.
حيث دبت الحماسة في نفوس الجميع، فترى الملتقيات والابتكارات والبرامج والجوائز قد ازدادت جميعها وفي كل الاتجاهات، الصناعية والتقنية والسياحية والبتروكيماوية والتعليمية والاقتصادية والصحية والاستثمارية. كذلك على مستوى القضاء والترفيه والجيولوجيا والزراعة والطاقة.
وما العقبات والتحديات التي ترى أنها تحدّ من تطوّر بيئة ريادة الأعمال في السعودية؟
التحدي الأكبر هو تخطي الفرد للخوف والقلق. ثم مواكبة التطور المستمر حولنا، فأي صناعة أو مجال عمل يواجهان صعوبات وتحديات، فعلينا المضي قدماً ومحاولة التغلب عليها بالعلم والعمل المستمر.
بحكم خبرتك؛ ما النصائح التي تقدمها للشباب الراغبين في العمل الحرّ بعيداً عن الوظيفة والعمل الحكومي؟
السعي للنجاح ولتحصيل لقمة العيش بالحلال، هو من أنواع الجهاد، كما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف. ولكن هناك ما هو حسن، فأنا أشجع الشباب الواعد على الأحسن دوماً وأؤمن أن الجميع سيحظون بالفرصة، ولكن عليهم التركيز جيداً واقتناصها في وقتها.
أشجعهم على العمل الحر، وأذكّرهم أنه ينجح بناء على أسس متينة من العلم والتدريب والخبرة والمعرفة، فضلاً عن العلاقات الحسنة والتمثّل بالقدوة. وأودّ أن أشجعهم على اقتناص فرصة الدعم المقدم مع انطلاقة رؤية 2030 لرواد الأعمال التي منها: تشجيع المبتكرين، وتشجيع الحلول الفعالة لمشكلات يعانيها المجتمع الممثلة في برنامج "تحدي ريادة الأعمال" من "منشآت"، وتسريع إصدار التراخيص، وتقديم مزايا سكنية داخل المدينة الاقتصادية، وتقليل الأعباء المالية للتراخيص وغيرها، وتمويل أكثر يسراً، وشراكات دولية أكثر، وزيادة حصة الشركات المحلية من المشتريات والمنافسات الحكومية، ودعم الأسر المنتجة وغيرها الكثير.
هناك الكثير من الشباب المتحمّسين، ولكنهم لا يعرفون كيف يبدأون بماذا تنصحهم؟
التركيز مطلوب للنجاح؛ وأقصد به التركيز في مجال معين، حيث إن النجوم عليهم أن يركزوا على أهدافهم. فلا تقبلوا أعمالاً خارج مجال حياتكم، وهذا سيزيد من رغبة الآخرين للمشاركة في مشاريعكم. يمكنكم التنويع في الأدوات وهو مطلوب بالطبع، ولكن حذار من التشتت في المجال. ولكي تركزوا انتبهوا إلى الآتي: اجعلوا 50% على الأقل من أوقاتكم الحرة وإنجازاتكم وعطائكم، علاقاتكم قراءاتكم في مجالكم، إن زدتم فهو حسن ولكن الأساسي وأقل المفروض هو على الأقل 50%.
ولا تضعفوا لإغراء الشُهرة، ولا تحاولوا الظهور والبروز مبكراً، بنصيب قليل من المعرفة والخبرة؛ أن يجهلك الناس خير من أن يعرفوك جاهلاً أو فاشلاً.
من الذي دعم مسفر المالكي في كل هذه المسيرة؟
أحمد الله سبحانه وتعالى على توفيقه ودعمه، وأن وهبني أسرة محبة تدعمني دوماً، وشركاء مخلصين يمكن الاعتماد عليهم. ولا أنسى الموظفين معي في الشركة والمصنع فهم شركائي أيضاً، حيث أقدر دعمهم وأداء العمل على أكمل وجه. وأودّ هنا الإفصاح عن قدوتي في الحياة، فهو لا شك داعم كبير، الدكتور غازي القصيبي.
أين ترى نفسك مستقبلاً؟
مازال للقصة بقية، ولكنها بإذن الله الشركة تشقّ طريقها بثقة ونجاح إلى أن نصبح على كل لسان بسمعتنا الطيبة. وأن تكون "اللامع" هي المنتِج رقم واحد للأثاث في المملكة والخليج العربي.
كلمة أخيرة لمجلة "الرجل"؟
أشكر مجلة "الرجل" على هذه المقابلة وعلى إتاحة الفرصة للتواصل مع القراء. وأودّ استقبال آراء القراء والشباب والواعد ورياديي الأعمال.