كيف تساعد الإدارة المرنة الشركات على الخروج من أزمات كبيرة؟
المنهج الإداري الذي يعتمد على فريق عمل صغير، ريادي، وقريب من العملاء، غالبًا ما يكون له سمعة طيبة تعكس اعتماده السريع على تطوير البرمجيات، يناسب هذا النهج التقنيين، والشركات الناشئة في سيليكون فالي.
ومن المؤكد أنه لا يناسب الشركات الكبيرة والتي تواجه أزمات وجودية، وتحتاج إلى سياسات شاملة، في هذه الحالة يعتقد البعض أن ما تحتاجه الشركات الكبرى هو ديكتاتور لديه بصيرة، يعرف بالتحديد ماذا يفعل لإنهاء الأزمات.
ولكن على عكس الحكم التقليدية وأفلام الحركة التي تقدمها هوليوود، فإن الإدارة الديكتاتورية ليست فعالة في الأزمات الكبيرة. الأنظمة القيادية الصارمة التي تقوم على التحكم تكون مثالية عندما تكون الأمور مستقرة يمكن التنبؤ بها، وليكون لدى القادة معرفة كبيرة بظروف العمليات والحلول المحتملة تفوق معرفة موظفيه، ويمكن لصناع القرار التعامل مع الأزمات الكبيرة، ويلتزمون بإجراءات التشغيل القياسية، ولا يهتمون كثيرًا بالتكيف مع التغييرات.
ولكن هذه الأمور لا توجد في الأزمات الكبيرة مثل الكوارث الطبيعية، أو الهجمات الإرهابية، أو المعارك العسكرية، ولا تساعد على القيام بتحول كبير في مسار عمل الشركة، وفي هذه الحالة فإن عدم القدرة على التنبؤ بما سيحدث واستمرار تقلب الأمور يمثلان مشكلة كبيرة، وفي هذه الحالة يكون المشغلين ذوي الخبرة في المجال لديهم معرفة أكبر، ومعلومات أكثر من المسؤولين الديكتاتوريين. بالإضافة إلى أن المعلومات الزائدة عن الحاجة تشل قدرة القادة على اتخاذ قرارات، ما يؤدي إلى انهيار المؤسسة.
ومع مرور الوقت، سيقع المدراء فريسة لأسطورة "الديكتاتور في أزمة" وسيدفعون ثمنًا باهظًا، خاصة وأن استجابتهم على التطورات غير المتوقعة ستكون بطيئة، بالإضافة إلى أن نقص ثقتهم في الموظفين ستعوق عملية النمو لفترة طويلة بعد مرور الأزمة، وأفضل أمثلة على ذلك اعصار كاترينا، وانهيار مفاعل تشيرنوبيل.
لهذه الأسباب، فإن فرق إدارة الأزمات بدأت تغير طريقتها، وتحولت الأنظمة من كونها أنظمة قيادية متحكمة إلى فرق أكثر تكيفًا ومرونة، وأصبحوا يتعاملون بمنهجية جديدة تُدعى "هيب" للعمل في الأماكن التي يعتقد كثيرون إنها غير ملائمة.
لماذا عليك انتقاد المرشحين لوظيفة في شركتك خلال مقابلة العمل؟
قصة شركة وورلي بارسونز
ومن بين الشركات التي تتبع النهج الجديد شركة " وورلي بارسونز "، وهي شركة عالمية للهندسة والبناء تتخصص في حقوق النفط والمشاريع الأخرى التي لها صلة بالطاقة، في عام 2015 عانت الشركة من انخفاض سعر النفط بشكل كبير، ما ترتب عليه انخفاض الطلب على خدماتها. وعانت الشركة من انخفاض الإيرادات، وانخفض معدل الأرباح، بالإضافة إلى انخفاض سعر الأسهم.
ومع زيادة حدة الأزمة، قامت الإدارة بعدة إجراءات لخفض التكاليف، إلا أن ذلك لم يكن مُجديًا، لأن الشركة كانت في حاجة إلى طريقة جديدة للعمل، وعندما علم المدراء التنفيذيون بطريقة الإدارة المرنة، قرروا استخدامها. وعوضًا ع اصدار توجيهات من القادة العُليا، حددت الإدارة الخطوط العريضة، ونفذت مبادرة ضمت مئات فرق العمل، غيرت هذه الفرق طريقتهم في العمل، حتى يتمكنوا من اتخاذ قرارات سريعة، كما أنهم عملوا على تحديد الأولويات في قوائم الأعمال المتراكمة، ومعرفة ما يتوجب فعله أولاً في المهام اليومية، واستخدموا كافة الأدوات التي تعتمد عليها استراتيجية الإدارة المرنة للقضاء على المشاكل.
ساعد النهج الجديد على التعامل مع الأزمات بسرعة كبيرة، ومحاسبة المسؤولين عن الأخطاء بطريقة لم تكن موجودة من قبل، كما أنه ساعد على تقليل نسبة انعدام الكفاءة في العمل، وتخلصوا من العمليات التي ليس لها داعي، واقترحوا القيام بكل شيء من أجل مساعدة الشركة على الوقوف على قدميها مرة أخرى، بداية من إجراء اصلاح شامل للبنية التحتية، وصولا إلى منع الموظفين من السفر على درجات رجال الأعمال لتوفير النفقات.
ودعا المديرون التنفيذيون الفرق المحلية لانتهاز الفرص واستغلالها جيدًا، وسارعت هذه الفرق في الاستجابة لطلبات العملاء، وتمكنوا من تعديل أنظمة التدفئة والتبريد غير الفعالة وغير المؤثرة، وكانت النتائج مثالية وسريعة.
في أول 100 يوم زادت أرباح الشركة بنسبة 20 بالمئة، وانخفض صافي ديونها، وحققت أرباحًا وصلت إلى 120 مليون دولار، وبعد عام واحد، وبلغ إجمالي ادخار الشركة حوالي 400 مليون دولار، وارتفع سعر أسهمها إلى أكثر من 4 أضعاف.
والأكثر أهمية من ذلك، هو أن الآلاف من الموظفين شاركوا في مبادرات الإدارة المرنة، وتعلموا مهارات جديدة، وزادت ثقتهم في أنفسهم، كما أنهم ركزوا جهودهم على الابتكار، وإطلاق مبادرات جديدة.
مشكلة الإدارة المرنة
ومع ذلك، عليك أن تعلم أن اتباع أسلوب إدارة مرن يحتاج إلى التكيف مع بعض الممارسات التقليدية، كما أنه قد يُعرضك لبعض المخاطر، فعلى سبيل المثال، فريق الإدارة المرن عادة ما يهدف إلى تزويد اعضائه بنمط حياة دائم، ويجعلهم يعملون بطريقة يمكنهم الحفاظ عليها لأجل غير مُسمى، ولكن إذا تعرضت الشركة إلى أزمة فإن موظفيها سيضطرون في هذه الحالة إلى المعاناة من عدم الاستقرار عدة أشهر، أو ربما سنوات.