كيف يؤثر الصيام في ميكروبيوم الأمعاء؟
لا تنحصر وظيفة الأمعاء في استيعاب الطعام وامتصاص عناصره الغذائية فحسب، حيث تحوي البكتيريا النافعة والضارة على حدٍ سواء، وتتنافسان على السكن فيها، والعناصر الغذائية المتاحة، وأيّهما رجحت كفّته، كان أثره على صحتك أكبر.
وللصيام أثره على بكتيريا الأمعاء "الميكروبيوم"، إذ يعزّز تنوّع البكتيريا النافعة، ولكن ما أثر الميكربيوم تحديدًا في صحتك؟ وكيف تعزّز البكتيريا النافعة مع الصيام؟
ميكروبيوم الأمعاء
الأمعاء في الحقيقة منطقة حيوية مُصغّرة، يسكنها تريليونات الكائنات الحية المجهرية، بما في ذلك أكثر من ألف نوع من البكتيريا، بالإضافة إلى الفيروسات والطفيليات والفطريات.
وهذه الأنواع المختلفة من البكتيريا لها أدوار متنوعة في جسمك، وأغلبهم ضروري للحفاظ على صحتك، في حين أنّ بعضها قد يكون مسؤولًا عن الأمراض.
تأثير ميكروبيوم الأمعاء في صحتك
يؤثر ميكروبيوم الأمعاء في صحتك من نواحٍ مختلفة، مثل:
1. وزن الجسم:
قد يؤدي عدم توازن البكتيريا النافعة مع الضارة في الأمعاء إلى اختلال توازن الميكروبيوم، ما قد يُسهِم في زيادة الوزن، حسب "Healthline"، لذا فقد يساعد الحفاظ على توازن الميكروبيوم في الأمعاء على خسارة الوزن أو الحفاظ على وزنٍ صحي.
2. صحة الجهاز الهضمي:

قد تكون أعراض متلازمة القولون العصبي من انتفاخ البطن والغازات وغيرها، بسبب اختلال توازن ميكروبيوم الأمعاء، لأنّ بعض أنواع البكتيريا قد تطلِق كثيرًا من الغازات والمركبات الكيميائية، مما قد يُسهِم في الأعراض.
وثمّة أنواع من البكتيريا النافعة، التي قد تساعد في الحفاظ على صحة الأمعاء، وغلق الفجوات بين خلايا الأمعاء، كما أنّ الحصول على "البروبيوتيك" (مصدر للبكتيريا النافعة)، قد يُخفِّف أعراض القولون العصبي.
اقرأ أيضًا:كيف تُحسِّن تركيزك خلال ساعات الصيام؟.. إليك 6 نصائح
3. صحة الدماغ:
قد تفِيد البكتيريا النافعة صحة الدماغ كثيرًا، فمثلًا "السيروتونين"، وهو أحد النواقل العصبية المرتبطة بالشعور بالسعادة، يُنتَج بشكلٍ رئيس في الأمعاء، مما يدلّ على أنّ الميكروبيوم قد يكون له تأثير على مزاجك.
كذلك فإنّ الأمعاء متصلة بالدماغ بملايين الأعصاب، وقد ربطت عديد من الدراسات، حسب "Healthline"، بين عدد من الاضطرابات النفسية واختلاف أنواع البكتيريا في الأمعاء، مقارنةً بالأشخاص الأصحاء.
كما وجدت مجموعة صغيرة من الدراسات، منها دراسة نشرت عام 2017 في مجلة "Gastroenterology"، أنَّ بعض أنواع البروبيوتيك، تساعد على تخفيف الاكتئاب وغيره من الاضطرابات النفسية.
4. دعم المناعة:
تدرِّب البكتيريا النافعة جهازك المناعي على إخبارهم بالميكروبات الضارة، فالأمعاء هي أكبر عضو مناعي لديك؛ إذ تحتوي على نحو 80% من الخلايا المناعية في الجسم.
وتتنافس البكتيريا النافعة مع البكتيريا الضارة على العناصر الغذائية في الأمعاء، كما تساعد البكتيريا النافعة على الحد من المناطق التي تسكنها البكتيريا الضارة.
كما قد تنتِج البكتيريا النافعة أحماضًا دهنية قصيرة السلسلة، مفيدة لجهازك المناعي؛ إذ تساعد على الحفاظ على حاجز الأمعاء سليمًا، مما يمنع البكتيريا الضارة وسمومها من الانتقال إلى الدم.
تأثير الصيام على ميكروبيوم الأمعاء

يؤثر الصيام في ميكروبيوم الأمعاء، وقد وجدت دراسة نُشِرت عام 2020 في "المجلة البريطانية للتغذية British Journal of Nutrition"، أنَّ الأشخاص الذين صاموا لمدة 16 ساعة، شهدوا زيادة كبيرة في تنوّع ميكروبيوم الأمعاء، كما كانت لديهم مستويات أعلى من البكتيريا النافعة في الأمعاء، والتي ترتبط بتحسُّن التمثيل الغذائي.
كذلك فإنّ المرء عندما يكون نائمًا، فإنه سكون صائمًا بطبيعة الحال عن الطعام والشراب، وخلال تلك الفترة، يتباطأ نشاط الجهاز الهضمي، ويتم إصلاح الخلايا في بطانة الأمعاء، مما قد يدلّ على أنّ الصيام لفترة أطول قد يكون له أثر إيجابي على الأمعاء.
وقد اقترحت مراجعة نُشِرت عام 2017 في "Annual Reviews"، أنَّ امتداد فترة الصيام، قد يقوّي حاجز الأمعاء، مما يُسهِم في تخفيف الالتهابات المزمنة، وتقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب ومرض السكري من النوع الثاني.
نصائح للصيام الصحي في رمضان
يُفضّل اتّباع النصائح الآتية للتمتّع بصيامٍ صحي في رمضان، وتعزيز الميكروبيوم للحفاظ على صحة الأمعاء ودعم صحة الجسم عمومًا:
1. تناول أنواع مختلفة من الطعام:
فهذا يساعد على تنويع ميكروبيوم الأمعاء، مما يعزّز صحة الأمعاء، كما يُفضّل تناول البقوليات والفواكه، فهي غنية بالألياف التي تعزّز نمو البكتيريا النافعة.
اقرأ أيضًا:هل يُعزِّز الصيام فرص الإنجاب عند الرجال؟
2. تقليل تناول المحلّيات الصناعية:
ثمّة بعض الأدلة على أنّ المحلّيات الصناعية، مثل "الأسبارتام"، قد تزيد نسبة السكر في الدم، عبر تحفيز نموّ البكتيريا الضارة في الأمعاء، حسب دراسةٍ نشِرت عام 2014 في مجلة "PLoS One".
3. تناول الأطعمة الغنية بالبريبيوتيك:
وهي الأطعمة الغنية بهذا النوع من الألياف، والتي تحفّز نموّ البكتيريا النافعة، مثل الموز والهليون والشوفان والتفاح، وغيرها.
4. تناول الحبوب الكاملة:
تحتوي الحبوب الكاملة على كثيرٍ من الألياف، بالإضافة إلى الكربوهيدرات الصحية، كما تعزّز ميكروبيوم الأمعاء، وقد تُسهِم في الوقاية من بعض الأمراض، مثل السرطان ومرض السكري.
5. الحصول على مكملات البروبيوتيك:
قد لا يتمكّن بعض الناس من تناول الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك، وفي تلك الحالة قد يُنصَح بتناول مكملاته، لتعزيز البكتيريا النافعة في الأمعاء.
6. عدم الإسراف في تناول المضادات الحيوية:
يجب الاقتصار على تناول المضادات الحيوية عند الحاجة فقط، لأنّها تقتل البكتيريا الضارة، وكذلك البكتريا الجيدة في الأمعاء، ومِنْ ثَمّ يجب عدم الإسراف في تناولها، للحفاظ على البكتيريا النافعة.
اقرأ أيضًا:صيام رمضان.. حصنك المنيع ضد الأمراض العصبية
أطعمة على الإفطار والسحور لدعم الميكروبيوم
قد يكون للصيام تأثيره في ميكروبيوم الأمعاء، لكن لضمان تعزيز الميكروبيوم، ينبغي تناول الأطعمة التي تساعد على تعزيزها بالفعل، ومنها:
1. الزبادي:

الزبادي من أشهر الأطعمة الغنية بالبروبيوتيك، وهو مُنتَج من إضافة البكتيريا النافعة إلى اللبن، كما يساعد البروبيوتيك الموجود في الزبادي على هضم سكر اللاكتوز، الموجود في اللبن، مما قد يجعله مفيدًا أيضًا لمن يُعانُون عدم تحمُّل اللاكتوز.
2. الكفير:
الكفير شبيه بمشروب الزبادي، ويُصنَع عندما تُخمّر حبوب الكفير، وهي مستعمرات من بكتيريا الخميرة وحمض اللاكتيك، والسكريات في الحليب، مما يجعل قوامه أكثر سُمكًا، كما أنّه مليء بالبروبيوتيك.
3. الكيمتشي:
هو الملفوف المخمّر، وهو من الأطعمة اللذيذة الغنية بالبروبيوتيك، والذي يسهل إضافته إلى وجباتك اليومية.
4. التيمبي:
طعام مخمّر مصنوع من فول الصويا، ومِنْ ثَمّ مليء بالبروبيوتيك، كما يُعدّ أيضًا مصدرًا للبروتين، بالإضافة إلى فيتامينات ب والكالسيوم والمغنيسيوم والزنك.
5. الهليون:
تتغذّى البكتيريا النافعة على البريبيوتيك، وهي ألياف غذائية تتوافر في بعض أنواع الطعام، مثل الهليون الذي يُعدّ مصدرًا قويًا للبريبيوتيك، كما أنّه مليء بمضادات الأكسدة التي تخفِّف الالتهابات.
اقرأ أيضًا:هل يمنع الصيام النوبات القلبية؟ دراسات علمية تجيب
6. التوت البري:
يوُفّر الكوب الواحد من التوت البري 8 جرام من الألياف الغذائية، التي تتغذّى عليها ميكروبات الأمعاء، كما أنّه مليء بمركّبات "البوليفينول"، التي تعزِّز نموّ البكتيريا النافعة في الأمعاء وتُثبِّط نموّ البكتيريا الضارة.
7. الكمثرى:
تحتوي الكمثرى على "البكتين"، وهو نوع من الألياف، التي تغذّي البكتيريا النافعة، كما تساعد على تقليل مستويات الكوليسترول في الدم.