"فقدان الوزن أول الطريق".. هل يُعالج الصيام الكبد الدهني؟
لا يحدث الكبد الدهني بين عشية وضحاها، بل تتراكم الدهون في الكبد مع نمط المعيشة غير الصحي، المُهمِل للأطعمة الصحية، الذي يُعانِي صاحبه السمنة أو مقاومة الأنسولين، والكبد هو مُخلِّص الجسم من السموم، مَصنع البروتينات، مقر عمليات التمثيل الغذائي، وتراكُم الدهون فيه ليس شيئًا جيدًا بالمرّة وإن لم يُظهِر أعراضًا أو تبعات لذلك، ومع مساعدة الصيام في خسارة الوزن والتخلص من الدهون، فهل يكون له نفس الأثر في تخفيف دهون الكبد أيضًا؟ وإلى أي مدى يبلغ أثر الصيام في هذا الجانب؟
ما هو الكبد الدهني؟
أحد الأمراض الشائعة بين كثيرٍ من الناس؛ إذ تتراكم الدهون في الكبد، خاصةً مع الإفراط في تناول الطعام والمعاناة من السمنة، بما قد يُهدِّد صحة الكبد لاحقًا ويُخلّ بوظائفه، وقد يُؤدِّي إهماله إلى التهاب الكبد وتليُّفه.
أثر صيام رمضان في الكبد الدهني
يُساعِد صيام شهر رمضان على خسارة الوزن، وانخفاض حجم الدهون المتراكمة في الجسم، وكذلك تحسُّن ضغط الدم ومستويات الكوليسترول في الدم.
بل أظهر صيام رمضان أيضًا تحسُّن مستويات السكر الصائم في الدم، خاصةً عند مرضى الكبد الدهني، بالتوازي مع خسارة الوزن وانخفاض المُركّبات المُؤيِّدة للالتهابات، مثل بروتين سي التفاعلي، أو الإنترلوكينات.
كذلك، كشف تحليل لـ 20 دراسةً أُجريت على أفرادٍ أصحاء، تحسُّن مستويات إنزيمات الكبد والبيليروبين، التي قد ترتفع مع الإصابة بالكبد الدهني.
ومِمّا توصّلت إليه الأبحاث أنَّ اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية مُرتبط بخلل أيض الكبد، وكذلك الأنظمة الغذائية غير الصحية تُمهِّد الطريق لالتهاب الكبد وتراكم الدهون فيه.
ومع الصيام أو تقييد وقت تناول الطعام، تُعاد برمجة الساعة البيولوجية لجسم الإنسان، وقد ثبت أنَّ ذلك يُحسِّن العوامل المُسبِّبة للكبد الدهني، بما في ذلك الوزن ومقاومة الأنسولين.
ولا يزال غير واضح إلى أي مدى يُؤثِّر الصيام في الساعة البيولوجية أو النوم أو الأنماط النهارية لعمليات التمثيل الغذائي للكبد، وستحتاج الدراسات المُستقبلية إلى تحديد فعالية الصيام على المدى الطويل عند المُصابين بالكبد الدهني، وإن كانت نتائجه مُبشِّرة حتى الآن.
أثر نمط المعيشة في رمضان على الصحة
يزداد فقدان الوزن في شهر رمضان ويتضح جليًا عند المُصابين بالسمنة، لكن سُرعان ما يعود الناس إلى أوزانهم الأساسية في غضون 5 أسابيع بعد العودة إلى نظامهم الغذائي المُعتاد.
ويعتقد الباحثون أنَّه بغض النظر عن مسألة السعرات الحرارية المُتناولة، فإنَّ الصيام بحد ذاته يُحفِّز آليات في الجسم تُساعِد على خسارة الوزن، فشهر رمضان يحمل ميزة وهو الأكل ليلاً، دون أن يضر صحة الجسم، وهذا على عكس باقي أشهر العام التي يتضرَّر فيها الجسم من الأكل ليلاً.
وارتبط صيام رمضان بارتفاع مستويات هرمون اللبتين "هرمون الشبع" في الليل، كما ارتبط أيضًا بتغيُّر إيقاع الساعة الداخلية، وكذلك مستويات بعض الهرمونات، مثل الميلاتونين والكورتيزول، تلك التغيرات التي قد تستمر شهرًا حتى بعد الصيام.
ماذا عن الصيام وممارسة الرياضة معًا؟
ذكر موقع "medicalnewstoday" دراسة أو بالأحرى تجربة عشوائية محكومة، وقد أُجريت التجربة على مدى 3 أشهر، وضمّت 30 مشاركًا، بهدف النظر إلى فعالية تغيير نمط المعيشة في تحسين مستويات الدهون في الكبد، وقد كان جميع المشاركين يُعانُون السمنة والكبد الدهني.
وقد قُسِّم المشاركون إلى مجموعات:
- انخرطت المجموعة الأولى في تمارين هوائية متوسطة الشدة بانتظام.
- شاركت المجموعة الثانية في صيام اليوم البديل، إذ استهلكوا 600 سعر حراري فقط في أيام الصيام.
- اشتركت المجموعة الثالثة في برنامج تمارين رياضية وصيام.
- المجموعة الرابعة لم تخضع لأي تغيير في نمط أو أسلوب معيشة.
وأظهرت المجموعة الثالثة التي اعتمدت التمارين الرياضية والصيام معًا تفوقًا واضحًا في تحسين الكبد الدهني، مقارنةً مع المجموعات الأخرى.
لكن في النهاية وجد الباحثون أنَّ تقليل دهون الكبد ووزن الجسم كان متشابهًا بين المجموعة الثالثة، والمجموعة التي شاركت فقط في الصيام "المجموعة الثانية"، ما يعني أنَّ الانخراط في التمارين الرياضية للمصابين بالكبد الدهني قد يكون خيارًا جيدًا، لكنّه ليس متفوقًا جدًا على الصيام وحده وإن أبدى نتائج طيّبة.