كيف تغلب محمد الخالدي على محنة اللجوء ليصبح أفضل شيف في العالم؟
استطاع الطباخ السوري محمد الخالدي الذي توج قبل أيام بجائزة “أفضل شيف لاجئ في العالم” خلال مهرجان “World Restaurant Awards” الخاص بجوائز المطاعم العالمية التغلب على من محنة اللجوء بعدما فر من دمار الحرب ورائحة الدخان التي تشهدها بلاده فتوجه إلى لبنان ومنها إلى مصر لينجو بنفسه من طلقات الرصاص المتطايرة في كل مكان تزهق الأرواح مع كل طلقة.
وقبل رحلة المعاناة في دول اللجوء كان الخالدي ذو الـ36 عاما مشهورا في بلده حيث كان يملك مطعما في أحد أحياء العاصمة السورية، إضافة إلى مجموعة من المشاريع الصغيرة المرتبطة بعالم المطاعم والخدمات نالت العديد من الجوائز المرتبطة بجودة المنتجات وحسن تطبيق الفكرة. كما كان يظهر على برامج طبخ على عدد من المحطات التلفزيونية، في سوريا وفي دبي، حتى أنه عام 2011 اشترى منزلا جديدا وكان يسعى لتوسيع أعماله مع ازدياد شهرته.
ومع بداية الحرب السورية وملاحقة النظام له قرر الخالدي ترك بلدته التي ترعرع فيها، فتوجه إلى لبنان ومنها إلى مصر ثم ركب وعائلته قاربا متهالكة، ليبحر بهم وسط الأمواج العتيقة التي كشرت عن أنيابها أمامهم، وتمكن خفر السواحل الايطالي من إنقاذهم، ومن إيطاليا اتجه إلى فرنسا، وبسبب لغته عجز عن التواصل مع الآخرين ولكن لم يمكث مكتوف الأيدي حتى انضم إلى منظمة "الطباخون المهاجرون" في فرنسا، وهو مشروع يديره فرنسيون يهدف إلى تغيير الصورة النمطية عن المهاجرين.
وفي فرنسا عمل الخالدي على تحسين صورة اللاجئين السوريين هناك حيث انضم إلى منظمة “الطباخون المهاجرون” وهو مشروع يديره فرنسيون يهدف إلى تغيير الصورة النمطية عن المهاجرين ونقل ثقافته بلادهم في المطبخ، من خلال الأطباق التي تتميز بها سوريا على المائدة مثل الحمصي والديري، بل سعى أيضا إلى تحديث وتطوير تلك الأطباق بطريقة عصرية لتتلاءم مع ثقافة الغرب في الأكل، مما جعلها تجذب الأعين تجاهه لاكتشافها، فتسابق الزبائن لتذوقها واكتشاف سرها.
وتكريما له قامت بلدية باريس بوضع صورة الخالدي؛ أمام مدخل “متحف اللوفر” كمثال على قدرة اللاجئين على الاندماج والعطاء غير المحدود في الدول الأوروبية ليحظى الخالدي بشعبية في باريس، ويغدو الطباخ المفضل لدى فئة من مشاهير العاصمة، وكان المصمم كنزو الشهير اختاره في وقت سابق لتحضير المأكولات خلال عروض أزيائه.
ليس ذلك وحسب بل إن الخالدي أخذ يعطي دروسًا في الطبخ بمعظم دول أوروبا، يتحدث فيها أطباق بلاده وثقافته، وبعض النقاط التي يتميز بها المطبخ السوري، بجانب عمله على حفلات خيرية مع “يونيسف”، كما يحضر حاليًا لإطلاق كتابين الأول يتحدث عن تقنيات الطبخ السوري، والثاني اسمه "هجرة الطعام"، ويتناول كيفية تبدل ثقافة البلد والإرث الحضاري مع الهجرة إلى بلاد أخرى.
ودأب الخالدي على المشاركة في عدة مهرجانات سابقة أبرزها “ريفوجي فود فيستيفال”، الذي فتحت فيه عشرة مطاعم في باريس مطابخها أمام سبعة طهاة لاجئين من سوريا والشيشان وسريلانكا وإيران والهند وساحل العاج، ليعد بذلك أول سوري وعربي يشارك في مهرجان الأنوار والموضة والذوق الرفيع “taste of Paris” الدولي، والذي سيشارك فيه 40 من أمهر الطهاة في العالم، مايو المقبل في قصير “غراند” في باريس.
يذكر أن النسخة الافتتاحية من مهرجان “World Restaurant Awards” الخاص بجوائز المطاعم العالمية أجريت في العاصمة الفرنسية باريس، وتم تكريم بعض من أكبر المطاعم في العالم، إلى جانب طباخين أجانب على مستوى كبير في مجال الطبخ تم اختيارهم من قبل لجنة تحكيم مؤلفة من 100 عضو من صحفيين في المطاعم وأصحاب نفوذ ومحترفين في مجال الطهي من 37 دولة مختلفة.