ميلتون هيرشي.. رجل الحلوى الذي صنع نجاحه رغم كل مقومات الفشل
يعتبر ميلتون هيرشي من أشهر المصنعين ورجال الأعمال في العالم، قام بتأسيس شركة هيرشي لحلوى الشيكولاتة الشهيرة، ويعرف باسم "رجل الحلوى"، وتعد قصة نجاحه ملهمة للكثيرين، لتحقيقه نجاحا هائلا رغم ما مر به من صعوبات وتحديات، حيث إنه ولد في أسرة فقيرة ولم يتمكن من إكمال دراسته، وقد فشل في تأسيس شركته الخاصة مرتين إلى أن تعرف إلى عالم الحلوى في معرض كولومبي ليبدأ بوضع الصيغة المثالية للكراميل في شركته "Lancaster Caramel Company"، وبعد أن نجح في صناعة الكراميل قرر التوجه نحو الشوكولاتة وأنشأ شركة هيرشي للشيكولاتة.
نشأة هيرشي
ولد ميلتون هيرشي في مزرعة صغيرة 13 سبتمبر 1857 في ولاية بنسلفانيا حيث أمضى معظم أيام طفولته وتعلم قيم المثابرة والعمل الجاد، كان الولد الوحيد لوالديه اللذين انفصلا لاحقاً وبقي هيرشي مع والدته، ترك المدرسة عندما كان في 14 من عمره وأخبر والدته عن رغبته في بدء عمل تجاري خاص به، ثم بدأ التدريب المهني الصناعي لاستخدام الطابعة المحلية حيث أسقط قبعته عن طريق الصدفة في إحدى الآلات هناك ثم طُرد من المصنع، ثم بدأ العمل في أحد معامل الحلوى في لانكستر.
خدعة صنع الكراميل
وبعد أربع سنوات، اقترض المال من عمته ليبدأ مشروعه التجاري في عام 1876، كان يعمل بجهد كبير لكنه لم يحقق النجاح، لينتقل إلى دنفر لفترة قصيرة ويبدأ العمل مع صانع حلوى قام بتعليمه خدعة صنع الكراميل من الحليب الطازج، ثم توجه ميلتون إلى نيويورك ليبدأ للعمل في سلسلة "Huyler" لمحلات حلوى والمطاعم التي استقال منها بعد بضعة سنوات ليقوم ببيع الحلوى في شوارع نيويورك.
من هنا بدأت الفكرة
عاد إلى لانكستر ليجرب من جديد في صناعة الكراميل وعندما نجح أسس شركة لانكستر للكراميل التي سرعان ما أصبحت من أهم الشركات العائلية، حقق نجاحاً كبيراً وبدأ بشحن منتجاته إلى أوروبا وجميع أرجاء الولايات المتحدة، وأصبح لديه حوالي 14000 عاملاً. في عام 1893، ذهب ميلتون إلى المعرض الكولومبي العالمي وألقى نظرة على فن صناعة الشوكولاتة وأصبح مفتوناً بالفكرة وخاصةً مع ازدهار شركة لانكستر للكراميل، لذلك قرر تأسيس شركة هيرشي للشوكولاتة وركز على صناعة شوكولاتة الحليب والتي تعد من أشهر أنواع الحلوى السويسرية ولكنه أراد إنتاجها بكميات كبيرة لتكون متاحة للجميع.
إفشال الفشل
على الرغم من الفشل الكبير الذي عاشه ميلتون إلا أن قناعته بتحويل قصته من الفشل إلى النجاح من خلال المثابرة كانت ثابتة، باع شركة لانكستر للكراميل بمبلغ مليون دولار لتكريس كل طاقته على صناعة الشوكولاتة. استخدم هيرشي المعدات التي قام بشراؤها في المعرض الكولومبي عام 1893 وبدأ تجاربه مع الحليب المغلي والسكر وحبوب الكاكاو لصنع قطعة من شوكولاتة بأسعار معقولة ويمكن إنتاجها على نطاق واسع، تمكن من اتقان وصفته خلال بضع سنوات وبحلول عام 1903 بدأ في إنشاء مصنع جديد في المدينة.
حققت شركة هيرشي للشوكولاتة نجاحًا كبيرًا بلغ ذروته في عام 1907، وقد علمته خبرته الطويلة أن قيمة العمال هي الأعلى في هذه الصناعة لذلك كان يحرص أن يكون جو العمل مريح ولطيف. كانت سنة 1924 عاماً بارزاً في حياته حيث وجد الطريقة المثالية لتوزيع الشوكولاتة بشكل كبير مع ظهور الأغلفة الرقيقة.
بناء مجتمع مثالي
وبعد النجاح الكبير الذي حققه، قرر ميلتون أنه يجب القيام بأعمال جيدة اتجاه المجتمع الذي أعطاه كل شيء، أراد أن يبني مجتمعاً مثالياً في مسقط رأسه ومركز عمله، لذلك قام ببناء المدارس والكنائس والمنازل الجميلة التي كان معظمها يلبي احتياجات ورفاهية عماله. وفي عام 1930، ساهم ميلتون في اقتصاد بلاده عندما عانت من الكساد الكبير من خلال خلق طفرة صغيرة في مدينته وقام ببناء مبنى مجتمعي وفندق ومكتب لهيرشي، وعندما أدرك هو وزوجته كاثرين أنهما لا يستطيعان إنجاب أطفال قاما بتأسيس مدرسة للأولاد اليتامى.
كان ميلتون أول رجل أعمال أراد تقديم الشيكولاتة بأسعار معقولة، ومازالت العديد من منتجاته تحظى بشعبية كبيرة إلى يومنا الحالي، لم يكن كرم ميلتون مفاجئاً للذين يعرفونه، فقد كان شخصاً خجولاً ومتواضعاً ويتميز بأسلوب هادئ يتناقض إلى حد كبير مع عمالقة الأعمال الأخرين في أمريكا، كما أنه واصل العمل بنشاط في الثمانينات من عمره إلى أن توفي في مدينة هيرشي بولاية بنسفانيا في 13 أكتوبر 1945.
يستمر إرثه كرجل أعمال ومحسن حتى يومنا هذا، وبقيت شركة هيرشي من أعظم شركات تصنيع الشوكولاتة في العالم بأشهر منتجاتها "Almond Joy"، "Mounds"، "Cadbury"، "Reese's and Twizzlers"، كما تخدم مدرسة ميلتون هيرشي الآن حوالي 1900 طالب كل عام، في حين أن ماجستير العلوم مؤسسة هيرشي التي تأسست في عام 1935 تمول الأنشطة التعليمية والثقافية لسكان هيرشي حتى وقتنا الحالي.