عبد الله مسعد لـ "الرجل": الإخفاق فرصة للتعلم
الرجل - دبي :
منذ انضمامه إلى شركة سيراميك رأس الخيمة عام 2006، حرص على أن تكون الأولى، أو من الأوَل على الأقل، استلهاماً من رؤية دولة الإمارات واستراتيجيتها المبنية على تسنّم المركز الأول.
لم يألُ عبد الله مسعد جهداً لتحقيق هذا الطموح، وهاهي شركة سيراميك راس الخيمة، من اقوى ثلاث شركات في العالم ضمن هذا المجال ، ولا يخفي التنفيذي الشاب ان معوقات كثيرة اعترضت العمل وتم تذليلها ، كما لا يوارب في الحديث عن قرارات لم تكن دقيقة قابلتها العديد من القرارات الصائبة التي اعادت الامور الى نِصابها ، "الرجل" التقت عبدالله مسعد، وكان هذا الحوار:
26 عام.. 13 مصنعاً، 10 منها في الامارات و3 في الخارج، فماذا بعد؟ ما الانجاز الذي تأمل في تحقيقه هذا العام؟
إن النجاح نسبي. ومع أننا حققنا الكثير من المنجزات، منذ تأسيسنا في عام 1989، فنحن نطمح إلى الأعلى دائماً، من خلال تنمية الأشخاص الذين وقفوا خلف النموّ الهائل لأعمالنا، وتركوا بصمات جعلت من "سيراميك رأس الخيمة" ما هي عليه اليوم. فعدا المصانع والمعامل التي نديرها، استطعنا أن نبني شركة تعمل وفق معايير عالمية، وتتمتع بأحدث المعدات والتكنولوجيا اللازمة لإنتاج السيراميك العالي الجودة. كما نجحنا عبر السنوات في أن نوسع نطاق عملنا من شركة متخصصة في بلاط الأرضيات والجدران، إلى شركة توفر حلولاً متكاملة في بلاط السيراميك والبورسلان، وأدوات المائدة، والصحيات، والحنفيات. وقد عددنا سنة 2014، سنة استقرار وحققنا خلالها أداء مالياً قوياً. وارتفع صافي أرباحنا إلى 281.7 مليون درهم، بنموّ قدره 3.5%، مقارنة بسنة 2013،
ما الإنجاز الذي تعتزّ به خلال مسيرتك المهنية في الشركة؟
منذ انضمامي إلى الشركة في فبراير 2006، نائب رئيس تنفيذي، شهدت الكثير من المنجزات المفصلية للشركة، والتي دعمها العمل الدؤوب لفريق العمل، والقيادة ذات الرؤية الطويلة الأمد لصاحب السموّ الشيخ سعود بن صقر القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم رأس الخيمة. وخلال هذه الـ 10 سنوات، تأسست الشركة على قواعد متينة، وكانت من ضمن الشركات القلائل التي نجحت في تخطي الأزمة المالية العالمية، وحافظت على نموّها، وموظفيها وعائلاتهم. وحين تسلمت منصب الرئيس التنفيذي في أبريل 2012، كان هدفي الأول أن أحافظ على نموّ الشركة وأن أبقي على الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا التي جعلت منا أكبر شركة في الشرق الأوسط، وثالث أكبر شركة في العالم في تصنيع بلاط السيراميك.
واستطعنا أن نغلق بنجاح الصفقة الاستثمارية مع "سامينا كابيتال"، المؤسسة المالية العالمية المختصة في الاستثمارات البديلة، التي استحوذت على 30.6% ووضعت الشركة على "خطة خلق القيمة". وهذه هي أحد أبرز الإنجازات التي أعتزّ بها، وأعدّها نقطة تحول. فدخول شركة عالمية مثل "سامينا" لمشاركتنا، دليل على أن سيراميك رأس الخيمة هي شركة مربحة وتتميّز بإمكانات ضخمة جعلتها جاذبة لمجموعة المستثمرين، وعلى رأسهم "سامينا". ومن الناحية المالية، قدرتنا على ضخّ الاسثمارات في الشركة، وإثبات ملاءة الشركة المالية، ساعد في جذب عدد لا يستهان به من المستثمرين، الذين أسهموا في ارتفاع سعر سهم سيراميك رأس الخيمة، من درهم واحد في 2012 إلى أربعة دراهم في 2015.
وأسهمت قرارات مجلس الإدارة، والأداء المتميّز للإدارة العليا في وضع الشركة على خارطة العالم، واستطاعت بأقل من عقدين أن تغطي ما يوازي "مليار متر مربع" من بلاط السيراميك، متخطية بأشواط القدرة الإنتاجية للشركات المنافسة الأخرى، خلال مثل هذه الفترة القياسية. أما من الناحية الاستراتيجية، فاعتماد نظام حوكمة الشركات الذي يعتمد على أفضل الممارسات العالمية، والشفافية، والمحاسبة كان من أحد المنجزات التي ساعدتنا على تعزيز تنافسيتنا عالميا، والمحافظة على سمعتنا بين مستثمرينا وأصحاب العلاقة، وأسهمت في ارتفاع سعر سهمنا.
لا نجاح بلا معوقات
أودّ الإشارة هنا الى أنه لا يوجد قصة نجاح دون معوّقات. نعترف بأننا أسأنا التقدير في بعض القرارات، ولكنّنا نجحنا في الكثير منها. وأنا أنظر إلى الإخفاق على أنه تحدٍّ، وفرصة مناسبة للتعلم والتطور، فالذي لم يخطئ، يعني أنه لم يعمل. وفي طبيعة عملنا، لا مفرّ من التحديات اليومية التي تثقلنا من حيث الإنتاجية والكفاءة. ومع الوقت والخبرة، نتعلم أن نتجنبها أو أن نواجهها بحسب نسبة تأثيرها في ربحيتنا وأعمالنا. مثلاً، دخولنا في السوق الصيني كان إخفاقاً من الناحية التشغيلية، ولكن دخولنا في بنغلادش كان نجاحاً كبيراً لا نزال نحصد ثماره. ونحن نعتمد نهجاً استراتيجياً لإدارة المخاطر والتقليل من عواقب التحديات، من خلال إيجاد حلول طويلة الأمد.
حين نتحدث عن 15 مصنعاً موزعة في أماكن مختلفة، لا بدّ من بروز تحديات جمّة، فكيف تعملون على ضمان تطبيق معاييركم في كل المصانع المنتشرة في الخارج؟
بالطبع لا يمكننا غضّ النظر عن التحديات التي نواجهها ، ولعل أبرزها تباين وارتفاع تكاليف أسعار الشحن من مناطق الإنتاج إلى مناطق الاستهلاك، وتقلبات العملة، والضرائب، وتقلب الأوضاع الاقتصادية، والقوانين المفروضة من الهيئات التنظيمية. فمن المهم جداً أن نكون على دراية تامة بالقوانين واللوائح التنظيمية التي تحكم الدول التي نعمل بها، وأن نكون ملتزمين تماماً بتطبيقها.
وبرأيي، يعتمد نجاحنا بشكل كبير على قدرتنا في استقطاب الموارد البشرية التي تتمتع بفهم قوي للأسواق المحلية التي نعمل بها، وتمتلك الخبرة التقنية في القطاع وتوظيفها. هذا القطاع الذي نعدّه عاملاً مهماً في اختيارنا للقياديين والتنفيذيين. ونحن نعمل دائماً على استقطاب أكفأ الكوادر المهنية التي تقوم بتصميم أحدث البرمجيات الذكية، لمواكبة متطلبات عمليات التشغيل لدينا.
بمَ تتميّز المصانع المنتشرة في الخارج عن تلك الموجودة في الإمارات؟
تختلف طبيعة مصانعنا في كل دولة خارج الإمارات على حسب الطبيعة الاقتصادية للبلدان التي نكون فيها، وتباين الاحتياجات المختلفة لكل سوق على حدة. مثلاً، هناك ميزة خفض كلفة الإنتاج التي تتميّز بها مصانعنا في الخارج، ما يعني أننا نقوم بتقليل كلفة المنتج نفسه باستخدام أساليب علمية حديثة أثناء التصنيع، دون الإخلال بجودة المنتج النهائي. بالإضافة إلى الاستفادة من انخفاض كلفة النقل في الدول التي نصدر منها في الخارج.
ما حجم انتاجكم السنوي الإجمالي؟
بلغت طاقتنا الانتاجية السنوية حتى ديسمبر 2014، نحو117 مليون متر مربع من بلاط السيراميك والبورسلان، و4.6 مليون قطعة من أطقم الحمّامات، و24 مليون قطعة من أدوات المائدة، التي تقوم بتصديرها إلى 160 دولة حول العالم.
قلت لي انكم واجهتم الازمة المالية العالمية بقوة كيف تعلق على ذلك؟
من الجدير بالذكر أنه في ذروة الأزمة بين عامي 2008 و2009، لم تتراجع شركة سيراميك رأس الخيمة، بل توسّعت أكثر في إنتاجها، وبادرت إلى تطوير آليات الإنتاج، من خلال تحديث الآليات في مصانعها والاستثمار في التكنولوجيا الحديثة. ومع نجاح سيراميك رأس الخيمة في تجاوز الأزمة، التي مرّت عليها بصورة إيجابية، حافظت الشركة الوطنية على حجم إنتاجها، وهو بعد مهمّ، رغم أن أسواقها الرئيسية، كإسبانيا واليونان والولايات المتحدة الأمريكية وهونغ كونغ ودول آسيوية أخرى، تأثرت بتداعيات الأزمة العالمية.
ماذا عن اهتمامك بتطوير الاعتماد على التكنولوجيا في الانتاج؟
نحن من أوائل الشركات المتخصّصة في صناعة السيراميك في المنطقة، التي تستخدم تقنيات الديجتال، ما مكّنها من تصنيع البلاط الخارجي الرخامي لأول مرة. وتوسّعت الشركة أيضاً في إنتاج أصناف جديدة من السيراميك، تخدم شرائح جديدة من العملاء والمباني والمشاريع المختلفة .
لدينا أيضاً منتج جديد صديق للبيئة، يعتمد على تقنية تؤدي إلى التوفير في استهلاك المياه، بالسماح بدخول الهواء مع فتح خلاط المياه، ويقلل بالتالي من كمية المياه الخارجة والمستهلكة، ما يعطي المستهلك الشعور بالاكتفاء النسبي في استخدام المياه.
الى أي أسواق تصدرون؟ وما الأسواق الكبرى بالنسبة اليكم؟
نصدر إلى 150 دولة حول العالم، ولكن سوقنا الكبرى هي دول الخليج وأوروبا، بحيث تستهلك الإمارات تقريبا 30% من إنتاج معاملنا في الإمارات، ويصدر 70% من إنتاجنا إلى السعودية وأوروبا.
من هو منافس سيراميك راس الخيمة؟
يتباين المنافسون بحسب الدول التي نعمل بها وكذلك على حسب المنتجات المختلفة التي نقوم بتصنيعها. فهناك لاعبون أساسيون في أسواق المنطقة التي تتميّز في الدولة التي تنتج فيها. ولكننا نبقى في طليعة المنافسة، من حيث طاقتنا الإنتاجية واحتلالنا المركز الثالث ضمن أكبر مصنع في العالم.
يحكم عالم قطع الأرضيات والأدوات الصحية منطق الموضة التي تتبدل كل بضع سنوات، وتشتهر المصانع الإيطالية بمكانتها في هذا المجال، فهل تستلهمون منها أم انكم تسلكون طريقاً مختلفاً؟
طبعا نؤمن بمجال التطوير المستمر لمنتجاتنا. والدليل على ذلك أننا لا نتأخر في التعاون مع شركات تصميم عالمية، ونأخذ بعين الاعتبار المصانع المتميّزة والناجحة في هذا المجال. ولكن يتمثل سرّ نجاحنا في الابتكار وتطوير تكنولوجيا منفردة، والتعامل مع أهم دور الأزياء العالمية المختلفة، لنتمكن من تطوير منتجات تعدّ علامة فارقة في صناعة السيراميك.
وعلى جانب آخر، فإن اتجاهنا في صناعة البلاط تحكمه أذواق العملاء في كل دولة، فعادةً ما يميل عملاء السوق الأوربية إلى التوجة الى الفخامة الإيطالية. بينما يفضل عملاء دول الخليج إضفاء لمساتهم الشخصية على قطع الارضيات وغيرها، وهو ما تمكنه مرونة سيرامك رأس الخيمة لعملائها من إتاحة الفرصة لإبراز أذواقهم الخاصة.
اذا فريقك الفني والابداعي مهم جدا بالنسبة لك؟
لدينا أكثر من 20 موظفاً في القسم الفني يعملون على تصميم ابدع التصاميم ، باستخدام أكثر من 8000 نموذج لإنتاج البلاط، و13 نموذجاً لإنتاج أطقم الحمامات، في الوقت الذي تتمّ فيه إضافة تصاميم جديدة إلى محفظتها الواسعة أسبوعياً.
اين هي النشاطات المجتمعية في شركة بحجم شركتكم؟
تأخذ الأنشطة المجتمعية، والمسؤولية الاجتماعية حيّزاً كبيراً من اهتمامنا، ونحن نستثمر ما نسبته 10% تقريباً من الأرباح السنوية في نشاطات المسؤلية الاجتماعية. فواجبنا نحو المجتمع هو جزء مهم يمثل التزامنا وفاعليتنا كشركة صنعية توظف آلاف الموظفين وتورّد المنتجات لمئات لآلاف الأفراد والشركات.
وقامت سيرامك رأس الخيمة بمبادرات مجتمعية عدّة مؤثرة، نالت جوائز عالمية ومحلية منها: التعاون مع مستشفى رأس الخيمة والمركز العربي الصحي، وإدارة النمط الحياتي، حيث تقوم الشركة بتصميم نشرات توعوية بنصائح صحية وقائية يتمّ توزيعها على كل الموظفين.
تعمد كثير من الشركات العالمية وفي قطاعات مختلفة إلى إطلاق مدارس مهنية وورش تدريبية لتعزيز اليد العاملة، فهل أنتم في وارد القيام بخطوة من هذا النوع؟
فنحن في وارد القيام بهذه الخطوة، متى تأكدنا من توافر الظروف المناسبة لتحقيق الأهداف التنموية المرجوة لمثل هذه المبادرات. ولا يزال توجَهنا منصباً على فكرة التطوير دائماَ وهو ما يبقينا على خط موازِ مع أرقى مسارات التقدم في صناعة السيراميك، كون الأيدي العاملة هي رأس مالنا الحقيقي الذي نعمل على تنمية قدراته بإستمرار والرفع بها في مواجهة تحديات الصناعة.