الوضوح وليس اليقين.. لماذا يصعب على الشركات «التفكير» الفعال بالمستقبل؟
في مجال العمل، يكاد يعتمد كل قرار يتم اتخاذه على الفهم الدقيق لمستقبل العالم، فقبل اتخاذ قرار مهم يتساءل المسؤولون في الشركات الكُبرى أو الصغيرة الناشئة، مثلاً: كيف سيستجيب السوق لمشروعنا القادم؟ ما هي المنتجات التي سيصدرها منافسونا في العام المُقبل؟ كيف سيؤثر التطور التكنولوجي والابتكار والركود الاقتصادي وأي مشاكل مفاجئة على أوضاعنا في السوق؟ كيف سيقوم هذا الموظف بمهام هذا المنصب؟ وكيف سنحقق أهداف الشركة للأعوام الخمسة الماضية؟
وغالبًا ما يستشهد القادة بالإجابات على هذه الأسئلة أثناء شرحهم لأفعالهم، ويعتقدون أنهم إذا كانوا قادرين على التنبؤ بدقة بالأحداث المستقبلية، فلن يكون هناك شيء اسمه أزمة غير متوقعة، إلا أن هذا غير صحيح تمامًا، فنحن نُبالغ في تفكيرنا بالمستقبل حتى نشعر بالإحساس الزائف باليقين، لأن الدماغ تستخدم شعورها باليقين لتقدير الكثير من الأمور الأساسية الموجودة في حياتنا، مثل الغذاء والجنس والتواصل مع الآخرين، كما أن الإحساس باليقين يساعدنا على الشعور بأننا متحكمون أو مسيطرون على الوضع بأكمله، ومستعدون للتعامل مع أي مشكلة.
ويفسر علم الأعصاب حاجتنا الشديدة إلى الشعور باليقين بأن المستقبل أمر غير مؤكد بطبيعته، والدماغ يكره عدم اليقين، لأن هذه الحالة تؤثر على صنع القرار وتقييم المخاطر وحتى قدرتنا على التعلم، لذلك نبذل مجهودًا خرافيًا طوال الوقت من أجل التنبؤ به وتوقع ماذا سيحدث، إلا أننا لن نستطيع أبدًا توقع ماذا سيحدث في المستقبل، ويؤثر هذا على قدرة الشركات على التفكير بنحو فعال في المستقبل.
عقلك والمستقبل
تعتمد العقول دائمًا على البيانات، فهي الوقود التي يحركها، فنحن البشر نتوقع ماذا سيحدث غدًا، بناءً على البيانات والمعلومات التي نحصل عليها اليوم وأمس.
يقول العالم المعرفي آندي كلارك، إننا نتوصل إلى المعاني ونقيم الأمور ونعيد التفكير في العديد من الأشياء ونعيد تشكيل واقعنا من خلال الاعتماد على بيانات ومعلومات نحصل عليها، وبهذه الطريقة نستطيع تحديد الخطر الذي يهددنا، ونعرف ما هي الأمور الصائبة وما هي الأمور الخاطئة.
حاول التنبؤ بما ستشعر به أو ما ستعتقد أنه سيحدث بعد عامين، وسيؤدي قيامك بذلك إلى تشغيل مناطق بعينها في عقلك، والتي ستعمل على معالجة الواقع المستقبلي، كما أن بعض مناطق الفص الجبهي ستقوم بمعالجة الخطأ ومقارنة وضعك الحالي مع احتياجاتك وأهدافك وتوقعاتك.
تتم كل هذه العملية، التي تبدو مُعقدة إلى حد كبير، من أجل المساعدة في الحد من مستوى عدم اليقين من خلال زيادة الاهتمام، والقدرة على التعلم والاتصال العصبي. ومع ذلك، إذا كانت هذه الحالة مُزمنة فإنها تزيد الحمل على النظام وتعوق قدرة على الإدراك.
4 خطوات للتخلص من السلبية التي تصاحبك قبل إلقاء خطابات أمام الجمهور
ماذا يجب أن تفعل الشركات بشأن المستقبل؟
يقول بوب جوهانسون، المؤلف والكاتب الكبير إن الخطوة الأولى هي السعي إلى الوضوح وليس اليقين، لاسيما أن المستقبل أمر يصعب التنبؤ به، لذلك لن يكون لدينا أي يقين حول ما سيحمله لنا، ولكننا نملك الوضوح الذي يتمثل في معرفة هدف شركاتنا ورؤيتها وقيمها.
ولتحقيق هذا النوع من الوضوح سيتعين عليك تقبل المستقبل دون محاولة التنبؤ بأي شيء، وأن تركز عوضًا عن ذلك على الأسئلة التي تستطيع الإجابة عليها.
عندما تتمتع الشركات بالوضوح وتستطيع الإجابة على الأسئلة الحاسمة بشأن أهدافها ورؤيتها وأغراضها، فإنها ستكون قادرة على التعامل مع كل ما يحدث في المستقبل.