أرامكو الشركة الأكثر ربحية في العالم.. فما هي أسباب تفوقها؟
شركة أرامكو التي تقف على أعتاب مرحلة هامة من خلال طرحها للاكتتاب العام يتم وصفها بانها جوهرة قطاع النفط في السعودية.
هي شركة سعودية وطنية تعمل في مجالات النفط والغاز الطبيعي والبتروكيماويات والاعمال المتعلقة بها من تنقيب وإنتاج وتكرير وتوزيع وشحن وتسويق.
على مدى أربعة عقود حققت أرامكو أداء مالياً مثالياً وهي كما كشفت بلومبرغ الشركة الاكثر ربحية في العالم اذ حققت صافي أرباح في النصف الاول فقط من العام ٢٠١٧ ٣٣،٨ مليار دولار الى جانب تدفقات نقدية بلغت ٥٢،١ مليار دولار. ووفق بلومبرغ فان الأرباح المجمعة لشركات «إيكسون موبيل» و«رويال داتش شل» و«شيفرون» إلى جانب «توتال» الفرنسية و«بى بى» البريطانية لا تتطابق مع ذلك؛ حيث حققت أرباحاً تقل قليلاً عن ٢٦ مليار دولار فى الفترة نفسها.
بطبيعة الحال الأسرار لناحية الخطط المعتمدة هي سر من أسرار الشركة التي لا يعرفها سوى قلة قليلة داخل الشركة نفسها. ولكن يمكن الحديث عن مجموعة من الأسباب الاخرى التي جعلتها تنجح وتستمر بالنجاح.
هي اللبنة الأولى
للناحية العاطفية والوطنية وبعيداً عن لغة الأرقام والارباح فان أرامكو هي قصة تختزل الكفاح والصبر والتحديات والاحلام والطموحات. وفي بداية الثلاثينيات كان الملك عبدالعزيز أمام ظروف غاية في الصعوبة. فبسبب الكساد الاقتصادي العالمي، تضاءل عدد المسلمين القادرين على أداء فريضة الحج الذي كان مصدر الدخل الأكبر للبلاد، فكان لا بد من البحث عن مصادر مالية أخرى.
وحين تدفق بئر الدمام الرقم ٧ مسطراً فصلاً جديداً من تاريخ السعودية ظهرت أرامكو والتي كانت تحمل اسم كاليفورنيا العربية للزيت القياسي. بعد مسار تاريخي طويل وتعديل وتبديل في الأسماء بسبب شراكات و«معارك» خاضها الملك من اجل ضمان حصول السعودية على ما تستحقه من عائدات نفطها ظهرت ارامكو في العام ١٩٨٠ بحيث اصبحت السعودية تملك ١٠٠٪ من الشركة.
السعودية تعلمت الدرس من المراحل السابقة حيث كان تحصل على نسب قليلة فكان القرار في الستينات في تأسيس أوبك .
كما ان السعودية تعاملت وبحزم مع حصولها على أكبر قدر ممكن من الثروة من مواردها الكامنة في أراضيها، وبالتالي تسارعت وتيرة الإنفاق على مشروعات التنمية والتحديث في المملكة.
لم تقف في مكانها
أرامكو من الشركات التي أدركت ومنذ تأسيسها أن سر النجاح يكمن في الحركة الدائمة. فهي ومنذ البداية تعمل على تحسين عملها والحصول على الادوات التي تمكنها من النجاح والتوسع. ففي العام ١٩٨٦
ففي أوائل العام ١٩٨٦ عرض رئيس الشركة علي النعيمي خلال محادثاته مع وزارة البترول والثروة المعدنية، أن تصبح أرامكو شركة زيت متكاملة. وهذا ما حصل بالفعل وتم عقد الإتفاقيات والشراكات وتم إكتشاف المزيد من حقول النفط وبالتالي المزيد من الارباح.
يضاف الى ذلك انها خلال العقد الماضي إهتمت وبشكل كبير جداً بتحسين عملياتها، وللقيام بذلك إستعانت بحوالي ٥٠٠ مهندس وعالم متخصصين في مختلف جوانب صناعة النفط والغاز. كما أن الشركة تملك نوعين من الأبحاث الأول هو التنقيب وهندسة البترول في مركز البحوث الذي يدير الإستشكاف والانتاج ويركز على بحوث مصادر النفط ومركز البحوث والتنمية ويركز على أبحاث المنتج النهائي. كما أنها تملك مركز الاعداد الجامعي والذي هو أحد مرافق التدريب التابعة للشركة والذي يقع الى جانب مركز التدريب الصناعي والذي يهدف الى اعداد وتدريب حديثي التخرج.
ويعد مركز الأبحاث المتقدمة التابع لمركز التنقيب وهندسة البترول إحدى قصص النجاح العديدة التي تُجسد قدرات الشركة منذ انتقالها من شركة يديرها الأجانب إلى شركة يملكها ويديرها ويشغِّلها سعوديون.
كيف تتيح قنوات التسويق الموحدة للعُملاء خوض تجربة تسوق ممتعة؟
ثقافتها مبنية على تنمية تنمية الكفاءات
في اجتماع عقدته إدارة الشركة عام 1998، قال رئيسها آنذاك عبد الله جمعة: «لقد آن الأوان للشركة أن تُطلق المارد من القمقم». مشيراً بذلك إلى ضرورة إطلاق قوة العقول والكفاءات في الشركة. فبهذه الكلمات البسيطة سلط الضوء على الثقافة الجديدة في الشركة آنذاك والقائمة على تنمية الكفاءات عند الموظفين والطلاب والمهنيين السعوديين. ولاحقاً، أعلنت الشركة أن عام 2001، عاماً للتطوير الذاتي، وأطلقت مجموعة برامج جديدة تهدف إلى تعزيز قدرات الموظفين المبدعين وتطويرها من خلال البرامج التدريبية المكثفة وتنمية الإمكانات المهنية والفردية لموظفيها.
وبموازاة التبدل النوعي للاهتمام المتنامي بموظفيها، تطور أيضاً اهتمام الشركة بمجتمعها وبلادها ككل.
إستغلال مواردها لتطبيق معايير عالية الجودة
أرامكو تملك الكثير من الموارد ولكنها قرر عدم إستغلالها بطرق لا تعود عليها بالفائدة فكان القرار توظيف هذه الموارد لتطبيق معايير عالية الجودة تحقق تلك الكفاءة والتميز بالأداء. فهي تمنح موظفيها كافة سبل العيش المترف وتهيئ لهم بيئة عمل بمقاييس عالية من راتب وسكن ورعاية صحية وتعليم وتطوير وتدريب مهني ومسار وظيفي وتقويم عادل للأداء، إضافة إلى ثقافة إدارية مبنية على الثقة والاتصال الفاعل وبناء الخبرات.
كما انها تحرص على المرونة في كل شيء لناحية الأنظمة المالية والادارية المرنة التي لا تعيق سير العمل بل تسهله. التميز الذي تحققه أرامكو من خلال الكفاءات يتمثل بالتميز بالارباح. وبطبيعة الحال النجاح الاداري في ارامكو ليس من دون مساءلة ومحاسبة وتدقيق ومكافحة للفساد.. لانه لو كانت الشركة «متروكة» لهذا أو ذاك لكانت تعثرت حالها حال مئات الشركات في عالمنا العربي والتي اصبحت مرتعاً للفساد. هذه المقاربات تجعلها من الشركات التي تملك اهدافاً واضحة ومعايير عالية وبالتالي تنجز اعمالها بسرعة ودقة عالية.