أكبر عشرة محتالين في القرن العشرين
أكبر عشرة محتالين
أكبر عشرة محتالين، لربما الجريمة الأكثر ربحًا هي الاحتيال على المستثمرين في وول ستريت. ولكن هل هذا وارد ؟ هل تستطيع خداع اصحاب الأموال والمشاريع العملاقة في بيئة الأعمال العالمية تلك؟ الجواب ببساطة نعم؛ لقد فعلها عشرة رجال استطاعوا مجتمعين الحصول على 200 مليار دولار عبر النصب والاحتيال.
في هذه السطور سنتعرف إلى ابطال عشر عمليات احتيال عاش اصحابها في حياة منعّمة بأقصى درجات الرفاهية، معتمدين على أموال استثمار غيرهم. وستكون الدروس التالية دليًلا لك يساعدك على الانتباه عند مناقشة مشاريعك واستثماراتك. فكلما بدت الصفقة اكثر مثالية وربحًا وسهولة، بما يقارب الخيال، توجب عليك التفكير والتردّد أكثر، لأنها ببساطة من ضروب الخيال.
10 – تشارلز بونزي: هاجر تشارلز بونزي إلى نيويورك في الولايات المتحدة قادمًا من ايطاليا عام 1903، و قبل أن يبتدأ مخططه الاحتيالي الشهيركان قد قضى خمس سنوات في السجن، بعد إدانته بإصدار شيكات بلا رصيد وتهريب المهاجرين الإيطاليين إلى الولايات المتحدة. وبعد خروجه من السجن،عام 1918 ابتدأ مخططه الاحتيالي عبر شراء ما كان يعرف بقسائم الرد البريدي العالمية، وهي بطاقات صادرة من مختلف مراكز البريد في العالم، ويمكن استبدال طوابع بريدية بها، فاكتشف تشارلز وبمحض المصادفة أنه يمكنه شراء هذه القسائم من خارج الولايات المتحدة، واستبدالها في الولايات المتحدة، بطوابع بريد أمريكية أغلى ثمنًا من مكتب البريد الأمريكي، ثم بيعها الطوابع بقيمتها الحقيقية. وعلى الرغم من العائد الكبير الذي جناه وقدر بـ 400 في المئة على استثماره، لكن هذه المرابح غير المشروعة لم تلبّ طموحه، فبدأ باستثمار أموال من مستثمريين، حيث كان يعطي وعودًا خيالية لضحاياه من المستثمرين بمضاعفة أموالهم بنسبة 90 الى 100 في المئة خلال خمسين إلى تسعين يوما، ومع توالي الإيداعات لديه شرع في إعطاء الأرباح من أموال المستثمرين الجدد، حيث بلغ حجم الأموال التي كان يجمعها يوميًا في ذروة مخططه الاحتيالي نحو 250 ألف دولار أمريكي.
وبشكل عام فإن المخططات الاحتيالية التي اصبح يطلق عليها مخطط بونزي من بعده،تستمر لفترة قصيرة ولا تنكشف حتى يبتدئ تحقيق جدي بمصادر الأموال ومرابحها، أو يصبح من الصعب إيجاد مستثمريين جدد لضخّ الأموال كمرابح للمستثمريين القدامى، أو عندما يقوم عدد منهم بسحب أموالهم دفعة واحدة.
وفي أغسطس من عام 1920، انهار مخطط تشارلز وخاصة بعد تتبع "الواشنطن بوست" أعماله و نشاطاته ونشرها وفضحها.
وبعد انهيار المخطط تسببت عملية تشارلز بانهيار ستة مصارف، كما بلغت الأموال التي سرقها 20 مليون دولار في ذلك الوقت، أي ما يعادل 237 مليونًا في أيامنا هذه.
اعتقل تشارلز بونزي بعد انهيار مخططه، وأقرّ بذنب الاحتيال، ثم حكم عليه بالسجن 14 عامًا، غادر بعدها الولايات المتحدة، وتوفي فقيراً معدماً في البرازيل عام 1949.
9- رولاند آرنال: يرى البعض أن اسوأ ازمة مالية كانت عام 2006-2007 منذ الكساد العظيم الذي ضرب الولايات المتحدة في الربع الثاني من القرن الماضي، وبالتحديد عام 1929.
من أهم الأسباب الرئيسة للأزمة المالية هو ماعرف لاحقًا بفقاعة المنازل الأمريكية. حيث أعطت البنوك في عموم البلاد قروضاً وتسهيلات مصرفية عالية المخاطر لأشخاص لن يستحقوها، نظرًا لتاريخهم الائتماني الضعيف، حيث كانت شركة "أمريكا كويست" للرهن العقاري التي أسسها رولاند آرنال عام 1980، ثاني أكبر مؤسسة في الولايات المتحدة، مارست عمليات اقراض غير مشروعة.
ففرضت الشركة على العملاء مبالغ ضخمة، عمولة مسبقة على قروضهم، كما قدمت نسبة فائدة مرتفعة جدًا للباحثين عن قرض، إلا أن المشكلة الكبرى كانت أن تلك النسب لم تكن ثابتة، بل متصاعدة مع الوقت. وفي عام 2006 تقدم مدّعون حكوميون من 49 ولاية بدعوى على الشركة بتهمة خداع المقترضين، وتزوير الوثائق والتلاعب عند تقييم القيمة الحقيقية للمنازل
وبهدف انهاء المحاكمة، وافقت الشركة على دفع 325 مليون دولار، ثم باعت اصولها لمجموعة "ستي غروب"، وفي عام 2010 دفعت الشركة 22 مليون دولار للمتضررين أيضًا.
لم يعترف رولاند البتة بارتكابه مخالفات، وتمسك ببراءته، على الرغم من دفعه مئات الملايين من الدولارات تعويضاتٍ قضائية،
وعُرف أنه كان من أكبر ممولي حملة انتخاب الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن للمرة الثانية. وعُيّن سفيرا للولايات المتحدة في هولندا، إلا أنه استقال على خلفية فضيحة محاكماته و ووافته المنية عن عمر يناهز 68 عاماً.
8- مارتن شكرالي: ازدادت شهرة مارتن المعروف بـ "ذئب وول ستريت الشاب" عندما أعلن في عام 2015 عن رفع سعر عقار معالجة الإيدز بنسبة فاقت 5 آلاف في المئة، ليصبح سعر القرص الواحد 750 دولاراً أمريكياً. وعلى الرغم من ظهوره بصفة المستغل للمرضى، فإن هذا الأمر ليس سوى مرحلة من تاريخه وسلوكه المشين في عالم الأعمال والاستثمار.
بدأ مارتن العمل عندما كان في التاسعة عشرة، في شركة وساطة لتداول الأسهم، حيث اقترح بيع أسهم إحدى شركات التكنولوجيا الحيوية، وكانت مشورته في مكانها، حيث انهار سعر سهم الشركة ليحقق بذلك أرباحاً كبيرة، قادت إلى افتتاح تحقيق وجد في نهايته بريء من أي مخالفة.
لاحقًاً في عام 2009 أسس شركة تداول متخصصة في البيع على المكشوف لأسهم شركات التكنولوجيا الحيوية، واكتسب شهرة عالمية خاصة مع استخدامه لشبكات التواصل الاجتماعي لانتقاد الشركات التي تتراجع أسهمها في البورصة.
أصبح مارتن المدير التنفيذي لشركة "ريتروفين" للصناعات الدوائية التي أسسها عام 2011، وخسر 8 ملايين دولار إلا أنه أخفى ذلك عن المستثمرين. كما كانت شركة الاسهم التي يمتلكها أيضاً، مفلسة بالفعل، فقام بتسديد ديون شركته وديونه الشخصية كذلك، من اموال الشركة الجديدة، في صفقة بدت وكأنها استثمار من شركة "ريتروفين"، في شركة تداول الأسهم والوساطة.
ازداد الغضب بين المستثمرين نتيجة ممارسات مارتن المالية غير المشروعة، ماجعله يدفع 11 مليون دولار، في محاولة لامتصاص الغضب. إلا أن مجلس ادراة شركة "ريتروفين"، أجبره على التخلي عن منصب المدير التنفيذي في سبتمبر 2014، ورفع دعوى قضائية عليه لرد 65 مليون دولار كتعويض عن سوء إدارة أموال الشركة.
مع بداية عام 2015 أسس مارتن شركة صيدلة جديدة، واشترى الحقوق الحصرية لدواء الإيدز الذي تضخّمت أسعاره، إلا أنه، وفي وقت لاحق من العام نفسه قُبض عليه بتهمة الاحتيال.
وظهر مارتن مبتسمًا في جلسة استماع أمام لجنة من الكونغرس، في الوقت الذي ينتظر محاكمته في هذا العام.
7- جوردان بلفورت: في بداية الثمانينات، أسّس جوردان بلفورت، وشريكه داني بوروش شركة "ستراون أوكمونت"، حيث ارتبط اسماهما بفضيحة "الضخّ والتفريغ" المالية. اعتمد جوردان على السماسرة في جذب الكثير من المستثمرين وإقناعهم بالشراء في اسهم شركة ما، بعد أن يقدموا لهم معلومات مضللة او مبالغاً فيها، عن الواقع المالي لهذه الشركات.
ومع ازدياد الاقبال على اسهم هذه الشركات، والطلب الكبير عليها، فجأة يرتفع السعر، ما يجذب اناساً جدداً، وتستمرّ عمليات الشراء، حتى تصل إلى حد يبيع فيه السماسرة وصناديق التحوط الاسهم التي اشتروها سابقًا بثمن بخس، ويجنون الأموال الطائلة، بل إنهم يحصلون على عمولات أيضًا من عمليات البيع والشراء.
في عام 1992 حاولت لجنة مراقبة التداول، إيقاف "ستراون أوكمونت" عن التداول والوساطة، إلا أنها لم تفلح حتى انقضاء سنتين، منع بحلولها جوردان من التداول مدى الحياة. وبعد أربع سنوات أُجبرت الشركة على دفع غرامات ضخمة عقوبة على سلوكها المشين.
اعتُقل جوردان بلفورت عام 1998، وعلى خلاف العادة، وشى الزعيم بجميع أعضاء عصابته، بعد أن ارتدى جهاز تنصّت وأوقع حتى صغار المتورطين. حُكم عليه بالسجن أربع سنوات مقابل سرقته 200 مليون دولار ولكنه خرج بعد انقضاء 22 شهرًا. وأضيفت عليه غرامات بلغت 110 ملايين دولار، دفع منها عشرة في المئة فقط، ثم تعهد بسداد 50 في المائة من راتبه عن البقية.
يعيش جوردان في استراليا حاليًا، لتجنب الدفع ويعتقد أنه مازال يحتفظ بثروة تقدر بالملايين.
يمكن الاطّلاع على تفاصيل حياته، عبر كتاب المؤلف مارتن سكورسيز الذي كتب باستفاضة عنه في كتاب" ذئب وول ستريت".
6- إيفان بوسكي: ولد ايفان في ولاية ديترويت الأمريكية لأبوين من المهاجرين الروس عام 1937، وتزوج لاحقًاً سيما ابنة قطب العقارات المعروف بن سيلبرشتاين، على الرغم من معرفة الأب أنه تزوج ابنته لأنها ثرية فقط.
عمل ايفان في شركتي استثمارات قبل أن ينشئ شركته الخاصة للوساطة عام 1975، برأس مال 700 ألف دولار، حصل عليها من أموال عائلة زوجته. وعلى امتداد عقد من الزمن انتقل إيفان من نجاح إلى آخر، ولكن النسبة الكبرى من أمواله، جاءت ممّا يعرف بالتجارة الداخلية.
تعرف التجارة الداخلية بأنها اسلوب غير مشروع وغير قانوني للتكسب، من خلال معرفة معلومات حساسة ومحددة عن اخبار الشركات والأسهم، قبل إعلانها للملأ. وغالبًا ما تكون هذه المعلومات محورية وتغيّر بالفعل من اتجاه حركة اسهم الشركات وأسعارها بالطبع.
في حالة ايفان كان يحصل على المعلومات بشكل مسبق عن صفقات الاستحواذ أو الشراء للشركات، ثم يبارد بشراء الأسهم أو بيعها وفقًا لذلك.
في منتصف الثمانينات أصبح ايفان من أغنى اغنياء امريكا، وقدرت ثروته بنحو 280 مليون دولار، وقال في حفل تخرّج كلية إدارة الأعمال في بيركلي "الجشع أمر جيّد، وعلينا أن نعرف ذلك، هو شيء صحّي وتستطيع أن تشعر أنك على مايرام حتى لو كنت جشعًا".
بعد حفل التخرج هذا، قُبض على رجل كان قد باع ايفان معلومات سرية التداول، وتبيّن أن ايفان متورط منذ زمن بعيد، إلا أنه عقد صفقة خاصة مع المحققين الفدراليين، استطاع بموجبها الإيقاع بـ 14 شخصًا يقومون بالعمل نفسه في شركات وساطة مختلفة.
حكم عليه بغرامة 100 مليون دولار، ومنع من التداول وبيع الاسهم أو السندات، مع السجن ثلاث سنوات قضى منها 22 شهرًا، ثم اطلق لحسن السيرة والسلوك.
يعيش ايفان حاليًأ في قصر في سان دييغو مع زوجته الجديدة، بعد أن طلق سيما التي وافقت على تسوية بلغت 23 مليون دولار، و 180 الف دولار سنويًا.
5- راج راجاراتنم: في عام 1991 أصبح راج المولود في سريلانكا، والبالغ من العمر 34 عامًا، رئيس صندوق التحوط "جاليون" الذي يملكه و يديره، تخصّص راج ووصلت ثروته إلى حدود 1.8 مليار دولار، ليكون بذلك أغنى رجل من سريلانكا. ليتبيّن لاحقاً أن هذا النجاح لم يكن بطرق مشروعة.
ظهرت المشكلات القانونية لـ راج مع بداية عام 2001، وخاصة عندما اعترفت موظفة سابقة في شركة تكنولوجيا المعلومات المشهورة "إنتل"، بتسريب معلومات حساسة لمصلحة صندوق "جاليون" الذي يديره راج. رغم أن الموظفة أقرّت بالذنب، فإن الملاحقة لم تبدأ حتى عام 2004، حيث انكشف تهرّب راج من ضرائب بقيمة 52 مليون دولار، وأجبر على دفع غرامة عن ذلك بقيمة 20 مليون دولار.
نصبت المباحث الفيدرالية فخًا لراج الذي قام بتوظيف الموظفة نفسها المتورطة سابقًاً في شركته، وبموافقة الموظفة الجديدة قام المحققون بالتنصّت على هاتف الموظفة وتسجيل لقاءات لها، ماساعد باعتقال راج في أكتوبر 2009، بتهمة استغلال معلومات حساسة للتكسب والتجارة الداخلية، وعلى الفور سحب أغلب المستثمرين أموالهم من صندوق التحوّط.
وخلال محاكمة راج الذي رفض التهم وادعى البراءة، قبض على 21 موظفا في شركته اقر 11 منهم بالذنب في الوقت الذي حكم على راج بالسجن11 عامًأ.
يعتقد الكثيرون أن بعض المعلومات المسربة أكسبت راج 63.8 مليون دولار امريكي، قبل أن يوضع حد لنشاطاته في قضية هي الأضخم تجاه صندوق تحوط.
4- تشارلز كيتينغ: تشارلز شخصية غريبة بحق، بين جميع المحتالين، فعلى الرغم من خلفيته الكاثوليكية المتشددة ، فإن سمعته سيّئة جدًا كمجرم كبير في وول ستريت، احتال على 23 ألف مستثمر وكلفهم مئات الملايين من الدولارات.
في عام 1984 أشترى تشارلز شركة " لينكولين " للادّخار والقروض، وعوضًا عن ممارسة نشاطات الإقراض استثمر تشارلز أموال عملائه في أسواق محفوفة بالمخاطر، عبر شركة ثانية كان يملكها هي " امريكان كونتينانتال كوربوريشن".
استخدم تشارلز النساء الجميلات مندوبات مبيعات لشركته، وحثّ موظفيه على استهداف الجهلة والمساكين واصحاب المعرفة القليلة. فبدأ طاقم العمل بإقناع المستثمرين، لاستبدال سندات الإيداع الآمنة التي يمتلكونها، بأخرى لاقيمة لها. و لم يكتفِ تشارلز باستثمار أموال العملاء في شركات أخرى بل سرق منهم بالتدريج مايقارب 32 مليون دولار أمريكي.
خلال عام 1986 شرعت السلطات الفيدلاالية في تضيق الخناق على شركة " لينكولين"، فما كان من تشارلز إلا أن منح مايقارب 1.3 مليون دولار هدايا لخمسة من السيناتورات الذين أسقطوا التهم عنه ولم يلاحقوه. و لكن لم يُسمع لمطالبات السيناتورات، واستمرت التحقيقات، حيث ظهرت خسائر تجاوزت 600 مليون دولار على نطاق جميع الولايات.
المثير للدهشة، أن تشارلز تمكن من متابعة ادراة شركته "لينكولين" لعاميين متتالين، قبل أن يعلن افلاسه ثم يعتقل ويتهم بالاحتيال. وبالمحصلة اختفى من 205 إلى 288 مليون دولار من أموال المدخريين والرهون العقارية، وكان مجمل الخسائر التقريبي 3.2 مليار دولار.
حكم على تشارلز بالسجن عشرة أعوام، الا انه عام 1999 ربح استئنافاً قدمه، ليقضي بذلك أربعة اعوام ونصف العام فقط في السجن، مقابل ملايين الدولارت التي أهدرها من مدخرات المستثمرين.
في عام 2014 توفي عن عمر ناهز 90 عامًا ولم يتأثر أي من السيناتورات الخمسة المتورطين، باستثناء آلان كرانستون الذي حصل على توبيخ.
3- آلان ستانفوردز": أطلق آلان ستانفورد، ابن مدينة تكساس بنك ستانفورد الدولي عام 1991 الذي أسسه في إحدى جزر الكاريبي، وكان عام 2008 ذروة نجاح الرجل، فاحتل مكانه بين أغنى رجال أمريكا بثروته التي قدرت بنحو 2.2 مليار دولار. اشترى آلان جزيرة صغيرة خاصة به وتصرف بطريقة مبتذلة مع المال الوفير الذي يملكه.
فمثلا صرف 12 مليون دولار أمريكي على إطالة يخته الخاص نحو عشرة أمتار، وبنى قلعة محصّنة بخندق وبرج في ولاية فلوريدا، ضمت هذه القلعة 57 غرفة وبمساحة اجمالية بلغت 18 الف قدم مربع، وبعد أن عاش فيها لمدة عام قام بتدميرها بكل بساطة فقط لأنه أحسّ باللملل منها.
مع تفاقم أزمة سوق العقارات والاسكان التي حدثت عام 2007 في الولايات المتحدة، شرع المحققون في متابعة نشاطات آلان وأعماله، وتبيّن لهم أنه متورط بشكل كبير بفضيحة مالية عملاقة، سرق من خلالها 7.2 مليار دولار من اكثر من 20 ألف مستثمر، فاعتُقل في عام 2009.
الأسوأ من هذا كله، أن ما أشيع لاحقًاً عن ان هيئة مراقبة التداول والأصول كانت على علم بمخالفات آلان، بل إن اربع حالات قد تم التبليغ عنها في وقت مبكر من عام 1997، مع ذلك لم تقم الهيئة بتبليغ الجهة المختصة بحماية المستثمرين من أعمال السمسرة المشبوهة، ولم تقدم لهم مابحوزتها من اتهامات. وذهبت إلى ابعد من ذلك لترفض أي اتهام بتجاهل حقيقة مخطط آلان أو التستر عليها.
أدين آلان بـ 13- 14 تهمة مرتبطة بالاحتيال، وحكم عليه بالسجن 110 اعوام، ودفع غرامة 5.9 مليار دولار. وهو لا يملك منها دولاراً واحداً، بعد أن بدّد كل شيء.
2- جيف سكيلنغ و كينيث لاي: بدأت شركة "إنرون" العمل عام 1985، باعتبارها شركة لمدّ خطوط الأنابيب بين الولايات. كان كينيث لاي الرئيس التنفيذي لها في ذلك الوقت، وبعد خمس سنوات عُيّن جيف سكيلنغ للتركيز على تجارة السلع في الأسواق.
على مدى السنوات العشر التالية، نمت الشركة بسرعة كبيرة، وصنفتها مجلة "فوربس"، على أنها الشركة الأكثر ابتكاراً في أمريكا. كانت "إنرون" سابعة أكبر شركة في أمريكا، والسادسة بين شركات الطاقة في العالم. حيث صرّحت عن ايراداتها لعام 2000 بقيمة 111 مليار دولار.
بعد عام تمامًا تسارع انهيار "إنرون"، عندما بدأت أسعار الأسهم تهوي. في فبراير من العام نفسه، نجح جيف في إعطاء منصب الرئيس التنفيذي لكينيث، وطلب من موظفيه الاستثمار وشراء الأسهم في الشركة، في الوقت الذي كان هو نفسه يبيع ما يملك من أسهم. لاحقًا وبشكل مفاجئ للجميع، استقال جيف من منصبه وعاد كينيث لتولّي المنصب. كانت هذه الإشارة الأولى إلى أن "إنرون" في ورطة، ما دفع هيئة مراقبة الأسهم والأصول لفتح تحقيق، أعلنت انرون على أثره عن خسائر فادحة. ثم في يوم الثاني من ديسمبر من العام نفسه، أشهرت انرون إفلاسها.
الذي حدث كان عملية احتيال معقدة عبرالتحايل على النظام المالي، الذي يعود إلى بداية عام 1992 حين أقنع جيف المراقبين الاتحاديين أن يسمحوا لشركة "إنرون" باستخدام أسلوب محاسبة يدعى "التقيم بحسب السوق".
سمح هذا الأسلوب لـ"إنرون" بتسجيل الأرباح المتوقعة كإيرادات فعلية، حتى لو لم تحصلها الشركة لسنوات أو ربما لم تحصلها بالمطلق، بغضّ النظر عن تغيرات السوق أو الإطار الزمني. وما يثير الدهشة أكثر هو أن أكبر ست شركات في أمريكا، سمح لها بتطبيق هذا النوع من المحاسبة لمدة عشر سنوات تقريبا.
هذا النوع من التقيم جعل من المستحيل على أي شخص أن يعرف ما تكسبه "إنرون" فعليًا. ومع اعتمادهم على هذه الطريقة، احتسبت الشركة ارباحها المتوقعة عام 2000 دخلاً حقيقياً، وصل إلى 111 مليار دولار، ما جعل سهم الشركة يحلق عاليًا فوق قيمته الحقيقة.
ما يصدم أكثر أن الشركة كانت لا تدفع ضرائب بقيمة أكبر، لأنها عدّت هذا الدخل متوقعاً عند حساب الضرائب وليس الدخل الفعلي.
بل أكثر من ذلك، فإن "إنرون" كانت شركة لا تجني الأرباح، بل على العكس تمامًا كانت تخسر وتخفي خسائرها في شركات وهمية.
بعد إفلاس الشركة خسر المساهمون فيها 63 مليار دولار، وقبض على جيف وكينيث بتهمة الاحتيال، وبعد فترة وجيزة من الحكم توفي كينيث، ورفض الطعن الذي كان قدمه، بسبب وفاته. أما جيف فوصل حكمه إلى 24 سنة، ولكن في عام 2013 حذف 10 سنوات من العقوبة، حيث يقال إنه من المتوقع خروجه من السجن بداية العام القادم.
- بيرني مادوف: تحدثنا منذ البداية عن مخطط تشارلز بونزي، وابتكاره لمخطط الاحتيال السيّئ السمعة، ولاحظنا كيف اتّبع جميع هؤلاء المجرمون خطوات تشارلز في الاعمال التي قاموا بها. لكن بيرني مادوف كان أكثرهم نجاحًا في الاحتيال وفي تطبيق المخطط. فبينما نجح تشارلز في ادارة اعمال الاحتيال لعدة أشهر، تميّز بيرني في استمرار عمله لعشرين سنة متتالية.
يعتقد أن نشاط بيرني في الاحتيال يعود للفترة التي تلت انهيار السوق عام 1987، حيث بدأ الأخير الترويج لنسبة عائد على الاستثمار تتراوح من 8 إلى ما دون العشرين في المئة عن كل عام. واستقطب بذلك الآلاف من المستثمرين.
من أهم اسباب نجاح بيرني في العمل لسنوات طويلة وحصوله على مبالغ هائل، هي خبرته وسمعته مصرفيّاً محترماً، عمل منذ 1960 في قطاع المصارف، كما انه أسهم في إطلاق الجميعة الوطنية لسماسرة التجارة الإلكترونية، أو ما عرف بسوق بورصة ناسداك، كما ترأس هذه البورصة لثلاثة سنوات أيضًا.
انفضح مخطط بيرني يوم 10 ديسمبر من عام 2008، حينما أخبر الأخير أخاه واثنين من ابنائه ممّن يعملون في الاستثمارات المشروعة، ان شركة الاستثمارات التابعة له وهمية وانه مارس الاحتيال، ولم يتبقّ من الأموال شيء لردّه. فقام الأبناء بتسليم والدهم للسلطات في اليوم التالي.
يعتقد أن بيرني قد احتفظ بـ 20 مليار دولار وحده من اجمالي المبالغ التي جمعها من المستثمرين، وبلغت 65 مليار دولار. ومع مطالبة الضحايا بردّ أموالهم، ظهر بين 200 و 300 مليون دولار، وعليه حُكم على بيرني بالسجن مدة 150 عامًا، في حزيران عام 2009، لتنتهي معه قصة أكبر عملية احتيال كشفت حتى الآن.