إنفوجراف| العلاقات السعودية الأردنية.. كيف طورها الملك عبدالله الثاني شخصية مجلة «الرجل» ؟
"القوية المتنامية" هكذا يمكنك أن تصف العلاقات السعودية الأردنية على مدى الثمانية عقود الماضية، خصوصًا بعد أن جمع بينهما المصير المشترك، بحكم التقارب الجغرافي والتاريخي، إلى جانب أقصى درجات التفاهم بين القيادتين، ممثلتين في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وملك الأردن عبد الله الثاني ابن الحسين، والتنسيق الدائم بينهما، وهو ما سهل من مهمتهما في محاربة تنظيم داعش الإرهابي فكريًا وأمنيًا وسياسيًا.
إنفوجراف| الحياة العسكرية للملك عبدالله الثاني شخصية مجلة «الرجل»
ويمكن القول إن العلاقات الأردنية ـ السعودية، اتسمت بخصوصية مميزة عن غيرها من العلاقات العربية - العربية الأخرى، وقد أسهم في رسم هذه العلاقة، الكثير من المعطيات التاريخية والسياسية والحضارية والثقافية والجغرافية. وقد ظلت العلاقات بين البلدين الشقيقين قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون؛ ما شكل عمقًا استراتيجيًا للمملكتين، على حد سواء.
«شخصية مجلة الرجل».. ترامب: هذا ما جعل الملك عبدالله الثاني «المحارب العظيم» (فيديو)
ويُنتظر أن تكون زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز للأردن بمثابة قوة دفع كبيرة لملف التعاون الشامل بين البلدين، وتفسح المجال أمام مزيدٍ من الشراكات التجارية والاستثمارية بين قطاعي الأعمال السعودي والأردني، إلى جانب ترسيخ استراتيجية متفق عليها، لمواجهة التحديات المصيرية التي تواجه منطقة الشرق الأوسط، والحد من حالة التخبط وعدم الاتزان، التي تعانيها معظم الدول العربية منذ سنوات، ويهددها بالسقوط في بئر الإرهاب العميق.
شبكة مصالح
وتوجد شبكة مصالح متبادلة بين البلدين، يصعب على أي طرف التخلي عنها أو المغامرة بها، فالأردن ليس هو فقط الحريص على علاقة قوية مع السعودية الجارة، بل إن السعودية حريصة على ذلك أيضًا، ويؤكد محللون أن الأردن لا يستغني عن السعودية، والعكس صحيح، ويشيرون إلى مصالح مشتركة سياسية واقتصادية واجتماعية تجمع المملكتين؛ أولها أراضيهما المتصلة مع بعضها، في إشارة إلى أن اختلال الأمن في أي من المملكتين سيخل بأمن المملكة الأخرى بشكل مباشر أو غير مباشر.
وقد تبادلت حكومتا المملكة العربية السعودية وإمارة شرقي الأردن الاعتراف المتبادل في عام 1933م، من خلال برقيتين تبادلهما الملك عبد العزيز والأمير عبدالله، أعربا فيها عن رغبتهما في تحسين العلاقات بينهما. وعلى إثر الاعتراف المتبادل شرعت الحكومتان الأردنية والسعودية بمباحثات نتج منها عقد معاهدة صداقة وحسن جوار لتنظيم العلاقات والتعاون بين البلدين وتنظيم الحدود بين الطرفين.
ولزيادة تعميق العلاقات بين الجانبين، قام الأمير سعود بن عبد العزيز ولي عهد السعودية آنذاك، بزيارة إلى شرقي الأردن عام 1935م، أقام فيها أربعة أيام، زار خلالها مختلف المناطق وقام بزيارة لفلسطين وحظي بالصلاة في المسجد الأقصى. وكان لتلك الزيارة دور كبير في تعزيز العلاقات بين الجانبين، وقد تلقى الأمير عبدالله رسالة من الملك عبد العزيز شكره فيها على حسن الضيافة التي لقيها ولي عهده في شرقي الأردن.
ويرى الأردن في السعودية مشروع حليف عربيًا كبيرًا، كما أنه يعتمد جزئيًا على مساعداتها والمساعدات الخليجية التي تمر غالبًا عبر بوابة السعودية، بالإضافة إلى أنه لا غنى للأردن عن السوق السعودي سواء العمالة أو الاقتصاد. وتدرك القيادة الأردنية أيضًا أن السعودية لاعب مهم في الإقليم، لذا تحرص على أن تكون العلاقة معها إيجابية ومفيدة دائمًا، كما أن الأردن مهم جدًا للسعودية بسبب الخط الحدودي الطويل جدًا، الذي تتشارك به المملكتان، وبالتالي فإن أمنه واستقراره جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار السعودية.
القوات السعودية
ورابطت القوات السعودية جنبًا إلى جنب مع القوات الأردنية على الأراضي الأردنية، فقد دخلت القوات السعودية على إثر العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، ودخلت مرة أخرى في الحرب العربية الإسرائيلية الثالثة عام 1967م، وبقيت مرابطة في الأراضي الأردنية على خطوط الدفاع الأولى، إلى العام 1975م، وقد انطلقت القوات السعودية من الأراضي الأردنية في العام 1973 للمشاركة في الحرب العربية الإسرائيلية الرابعة، وبعد انتهاء الأعمال الحربية في الجبهة السورية، عادت لترابط على الأراضي الأردنية.
مواقف المملكة العربية السعودية مواقف ثابتة وراسخة تجاه الأردن؛ فالسعودية هي الدولة العربية الوحيدة التي وفت بالتزاماتها تجاه الأردن عقب إنهاء المعاهدة الأردنية - البريطانية عام 1957م، وتوقيع اتفاقية المعونة العربية.
وكان للبلدين مواقف متطابقة في الكثير من الأزمات التي عصفت بالمنطقة العربية في النصف الثاني من القرن العشرين؛ فقد اشتركت القوات الأردنية والسعودية في تثبيت الأمن والنظام إثر اندلاع الأزمة العراقية الكويتية عام 1961م في الكويت، وشارك الجندي الأردني مع الجندي السعودي، جنبًا إلى جنب، في الدفاع عن حدود المملكة العربية السعودية الجنوبية في العام 1962م بعد الأزمة اليمنية، وكان التنسيق الأردني والسعودي على درجة عالية من التطابق والترابط في وجهات النظر.
وتجاوب الأردن بقوة مع دعوة الملك فيصل بن عبد العزيز للتضامن الإسلامي، وكان للأردن دور كبير في هذا الأمر، ونتيجة لهذا التطابق فقد قام الملك فيصل بزيارة للأردن في العام 1966م، تجول في ربوع الأردن وزار المسجد الأقصى المبارك. وقد نتج من تلك الزيارة أن رسمت الحدود الأردنية السعودية بشكل كامل، وسمحت السعودية للصيادين الأردنيين بدخول المياه الإقليمية السعودية للصيد فيها. كان لوصول خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز ـ يرحمه الله ـ إلى السلطة في المملكة، لحظة تحول تاريخية في العلاقات الثنائية، إذ إن خادم الحرمين الشريفين يكن للأردن مشاعر دافئة، ويقول المقربون منه إنها تعبير عن روح قومية تتملكه، وتقدير خاص لموقف الأردن الحساس وأهميته في المنطقة.
المواقف الخضراء
وكانت مواقف القيادة السعودية، ممثلة في الملك خالد والملك فهد، مواقف راسخة وثابتة تجاه الأردن؛ فقد التزمت السعودية، عقب مؤتمر بغداد عام 1979، بتقديم مساعدات للأردن بعد أن أقرّ العرب في هذا المؤتمر تقديم الدعم والمساندة لها، ولم توقف السعودية تلك المساعدات طوال تلك المدة، على الرغم من كل الظروف السياسية الصعبة التي عصفت بالمنطقة.
وتجاوب الأردن مع دعوة الملك فهد بن عبد العزيز للسلام في العام 1981م، مثلما تجاوب مع دعوة الملك عبدالله بن عبد العزيز للسلام في العام 2001، في قمة بيروت، وأصبحت تلك المبادرة محورًا للدبلوماسية الأردنية، كما أنها محور للدبلوماسية العربية من أجل حل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي على أساس من العدل والحق. وهذا مما يدلل على عمق العلاقات الثنائية والتطابق في وجهات النظر، ووحدة الرأي لحل الأزمات العربية العربية والعربية والدولية.
ولعبت الدبلوماسية السعودية والأردنية بقيادة الملك عبد العزيز والأمير عبدالله دورًا كبيرًا في إنهاء الإضراب الفلسطيني الذي حدث في ثلاثينيات القرن الماضي، من خلال النداء الذي وجهه إلى الفلسطينيين لفك الإضراب والعودة إلى الحياة الطبيعية في فلسطين.
كما شاركت المملكة العربية السعودية وإمارة شرقي الأردن في تأسيس الجامعة العربية، وكانت من الدول السبع التي وقعت على بروتوكول الإسكندرية. وتسعى المملكتان إلى التعاون والتكاتف العربي، وعندما حصلت شرقي الأردن على استقلالها في 25 عام 1946 بعث الملك عبد العزيز ببرقية تهنئة إلى الملك عبدالله الأول.
وفي عام 1948م زار الملك عبدالله الأول ملك الأردن، الرياض، وكان يتطلع لهذه الزيارة منذ زمن بعيد، وقد لقي الملك عبدالله حفاوة كبيرة من لدن الملك عبد العزيز، وقد استمرت الزيارة ثلاثة أيام تبادل الملكان خلالها الأحاديث والآراء حول قضايا العرب ومستقبل الصراع في فلسطين. وقد عبّر البيان الختامي عن الرغبة في توثيق عرى العلاقات، وعن اتفاقهما في الغاية والهدف، وفي تأييدهما للجامعة العربية.