«الطنطاوي».. 25 عامًا «على مائدة الإفطار» حَفرت سيرته في ذاكرة العالم الإسلامي (فيديو)
«على مائدة الإفطار» ليس طعامًا فقط، بل استقر في أذهان السعوديين على مدار ربع قرن من الزمان، العديد من القصص والمقولات، التى تناقلوها وتدارسوها، من برنامج الشيخ السوري علي الطنطاوي، الذى أُطلق عليه هذا الأسم، كونه كان يُعرض قبل الإفطار في شهر رمضان.
فطالما أنتظر السعوديون البرنامج، قبل إفطار رمضان بساعات على القناة السعودية، كان هو الأكثر متابعة، والأفضل إلهامًا، وأعد المهتمون الكثير من الكتب حول ما قدمة الطنطاوي عن روح الإسلام والمسلمين الحقيقة، على مدار 25 عامًا.
ومن جانبه، نشر بدر العساكر، مدير مكتب سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي تويتر، مقطع فيديو للتذكير بما قدمه الشيخ الجليل علي الطنطاوي.
منذ عام 1967م وحتى 1992م..
— بدر العساكر B.Asaker (@Badermasaker) June 3, 2018
أطل الشيخ #علي_الطنطاوي على موائد إفطارنا الرمضانية، بأسلوبه التلقائي وإنسانيته الحانية وأفكاره التي سبقت عصره..
رحمه الله وأجزل ثوابه. pic.twitter.com/VZAZ2vLVCW
ظل الشيخ الطنطاوي يتحدث ويوضح التعاليم والقيم، ناقلًا لسير من سبقونا بالإيمان، فاستحق حب وتقدير وحفر لسيرته في ذاكرة العالم الإسلامي أجمع وليس السعوديين فقط، وبث وقتها مجموعة من الأفكار الإنسانية والقيم أظهرت كيف هو سابق لعصره بسنوات عدة.
بحسب من تابعوه وقتها، فإن الشيخ الطنطاوي يمتلك أسلوبًا يصعب وصفه بالكلمات، فالبساطة والتلقائية احيانًأ تشعرك بالعجز أمام عزوبتها، فالرجل كان لديه من القدرة على دمج معاني الوسطية في قالب بسيط يصل سهلًا للصغير والكبير.
وبمناسبة رمضان تحدث الشيخ تركي الشثري عنه في حديث خاص له مع احدى المنصات الإعلامية قائلا: "إن الشيخ الحبيب والكاتب الأديب، الوجه التلفزيوني المألوف، والصوت الشامي الآسر، الشيخ علي الطنطاوي شخصية مميزة، جمعت بين العمق الفلسفي، والطرح السلس المطرب مع السماحة وصدق اللهجة، وتمحض النصح، والرغبة في نفع المستمع والمشاهد والرائي، اجتمع له من الصفات ما لم يجتمع لغيره، هو كالنهر الرقراق عذب في أسلوبه، جميل في كلامه لطيف في عبارته غير متشدق ولا متفيهق".
من هو الطنطاوي؟
يُعتبر الأديب السوري من كبار أعلام الدعوة الإسلامية والأدب العربي، ففي عام 1963م سافر إلى الرياض مدرّساً في "الكليات والمعاهد" ثم انتقل إلى مكة وعاش فيها 35 عاما.
بحسب ما هو متاح من معلومات، فإنه قدم أطول برنامجين عمرًا في تاريخ إذاعة المملكة ورائيها، فمع بداية تدريسه في مكة، كُلف بتنفيذ برنامج للتوعية الإسلامية، فترك الكلية وراح يطوف على الجامعات والمعاهد والمدارس في أنحاء المملكة، لإلقاء الدروس والمحاضرات، وتفرَّغَ للفتوى ويجيب عن أسئلة وفتاوى الناس في الحرم -في مجلس له هناك- أو في بيته ساعات كل يوم، ثم بدأ برنامجيه: "مسائل ومشكلات" في الإذاعة و"نور وهداية" في الرائي.
35 عامًا كانت حافلة بالعطاء الفكري للشيخ، ولا سيما في برامجه الإذاعية والتلفازية التي استقطبت -على مرّ السنين- ملايين المستمعين والمشاهدين، وتعلّقَ بها الناس على اختلاف ميولهم وأعمارهم وأجناسهم وجنسياتهم.
فالطنطاوي ضمن أقدم مذيعي العالم العربي، بل لعله من أقدم مذيعي العالم كله، فقد بدأ يذيع من إذاعة الشرق الأدنى من يافا من أوائل الثلاثينيات، وأذاع من إذاعة بغداد سنة 1937م، ومن إذاعة دمشق من سنة 1942م لأكثر من عقدين متصلين، وأخيراً من إذاعة المملكة ورائيها نحو ربع قرن متصل من الزمان.
"لقد عزمتُ على أن أطوي أوراقي، وأمسح قلمي، وآوي إلى عزلة فكرية كالعزلة المادية التي أعيشها من سنين، فلا أكاد أخرج من بيتي، ولا أكاد ألقى أحداً من رفاقي وصحبي"، هكذا ودع الطنطاوي مشاهديه بعد أن ترك الإذاعة والتلفاز حينما بلغ الثمانين من العمر، وكان قبل ذلك قد لبث نحو 5 سنين ينشر ذكرياته في الصحف، حلقةً كل يوم خميس، فلما صار كذلك وقَفَ نشرَها ايضًا (وكانت قد قاربت مئتين وخمسين حلقة).
انتقل الطنطاوي الى الرفيق الأعلى مساء يوم الجمعة 18 يونيو عام 1999م في قسم العناية المركزة بمستشفى الملك فهد بجدة، ودُفن في مقبرة مكة المكرمة في اليوم التالي بعدما صُلّي عليه في الحرم المكي الشريف.