قبل أن تُقلِع عن التدخين.. ماذا تعرف عن أعراض انسحاب النيكوتين؟
بين مطرقة السجائر وخطر سرطان الرئة وسندان أعراض انسحاب النيكوتين التي تنتظر فقط إلقائك آخر سيجارة من يدك، تظل حائرًا مضطربًا؛ هل تتوقّف عن التدخين لأجل مواجهة مصاعب تلك الأعراض أم تستمر فيه لأن الضرر واحد "كما تظن"؟ التدخين مُضر، وهذا اتفق عليه العقلاء، لكنّ تركه لن يكون سهلاً، وهذا بديهي ولا يستدعي نقاشًا؛ لذلك ما أعراض انسحاب النيكوتين المُتوقّع ظهورها مع الإقلاع عن التدخين؟ وكيف تتعامل مع هذه الأعراض وتتمتّع بحياةٍ خالية من التدخين؟
ماذا يعني انسحاب النيكوتين؟
يُشِير "انسحاب النيكوتين" إلى ما يحدث في الجسم عندما يتوقّف الإنسان عن الحصول على النيكوتين "تدخين السجائر" كما اعتاد عليه بانتظام، أو تقليل ما يدخل إلى الجسم منه، فهذا قد يُؤدِّي إلى أعراضٍ جسدية ونفسيةٍ على حدٍ سواء.
عادةً تبدأ أعراض انسحاب النيكوتين في الظهور في غضون 2 - 3 ساعات، أو 30 دقيقةٍ كحدٍ أدنى، منذ آخر مرةٍ دخّن فيها الإنسان أو حصل على النيكوتين، كما تصير الأعراض أشدّ في غضون أيامٍ قليلة من التوقف عن التدخين تمامًا.
أعراض انسحاب النيكوتين
معرفة أعراض انسحاب النيكوتين من الأهمية بمكانٍ لمعرفة ما أنتَ بصدد مواجهته مع الإقلاع عن التدخين، كما ينبغي أن تعلم أيضًا أنّ هذه الأعراض مؤقتة، تتطلّب بعض الصبر فحسب، وهي تضمُّ ما يلي:
1. الرغبة الشديدة في النيكوتين "التدخين"
تُعدّ الرغبة الشديدة في التدخين هي الحاجز الأول والمشكلة الأبرز، والتحدّي الأقوى الذي يُواجهه المدخن مع انقطاعه عن التدخين، فتلك الرغبة الشديدة المستمرة في التدخين تنتج على الأرجح من مُستقبِلات النيكوتين في الدماغ، التي لم تعتد هذا الوضع الحالي "ألّا يدخل إلى الجسم نيكوتين".
لكن لا تخف ولا تتراجع خطوة إلى الوراء، فهذه الرغبة الشديدة لا تستمر سوى 5 - 10 دقائق فقط، ويُمكِنك تذكير نفسك حينها بأنّ تلك الرغبة ستمرّ إن عاجلاً أو آجلاً، كما قد يُساعِدك المشي أو مضغ علكة النيكوتين في التغلّب على تلك الرغبة.
2. زيادة الوزن
قد يستبدل الجسم بالسجائر الطعام، إذ يُعانِي بعض الناس بعد الإقلاع عن التدخين رغبةً قوية في الأكل، ولعلّ ذلك يعود إلى تأثير النيكوتين على خلايا الجسم، إذ يجعلها لا تستجيب للأنسولين، ما قد يزيد مستويات السكر في الدم.
لذلك فعند الإقلاع عن التدخين، قد يشعر الإنسان برغبةٍ قوية في تناول الكربوهيدرات، أو الحلوى، أو غيرها من أنواع الطعام؛ لإشباع ذلك الجوع المفاجئ غير معلوم السبب، وهذا قد يُؤدِّي إلى زيادة الوزن بالطبع.
لذلك يُفضّل الانشغال في ممارسة التمارين الرياضية إن هاجمتك تلك الرغبة، أو تناول وجبات خفيفة صحية بدلاً من الحلوى، مثل الفواكه والخضراوات، فهي لن تزيد الوزن غالبًا.
3. اضطرابات النوم
مُشكلات النوم من الأعراض الشائعة لانسحاب النيكوتين، وذلك نتيجة خلل عمل الدوبامين، الذي يُنظِّم نوم الإنسان، إذ يُعانِي بعض الناس الأرق؛ لذلك ينبغي مساعدة الجسم على النوم قدر الإمكان، بتجنُّب شُرب القهوة في أوقاتٍ متأخرة من اليوم مثلاً، أو بتهيئة غرفة النوم بأن تكون مظلمة هادئة درجة حرارتها معتدلة، وما إلى ذلك.
4. السعال المستمر
السعال المستمر من الأعراض البارزة بعد الانقطاع عن التدخين، بل قد يبدو الأمر في ظاهره أنّ السعال قد تفاقم رغم ترك السجائر، ورغم ذلك فإنّ هذا السعال دليل عن أن الرئة تتحسّن.
عندما يُدخِّن الإنسان، فإنّ الأهداب الموجودة في الجهاز التنفسي "بروزات أصبعية الشكل" لا تتحرّك، ومن المفترض في الحالة الطبيعية أن تتحرّك طاردة الغبار العالق وأي جسم غريبٍ إلى خارج الجهاز التنفسي؛ لذلك فبعد الإقلاع عن التدخين، تستعيد الأهداب وظيفتها وحركتها، ومِنْ ثَمّ تطرد المواد العالقة في الجهاز التنفسي خارجه، والسعال يُمثِّل قوة الهواء الطاردة لهذه المواد.
لذا يُنصَح بشُرب كميات مناسبة من الماء باستمرار، وترطيب هواء المنزل إن أمكن ذلك، كما يُمكِن تناول العسل أو أدوية السعال لتخفيف ذلك السعال.
5. أعراض شبيهة بنزلات البرد
قد يُعانِي بعض الناس أعراضًا شبيهة بنزلات البرد، مثل الحمى الخفيفة، والتهاب الجيوب الأنفية، والسعال، وآلام الجسم، وما كل ذلك إلّا استجابة الجسم لوضعٍ غير مألوفٍ بالنسبة له "فهو اعتاد النيكوتين بل أدمنه إن صحّ التعبير".
لكن لا تستمر هذه الأعراض إلّا بضعة أيامٍ فقط، وقد يُساعِد العلاج باستبدال النيكوتين، إلى جانب مسكنات الآلام في تخفيف هذه الأعراض.
اقرأ أيضًا:نسبة النيكوتين في السجائر.. قائمة أقل أنواع السجائر ضرراً
6. تقلُّبات مزاجية
قد يُؤدِّي سحب النيكوتين من الجسم إلى التوتر وسرعة الانفعال؛ بسبب اضطراب الغدد الصماء والجهاز العصبي المركزي، بل قد يُعانِي بعض الناس نوبات غضبٍ مفاجئة غير عقلانية، كما قد تحدث بعض التغيُّرات الفسيولوجية قصيرة الأمد، مثل ارتفاع ضغط الدم، وزيادة مُعدّل ضربات القلب.
لذلك يُنصَح بالاسترخاء، أو التحدُّث مع صديقٍ أو حبيب، أو ممارسة النشاط البدني الذي تُفضِّله، أو حتى القراءة، المهم أن تفعل شيئًا يُعِيد لك سلامك النفسي، ويُبقِي التوتر بعيدًا عنك.
7. الإمساك
نعم، قد يتأثّر الجهاز الهضمي مع الإقلاع عن التدخين، إذ تتغيّر حركة الأمعاء، وتبطؤ سرعة هضم الطعام، كما قد ينجم ذلك عن زيادة النهم تجاه الطعام، وتناول كثيرٍ من الطعام المُسبِّب للإمساك، مثل الخبز الأبيض، ورقائق البطاطس، وغيرها.
لذا يُنصَح بشُرب كميات مناسبة من الماء باستمرار للتغلُّب على الإمساك، وزيادة الألياف المُتناوَلة في الطعام، بتناول الحبوب الكاملة كالشوفان والكينوا، أو الفواكه والخضراوات.
8. أعراض أخرى
قد يُؤدِّي التوقف عن التدخين إلى أعراضٍ أخرى أيضًا، لكنّها أقل شيوعًا، مثل:
- الصداع.
- الغثيان.
- احتقان الحلق.
- صعوبة التركيز.
متى تظهر أعراض انسحاب النيكوتين؟ وإلى متى تستمر؟
قد تبدأ أعراض انسحاب النيكوتين بعد 30 دقيقة من آخر سيجارة لك، وعادةً ما تبلغ ذروتها في اليوم الثالث منذ ذلك الحين، كما تزول الأعراض في غضون 3 - 4 أسابيع من تاريخ الإقلاع عن التدخين، لكن المدة عمومًا تختلف من إنسانٍ لآخر، وقد تستغرق عند بعض الناس بضعة أشهر.
علاج أعراض انسحاب النيكوتين
لا تجزع من أعراض انسحاب النيكوتين، فهي لن تضرّ مسارك في الإقلاع عن التدخين، وإن صعب عليك احتمالها، فهاك طرق لعلاجها ومن بينها:
1. العلاج باستبدال النيكوتين
يُساعِد العلاج باستبدال النيكوتين في التغلُّب على أعراض انسحاب النيكوتين، إذ ثبت دوره في زيادة مُعدّل الإقلاع عن التدخين بنسبة 50 - 70%، حسب المجلة الدولية للعلوم الصحية "International Journal of Health Sciences"، ويتوافر العلاج في صورة علكة النيكوتين، أو أقراص الاستحلاب، أو اللصقات الجلدية.
نعم هذه الأدوية مُساعِدة، لكن لا ينبغي إغفال الجانب النفسي، وضرورة الابتعاد عمّا يُشجِّعك على التدخين.
2. الوصفات الطبية
تُوصَف بعض الأدوية المُساعِدة في الإقلاع عن التدخين، وقد تُستخدَم إلى جانب العلاج باستبدال النيكوتين، ويبدأ الإنسان تناول تلك الأدوية قبل الإقلاع عن التدخين بأسبوعٍ أو اثنين، ومن أمثلتها:
- فارينيكلين.
- مضاد الاكتئاب بوبروبيون.
لكن هذه الأدوية لها آثار جانبية؛ لذلك ينبغي استشارة الطبيب قبل تناول أي منها.
كيف تتعامل مع أعراض انسحاب النيكوتين؟
ختامًا، إليك بعض النصائح التي تُساعِدك في التعامل مع أعراض انسحاب النيكوتين مع عدم العودة إلى التدخين مرةً أخرى:
- التخلُّص من كل السجائر الموجودة في المنزل أو السيارة.
- غسل الملابس أو أي شيءٍ به رائحة التبغ.
- شُرب كميات مناسبة من الماء باستمرار للتغلُّب على احتقان الحلق وجفاف الفم.
- شتِّت نفسك كُلّما طاردتك رغبة في التدخين، بالمشي، أو ممارسة الرياضة، أو القراءة، أو فعل أي شيءٍ سوى التدخين.
- الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم.
- تناول طعامٍ صحيٍ، ويُفضّل تضمين الألياف في النظام الغذائي، مثل الفواكه، والخضراوات، والحبوب الكاملة.
- الحد من التوتر، واستشارة الأصدقاء، والبقاء بقُرب من يُحبّك ويدعمك.