تحديات اقتصادية ستواجهها السعودية في ٢٠١٨
تعيش السعودية حالياً على وقع إصلاحات متسارعة في كل المجالات، بالإضافة الى قرارات عديدة من شأنها أن تصب كلها في خانة دعم الأهداف الأشمل لرؤية ٢٠٣٠.
الهدف العام الذي تسعى اليه السعودية إقتصادياً هو التقليل من الإعتماد على النفط وخلق مصادر دخل أخرى والحد من الإنفاق الإستهلاكي ورفع الدعم تدريجياً عن الكثير من الخدمات والسلع مثل الماء والكهرباء الوقود وفرض الضرائب.
بعض هذه الخطوات تم تنفيذها والبعض الآخر تم الاعلان عن موعد للبدء بتنفيذها والتي ستكون مع بداية العام الجديد. التحديات في العام الجديد عديدة ولكن ما يتصدر المشهد هو طرح أرامكو للإكتتاب منتصف العام المقبل.
طرح أسهم أرامكو
سيتم طرح أسهم شركة أرامكو في النصف الثاني من ٢٠١٨، والإستعدادات جارية لطرح ٥٪ من أسهمها محلياً وخارجياً في حين لم يتم بعد إختيار سوق أجنبية للإدراج. تقديرات قيمة الشركة إختلفت بين تقييمات من بعض المحللين الذي إعتبروا أن قيمتها هي ٥٠٠ مليار دولار مقابل تقييمات سعودية أكدت أن القيمة هي ٢ تريليون .
المحللون الإقتصاديون حاولوا وضع سيناريوهات متعددة لطرح أسهم أرامكو وقد قاموا بتلخصيها بثلاث سيناريوهات مبسطة، الأول وهو المتفائل والذي سيكون نجاح عملية الإكتتاب وبالتالي إرتفاع نسبة تحقيق أهداف رؤية ٢٠٣٠ ، أما الثاني والذي تم وصفه بالواقعي فهو أن يأتي الإكتتاب أقل من توقعات الحكومة وبالتالي سيصار الى التركيز أكثر على عمليات الإصلاح الإقتصادي ومحاربة الفساد وذلك لضمان سير المخططات لتحقيق الأهداف الأشمل للبلاد. أما السيناريو الثالث المتشائم فهو عدم حدوث الإكتتاب ما سيؤدي الى خسارة المستثمرين وعرقلة سير عملية الإصلاح الإقتصادي.
ضريبة القيمة المضافة
سيبدأ تطبيق ضريبة القيمة المضافة إعتباراً من الأول من كانون الثاني/ يناير عام ٢٠١٨. التحدي الذي يتم الحديث عنه من قبل مختصين ومن قبل الهيئة العامة للزكاة والقطاع الخاص ركز بشكل أساسي على توافر الكفاءات اللازمة لتنفيذها لان تطبيق الضريبة المضافة يتطلب نشوء قطاعاً إقتصادياً يشبه الى حد ما المحاسبين القانونين يتولى إدارتها والعمل على تنفيذها.
التكاليف جزئية أخرى يتم الحديث خصوصاً لناحية المنشآت الني تحصل الضريبة نيابة عن المستهلك. التحديات أيضاً تواجه المنشآت والشركات التي تملك سجلات وأنظمة آلية فمتطلبات تطبيق ضريبة القيمة المضافة تتطلب توثيق وتمرير الخدمات والمنتجات بفواتير موثقة وكاملة المعلومات وهذا أمر مكلف يمكنه أن يصبح عبئاً على الشركات المتواضعة.
في المقابل تحدث تقرير أصدرته وكالة فيتش عن تحديات ومخاطر تشغيلية للشركات بالإضافة الى واقع أن الضريبة هذه تفرض للمرة الأولى ما يعني أن المراحل الأولية ستحمل بالتأكيد بعض الأخطاء.
معدل نمو الإقتصاد السعودي
توقعات صندق النقد الدولي إختلفت خلال فترة قصيرة. فخلال شهر يناير/كانون الثاني أصدر الصندوق تقريراً أشار فيه الى توقعات نمو الإقتصاد السعودية بنسبة ٢،٣٪ في العام ٢٠١٨، ثم وبعد أشهر أصدر تقريراً جديداً توقع فيه نسبة نمو بلغت ١،٣٪. لكن وزير المالية السعودي كان له توقعات مغايرة إذ أكد في حديث له مع بلومبرغ في كانون الثاني/ يناير أنه يتوقع أن يشهد العام على نمو أعلى بكثير من توقعات صندوق النقد. التحدي الأساسي الذي طرحه تقرير النقد الدولي هو أن إتفاقية أوبك ستضر بالمنتجين في دول الخليج العربي وستقلل الزيادة المتوقعة في النمو غير النفطي.
خفض العجز
السعودية أعلنت بأنها بصدد إعلان ميزانية عام ٢٠١٨ التي ستكون توسعية تماشياً مع خطط برنامج التوازن المالي بين أموال الدولة بحلول عام ٢٠٢٠. التوسع في الميزانية وضع آلية ترفع كفاءة الإنفاق والحد من المصروفات غير الضرورية ووضعها بإستثمار أكثر إنتاجية. السعودية تسعى لتحقيق برامج التوازن المالي ضمن خطة طول الأجل وذلك لتقليل إعتماد الإقتصاد على النفط وفي إنشاء أكبر صندوق ثروة سيادية في العالم وخصخصة بعض أصول الدولة وذلك لجلب الاموال كي تتمكن الحكومة من تنفيذ برامجها.
في العام ٢٠١٧ الإيرادات سجلت خلال النصف الأول من العام ٨٢ مليار وذلك زيادة قدرها ٢٩٪ مقاربة بالفترة المماثلة في العام الماضي. كما أن عجز الميزانية تراجع بواقع ٥١٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام ٢٠١٦. وقد تراجع عجز الميزانية في الربع الثاني من العام بمقدار ٥٪ مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي في ظل إرتفاع الإيرادت على خلفية إرتفاع أسعار النفط العالمية. كما تراجع العجز الى ٢٦،٥ مليار ريال أي ما يعدل ١٢،٣ مليار دولار خلال الفترة من أبريل/ نيسان الى يونيو/ حزيران مقارنة بنحو ٥٨،٤ مليار ريال خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
إجمالي الإيرادات للربع الثاني من العام ١٦٣،٩ مليار ريال سعودي سجل إرتفاعاً بنسبة ٦٪ مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، في حين قفزت إيرادات النفط ٢٨٪ لتسجل ١٠١ مليار ريال بسبب إرتفاع أسعار النفط..وتراجع الإنفاق بواقع ١،٣ ٪ ليسجل ٢١٠،٤ مليارات ريال في الربع الثاني من العام. الأرقام هذه تظهر تقدماً تحققه السعودية وذلك بسبب الإصلاحات المالية بعد تضررها بشدة من تراجع أسعار النفط خلال السنوات الثالثة الماضية. التحديات لخفض العجز في الميزانية ستستمر خلال العام ٢٠١٨.. ولكن هناك قناعات بأن السعودية ستتمكن من تحقيق توقعاتها بشأن العجز المالي.