مزايا وعيوب القيادة الأوتوقراطية.. هكذا تصبح «ديكتاتورا» ناجحا
هل سبق أن سمعت عن مصطلح "القيادة الأوتوقراطية" في بيئة العمل من قبل؟
سواء سمعت بهذا المصطلح من قبل أم لا، فإنه من المرجح أن تكون قد واجهت خلال حياتك المهنية أشخاصاً يتبعون هذا الأسلوب في القيادة، فمن الممكن أن يكون مديرك مثلاً يتبع الأسلوب الأوتوقراطي في الإدارة، أو قد تكون أنت مديراً أوتوقراطياً؛ وبشكل عام، فإنه يمكن القول إن أسلوب القيادة الأوتوقراطية أو "القيادة الاستبدادية" هو مثل أي أسلوب في القيادة له مزايا وله عيوب، لكن قبل الموازنة بين إيجابياته وسلبياته، فمن الضروري أن نوضح أولاً ما هو المقصود تحديداً بالقيادة الأوتوقراطية.
ما هي القيادة الأوتوقراطية؟
هي أسلوب ذاتي في القيادة يتسم بقيام القائد باتخاذ كل القرارات دون مشاركة من بقية أعضاء فريق العمل.. ويمكن وصف القيادة الأوتوقراطية كما يلي:
- يقوم قادة الفريق باتخاذ كل القرارات تقريباً دون مشاركة، أو بمشاركة محدودة، من جانب باقي أعضاء الفريق.
- يحدد القادة كل أساليب وإجراءات سير العمل.
- نادراً ما يتم الوثوق في أعضاء الفريق فيما يتعلق باتخاذ القرارات أو المهام المهمة.
- لا يشجع هذا الأسلوب في القيادة على الإبداع والتفكير خارج الصندوق.
وبالرغم من أن هذا الأسلوب يتعارض تماماً مع فكرة القيادة الديمقراطية أو القيادة الخدمية التي يُنصح بها في وقتنا الحالي، لكن توجد أوقات تكون فيها القيادة الأوتوقراطية بمثابة "ميزة حقيقية"، وبالطبع هناك أوقات أخرى يكون فيها اتباع مثل هذا الأسلوب في القيادة هو أسوأ فكرة على الإطلاق، وذلك بحسب ما جاء في تقرير نشره موقع "The Balance Careers".
لا تكن مستمعًا فقط.. اطرح هذه الأسئلة على محاورك خلال المقابلة الوظيفية
مزايا وعيوب أنماط القيادة الأوتوقراطية
مزايا النمط الأوتوقراطي في القيادة
إذا كنت مسؤولاً عن إدارة شركة أو مشروع تجاري أو حتى قسم معين في شركة أو مؤسسة، وكانت هناك حاجة إلى اتباع قواعد وبروتوكولات صارمة، سواء بسبب متطلبات العمل أو بسبب اللوائح القانونية، فيمكن في هذه الحالة أن يكون اتباع أسلوب القيادة الأوتوقراطية منطقياً.
وعلى سبيل المثال، غالباً ما تكون لدى مراكز الاتصال أو الـ"Call Centers" بروتوكولات صارمة يجب على الموظفين اتباعها، وهذه البروتوكولات لا تفسح للموظفين مجالاً كبيراً للإبداع أو التفكير خارج الصندوق، فقط يقوم المدير بتحديد القواعد والإجراءات الخاصة بسير العمل، ويكون على جميع الموظفين اتباعها.
وفي السياق ذاته، أشار التقرير إلى أنه يمكن للقادة الأوتوقراطيين أن يجدوا النجاح في المجالات ذات البروتوكولات التنظيمية الصارمة.
ومن الممكن أيضاً أن يكون هذا الأسلوب فعالاً في حالات أخرى، من بينها مثلاً أن يكون هناك وقت محدود لاتخاذ القرار، أو عند وجود موظفين جدد وغير مدربين وليس في إمكانهم أداء مهام معينة، أو في حال لم يستجب الموظفون لأساليب القيادة الأخرى؛ وليس ذلك فحسب، إذ إنه في كثير من الأحيان قد يتطلب العمل على مشروعات جماعية وجود قائد صارم قادر على اتخاذ القرارات، خاصة وأن العديد من المشاريع الجماعية تميل إلى الفشل بسبب اعتماد أعضاء فريق العمل على بعضهم فيما يتعلق باتخاذ القرارات الهامة، وفي هذه الحالة يتوجب على القائد تحديد الطريقة التي سيتم بها تنفيذ المشروع، وتقسيم المهام بين أعضاء الفريق، وكذلك تحديد موعد نهائي للانتهاء من المشروع.
لكن بالرغم من ذلك يمكن القول إن أهم مزايا القيادة الأوتوقراطية تظهر عندما يكون لدى القائد رؤية واضحة بالإضافة إلى الذكاء والشغف لتحقيق هذه الرؤية.
والجدير بالذكر أن الكثيرين يعتبرون "ستيف جوبز"، مؤسس شركة "أبل"، نموذجاً للقائد الأوتوقراطي الناجح، إذ إنه كان يدرك ما يريده تحديداً وسعى من أجل تحقيق رؤيته، وتمكن من خلال أفكاره المبتكرة من تأسيس واحدة من أنجح الشركات التقنية على مستوى العالم، ورغم أن الأسلوب الذي كان يتبعه في القيادة قد يبدو صعباً أو حتى ديكتاتورياً بالنسبة للبعض، إلا أنه فتح الباب أمام "جوبز" لتحقيق أهدافه؛ والأمر ذاته ينطبق على "والت ديزني"، والذي كان لديه حلم عمل بكل جهده في سبيل الوصول إليه، حتى حقق نجاحاً مبهراً، فكل منهما كان لديه أفكار لامعة ومبتكرة، والأهم أنهما قد تمكنا من تنفيذها ببراعة وذكاء.
من سلبيات القائد الأوتوقراطي
أمثلة على القيادة الأوتوقراطية
بالرغم من أن "ستيف جوبز" كان عبقرياً، وأسس شركة رائدة تخطت القيمة السوقية لها حاجز التريليون دولار، إلا أنه يمكن أن تحدث بعض المشكلات عندما تكون رؤية شخص واحد فحسب هي المسيطرة، أو عندما يكون شخص واحد هو المسؤول عن اتخاذ القرارات بناءً على أفكاره ورؤيته، فعلى سبيل المثال قد تم طرد "جوبز" من شركته (إلا أنه تمكن بعد ذلك من العودة لإدارة الشركة بنجاح).
وبشكل عام، فإن العديد من الأشخاص قد لا يستمتعون بالعمل تحت قيادة مدير يحدد لهم المهام التي يتوجب عليهم القيام بها وكيفية إنجازها، دون أن تتاح لهم فرصة التعبير عن آرائهم وأفكارهم، ولذلك فإذا لم يكن القائد الأوتوقراطي يتمتع بالذكاء والفطنة فضلاً عن كونه صاحب شخصية مؤثرة، فيمكن أن يواجه صعوبة في تشجيع الموظفين على العمل الجاد وتحفيزهم على إنجاز مهامهم على أكمل وجه من أجل تحقيق النتائج المرجوة.
من خصائص نمط القيادة الأوتوقراطية أنه يشارك العاملين ويستشيرهم في خطوات العمل
إذا كنت تحب أن تكون مسؤولاً وتقوم باتخاذ كل القرارات ولديك رؤية ترغب في أن يقوم موظفوك أو العاملون معك بتنفيذها فمن المحتمل أن تكون قائداً أوتوقراطياً، وفي هذه الحالة فأنت في حاجة إلى شخص يمكنك الرجوع إليه أو طلب مشورته، فمثلاً إذا كنت مديراً لقسم أو إدارة معينة، فإن ذلك الشخص غالباً ما يكون مديرك المباشر أو رئيسك في العمل، أما إذا كنت المدير التنفيذي لشركة أو حتى مالكها، فإن وجود مجلس إدارة يمكنك الاستماع إليه واستشارته هو أمر مفيد بالنسبة إليك بدون شك، إذ إنك تحتاج إلى آراء وردود فعل واضحة تستمع إليها وتأخذها بعين الاعتبار، وإلا فقد تواجه صعوبة في تحقيق رؤيتك أو حتى تفشل في ذلك.
اقرأ أيضًا: كيف يمكنك توجيه النقد والنصائح لرئيسك في العمل بشكل احترافي ؟! (إنفوجراف)
وكذلك عند قيامك بتعيين موظفين، فعليك البحث عن الأشخاص الذين سوف يسعدهم العمل على تنفيذ أفكارك ورؤيتك، بالإضافة إلى أنه من المهم أن تضع في عين الاعتبار أن الاستماع إلى آراء وأفكار فريق عملك من العوامل التي تلعب دوراً في خلق مناخ إيجابي في بيئة العمل.
وفي المقابل، فإذا كنت تفضل اتباع أسلوب القيادة الديمقراطية أو الخدمية، فلا يجب عليك في هذه الحالة أن تستعين بموظفين ممن يريدون فقط القيام بعملهم ثم العودة إلى المنزل دون أي ميل لابتكار أفكار جديدة أو إيجاد طرق غير تقليدية لإنجاز مهامهم بصورة أكثر فعالية، فمن المرجح أن مثل هؤلاء الأشخاص لن يكونوا سعداء بالعمل تحت قيادتك.
وبصرف النظر عن أسلوب القيادة الذي تفضل اتباعه في مكان عملك، فمن الضروري أن تحرص بشكل عام على التركيز على سعادة الموظفين أو الرضا الوظيفي ومستوى الإنتاجية وبالطبع نجاح الشركة ككل.