«ترويض القلق».. كيف تخدع عقلك ليتوقف عن التوتر؟
مع بداية كل عام جديد تزداد الآمال والشعور بالتوتر والقلق، نريد أن تغدو الأمور أفضل لنا وللأشخاص الذين نحبهم، ولكننا نقلق في الوقت نفسه من عدم حدوث ذلك، ونظن أن ربما هناك شيئا ما سوف يعيقنا، ويمنعنا عن تحقيق التقدم، بصورة عامة قد يعترينا القلق أثناء التفكير من سوف يفوز في الانتخابات، أو يصبح الأمر أكثر شمولاً ونبدأ في القلق هل العالم سوف ينجو مما يتعرض له من مشكلات أم لا ؟
كما اتضح، فإننا كبشر لا نكف عن الشعور بالقلق، أدمغتنا تستمر في تخيل المستقبل، ونفكر طوال الوقت فيما إذا كنا قادرين على تحقيق ما نحلم به أم لا، ونحاول – دون أن ندري- التفكير في كل شيء قد يمنعنا عن تحقيق ذلك، ظنًا من أننا بهذه الطريقة نؤمن أنفسنا، ونكون مستعدين لأي مفاجأة.
يصاحب القلق شعور بالتوتر، وليال بلا نوم، وانشغال البال، وإلهاء عن الأشخاص الذين نهتم بهم، علاوة على الكثير من الآثار الضارة التي لا حصر لها، ولكن لحسن الحظ هناك بعض الطرق لترويض القلق والسيطرة عليه.
وجد أساتذة في الطب والعلوم الصحية أن هناك العديد من الطرق لتهدئة العقل وخداعه كي يتوقف عن الشعور بالتوتر والقلق، ويمكن تحويلها إلى عادات يومية وممارسات لا نتوقف عنها.
عقولنا تُفسد لحظات السعادة الحالية
مررنا جميعًا بلحظات ننهمك فيها فيما نقوم به، وينصب كل تركيزنا على النشاط الذي نؤديه دون بذل عناء. وجدت أبحاث أن هذه الفترات تعزز الشعور بالسعادة لدى الأفراد، لذلك يصيبنا القلق عندما نعجز عن التركيز فيما نقوم به، ونشعر بالتوتر والضيق.
في بعض الأحيان يكون السبب الرئيسي وراء العجز عن التركيز هو النشاط الذي يحدث في بعض مناطق الدماغ، والتي تتوقف عن الانشغال بالمهمة التي نقوم بها، وعوضًا عن ذلك تنسج تصورات وتخيلات أخرى متعلقة بالمستقبل، تتوافق مع احتياجاتنا ورغباتنا.
تطورت أدمغة الأفراد للقيام بذلك بصورة تلقائية، التخطيط لما قد يحدث والتهديدات الأخرى التي تهدد بقاء الأفراد، والتي ينتج عنها في كثير من الأحيان الشعور بالقلق.
ورغم أن أهمية هذه الخيالات والخطط المستقبلية لأنها تساعدنا على الإبداع، ولكنها في الوقت نفسه تسلب منّا اللحظات السعيدة، وتصرف انتباهنا عما هو لدينا الآن.
وهنا يظهر دور التأمل، مراقبة نشاط عقولنا، والذي يساعدنا على إلقاء نظرة على اللحظات الحالية التي نعيشها، ما يمكننا من الاستمتاع بها، والتوقف عن القلق الذي يفسدها ويقضي عليها.
أكدت الدراسات أن القدرة على الحفاظ على الانتباه، والذاكرة القوية، ووعي العقل يزداد بصورة واضحة بعد مرور أسبوعين فقط من ممارسة التأمل. كما أثبتت دراسات أخرى أن هذا النوع من التدريب العقلي يساعد على تهدئة التوتر، ويسهل من عمليات التنظيم الذاتي والعاطفي.
هل تشعر بالتوتر أثناء الحديث أمام الجمهور؟ 5 طرق سحرية تنهي أزمتك
الأولوية للسعادة
مع تزايد الإقبال على الأنشطة مثل التأمل واليوجا فإنه يبدو أن الأشخاص أصبحوا مُدركين لأهمية الاستمتاع باللحظة الحالية، والتركيز على ما يوجد بحوزتهم في الوقت الحالي.
تعتمد هذه الأنشطة بالأساس على توجيه انتباهنا ومشاعرنا كي نكون أكثر قدرة على الاستمتاع باللحظات الحالية، وكي لا يشتت انتباهنا ويذهب بعيدًا ويسافر نحو المستقبل.
ببساطة شديدة، فإن التأمل أو اليوجا وغيرهم من الأنشطة المماثلة، تساعدنا على التعامل بصورة أفضل مع الخسائر المحتملة، والفشل، والأحلام غير المحققة، لذا نغدو أكثر قدرة على التحكم في التوتر، والسيطرة عليه والتعامل معه، عوضًا عن البحث عن أي شيء يلهينا ويؤذينا في الوقت نفسه، مثل تناول وجبات خفيفة، أو تعاطي الأدوية المُهدئة، أو الهرب بالنوم لفترات طويلة.
على سبيل المثال، فإن اليوجا والتاي تشي والتأمل وغيرها من الأنشطة التي تنتمي إلى هذا النوع، تساعد على تدفق الأحاسيس والمشاعر الإيجابية، وتعزيز القدرة على الاستمتاع باللحظات الحالية، على عكس بعض أنظمة العلاج النفسي التي تدفعنا في بعض الأحيان إلى التعامل مع الأفكار السلبية أو الأحداث السيئة التي مررنا بها في الماضي.
خلاصة القول، فإن ممارسة اليوجا وتمارين التأمل وغيرها لدقائق ولكن بصورة يومية وبانتظام، يساعدون على خفض الهرمونات المرتبطة بالاجهاد والتخلص من الآثار السلبية المصاحبة للقلق، وتساعد على زيادة هرمونات السعادة في المخ، وبالتالي نعيش حياة مريحة خالية من موجات القلق والتوتر.