بعد نجاح السيارات الكهربائية.. الصين تنافس في سوق الروبوتات الشبيهة بالبشر
في يناير الماضي، شهد أكبر مسارح الصين استعراضًا مذهلاً لمجموعة من الروبوتات الشبيهة بالبشر، التي أدّت رقصات على أنغام الموسيقى الشعبية، مُقدمةً مشاهد مبهرة في حفل رأس السنة القمرية السنوي. هذا الحدث لم يكن مجرد عرضٍ ترفيهي، بل كان دليلًا واضحًا على التطور السريع الذي تشهده صناعة الروبوتات البشرية، ومؤشرًا على دخول الصين بقوة في سباق هذه الصناعة العالمية الناشئة.
توقعات سوقية هائلة للروبوتات البشرية
وبحسب شركة غولدمان ساكس، من المتوقع أن تصل قيمة سوق الروبوتات الشبيهة بالبشر إلى 38 مليار دولار بحلول عام 2035، مع توقعات بشحن حوالي 250 ألف روبوت للاستخدامات الصناعية خلال خمس سنوات فقط.
ومع مرور الوقت، سيتزايد الطلب الاستهلاكي بشكل كبير، ليصل إلى حوالي مليون وحدة سنويًا خلال عقد تقريبًا، وهو ما يؤكد أن هذه الروبوتات قد تصبح يومًا ما من الأجهزة الأساسية في حياة الأفراد مثل السيارات والهواتف المحمولة.
تسلا تقود السباق العالمي بمشروع أوبتيموس
وفي مقدمة الشركات التي تُهيمن حاليًا على هذه الصناعة، تبرز شركة تسلا الأمريكية، والتي يديرها الملياردير إيلون ماسك. وأثارت الشركة اهتمامًا عالميًا واسعًا حين كشفت عام 2022 عن نموذجها الأولي للروبوت البشري «أوبتيموس».
ويتوقع ماسك أن يحقق مشروعه هذا إيرادات تتجاوز 10 تريليونات دولار في المستقبل، ما يجعل تسلا في مقدمة اللاعبين العالميين في هذه الصناعة الواعدة.
الصين تدخل المنافسة باستثمارات ضخمة
وعلى الرغم من دخولها السوق متأخرةً مقارنة بالشركات الأمريكية مثل Boston Dynamics وتسلا، إلا أن الصين تستثمر بقوة في هذا المجال بهدف اللحاق بركب المنافسة، حيث أعلنت الحكومة الصينية عن خططها لتحفيز الإنتاج الضخم للروبوتات البشرية بحلول عام 2025، كما قامت بإنشاء صناديق استثمارية بمليارات الدولارات في مدن مثل بكين وشنغهاي وشنتشن، ما يعكس تصميم الصين على تعزيز مكانتها كقوة تكنولوجية عالمية.
اقرأ أيضًا: "كاثي وود" تتوقع ارتفاع قياسي في أسهم "تسلا" خلال خمس سنوات رغم الهبوط الحالي
تحديات تقنية تواجه الصناعة الصينية
ورغم تقدم الصين في مجال الروبوتات الصناعية، لا تزال تواجه تحديات كبيرة في التقنيات الأساسية مثل رقائق المعالجات، وأجهزة الاستشعار عالية الدقة، وأنظمة تشغيل الروبوتات. وتسعى الصين حاليًا لتقليل اعتمادها على التكنولوجيا الغربية مع شركات مثل إنفيديا وتسلا، والعمل على بناء سلاسل توريد محلية متكاملة لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
استراتيجية الصين لتسريع الإنتاج وتخفيض الأسعار
واعتمدت الشركات الصينية إستراتيجية تنافسية مبنية على تخفيض الأسعار بهدف تسريع انتشار هذه التكنولوجيا، حيث طرحت شركة Engine AI نموذج PM01 بسعر حوالي 12 ألف دولار، في حين طرحت شركة Unitree Robotics نموذج G1 بسعر نحو 13 ألف دولار فقط. هذه الأسعار المنخفضة تجعل الروبوتات الصينية في متناول شريحة واسعة من الشركات والمستهلكين حول العالم.
الروبوتات البشرية حل لأزمة العمالة في الصين
وفي ظل الأزمة الديموغرافية وتقلص القوى العاملة التي تواجهها الصين حاليًا، ترى الصين في الروبوتات البشرية حلاً مثاليًا لتعويض نقص العمالة، وبالتالي ضمان استدامة النمو الاقتصادي والاجتماعي. هذه الرؤية تعطي الصناعة الناشئة أهمية استراتيجية بالغة، وتعزز من فرص نجاح الصين في المنافسة العالمية خلال السنوات المقبلة.