المتاجر التقليدية vs الإلكترونية: من المنتصر في السعودية ؟
في الوقت الذي تكبر في المولات التجارية وتصبح أكثر ضخافة وفخامة فإن السعودي يتجه الى أماكن اخرى للتسوق. وذلك المكان ليس بمول منافس بل بعالم إفتراضي يعتبر الخصم الشرس للتبضع التقليدي.
فالسعودية هي من أكثر الدول العربية إنفاقاً على التسوق الإلكتروني.. وهذا ما أدى الى زيادة أعداد الشركات التي تعنى بالتجارة الإلكترونية.
الهجرة نحو المتاجر الالكترونية.. جماعية
السعودية تحتل المرتبة الخامسة والعشرين ضمن لائحة الدول الاكثر انفاقاً على التسوق الالكتروني عالمياً. وفي الواقع السعودية كانت الدولة العربية الوحيدة في اللائحة وتصدرت الأجهزة الالكترونية قائمة المشتريات بين المستهلكين السعوديين والتي تتضمن الهواتف والكمبيوتر المحمول والكاميرات الرقمية.
عربياً هي الأولى لناحية التسوق الالكتروني إذ ان نسبة الذي يعتمدون على التسوق الالكتروني تزيد عن ٦٠٪ .
ما السبب في ذلك؟
التسوق الإلكتروني يحقق هذا الإزدهار في السعودية لانه وبكل بساطة يقدم الكثير من التسهيلات للزبون. كما ان سهولة المعاملة وكثرة الخيارات تجعل السعودي يفضل الإعتماد على مواقع الانترنت وعدم الذهاب الى المتاجر التقليدية.
يعتبر موقع سوق كوم اكبر موقع للتسوق الالكتروني على مستوى السعودية والعالم العربي. ووفق سوق كوم فان العملاء السعوديين يشكلون مئات الألوف من مستخدمي الموقع.
من المذنب من وجهة أصحاب المتاجر؟
المشكلة هذه شقت طريقها الى منتدى التجزئة في منطقة الشرق الأوسط ووفق عدد كبير من الرؤوساء التنفيذيين المتخصصين في قطاع التجزئة فان التجارة الالكترونية ليست الملامة الوحيدة بل إرتفاع الإيجارات له دوره الكبير.
فدول الخليج العربي كما هو معروف من اغلى المناطق لمزوالة الاعمال في العالم، وبما أن الإيجارات مرتفعة للغاية، والمتاجر تخسر نسبة من زبائنها لصالح الاسواق الإفتراضية فان العملية برمتها خسارة على كل الأصعدة. ولهذا السبب قامت بعض المتاجر التي تبيع علامات تجارية عالمية بإغلاق متاجرها لانها يمكنها وبكل بساطة التعويض في أسواق اخرى.فكان التوجه الى المطارات.. فالمسافر ينفق والسعودي لعله الاكثر سفراً على مدار السنة.
وصلت إيجارات المحال التجارية في السعودية إلى مستويات كبيرة خلال السنوات الماضية خصوصا الخمس الأخيرة التي بلغت فيها الارتفاعات أكثر من ٦٠٪ الأمر الذي اضطر على أثره بعض المستأجرين إلى رفع قيمة معروضاتهم لتعويض الفرق، أو إغلاق محالهم. وترجع الزيادة في إيجارات المحال التجارية والمجمعات إلى عدم وجود قانون يقيد أسعار الإيجارات، الأمر الذي أدى إلى بلوغها مستويات مرتفعة.
الضربة الثانية جاءت من التجارة الالكترونية التي قلصت دورة المبيعات أكثر فاكثر في المتاجر التقليدية ما ادى الى انخفاض الهامش الربحي
وإضطرار أصحاب المتاجر الى تقديم الحسومات الكبيرة من أجل تحفيز المبيعات خصوصاً وأن الزبون السعودي لم يعد يجد حرجاً في طلب هذه الحسومات فهي متاحة في أكثر من متجر الكتروني وعليه من حقه الحصول عليها في المتجر التقليدي.
شاهد| لماذا صنفت «موديز» اقتصاد السعودية بـ «a1».. وما هي نظرتها المستقبلية للمملكة ؟
المتاجر التقليدية لم «تمت» بعد
صحيح أن المتاجر الالكترونية توفر كل ما قد يحتاج اليه الشخص وصحيح أن غالبية العلامات التجارة العالمية تملك مواقعها الخاصة التي يمكن من خلالها شراء كل ما يحتاج اليه الشخص وصحيح أيضاً أن الخيارات المتاحة في الأسواق الالكترونية توفر ما يناسب كل الميزانيات ولكن المتاجر التقليدية لم تمت بعد.
للتسوق «وجهاً لوجه» متعته الخاصة التي لا يمكن أن تختفي، وعليه لا يمكن للمتسوق الواقعي أن يختفي كلياً. في المقابل ما توفره المتاجر التقليدية هو تواصل بشري مع بائع يساعد الزبون على فهم السبب خلف السعر الذي تحمله هذه السلعة او تلك وماهي الجودة التي يحصلون عليها.
السبب الاخر الذي يبدو وكأنه أشبه «بالإستغلال» هو لجوء عدد كبير من المتسوقين الالكترونين الى «معاينة» ما يريدون الحصول عليه في المتاجر التقليدية قبل الحصول عليها من متجر الكتروني. أي انه لو إفترضنا ان احدهم يريد شراء قميص من ماركة معينة فهو يتوجه الى المتجر ويقوم بمقارنة السعر والذي بالتأكيد سيكون في المتجر اغلى ثمناً من المعروض اونلاين، ثم يقوم بتجربته وتحديد المقاس الذي يناسبه تماماً اليه ثم يطلبه من الموقع الذي يقدم له السعر الأفضل.
المتاجر السعودية لا تتكيف بالسرعة المطلوبة
التغيرات الحالية تتطلب من أصحاب المتجار الاستجابة السريعة والفعالة كي تتمكن من التأقلم ومجاراة ما يحصل. كما عليهم تفهم حاجات الزبون الذي بات يبحث عن الرضا السريع والخدمة السريعة وهذا ما يتطلب القيام بتغييرات لوجستية كبيرة تسمح بإتمام المعاملات بأسرع وقت ممكن. توفير الخدمة السريعة والمباشرة والمختصرة للزبون لا يمكن الحصول عليها في غالبية المتاجر فهناك المسار «الروتيني» الذي يجب المرور به قبل اتمام عملية البيع، الزبون المعاصر لم يعد يريد ذلك بل يسعى لخدمة سريعة وفعالة ومختصرة.
مؤخراً تم الاعلان عن توطين المولات في السعودية وحصر التوظيف بالسعوديين والسعوديات، البعض وجد في ذلك مقاربة لعلها ستنعش عمليات البيع والبعض الاخر اعتبرها من الامور التي ستنعكس سلباً خصوصاً وأن المشكلة التي كان يتم الحديث عنها مراراً وتكراراً من قبل السعوديين هي غياب التدريب المتقن لهكذا وظائف.
الواقع هو أن المتاجر التقليدية تلقت ضربات قوية ولكنها لم تمت بعد، عودتها للحياة يرتبط بسرعة تأقلمها مع المتغيرات.