كيف يمثل الصوم فرصة للإقلاع عن التدخين؟
يعد شهر رمضان وأوقات الصوم المختلفة على مدار العام، فرصة عظيمة للإقلاع عن التدخين، في ظل الامتناع عن تناول الطعام والشراب قرابة الـ13 ساعة يوميًا، حيث يساعد الصيام المدخنين على التخلي عن عاداتهم المرتبطة بتدخين السجائر، مثل التدخين فور تناولهم للوجبات أو عند شعورهم بالتوتر.
وخلال الصيام يجد المدخن نفسه مضطرًا لعدم التدخين لفترات طويلة، لذلك من السهل أن يستكمل يومه بدون سجائر إذا كان يمتلك القدرة والإرادة على لذلك، فرمضان شهر يقوي الإرادة والعزيمة، من خلال أجوائه الروحانية ودعمه لقيم الصبر والانضباط، ما يجعله بيئة مثالية للبدء في رحلة التخلص من هذه العادة الضارة.
وقد أظهرت دراسة حديثة، أن محاولات الإقلاع عن التدخين تحقق معدلات أعلى من النجاح حينما تتزامن مع شهر رمضان المبارك، وحثت الدراسة المدخنين من المسلمين على اغتنام فرصة حلول الشهر الفضيل والأجواء الإيمانية والروحانية التي تصاحبه، كنقطة انطلاق للامتناع عن هذه العادة المدمرة للصحة.
التدخين في رمضان
أجرى الدراسة خلال شهر رمضان، الباحث "سورياني إسماعيل" وآخرون، ونشرت في مجلة قطر الطبية التي تنشرها منصة QScience.com التابعة لدار "جامعة حمد بن خليفة".
وأشارت الدراسة إلى أن الأنشطة المرتبطة بالشهر الكريم، مثل تبادل الزيارات العائلية والمواظبة على الصلاة في جماعة، تساعد أيضاً على شغل أوقات الفراغ لدى الأفراد بشكل دائم، ومن ثم تعينهم على التوقف عن التدخين.
من جهتها حثت عيادة الإقلاع عن التدخين التابعة لمؤسسة "حمد الطبية" في قطر المدخنين على اغتنام شهر رمضان الكريم باعتباره فرصة للإقلاع عن هذه العادة، ومحاولة تبني نمط حياة صحية.
ومما لا شك فيه أن أغلب المدخنين الذين يريدون الإقلاع عن التدخين، لا يجدون فرصة مناسبة ومواتية كما يجدونها في شهر رمضان، نظرا للامتناع عن الطعام قرابة 12 ساعة يوميًا، وإذا أضفنا الوازع الديني الذي لا يجيز التدخين، في وقت يراه المسلمون فرصة سنوية لمراجعة علاقاتهم مع الله سبحانه وتعالى، يصبح الإقلاع عن التدخين أسهل من أي وقت آخر.
اقرأ أيضًا: احذر.. هكذا يدمر التدخين الإلكتروني صحتك
نقطة انطلاق وتحول
يمكن للمدخن أن يستغل هذا الشهر المبارك كنقطة انطلاق نحو حياة أكثر صحة وخالية من التدخين، بالاستعانة بالبدائل، مثل ممارسة الرياضة والانشغال بالعبادات، فرمضان فرصة لتهذيب النفس وتطويرها روحيًا وأخلاقيًا.
هكذا بدأت الدكتورة "صابرين جابر" استشاري العلاقات الأسرية بجامعة حلوان، حديثها، قائلة: إن الصيام فرصة لكي نغير نمط حياتنا، فنهذب أنفسنا ونحرمها من الملذات والشهوات، والابتعاد عن التدخين من أكثر التحديات التي يواجهها الرجال، كما أن له أثر الحالة الصحية، ففي فترة الصيام يمتنع المسلم عن تناول الطعام قرابة 13 ساعة، وبالتبعية عن التدخين، وهي فترة طويلة، لذلك فهي بالنسبة له فرصة كبيرة لابد أن يستغلها ويغير من حياته، لأن النيكوتين يؤدي نوع من الإدمان، ومن ثم إذا امتنع الشخص عن تناوله سيكون عصبي جدًا، لذلك على الرجل أن يحاول تقليل التدخين خلال الشهر، وأن يجعل منه فرصة للإقلاع عنه نهائيًا.
يستطيع الرجال استغلال الشهر المبارك للإقلاع نهائيًا عن التدخين، من خلال الامتناع التدريجي عن هذه العادة السيئة، وعن طريق التحلي بالصبر والإرادة والاتزان والبعد عن التوتر، الذي قد ينعكس على الرغبة في التدخين كوسيلة لتفريغ شحنات الانفعال، وهنا نقول للمدخن حاول أن تضبط نفسك، وتعوضها بأشياء أخرى مفيدة كممارسة الرياضة وتناول الفيتامينات، وقد يجد في بداية الأمر صعوبة في التركيز أو يعاني من العصبية أو الاكتئاب أو الصداع، ولكن مع الإرادة يستطيع أن يتغلب على جميع هذه الأعراض.
وهناك عدة خطوات يجب على المدخن اتباعاها عند امتناعه عن التدخين، منها أن لا يجعل السجائر متواجدة في المحيط الذي يجلس فيه، سواء في البيت أو السيار،ة بحيث يمتنع عن رؤيتها، كذلك يتناول السوائل الكثيرة، التي تغني عن التدخين، ولا مانع من تناول القهوة أو النسكافيه والشاي بعد الإفطار، مع شغل الوقت بقراءة القرآن والحصول على قسط وافر من النوم، بالإضافة إلى المواظبة على جميع الصوات وخصوصًا صلاة التراويح، فهنا سيجد الرجل أنه يقضي وقتًا طويلًا منشغلًا وبعيدًا عن التفكير في التدخين، وجميع هذه الأشياء تجعل الإنسان يشعر بالسعادة والهدوء والراحة والسكينة، بينما تجعله لا يشعر بأعراض انسحاب النيكوتين من جسمه، وبشكل عام لابد أن يكون لدى الرجل هدف أسمى يتمثل في الحفاظ على صحته من أجله ومن أجل عائلته.
نصائح للإقلاع عن التدخين
تقدم الدكتورة "صابرين" نصائح للمدخنين تساعدهم على الإقلاع عن التدخين في رمضان، والتي تبدأ بضرورة توافر الإرادة والعزيمة لدى المدخن، للامتناع عن التدخين حفاظًا على صحته وحماية لعائلته من التدخين السلبي، ثم القيام بالآتي:
- تجنب تناول كميات كبيرة من الأطعمة الغنية بالألياف مثل الخضار والفواكه.
- الابتعاد عن المناطق التي يتواجد فيها التدخين والمدخنين.
- تجنب الأطعمة والمشروبات المعتاد تناولها مع الدخان.
- إشغال الشخص نفسه بأي نشاط بحيث يبعده ذلك الانشغال عن التفكير في التدخين.
- ممارسة الرياضة، حيث تحسن من لياقة وصحة المدخن.
- التخلص من جميع مستلزمات التدخين كالولاعات، والابتعاد عن علب السجائر.
وفي النهاية يمكن مراجعة المدخن للطبيب إن لزم الأمر، لوصف أدوية تساعده على الإقلاع عن التدخين.
اقرأ أيضًا: كيف يؤثر التدخين على أسنانك؟ وكيف تحافظ عليها؟
الإقلاع النهائي عن التدخين
على الرغم من أن المدخن يشعر بحاجته إلى النيكوتين، الأمر الذي قد يسبب التوتر، والعصبية، والصداع، وبشكل خاص في الأيام الأولى من الصيام، إلا أنه مع مرور الأيام يبدأ الجسم بالاعتياد على ذلك وتقل الرغبة بالتدخين، وقد كشف تقرير سابق للصحة العامة البريطانية، أن التوقف عن التدخين لمدة شهر كامل، من شأنه أن يزيد فرص الشخص في الإقلاع النهائي خمس مرات، فببلوغ الأسابيع الأربعة تزداد فرص تعود الجسم على الإقلاع عن التدخين، ومن هذا المنطلق يعتبر شهر رمضان فرصة لزيادة فرص "الإقلاع النهائي عن التدخين".

من جانبه أكد استشاري الصحة النفسية، الدكتور "وليد الهندي"، أن شهر رمضان المبارك يعد فرصة رائعة لتهذيب النفس من العادات الصحية السيئة، التي تصاحبها أضرار بالغة على الصحة وجسم الإنسان وحتى على الصحة العقلية، على اعتبار أن العقل السليم في الجسم السليم.
مستكملًا أن من أبرز العادات السيئة التي يمكن التخلص منها في رمضان التدخين، لما له من أضرار عديدة، فالمدخن في رمضان عادة ما يواجه مشاكل كثيرة، خصوصًا خلال ساعات الصيام، أهمها قلة التركيز والتوتر والعصبية المفرطة والخمول، إضافة إلى اضطرابات النوم وتقلب المزاج، وجميعها أزمات مرتبطة باعتياده على التدخين ورائحة الدخان وطعمه.
وتلك الأعراض غالبا ما تكون ظاهرة وواضحة في الأيام الأولى من الصيام، وتتناقص تدريجيًا مع مرور الأيام بسبب تناقص مادة النيكوتين بالجسم بشكل نسبي، ومن ثم يمكن للمدخن استغلال ذلك الإقلاع المؤقت عن التدخين إلى إقلاع دائم، شرط أن تكون لديه إرادة، تبدأ من عدم الهرولة نحو السيجارة عقب الإفطار مباشرة.
كما أن هناك دورًا كبيرًا يقع على الأسرة في مساعدة المدخن على الإقلاع عن التدخين، من خلال إبعاده عن أي توترات أو شد عصبي، وتوفير جو أسري هادئ يبعده عن هذه العادة السيئة.