هكذا يحل مشروع «لووب» مشكلة نفايات البلاستيك الخطرة حول العالم
في العام ١٩٦٠ شهد العالم على لحظة فارقة في عالم صناعة الأطعمة.. قارورة الحليب البلاستيكية. العائلات الأميركية حينها، والتي كان ثلثها ما زال يحصل على ما يحتاج اليه من الحليب من «رجل الحليب» والذي كان عامل توصيل الحليب وجدت القارورة البلاستيكية هي الحل السحري. فهي أخف من الزجاج ولا تنكسر وخلافاً للعبوات الكرتونية فهي شفافة وتمكنهم من رؤية كمية الحليب المتبقية. الكل خرج من تلك المعادلة رابحاً بإستثناء «رجل الحليب».. وكوكب الأرض.
وبالعودة الى زمننا الحالي، فإن البشرية أنتجت نحو ٣،٨ مليار طن من البلاستيك على مستوى العالم، منذ تطويره وانتشار استخدامه في مطلع الخمسينات من القرن الماضي. وتوجد هذه الكميات في العالم اليوم على شكل نفايات ومن المتوقع ان أن تصل كميات نفايات البلاستيك في العالم إلى نحو ١٢ مليار طن بحلول عام ٢٠٥٠ .٣٠٪ من البلاستيك الذي أنتج سابقاً لا يزال قيد الاستخدام، ٩٪ منه فقط قابلة لإعادة التدوير في حين أن النسبة الأعظم ٧٩٪ موجودة في البيئة الطبيعية، أو في مستودعات.معظم اللدائن لا تتحلل بشكل عضوي، لذلك فإن نفايات البلاستيك التي أنتجتها البشرية يمكن أن تظل عندنا آلاف السنوات.
جزئيات البلاستيك موجودة في التربة، وفي الهواء وتدخل الى اجسامنا. فمن يحل هذه المشكلة التي تهدد الكوكب وما عليه من حياة؟
شركات كبرى مثل بروكتر أند غامبل، نستله، بيبسي، دانون، مارس بتكير، وغيرها الكثير من الشركات الكبرى حول العالم بدأت تتعاون مع شركة توفر الحلول لمشكلة النفايات البلاستيكية. جميع هذه الشركات تعمل على مشروع يعرف بإسم لووب، والذي تم الإعلان عنه في المتندى الإقتصادي العالمي في دافوس. هذا المشروع يقدم خياراً بديلاً لإعادة التدوير إذ ان نظام إعادة التدوير لا يسير كما يجب هذه الايام.
حالياً هم في مرحلة إختبار والتجربة التي تشمل آلاف الزبائن بدأت في نيويورك ثم ستتوسع الى باريس ثم لندن وتورنتو وطوكيو وسان فرانسيسكو.
ما هو مشروع «لووب»؟
لووب هو طريقة جديدة للتسوق ويوفر حوالي ٣٠٠ منتج سواء من منتجات تايد أو شامبو بانتين أو أيس كريم هاغن داز معجون الاسنان كريس وغيرها في عبوات يمكن إعادة إستخدامها. أي بعد أن يقوم الزبون بإفراغ محتوى المنتج ا فهو يقوم بوضعه أمام الباب في صندوق خاص بـ لووب. الشركة ترسل مندوبيها الذي يقومون بجمع هذه العبوات الفارغة حيث يتم تنظيفها وإعادة تعبئتها من جديد وإعادتها الى الزبون مجدداً.
ويعد «لووب» الحل العالمي الأول من نوعه في مجال التسوق والتغليف و يهدف إلى تحسين الأداء البيئي ومعايير الراحة مقارنة مع حلول التجارة الإلكترونية الحالية من خلال الغلافات التي تجمع وتنظف ويعاد تعبئتها واستخدامها. بتعبير آخر المشروع هو «رجل حليب القرن الـ ٢١» وقد جاء من أجل المساهمة في حل مشكلة النفايات.
من نفايات ترنتون الى المسرح العالمي
قبل عامين كان توم سانزكي يتوجه من ترينتون الى دافوس مع فكرة غير مكتملة وخطة فضفاضة من اجل عرضها على كبرى الشركات في العالم. سانزكي حالياً هو الرئيس التنفيذي لشركة «تيرا سايكل» التي أسسها بعد أن ترك جامعة برنستون من أجل جمع النفايات. شركة تيرا سايكل هي أكثر من مجرد مشروع بيئي. فهذه الشركة التي تحقق الأرباح منذ العام ٢٠١١ تعيد تصنيع النفايات وتبيعها كمواد جديدة بالكامل.أغلفة الحلوى، والزجاجات البلاستيكية، وأعقاب السجائر، هي من بين المواد التي صنعت منها الشركة أكثر من ١٥٠٠ منتج، بدءا من حقائب الظهر إلى مرشات المياه، وجميعها متوفرة في المتاجر الكبرى وعلى شبكة الإنترنت.
الشركة تقوم على إشراك الناس العاديين في جمع النفايات إذ يجمع حوالي ٤٠ مليون شخص في ٢٢ بلداً النفايات مقابل الحصول على نقاط يمكن استبدال مساهمات خيرية بها أو لشراء منتجات. تبيع شركة تيرا سايكل الصناديق التي يضع فيها الأفراد أو الشركات النفايات قبل إرسالها إلى الشركة ثم يتم تحويل النفايات إلى منتجات عصرية جديدة.
كيف يعمل لووب؟
التسوق: يزور المستهلكون موقع لووب الإلكتروني أو مواقع تجارة التجزئة الشريكة الخاصة بلووب ويقومون بتسوق العلامات التجارية الموثوقة التي أعيد تصميمها حالياً بحيث لا ترمى غلافاتها في وقت لاحق.
الاستلام: يستلم المستهلكون منتجاتهم المتينة في صندوق شحن حديث مصمم حصرياً من لووب يقضي على الحاجة لمواد الشحن ذات الاستخدام الواحد مثل صناديق الكرتون.
الاستمتاع: يتمتع المستهلكون بتجربة راقية ومريحة طوال الوقت مع إلغاء فكرة رمي الغلافات المستخدمة.
النقل: لا حاجة لتنظيف العبوة والتخلص منها فعندما ينتهي المستهلكون من استخدام منتجاتهم، يضعون الغلافات الفارغة في أحد صناديق لووب. وسيقوم لووب بأخذها ونقلها مباشرة من عتبة منازلهم.
التنظيف: فريق العمل في لووب طور تقنيات مخصصة للتنظيف لإتاحة إمكانية إعادة استعمال كل منتج بأمان.
إعادة التعبئة، أو التدوير، أو إعادة الاستعمال: تقوم لووب بتجديد المنتجات حسب الحاجة، وتعيد حقائب الشحن المعبأة من جديد إلى المستهلك. وفي حال توافر منتج مستخدم قابل للاسترداد مثل الحفاضات أو الفوط أو شفرات الحلاقة أو أجزاء الفراشي، تتم استعادتها لإعادة استعمالها أو تدويرها.
هل ستنجح التجربة؟
لووب ما تزال تجربة على نطاق ضيق ولكن الشركاء هم من أكبر المعلنين في العالم ولو أرادوا انجاح لووب فهم يمكنهم القيام بذلك. ولكن لغاية الان الشركات تتقدم بحذر وذلك لان التجربة هي التي ستحدد ما إن كان الشركات تود المضي قدماً أم التراجع. ولكن وبغض النظر عما تظهره الارقام يبقى هناك معضلة المتسوق الذي يطلب منه إعادة تعريف تجربته في التسوق بشكل كلي والتغيير الجذري في العادات وهذا ما يقلق الشركات لان الجميع اعتاد على تجربة التسوق نفسها. وهذه الأسباب وغيرها يمكنها أن تؤدي الى فشل لووب.
المصدر: ١