حقيقة قاسية لا بد من معرفتها للوصول إلى القمة
قد يبدو النجاح أمرا روحانيا وغامضا، البعض يُرجعه إلى الصدفة، والبعض الآخر يُرجعه إلى الحظ، بينما يرى آخرون أنه لا يأتي إلا بعد المثابرة وبذل الكثير من الجهد. وكلما أمعنت النظر في تجربة أحد الشخصيات الناجحة أو التي تمكنت من التفوق على أقرانها الوصول إلى القمة، كلما وجدت عوامل مختلفة ساعدتهم على تحقيق أهدافهم المنشودة والوصول إلى النجاح، دعونا هنا نُلقي نظرة على حياة الملياردير ورجل الأعمال جيف بيزوس، مؤسس شركة أمازون وأحد أغنى الرجال على وجه الأرض.
خلال مقابلات إعلامية سابقة قال بيزوس إن أحد العوامل التي ساعدته على تحقيق النجاح، هي تقبل حقيقة مُرة ألا وهي أنه ليس خارقًا وغير قادر على فعل كل شيء، هناك الأشياء التي لن يستطيع القيام بها بغض النظر عن الجهود التي يبذلها، والمحاولات المستمرة والمتكررة، فهنا لن يكون للمثابرة معنى، ولن يكون للإصرار أي فائدة.
العملية البسيطة وراء النجاح
ماذا يعني النجاح؟ ببساطة شديدة عليك النظر إلى النجاح على أنه قيمة مُحتملة لإحدى الأفكار ناتجة عن عمل شخص مُعين على تنفيذ هذه الفكرة، ومن أهم مقادير النجاح هو أن تمزج بين الموهبة الفطرية والمهارة، وأن تستخدم هذا المزيج في المجال المناسب ما يمكنك من الوصول إلى القمة، وهو ما يؤكد أنه إذا كان لدى الشخص فكرة عظيمة ولكنه موهبته الفطرية لا تؤهله إلى تنفيذها فربما عليه التخلي عنها والقيام بشيء أخر.
كيف تساعدك هذه المعادلة على زيادة فرصك في تحقيق النجاح؟ حسنًا عليك أن تحدد ما هي نقاط قوتك ونقاط ضعفك، وأن تعرف أن هناك بعض الأفكار العظيمة التي لن تستطيع تنفيذها على أرض الواقع لأنك لست مؤهلا لذلك، ولا يعني هذا أنك شخص فاشل أو أنك لا تسعى بما يكفي لتحقيق حلمك، فقط إذا أطلقت سراح هذه الفكرة التي تعجز عن تنفيذها، سوف تجد نفسك تشعر بالراحة النفسية والذهنية، كما أنك ستكون قادرًا على فعل شيء يُفيدك أكثر.
الوعي الذاتي قبل الثقة
تقبل فكرة أنك لا تستطيع القيام ببعض الأمور بشكل طبيعي وتلقائي، وأنه بغض النظر عن مدى جدية محاولاتك، فلن تكون أبدًا جيدًا فيها ولن تستطيع استخدام هذه الأشياء لتحقيق نجاح كبير، لذا عليك أن تتوقف عن إهدار طاقتك وتضييع وقتك وأنت تطارد أحلاما لا طائل منها، ولن تحقق أي نجاح من ورائها، وأن تقوم عوضًا عن ذلك وضع طاقتك وجهدك في المكان السليم، واستغلها لتحقيق أمور تفيدك.
إذا استمعت إلى حوارات جيف بيزوس وغيره من الأشخاص الناجحين الذين تركوا بصمة في العالم، وأحدثوا فرقًا كبيرًا، سوف تجد أنهم يعرفون ما هي نقاط قوتهم وما هي نقاط ضعفهم، وهو أمر ضروري لتحقيق النجاح، وستكتشف أن هؤلاء الأشخاص لديهم قدر كبير من الوعي الذاتي.
وجدت العديد من الدراسات والأبحاث أن الوعي الذاتي من أهم قدرات القادة ومن أهم السمات التي يجب أن يتحلوا بها لتطوير أنفسهم، وسوف تجد العلماء والباحثين يعرّفون القادة الناجحين بأنهم الأشخاص القادرون على تحديد ميولهم الطبيعية واستخدامها في تعزيز قدراتهم الإبداعية والتخلص من العيوب والسلبيات.
أشار جيف بيزوس في إحدى المرات إلى أنه أراد أن يكون عالم فيزياء، ويقول: "اعتقدت أنني أريد أن أكون عالمًا عندما ذهبت إلى برينستون، ولكن في منتصف الطريق اكتشفت أنني لم أكن ذكيًا بما يكفي لكي أكون فيزيائيًا"، عوضًا عن ذلك غير مسيرته المهنية، وأسس شركة أمازون، وبات أغنى الرجال على كوكب الأرض، ومثلا أعلى للكثير من رواد الأعمال والعاملين في مجاله.
وهذا الأمر غير ضروري فقط لتحقيق النجاح في مجال العلوم والأعمال، ولكن الفنانون أيضًا يحتاجون إلى هذا الوضوح في التعامل مع ذاتهم، تعتقد ريس ويذرسبون، الممثلة الأمريكية الحاصلة على جائزة أوسكار ورائدة الأعمال والمؤلفة، إنه من الضروري تقبل هذه الحقيقة، وأن تكون متفهما فكرة أنك غير قادر على فعل كل شيء، وأنك لن تكون ماهرًا في كل شيء.
لا شك أن ويذرسبون مثل بيزوس كلاهما يعلمان مدى أهمية الاعتراف بأنك غير قادر على كل شيء لتحقيق النجاح، كما أنهما يؤكدان أهمية ألا تهدر طاقتك في مجال لن تُحقق فيه أي تقدم، أملاً في تحقيق النجاح في إحدى المراحل.
راقب نفسك وفكر في مقدار النجاح الذي حققته خلال الفترة الماضية، وإذا وجدت نفسك تشعر بالإنهاك الشديد فعليك أن تعيد النظر، وأن تسير على خطا بيزوس وتغير مجال عملك، على أن تعثر على مجال آخر تستطيع فيه أن تصل إلى القمة.