لماذا لم تقتحم الدول العربية سوق صناعة الهواتف الذكية؟
عندما نتحدث عن استهلاك واستخدام الهواتف الذكية نجد أن الدول العربية ضمن مربع الأكثر استخداما لهذه المنتجات، حتى إن معدل استخدام الهواتف الذكية في الإمارات يصل إلى هاتفين لكل فرد.
لكن عندما نتحدث عن تصنيع الهواتف الذكية لا توجد الدول العربية ضمن الكبار المصنعين لهذه المنتجات التي تدر المليارات على الشركات في كل من الصين وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى مثل اليابان وتايوان والاتحاد الأوروبي.
لم تقتحم الدول العربية سوق صناعة الهواتف الذكية بقوة كما فعلت في صناعات ومجالات أخرى مثل صناعة وتصدير النفط حيث تتفوق السعودية على الجميع، ولديها أكبر شركة في العالم ونتحدث عن أرامكو.
لكن لا يجب أن ننكر بأن هناك مبادرات وشركات خاصة تعمل في المجال لكن حصتها صغيرة جدا، وتكاد ألا تكون شيئا أمام حصة سامسونج وآبل وهواوي والعلامات التجارية الأخرى.
صناعة الهواتف الذكية من شأنها أن تعزز من استهلاك الإنتاج المحلي، وتصدير الفائض إلى الأسواق العالمية وهو ما يجلب منافع اقتصادية للبلدان المنتجة، ناهيك على أن هذه التجارب تفتح الباب لتصنيع منتجات إلكترونية أخرى بل واختراع منتجات جديدة.
-
تجارب غير ناجحة من قبل
هناك العديد من الشركات الخاصة التي تتخذ من البلدان العربية مقار لها، أصحابها بالفعل عرب والكوادر فيها من الشباب في المنطقة، لديهم خبرة في صناعة الهواتف الذكية وتجميعها وتوزيعها وتسويقها.
هذه الشركات لم تنجح في مواجهة سامسونج وهواوي وآبل والشركات الأخرى التي تغزو الأسواق المحلية.
تواجه هذه الشركات منافسة قوية من العلامات التجارية العالمية والصينية، وتفشل لضعف التسويق أو عتادها أو لأن ما تقدمه أقل من طموحات العملاء المحليين او أن الدعم الفني لديها سيئ.
-
قلة خبرة الشباب في صناعة العتاد
أغلب المهتمين بالتقنية في العالم العربي يركزون على البرمجة والسوفتوير، وفي هذه الناحية رأينا مبرمجين عربا وخدمات ناجحة وقصصا جيدة، ومعظم الشركات الناشئة اليوم تعمل في مجال البرمجة والإنترنت وتقديم الخدمات.
لكن في مجال صناعة الهاردوير والعتاد فالواقع مختلف تماما، فقلة من الشباب يدرسون هذه التكنولوجيا ويهتمون بالصناعة والتطوير، والمحترفون منهم يسافرون إلى الدول الصناعية الكبرى للعمل في الشركات والمصانع المتاحة هناك.
قلة الخبرة تعني أن أي صاحب شركة محلية سيحتاج إلى توظيف الأجانب، وبالطبع ستكون الرواتب عالية والتكاليف كبيرة وقد يفشل المشروع برمته وسط منافسة قوية.
-
مشروع مكلف مقارنة بمشاريع الخدمات
الشركات الناشئة في العالم العربي تختار بصورة متزايدة العمل في قطاع الخدمات، لهذا رأينا قصص نجاح مثل سوق دوت كوم و كريم والقائمة طويلة.
السبب في اختيار الشباب لإنشاء شركات ناشئة في هذا المجال هو أن التكاليف قليلة للغاية مقارنة مع افتتاح مصنع وشراء المعدات وتوظيف الأشخاص الأكفاء.
ضع بعين الاعتبار أيضا أن قطاع الهواتف الذكية مكلف وهامش الربح قليل خصوصا إن كنت تنوي إصدار الهواتف الذكية بأسعار منافسة للهواتف الصينية.
شركات مثل شاومي التي تعد من كبار المصنعين في هذا المجال هي خاسرة ولا تربح وتكافح مع تزايد المبيعات للوصول إلى الربحية.
هذا يعني أنه إذا أنشأت شركة هواتف ذكية ستخسر المال وستكلفك الكثير قبل أن تصل للربحية وقد لا تصل إلى الهدف المنشود إلا بعد سنوات طويلة من العمل.
-
غياب مبادرات حكومية
المبادرات الحكومية نفسها تركز على مجالات أخرى في التكنولوجيا وتعطي أهمية للخدمات في ظل كثرة قصص النجاح فيها.
لكن عندما يتعلق الأمر بتصنيع الهواتف الذكية لا توجد أي توجيهات أو مبادرات حكومية لدعم الشباب أو إطلاق شركات ومصانع وطنية لتصنيع هذه المنتجات وتقديم الدعم اللازم.
وغالبا قد تكون هناك حكومات تناقش هذه الفكرة وقد أجرت دراساتها وتبين أن تلك المشاريع ستكلفها الكثير قبل أن تربح وقد لا تنجح الفكرة وتخسر كل شيء.
-
قطاع عالي الخطورة
في قطاع تصنيع الهواتف الذكية هناك منافسة قوية بين عشرات الشركات، منها شركات تتمتع بميزانية تسويق هائلة وتتمتع بالثقة والمصداقية وسنوات طويلة من الخبرة يصعب منافستها.
أضف إلى ذلك أنه قطاع يشهد حاليا تحولات كبيرة منها توجه الشركات إلى الهواتف الذكية القابلة للطي وهو اختراع جديد سيتطور بسرعة يحتاج إلى متخصصين، وأن تكون لدى الشركة المحلية الكفاءات التي تسمح لها بإصدار منتجات منافسة.
ولا يجب أن ننسى أيضا أن هناك تباطؤا في مبيعات الهواتف الذكية عالميا حاليا، والسقوط في هذا القطاع يحدث مع الشركات التي تساير المنافسة.