الذكاء الاصطناعي.. هل هو استثمار المستقبل بالفعل؟
شهدت استثمارات الذكاء الاصطناعي نموًّا هائلاً في السنوات الأخيرة. ففي عام 2023، بلغ حجم هذه الاستثمارات 100 مليار دولار، ومن المتوقع أن تتضاعف هذه الأرقام بشكل كبير في المستقبل. حيث ارتفعت استثمارات الذكاء الاصطناعي في 2024 بنسبة 500% مقارنة بالعام الذي قبله، مع توقعات بأن يتجاوز القطاع 1.4 تريليون دولار بحلول 2027.
تتوجه الشركات الكبرى مثل Google و Microsoft لاستثمار مليارات الدولارات في تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يثير تساؤلات حول مدى استدامة هذا النمو السريع.
فعلى الرغم من هذا التوسع الكبير، تزداد الشكوك حول قدرة السوق على مواصلة هذا الازدهار، خاصة في ظل التقييمات المرتفعة لشركات الذكاء الاصطناعي الصغيرة التي ارتفعت قيمتها بنسبة تتجاوز 500% في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، أظهرت بعض الأبحاث أن 37% من الشركات العالمية قد بدأت بالفعل في استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل فعال.
اقرأ أيضًا: صراع العقول.. من الأذكى: المدير التنفيذي أم الذكاء الاصطناعي؟ (فيديوجراف)
على الصعيد الصناعي، أحدث الذكاء الاصطناعي نقلة نوعية في تحسين خطوط الإنتاج وتحليل البيانات الضخمة، مما ساعد على تحسين الكفاءة وتقليل التكاليف في العديد من الشركات الكبرى مثل جنرال إلكتريك و سيمنز.
وفي المجال الصحي، أصبح الذكاء الاصطناعي أداة حيوية في تشخيص الأمراض بدقة أعلى، مثل ما قامت به شركات IBM Watson Health و DeepMind في تحليل الصور الطبية للكشف عن الأورام.
لم يقتصر تأثير الذكاء الاصطناعي على مجالات الصناعة والرعاية الصحية فقط، بل أصبح جزءًا أساسيًا في التجارة الإلكترونية والتسويق، إضافة إلى تحسين التعليم والتدريب من خلال حلول تعليمية مخصصة. كما دخل الذكاء الاصطناعي مجالات الفنون من الرسم والتأليف الموسيقي، وأسهم في تطوير الأمن السيبراني من خلال الكشف عن التهديدات الأمنية عبر الإنترنت.
لكن رغم هذه الفوائد، يتزايد القلق بشأن ما إذا كانت فقاعة الذكاء الاصطناعي على وشك الانفجار، خاصة في ظل التحديات التي يواجهها القطاع. وفقًا لتقرير الإيكونوميست، أظهرت الأبحاث أن نسبة ضئيلة فقط من الشركات الأمريكية (نحو 5%) تستخدم الذكاء الاصطناعي بشكل فعال، ويعزو الخبراء هذا التردد إلى الخوف من العواقب الإدارية المرتبطة باستخدام هذه التكنولوجيا.
كما أن مخاوف فقدان الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي تزداد، خاصة بعد تجارب مثل استخدام الروبوتات لكتابة الأخبار في جريدة في هاواي، مما أثار غضبًا شعبيًا واسعًا.
إجمالًا، بينما يمثل الذكاء الاصطناعي فرصة هائلة لتغيير شكل الاقتصاد العالمي، إلا أن تحدياته لا تزال كبيرة، ويجب مواجهة مخاوف الأفراد والشركات لضمان دمج هذه التكنولوجيا بشكل فعّال وآمن في المستقبل.