رائد الأعمال خالد التركي: أحلامي لا حدود لها وأثناء خلوتي داخل الحرم المكّي اتضح الطريق أمامي
● من واجب الشركات والجهات المسؤولة ملامسة ثقافة العميل وتعديل مفاهيمه ووعيه بين المقلد والأصلي.
● عندما قررت التحول إلى عالم المال والأعمال لم أكن أعلم الاسم الذي سأطلقه على مؤسستي التجارية.
● لو بدأت في أسوأ وقت ونجحت ولو بشكل بسيط هذا يعني أنك في المسار الصحيح وتستطيع النجاح مستقبلاً.
● وجدت أن الربط بين العمل والحرمين الشريفين من أعظم ما يمكن أن يحدث لي.
● تتميز عطورنا بأنها صناعة سعودية مطابقة لمواصفات هيئة الغذاء والدواء، تتميز ببصمة الكهرمان، وفول التونكا، وعنبر الحوت.
● صناعة العطور السعودية تشهد تطوراً كبيراً وتنافس بقوة في الأسواق الخليجية والعربية، ولديها حصة سوقية جيدة محلياً.
● السعودية تستحوذ على أكثر من 15 في المئة من حجم السوق العالمية للعطور ومستحضرات التجميل، وتتصدر دول الخليج العربي.
● أنصح بالابتعاد عن العطور الرخيصة وقراءة المكونات، واختبار العطر على الجلد مباشرة وليس على الثياب.
البطاقة التعريفية:
الاسم: خالد بن فهد سلطان التركي
تاريخ الميلاد: 8 فبراير 1980
مكان الميلاد: الرياض المملكة العربية السعودية
العمل: المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة عالم كسوة المتخصصة في مجال صناعة الساعات والعطور
الاهتمامات: كل ما يتعلق بالعطور الشرقية وإضافة زيوت طبيعية، لتعطي رائحة وثباتاً مختلفاً عن الموجود في الأسواق السعودية.
بعد العمل لسنوات طويلة - تجاوزت العشرين عاماً- في قطاعات مختلفة، قرر أن يجد لنفسه حيزاً في عالم المال والأعمال السعودية، تخلى عن وظيفته الرسمية، وراتبه الثابت، وجازف بالكثير من الوقت والجهد والمال في سبيل تحقيق امتلاك حصة سوقية تحمل توجهه، وأفكاره، وما يريد الوصول إليه.
بدأ أولى خطواته بعالم الأعمال، بالخوض في صناعة الساعات، فحصل على ترخيص لصناعة أول ساعة تحمل داخلها هيئة ستائر كِسوة الكعبة المشرفة، ثم اتجه إلى عالم العطور وتحديداً الشرقية منها، فتعلم أصول المهنة وابتكر خلطات جديدة بإضافة الزيوت الطبيعية.
رائد الأعمال خالد بن فهد التركي يتحدث لمجلة "الرجل" عن عالم أطلق عليه اسم (كسوة) يروي كيف توصل إلى هذه التسمية، ويقدم رأيه في ريادة الأعمال والمشاريع الخاصة، في وقت لا يزال السوق السعودي يعاني أزمات وصعوبات حقيقية بحسب رأيه.
يصف نفسه في لقائه مع "الرجل" بالشخص المتقلب الهوى لا يحب الروتين يتمسك بالتجديد، يهوى المغامرة والتعرف إلى تجارب حياتية جديدة. ويكشف بأن شغفه هذا قاده إلى عالم الأعمال الخاصة، واكتشاف متعة السير على طريق صنعه بنفسه.
يروي محطات من رحلته في العمل التي بدأت قبل سنوات طويلة، متنقلاً بين الكثير من القطاعات الحكومية والخاصة، حيث وصل للعمل في واحد من أهم القطاعات المنتجة بالعاصمة الرياض، إلى أن وصل للحظة الفارقة.
قبل ثلاث سنوات فقط، عقد العزم على البدء بمشروعه الخاص، أخذ إجازة من عمله الدؤوب، رغم أنه لم يسبق له أن أخذ إجازة طويلة، و"كان منهكاً نفسياً" بحسب تعبيره، ولا يريد الابتعاد عن أسرته التي كانت تعارض قراره، لكنه تمكن أخيراً من حسم أمره وتقدم بطلب إجازة مدتها ثلاثة شهور، انتهت باستقالته ومغادرته الوظيفة إلى غير رجعة.
قرار صعب
ويستكمل التركي حديثه: "كنت على مرتبة ممتازة جداً في أحد القطاعات المهمة، ولم يشجعني أي شخص على تقديم الاستقالة وترك العمل إلا شخص أو اثنان ممن أثق بهم، فبعد أن انتهت الشهور الثلاثة للإجازة، كنت أشعر بصحة قراري، غير أني ذهبت إلى مكان العمل وباشرت عملي المعتاد، ولكن ما أن حل الظهر، إلا وكنت تقدمت باستقالتي، وخرجت متوجهاً إلى بيتي إلى غير رجعة".
ويوضح بأنه كان لديه اطمئنان لهذا القرار. ويضيف "شعرت بسعادة داخلية لا أعلم مصدرها" على رغم أنه لم يكن لديه أي خطة سابقة، ولا يمتلك أي خبرة تجارية، ليبدأ – بحسب وصفه -في أسوأ عام تجاري مر على السعودية (2017)؛ ففي الوقت الذي خرج من السوق السعودي كثير من الشركات متأثرة بالأزمة الاقتصادية، قرر التركي افتتاح مشروعه منطلقاً من قاعدة مفادها "لو بدأت في أسوأ وقت ونجحت، ولو بشكل بسيط، فهذا يعني أنك في المسار الصحيح وتستطيع النجاح مستقبلاً".
اختراع الاسم
يصف خالد التركي نفسه بـ "المهووس بالمسميات التجارية"، ولكن للمفارقة يقول "عندما قررت التحول إلى عالم المال والأعمال، لم أكن أعلم ما هو الاسم الذي سأطلقه على مؤسستي التجارية؛ لم أجد الاسم المناسب".
وأمام حيرته تلك، حزم حقائبه وتوجه إلى الحرم المكي.. يتابع "في ذلك المكان يمكنني أن أختلي فيه مع ذاتي وأكون أكثر تركيزاً في عباداتي، ومن ثم قراراتي، وبالنظر إلى الحرم المكي بدأت الرؤية في الوضوح، فقد وجدت أن الربط بين العمل والحرمين الشريفين، من أعظم ما يمكن أن يحدث لي، وعندما تعمّقت في التفكير في مسمّى هذا العمل وجدت صعوبة".
وعن السبب يقول "لأن هناك كثيراً من الأسماء لها مدلولات دينية، والمنتج في خطتي أن يكون متاحاً محلياً وعالمياً في المستقبل، من هنا كانت الرؤية (أول ماركة تهتم بإبراز هوية كسوة الكعبة والحرمين الشريفين في منتجاتها الفريدة والنوعية المميزة ذات الجودة العالية) وليتماشى الاسم مع المضمون، فكرت في أسماء عدة، في هذه الأثناء كنت قد بدأت بتصميم ساعة تحمل من داخلها كسوة الكعبة، مطلقاً عليها (K W) ساعة كسوة، ولكن أنا لا أريد التخصص في الساعات فقط، بل لدي توجه لمنتجات أخرى تحمل العلامة نفسها، فكان اسم "عالم كسوة ـ KISWA WORLD ".
وبعد أن حصل التركي على المسمّى، وعلى السجل التجاري بالاسم، لم يتأخر في اليوم التالي بالتقديم على العلامة التجارية. وبعد 90 يوماً سُجل "عالم كسوة" علامة حصرية.
بدأ بعدها باختيار المكان والديكور الذي يميز فخامة المسمى والمنتج، خصوصاً أن الساعة محدودة الإصدار (500 ساعة فقط)، ومن بعدها ستطلق إصدارات مختلفة الشكل والصنع، قرر كذلك الدخول في العود، والمباخر، بمنتجات فريدة وغير موجودة في السوق السعودي.
طريق العطور ليس مصادفة
بعد فترة من البداية واقتحام مجال الساعات، قرر التركي مراجعة ما فات، وما هو آت، بهدف تدارك الأخطاء والتفكير بالخطوة التالية، فمال هواه إلى تجارة العطور، توقف عندها مستكشفاً تاريخها، ووجودها عربياً ومحلياً.
ولأنه يعشق المختلف، قرر دراسة المجال ليصنع العطور بنفسه يقول "في السعودية الكثير من الماركات العالمية، من العطور الشرقية أو الفرنسية، وكانت الفكرة في إدخال العطور من ضمن المنتج المطروح في المؤسسة التي شيدتها "عالم كسوة"، ولكن بما يتماشى والنفحة المكية والمدنية التي أريد، وفي الوقت نفسه، لم أكن أريد اللجوء إلى مصممي العطور، لأنني لن أضمن إن كانت تركيبة العطر حصرية، من هنا كانت فكرة حزم الحقائب والتوجه لتعلم دورات متخصصة في صناعة العطور".
ولفت إلى أن هذه الفترة كانت لديه كثير من الالتزامات المادية، وكان لا يزال في بداية مشروعه التجاري، ومع ذلك كان لا بدّ من أخذ هذه الخطوة، ودفع مبلغ ليس باليسير، قيمة الدورة التدريبية والحصول على الرخصة.
كانت الدورة في كيفية التعامل مع الزيوت العطرية الطبيعية الأحادية، والتعامل معها صعب جداً، لأنك تتعامل مع الجزئيات وخلطها، ومن ثمّ ترى النتيجة من ناحية الرائحة، ودرجة الثبات، والتغيرات التي يمكن أن تؤثر في الرائحة وغيرها.
بعد عودته إلى الرياض طلب عدداً من الزيوت الطبيعية من الولايات المتحدة، وأنشأ معملاً مصغراً لتجربة وتركيب العطور وبالفعل ركّب 11 عينية وفي إحدى المناسبات تعطر من العينة رقم 2، بهدف اكتشاف تأثير الرائحة في من حوله، وكانت ردة الفعل غير متوقعة، حيث أعجب كل من جلس إلى جواره بجمال عطره.
هنا تيقن التركي أن ثمار مجهوداته أصبحت ناضجة وحان قطافها قائلاً "شعرت بأن لعطري بصمة واضحة".
لم يتوقف خالد عند هذا الحد، بل واصل التعلم في العطور، ليحصل على الدورة الثانية، وكيفية تشفير المنتج والتمكن من صناعته بشكل أفضل. ومن هنا بدأ بوضع حجر الأساس لمنتجه الجديد في تصنيع العطور "بيد سعودية مئة في المئة"، بحسب معايير "إيفرا" منظمة العطور العالمية.
لكل عطر قصة
ربط رائد الأعمال خالد التركي، في طريقته الخاصة لإنتاج العطور، كل عبوة باسم المكان الذي صممت فيه، ولعل هذا ما جعل لكل عطر قصة، يضيف "عندما صممت عطر يوم السيفونية، كنت في إحدى الدول، وتحديداً كان العطر الذي صمّمته في نهاية الدورة الثانية، وقد حصل على المركز الثاني بين 19 عطراً في الفندق نفسه "سيفونيا الكويت"، وقد حاز رضى المدرب، فيما سينضم عطر الدرة قريباً الذي صممته في درة الرياض".
موضحاً أن العطور لديه دائماً ما تأخذ اسم المكان غير مرتبط بأسماء شخصيات، أو دول، أو حتى باسمه الشخصي، ولهذا هدف منطلقاً من البعد عن خسارة شريحة سوقية بسبب اسم المنتج.
ساعات الزفير وعطر الحطيم
ويبقى ارتباط عالم كسوة بالحرمين الشريفين، من منطلق رؤية التركي التي تربط بينهما في التفرد والفخامة، وفي العلامة أيضاً، حيث إن الساعة صنعت من الزفير المقاوم للخدش، والحرق، والكسر، بآلة سويسرية، فيما أطلق عطر الحطيم وهذا الاسم مأخوذ من (الحطيم جزء من الكعبة وتحديداً عند حجر إسماعيل) وأخذ شكل العبوة من شكل القنديل الأخضر الموجود فوق الحطيم. والعطر يتكون من الورد الأبيض، والياسمين، والجلد، والبطيخ، وهذه المكونات تعطيك نفحة ما من رائحة الحرم.
أما عن عدد العطور التي صممها فيوضح "صممت نحو 90 عينة الموجود منها حالياً أربع فقط، وتم بيع ثلاثة عطور بشهادات موثقة، تم تصنيعها لجهات أخرى. ولدينا شركة عطور قد اشترت "أناباسيس"، وهو اسم لزهرة إضافة إلى "عطر باشن" شغف.
صناعة سعودية طبيعية
وعما يميز منتجاته من العطور ووجودها في السوق يقول "المنتج محلي، صناعة سعودية، مطابق لمواصفات هيئة الغذاء والدواء، مصنّع من زيوت طبيعية ولله الحمد هذا ما يميزنا".
ويشير التركي إلى أن "حجم الماركات العالمية والعربية الموجودة في السوق كبير جداً، ومن المعروف أن أنظار العالم جميعها عادة ما تتجه إلى دول الخليج بصفة عامة، حيث إنها تمتلك أكبر قوة شرائية اقتصادية، وهذا سبب حجم سوق العطور داخل المنطقة الخليجية، تحديداً العطور الشرقية. وتبقى مكة المكرمة والمدينة المنورة لهما وضع اقتصادي مهم، بسبب موسمي الحج والعمرة، ولعل هذا سبب مباشر في ارتفاع الأسعار بشكل كبير جداً".
نتجه إلى مكة والمدينة
ورداً على سؤاله عن عدم وجوده في محيط العاصمة الدينية مكة المكرمة، أو المدينة المنورة ووجوده فقط في الرياض قال التركي "لله الحمد على رغم أننا ما زلنا في البدايات، فإن عالم كسوة استطاع أن يثبت حضوراً جيداً في سوق العطور المميزة، لذلك حالياً لدينا اتفاقية مع إحدى الجهات للحضور في برج الساعة، إضافة إلى أن هناك إحدى الشركات المستثمرة القابضة بيننا وبينها تفاوض، ليكون لنا قدم في المدينة المنورة".
موضحاً أنه يعمل على خطة طويلة الأمد في استقطاب شريحة من زوار مكة والمدينة في السنوات القادمة، الذين سيبلغ عددهم مستقبلاً 30 مليون حاج ومعتمر وزائر، إضافة إلى أن هناك اتفاقية شراكة مع إحدى شركات التوصيل التي يمكن أن توصل المنتج إلى كل أنحاء العالم، عن طريق الطلب بـ"الأون لاين"، وهناك شراكات مع 68 جهة ونقديم خصومات حصرية للموظفين.
مشكلة الرديء والمقلد
وعن ابرز الصعوبات والمشكلات التي تواجه التركي في السوق السعودية، يوضح بأن المنتج الرديء والتقليد هما أعظم مشكلة يعانيها في السوق السعودي، وهي تؤثر في ذائقة المستهلك وتجعله يتعود هذه النوعية.
ولفت إلى أن هناك ماركات بلجيكية، وهولندية، وإنجليزية، وغيرها ومع ذلك العطور المركبة من زيوت مصنّعة تجد إقبالاً كبيراً ما يؤثر في نسبة شراء الزبون من الماركات الأصلية وذات الجودة العالية، مشيراً إلى أن من واجب كل الشركات والجهات المسؤولة أن تعمل على ملامسة ثقافة العميل وتعديل المفاهيم والوعي لديه، بين المقلد والأصلي.
مضيفاً بأن "القوة الشرائية حالياً لدى المستهلك السعودي أو حتى المقيم، موجهة إلى الترفيه والمطاعم ما جعل القطاعات الأخرى تتأثر بشكل واضح، ولكن لا يزال التفاؤل لديّ كبيراً في تحسن وضع السوق، وأعوّل على فتح فرص ومعارض جديدة أمام المنتجات الأخرى، تلفت النظر، وتعمل على زيادة العملاء كما في السابق، ومن جهة أخرى فإن جودة المنتج والسعر في متناول الجميع، وهذا ما سيعمل على تشجيع المشتري".
أحلام لا حدود لها
يكشف التركي، بأن العطور التي ينتجها تتميز ببصمة الكهرمان، وفول التونكا، وعنبر الحوت، التي يستورد موادها الخام من الولايات المتحدة، فيما يستورد الأدهان، مثل العود من إندونيسيا، وكمبوديا، والهند، ومن ثم تواءم الأدهان مع غيرها من الزيوت الطبيعية بنسب معينة، تكون آمنة.
ورداً على سؤال عن أحلامه وطموحاته، يوضح بأنه لا يزال في البدايات وبأن "الطريق طويل، والأحلام لا حدود لها".
نصائح لمعرفة العطور الجيدة
يرى التركي بأن صناعة العطور السعودية تشهد تطوراً كبيراً، حيث أصبح المنتج السعودي ينافس بقوة في الأسواق الخليجية والعربية، ولديه حصة سوقية جيدة محلياً، ووفقاً لآخر التقديرات التي يذكرها التركي نقلاً عن عدد سابق لمجلة "الرجل"، فإن السعودية تستحوذ بمفردها على أكثر من 15 في المئة من حجم السوق العالمية للعطور ومستحضرات التجميل، وتتصدر دول الخليج العربي، حيث إنها تستولي على حصة الأسد.
وبحسب تقديرات غير رسمية، فإن السوق السعودي يحقق نمواً ملحوظاً في صناعة البخور، والعود، والعطور الشرقية، حيث قدر حجم السوق السعودي للعطور سنوياً بمليار ريال سعودي ( 270 مليون دولار).
وأخيراً ينصح التركي كل المهتمين بالعطور، بالانتباه إلى عدد من النقاط عند شرائهم لأي عطر وهي:
- على العميل قراءة مكونات العطر التي عادة تكون مكتوبة على خلفية المنتج.
- الابتعاد تماماً على العطور المركبة ذات السعر الرخيص، لأنها عادة تكون مقلدة، وتحتوي كثيراً من الكحول وذات جودة منخفضة.
- وضع العطر على الجلد مباشرة وليس على الملابس، حتى تتأكد من عدم تغير الرائحة، وأن العطر آمن ومصنّع من مواد طبيعية.
- إن لم يكن البائع متمكناً من البيع ومن مكونات العطر، يجب أن لا تشتري منه.