دروس من وحي العيد نعلمها لأولادنا
الفئة التي تفرح بالعيد وتنتظره على أحر الجمر هي الأطفال.
بالنسبة للأطفال العيد هو أجمل فترة ممكنة، فهناك الملابس الجديدة والعيدية والزيارات والنزهات واللعب طوال اليوم.. في الواقع فرحة العيد الخاصة بالأطفال هي من أجمل الأمور الخاصة بذلك النهار المميز.
ولكن العيد هو أكبر من مجرد ملابس جديدة ولعب وعيدية وتناول لكل ما يحلو لهم من الحلوى وغيرها من الأطعمة التي عادة يمنع عليهم تناولها بكميات كبيرة، بل هو فرصة لكل والد ووالدة تسمح لهم بتقديم الدروس القيمة والهامة جداً لأولادهم.
فما هي الدروس التي يمكن لأولادنا تعلمها من العيد؟
فرح بعد تعب
العيد هو مناسبة للفرح .. وهذا الفرح يأتي بعد تعب دام لثلاثين يوماً. أعيادنا الإسلامية دائماً تأتي بعد طقوس عبادة شاقة، فعيد الفطر يحل على المسلمين بعد أن قاموا بواجباتهم لثلاثين يوماً من صوم منهك وعبادة والله خصص يوم العيد للفرح فالشعور بالسعادة في يوم العيد هو بحد ذاته عبادة.
السعادة عند الأطفال بيوم العيد لا يجب ان تتمحور حول الملابس الجديدة أو الألعاب التي يقومون بشرائها فحسب بل يجب أن تجعل أطفالنا يدركون بأن فرحة العيد نابعة من واقع ان كل مسلم أتم شهره على اكمل وجه.
مبدأ تأجيل المكافأة
شهر رمضان قائم على فكرة تأجيل المكافأة.. وهذا المبدأ هو الأساس الذي تقوم عليه معظم النظريات التي تحاول أن تقدم وصفة ناجعة للنجاح في كل مجالات الحياة. البشر بشكل عام تميل للحصول على المكافأة الانية خصوصاً الأطفال، فإن إقترحت على طفل أن يأخذ قطعة من الحلوى الان أو ان ينتظر بضع ساعات ويحصل على قطعتين فهو من دون شك سيختار الخيار الاول.
رمضان هو بحد ذاته مكافأة مؤجلة وبأشكال عدة، الصوم طوال ساعات النهار له مكافأة تناول الطعام عند المغيب في كل يوم، الصوم لثلاثين يوماً له مكافأته المؤجلة والتي تتمثل بيوم العيد.. وصوم شهر رمضان كل سنة مكافأته المؤجلة هي حسنات عديدة تشفع للمسلم يوم القيامة. العلماء إكتشفوا ان الذكاء ليس المعيار للنجاح، فالأطفال الذي امتلكوا نسبة ذكاء عالية جداً لم يحققوا بالضرورة نجاحات كبيرة عند الكبر ولكن تبين أن القدرة على تأجيل المكافأة هي واحدة من اهم الخصائص التي تميز الذين يتمكنون من تحقيق النجاح.
رمضان يعلم هذا المبدأ ويرغم الكل على تطبيقه ولكن الغالبية لا تستمر على المنوال نفسه، لذلك يجب إظهار هذه الجزئية لأولادنا لأن معرفتهم بأنهم قاموا بذلك سيجعلهم يدركون بأنهم يملكون القوة والقدرة على كبح الرغبة في الحصول على المكافأة الانية وبالتالي يمكنهم القيام بذلك في كل موقف حياتي حالياً ومستقبلاً.
الملابس الجديدة والعيدية
الكل يفرح بالملابس الجديدة سواء كانوا من الاطفال أو البالغين.. يجب الحرص على أن يكون الاطفال في اجمل طلة ممكنة يوم العيد فالنبي محمد (ص) كان يحب الطيب والرائحة الزكية والملابس الجديدة. كما أن عيدية العيد فرصة لتعليم الأولاد آلية التعامل مع المال، فلا يجب تركهم ينفقون كل شيء دفعة واحدة وفي اليوم الاول على الألعاب والحلوى وغيرها، بل يجب إقتراح خطة للتعامل مع المال أو الخروج بخطة مشتركة يشارك فيها الطفل بأفكاره حول آلية التعامل مع المال. فيخصص المبلغ هذا لشراء ما يريده وقسم منه يقوم بإدخاره وقسم يتم تقديمه كصدقة للفقراء وهكذا يكون الدرس بدرسين، تعلم التعامل مع المال ومساعدة الذين هم أقل حظاً منه.
الفرح في الإسلام
غالبية الاهل وحين يريدون تعريف أولادهم على تعاليم الدين الإسلامي يميلون الى التركيز على ما هو محرم وعلى ما هو ممنوع وبالتالي العقول الفتية تلك تتعامل مع الدين وكأنه يمنع عليهم القيام بعدد كبير من الامور وغالباً ما تكون ردة الفعل عكسية وبمجرد وصولهم الى سن النضج يبتعدون عن الدين وينخرطون في كل الممارسات المحرمة.
العيد مناسبة لتعليمهم بان الدين الإسلامي هو دين الفطرة والإنسان يحب الفرح والسرور ولهذا هناك العيد الذي هو مساحة من الترفيه التي يحتاج اليها الإنسان بشدة.والأفضل من هذا كله هو ان الفرح هذا يأتي مصحوباً بفرحة الإنجاز.. وعليه السعادة مضاعفة والشعور بالرضى عن النفس في ذروته. الفرح ليس مضيعة للوقت بل هو ضرورة حياتية لا يمكننا ان نعيش من دونها والله أراد للبشر ان تفرح وترفه عن نفسها وترتاح بعد العناء.
صلة الرحم
العيد قائم على زيارة الاهل والأقارب وعلى دفن الاحقاد وعلى مسامحة من أساء إلينا.صلة الرحم واجبة وقطيعتها معصية فالله وفي اكثر من آية تحدث عن اهمية صلة الرحم وعن الاحسان الى ذوي القربى. الأطفال عادة يتذمرون من كثرة الزيارات الاجتماعية التي يتم القيام بها خلال العيد كما انهم يتململون من كثرة الزوار القادمين.. ولكن عندما يقوم الام أو الاب بشرح أهمية هذه الزيارات والتي هي اكبر بكثير من مجرد طقوس إجتماعية فإن الطفل سيدرك بأن ما يحصل طاعة الله. وحين يكون الأهل خير قدوة بحيث يسامحون ولا يحملون الاحقاد ولا يقومون بمقاطعة الاقارب والاهل ويمدون يد المساعدة لمن يحتاج اليهم من افراد العائلة فان أطفالهم سيحذون حذوهم سواء خلال سنوات الطفولة أو لاحقاً حين يصبحون ناضجين.