كيف غيرت شركة أمازون وشركات أخرى مفهومنا عن العمل؟
"كم منكم تقدم للعمل في إحدى الشركات وكان يشعر أن الوظيفة تناسبه تمامًا، ولكن بعد الذهاب إلى مقر هذه المؤسسة والجلوس مع المسؤولين والعاملين فيها من أجل إجراء مقابلة معه لم يسمع منهم أي شيء؟" عندما طرح سوجرد جيرينج، نائب الرئيس السابق في شركة جونسون أند جونسون هذا السؤال على المتواجدين في غرفة مليئة بالمتخصصين في الاتصالات في نيويورك رفع أغلبية المتواجدين أيديهم.
لم تعد الأمور تسير على هذا النحو الآن، فبعد التطورات التكنولوجيا وظهور التقنيات الجديدة، وانتعاش الحركة الثقافية بات هناك الكثير من المعايير الجديدة التي تؤثر على عملية التوظيف كل يوم، والتي أصبح لها تأثيرًا كبيرًا أيضًا على رؤية الباحثين عن الوظائف للموظفين وأصحاب العمال والمديرين.
وعلى مدار الأعوام الماضية، تمكنت العديد من الشركات الكبرى من تغيير مفهوم كثيرين عن العمل والتوظيف، لاسيما بعد توفير أمازون برايم خدمة شحن مجانية لمدة يومين، تمكنت من خلالها تغيير رؤية كثيرين حيال طلب المنتجات عبر الإنترنت والحصول عليها بسرعة، بالإضافة إلى بعض الشركات الأخرى التي تقدم خدمات شحن متميزة مثل فيديكس، ودومينو، كما تعمل بعض الشركات مثل Dollar Shave Club، وHarry’s على توفير خدمات ساعدت على تغيير منظورنا بشأن الاشتراك في بعض الخدمات من أجل الحصول على منتجات يومية.
وأثبت بحث أجري في السنوات الماضية أن الخدمات المتميزة التي تقدمها هذه الشركات ساهمت بالفعل في تغيير منظور كثيرين بشأن الشحن والحصول على المنتجات اليومية، واستمرت هذه الدراسة ستة أشهر وخضع لها أكثر من 1300 موظف يعملون في أسواق العمل في الكثير من المناطق، مثل الولايات المتحدة والبرازيل.
وأشار المشاركون في البحث إلى أن شركة مثل أمازون أو فيديكس وغيرهم أصبحوا يتبعون الآن سياسات غيرت كثيرًا من طريقة وأسلوب التوظيف والتعامل مع الموظفين، ما ساعدها على تحقيق نجاح أكبر.
لا مكان للأسرار
يتوقع الناس أن تترك الشركات أبوابها مفتوحة، بعبارة أخرى ألا يكون لديها أي أسرار، في هذه الأيام يريد الجميع أن تتعامل الشركات بشفافية في مكان العمل.
عندما كان يعمل في شركة جونسون أند جونسون، أدرك جيرينج تمامًا مدى أهمية أن تتبنى الشركات سياسة شفافة في التعامل مع الموظفين والعملاء، ما دفعه إلى إطلاق تطبيق يحمل اسم Shine، وهو تطبيق ويب يساعد الشركة على متابعة طلبات العمل السنوية التي تُقدم إليها، والتي وصل عددها في ذلك الوقت إلى 30 ألف طلب، ويتبع التطبيق الطريقة نفسها التي تستخدمها شركة فيديكس في تسليم الطرود والطلبات، وإذا لم يقع اختيار الشركة على أحد المتقدمين للوظيفة، يرسل له التطبيق مجموعة من النصائح التي تُخبره كيف يُحسن من نفسه وما الذي ينقصه لكي يحصل على وظيفة في الشركة.
ولكن ليس عليك إنشاء تطبيق ويب متطور لكي تكون شفافًا، فمثلاً لجأت شركة Everlane للملابس إلى طريقة مُبتكرة وجديدة لكي تكون شفافة وتثبت مدى نزاهتها، إذ قامت بعرض سلسلة من مقاطع الفيديو على حسابها على تطبيق انستجرام، أطلقت عليها "ثلاثاء الشفافية"، والتي تمكن متابعيها من طرح أي سؤال بشأن طريقة الحصول على وظيفة في الشركة، وكيف تتعامل مع موظفيها؟
كذلك تخطو شركة فيسبوك خطوات واسعة حتى تصبح أكثر شفافية، إلا أن التقرير الأخير الذي أفاد بأن روسيا تمكنت من التلاعب بخوارزميات الموقع الشهير من أجل التدخل في الانتخابات الأمريكية لعام 2016، سدد ضربة قوية لشفافية الشركة العملاقة.
وفي تقرير نُشر بصحيفة نيويورك تايمز، قالت صحفية التكنولوجية كارا سويشر إنه على ما يبدو أن شركة فيسبوك تسعى إلى تحقيق النجاح والبقاء في القمة، ولا تهتم كثيرًا بنزاهتها وشفافيتها، مؤكدة أنها بهذه الطريقة سوف تفقد ثقة موظفيها الحاليين والمستقبليين.
امتلاك هدف حقيقي
عندما يكون لدى الشركات هدف تسعى جاهدة إلى تحقيقه فإن موظفيها الحاليين والمستقبليين سوف يكونوا واثقين فيها، وسوف يشعرون بالتفاؤل حيال دعمها لهم ومساعدتها لهم حتى يصلوا إلى أعلى المراتب، ونرى أمثلة على ذلك كل يوم، مثل قرار شركة CVS لايقاف بيع التبغ للتأكيد على جدية مهمتهم في تشكيل مستقبل الرعاية الصحية في العالم، ما دفعهم إلى اتخاذ هذا القرار رغم أن بيع منتجات التبغ كان يحقق لها عائدات تصل قيمتها إلى 2 مليار دولار.
ويريد الموظفون رؤية قادتهم وهم يعملون على تحقيق الهدف الأكبر، واتخاذ القرارات التي من شأنها المساعدة على حدوث ذلك، والتي من بينها توظيف المواهب وتصميم سياسات تخدم كل من الموظفين والعملاء.
وبعد تأكد هذه الشركات من تأثير هذا الأمر على قيام الموظفين بعملهم وجذب الأشخاص الموهوبين والماهرين من أجل العمل فيها، أجبرت العديد من الشركات العاملين فيها على بذل المزيد من الجهد لسن سياسات وإجراء العمل بطريقة تتفق مع هدفها المُعلن عنه. وهذا ما نجحت شركة جوجل في القيام به بالفعل، وبعد فترة سارت على خطاها الكثير من الشركات الكبرى مثل فيسبوك، وAirbnb، وeBay.