احتجاجا على سياساته.. هل على وسائل الإعلام الانسحاب من فيس بوك؟
مع كل ما حدث بين فيس بوك ووسائل الإعلام على مدار العامين الماضيين تستمر المواقع الإخبارية والصحف في تقديم المحتوى على المنصة الاجتماعية الأكبر في العالم.
معظم الناشرين يتعاملون مع التواصل الاجتماعي وفق علاقة قائمة على الشك إن لم يكن العداء الصريح، ومع ذلك تواصل الغالبية العظمى منهم الشراكة مع المنصة لتوزيع محتواهم على نظامها الأساسي وحتى قبول التمويل والموارد منه.
نظرًا إلى أن فيس بوك ساعد على انتشار الأخبار المزيفة، وقلل بشكل عام من الجودة الشاملة للمناقشات المدنية وتجاهل مرارًا وتكرارًا القوانين المتعلقة بالخصوصية بطرق تخدم احتياجات الجهات الفاعلة الأجنبية مثل الحكومة الروسية، ولعب دورًا رئيسيًا في إثارة العنف في دول مثل ميانمار والهند، يجدر بنا طرح السؤال: هل يكفي أن نكون متشككين؟ أم أن هناك حجة أخلاقية يتعين على شركات الإعلام والصحفيين الذين يعملون من أجلها أن يقطعوا علاقاتهم بهذه المنصة بالكامل؟
الحجة المؤيدة للبقاء على فيس بوك واضحة: الشبكة الاجتماعية لها نطاق هائل حيث يتواجد عليها مليارا مستخدم نشط شهريًا والتي توفر للناشرين إمكانية زيادة قرائهم.
لدى فيس بوك أيضًا مليارات الدولارات لتوزيعها سواء كان ذلك من خلال مشاركة إيرادات الإعلانات، أو عن طريق تمويل مبادرات الصحافة، التي التزمت بها مؤخرًا بمبلغ إجمالي قدره 300 مليون دولار على مدار السنوات الثلاث القادمة.
أصبح كل من فيس بوك وجوجل و تويتر أكبر ممولي الصحافة في العالم وهي مفارقة محزنة نظرًا لتأثيرها على الأعمال.
تراجعت حركة المرور من فيس بوك للعديد من الناشرين؛ لأن الشبكة الاجتماعية تقوم بتعديل خوارزمية التركيز بشكل أكبر على المشاركة الشخصية.
لكن رغم ذلك يستمر فيس بوك في تحقيق الكثير من الإيرادات، لذا إذا كنت ناشرًا وتريد البقاء في العمل، فلن يكون لديك حقًا خيار سوى العمل معه.
الخيار الآخر الوحيد هو الاستمرار في النشر إلى مجموعة أصغر وأصغر من القراء، مع جلب كميات أقل من إيرادات الإعلانات كل عام.
البعض يأخذ القضية إلى أبعد من ذلك. في مؤتمر صحفي عقد مؤخراً في بيروجيا بإيطاليا، أدار جيف جارفيس أستاذ الصحافة بجامعة نيويورك، محاضرة بعنوان "انتقد فيسبوك؟ بالتأكيد. غادر؟ لماذا؟".
جادل جارفيس بأن شركات الإعلام يجب ألا تستخدم فيس بوك بشكل سلبي، ولكن يجب أن تستفيد من معرفة الشركة بكيفية عمل الشبكات الاجتماعية لتتعلم كيفية خدمة جماهيرها بشكل أفضل.
مبادرة النزاهة الإخبارية، التي ساعد جارفيس في إنشائها، تتلقى تمويلًا من فيس بوك لكنه يقول إن هذا لا يؤثر على آرائه حول الشركة.
على الرغم من كثرة الخطايا التي ارتكبتها فيس بوك، لا تزال شركات الإعلام بحاجة إلى أن تكون على المنصة لأن "هذا هو المكان الذي يوجد فيه الناس".
ماذا تفعل إذا نسيت الإيميل أو رقم الهاتف؟ إليك طريقة الدخول إلى فيس بوك
في هذا الصدد أكد جيمس بول صحفي بريطاني أنه قد يرغب الأفراد في ترك الشبكة الاجتماعية لكن الشركات الإعلامية ستكون غبية في فعل الشيء نفسه.
كتب Mandy Jenkins، رئيس رابطة الأخبار على الإنترنت ورئيس التحرير السابق لـ Storyful، مؤخرًا أن الإقلاع عن فيس بوك سيكون بمثابة هجر الأشخاص الذين يستخدمونه للأخبار، ويدينهم بمستقبل خالٍ من الوقائع وتضليل المعلومات.
بعبارة أخرى تقترح أن أولئك منا الجادين في مجال الصحافة عليهم التزام أخلاقي بالبقاء وبذل كل ما في وسعنا لتحسين بيئة المعلومات هناك.
وقال: "إن فيس بوك وأدواته الفرعية مثل إنستجرام وواتساب هي المكان الذي يجتمع فيه مليارات الأشخاص، مما يعني أنه لا يزال يتعين علينا أن نكون هناك أيضًا"، ليس فقط كشركات ولكن كأفراد.
قد تكون هذه الحجة الأقوى من الناحية الأخلاقية لعدم التخلي عن فيس بوك، ولكن هذا لا يكفي.
يشبه فيس بوك مصنعا من المصانع العملاقة الذي يسرب باستمرار المواد الخطرة إلى الأنهار والبحيرات وإمدادات المياه البلدية ولا يأبه للبيئة، ولكن في كل مرة يتم اكتشافها فإنه يعد بعمل أفضل.
هذا يعني أن أي شخص أو جهة تعمل مع هذا المصنع هي شريكة في الجريمة، ومن خلال توفير محتواها ومعلوماتها عن قرائها ومشتركيها، تتعاون شركات الإعلام في ممارسات جمع البيانات والانتهاكات التي يقوم بها فيس بوك.
من جهة أخرى لا يجب أن ننسى أن الأخبار المزيفة المنتشرة على المنصة أثرت سلبا على الرأي العام في دول كثيرة وتسببت في مجازر وحروب عرقية كما هو الحال في ميانمار وتلك أمور سلبية للغاية.
هناك الكثير من الأسباب الواضحة لوجودك على فيس بوك، هناك مليارات من الأشخاص ولا يكلف هذا شيئًا، وهناك احتمال أن تحصل على نوع ما من زيادة الإيرادات.
بالخطوات.. هكذا تمنع شركات الإعلانات من استهدافك على فيس بوك
ولكن هناك أيضًا بعض الأسباب القوية التي تجعلك ترغب في إعادة التفكير في علاقتك مع فيس بوك، هل ما تفعله يخدم مصالح الشركة بدلاً من اهتماماتك أو مصالح الصحافة أو المجتمع بشكل عام؟