الروائي أسامة المسلم: أحب الكتابة على بطن خاوٍ.. وأبحث عمن يلقي عليّ أشعار شوقي
الكاتب السعودي أسامة المسلم أحد أشهر الروائيين في الوطن العربي، في رصيده 32 مؤلفًا تلقى رواجًا كبيرًا بين الشباب، فاز بجائزة الأدب ضمن الجوائز الثقافية الوطنية، الدورة الرابعة 2024 في المملكة العربية السعودية، وتكتظ معارض الكتب التي تستضيفه بالآلاف من المحبين الذين يطلبون توقيعه، لديه عوالمه الخفية، وطقوسه الروحانية الخاصة به في أثناء الكتابة، ما يجعل المهمة صعبة أمام محاولات قراءة شخصيته، ولكن منصة "الرجل" خاضت معه غمار هذا الحوار الشائق في محاولة لتقصي شرفاته وعوالمه والسباحة في أعماق رواياته الفانتازية، فإليكم نص الحوار:
بداية دعنا نبدأ لقاءنا بهذا السؤال... من هو أسامة المسلم؟
أنا وُلدت في مدينة الأحساء، وكانت بداية حياتي عندما تشكل الوعي لدي وذلك في مقاطعة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية، حيث كانت هناك بدايتي اللغوية والاجتماعية والثقافية وكذلك المعرفية. لقد اطلعت على ثقافة أخرى في وقت مبكر من العمر، ما خلق لي تباينًا ثقافيًّّا حميدًا، ومنذ الصغر كنت أقرأ بنهم لأنني لم أكن ممن يحبون اللعب في الطرقات أو خارج المنزل، بعد ذلك بدأت أكتب، ووجدت مجال الكتابة يناسبني.
أخبرني عن الجانب التعليمي
أنا متخصص في الأدب الإنجليزي، ودرست الأدب في جامعة الملك فيصل، وهو تخصص عميق عزز فهمي في الأدب من الجانب المنهجي، ولكن التعليم لا يتوقف عند أبواب الجامعة، فالتعليم الذاتي بالنسبة لي مستمر، والاطلاع على الموضوعات من خلال القراءة هو أسلوبي في التعلم.
توصف بأنك كثير الأسرار.. لا تفصح عن حالتك الاجتماعية مثلًا، هل هو نوع من الغموض المطلوب؟
لست كثير الأسرار، ولكني قليل المشاركة في الكثير من الأمور، وذلك كوني مؤمنًا بأنه ليس كل شيء قابلًا للمشاركة، هناك بعض المعلومات غير مفيدة، وفي حال أفصحت عنها سيبقى لدى البعض جانب تخميني.
لديك رحلة مع إنقاص الوزن؟
كل إنسان لديه رحلة من إنقاص الوزن بشكل أو بآخر، وهي رحلة مرت بعدد من المراحل في حياتي، ولكن مع تقدم العمر فقد اقتربت من طرق باب الـ 50 عامًا، لذا بدأت بتلك الرحلة للحفاظ على صحتي، والوقاية من الكثير من الأمراض التي تصاحب زيادة الوزن والسمنة.
واليوم هناك العديد من الطرق لإنقاص الوزن، ولكني دائمًا أحب البساطة، والذي ينقص الوزن هو تقليل الأكل.
كيف أصبحت كاتبًا ومشهورًا؟
أنا بدأت كاتبًا، واشتهرت لدى العديد من القراء على ثلاث مراحل: أولها شهرتي لدى القراء الذين عرفوني كاتبًا واستمتعوا بما أدوّن، المرحلة الثانية هي ذلك الكاتب الذي يحدث حوله تجمهر وهذا كان منذ 2019، إذ بدأت لافتًا لمن لا يقرأ، والمرحلة الثالثة كانت من خلال تواصلي مع المحبين عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وحاليًّا العديد من الناس ألتقيهم ويحيّوني ويسألون: أنت الكاتب؟ فهم هكذا يعرفوني.
أنت تتقن اللغة الإنجليزية ولكن لا تستخدم مفرداتها كثيرًا، هل تفضل عدم استخدامها مع اللغة العربية في الوقت نفسه؟
في منصات التواصل الاجتماعي أجد نفسي بطبيعة الحال، أستخدم العديد من المفردات الإنجليزية، وذلك لأني أتحدث بعفوية كبيرة، واللغة هي وعاء وأنا أنتقي الوعاء الأنسب الذي يوصل المعلومة بشكل سليم للمتلقي.
ما هي طقوسك في الكتابة؟
لدي العديد من الطقوس أمارسها من جانب علمي، ومن جانب روحاني وجوانب أخرى. واحدة منها الكتابة على بطن خاوٍ، فمن الناحية العلمية تكون حواس الإنسان وهو جائع في حالة تنبّه تام، أي في أقصى درجات الشحذ، وبعد أن يأكل يصاب بالخمول العام، وخلال الكتابة أكون في حاجة إلى جميع حواسي الخمس، وكذلك الحاسة السادسة الخفية الخاصة بي، ولذلك هنا يكون الأداء الكتابي أفضل وتنساب أفكاري بغزارة، وأستمر لـ 10 ساعات متواصلة في الكتابة، مع بعض فترات الراحة القصيرة.
لماذا تحب قصائد أحمد شوقي تحديدًا؟
انجذبت لشوقي لمفرداته الجميلة والإبداعية، وأنا أرتاح كثيرًا عند الاستماع لقصائده، وأبحث عمن يلقي قصائده بطريقة ممتعة.
الكثير يسألك عن تقنياتك في الكتابة.. ولكن أريد أن أسأل كيف أقرأ؟
البعض يستثقل القراءة أو يصف نفسه بأنه ليس ممن يحبون القراءة، وهذا بسبب تضخيم الشخص للشيء الذي هو مقبل عليه، جرب قراءة أول خمس صفحات من أي كتاب، وهنا يجب أن يقنعك الكاتب للاستمرار.
كذلك لدي تجربة مؤخرًا في إصدار ما يعرف بـ"النوفلا" وتعني الرواية القصيرة التي لا تتجاوز 150 صفحة، وهذه التجربة تستهدف غير القارئين الذين يخافون الكتب الضخمة كونها تسهل عليهم المهمة، وكانت إصداراتي القصيرة ترافق الكثير في رحلاتهم عبر الطائرات والقطارات والبواخر.
والعديد ممن قرأ رواياتي القصيرة دخلوا عالم القراءة.
متى تبتعد عن القلم؟
فيما يخص القلم دعني أخبرك بأني أقتني في المنزل الريشة والمحبرة، وأشعر أنه يوجد بها الكثير من الإنسانية وهي تذكرني بالمراسلات الورقية الكلاسيكية، وفي الوقت نفسه أنا أحب التقنية والأدوات الحديثة.
وعودة إلى سؤالك فأعتقد أنني لن أكره القلم ولن أبتعد عنه، وإذا حصل ذلك فسيكون مفاجئًا ودون تخطيط، وعندما أشعر بأني لا أستمتع بالكتابة سأتوقف وأبتعد عن القلم.
اقرأ أيضًا:المحرر التقني عبد الله السبع: السوق بحاجة إلى مزيد من صناع المحتوى وتجربتي مع "الشرق" ثرية
لديك مؤلفات لم تنشر؟
عدد المؤلفات التي لم أنشرها أكثر مما نُشر، وهي مؤلفات تتضمن عوالمي الأخرى التي لم أكشف عنها بعد.
كم عالمًا لديك؟
عوالمي كثيرة، لست كارهًا للواقع، ولكني محبٌّ للتوقف عن العيش فيه من وقت لآخر، فأنا أستمتع بالكوابيس والأحلام على السواء.
وفي أي خانة تصنف ما تكتبه؟
ما أكتبه هو فنتازيا شرقية مهجورة.
ماذا عن العمق في مؤلفاتك؟
الكتابة لدي تتضمن ثلاث طبقات من العمق، وهناك بعض المؤلفات أو الروايات عندما تعيد قراءتها تكتشف العديد من التفاصيل الأخرى، وذلك عبر تقنيات كتابية أستخدمها وتحتاج إلى جهد كبير.
بعد انتشار خوف... صاحب ذلك إشاعات عنك؟
حتى الآن تلاحقني الإشاعات بسبب خوف.
من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ... هل واجه أسامة المسلم تنمّرًا؟
لقد وُجّه إلي كل شيء: مدح، وذمّ، وتنمر، وتكفير، ولكني أجد الثناء هو السائد. والكارهون والمحبون يصنعون توازنًا مطلوبًا.
حتى الآن كم هو عدد مؤلفاتك؟
عدد الإصدارات الموجودة في المكتبات 32 إصدارًا.
وإجمالي عدد قرائك؟
مليونية ولا يمكن حصرها، إصدار خوف فقط أتوقع بأنه تجاوز عدد قرّائه في الوطن العربي 15 مليون قارئ.
توقّع الإصدارات المنسوخة؟
قد تُغضب إجابتي دور النشر، ولكن الإصدارات المنسوخة الورقية أوقعها بصدر رحب، وفي بعض البلدان في أثناء حفلات التوقيع يأتي القراء بطبعات منسوخة وبالتأكيد يعود ذلك إلى وضعهم المادي، ومن جانبي أوقعها بكل ترحاب.
لقد حطمت أرقامًا قياسية لحفلات التوقيع عربيًّا!
دعني أخبرك بأن حفلات التوقيع الخاصة بي تُنهى ولا تنتهي، أي إن المنظم هو من يُنهي حفل التوقيع، وأكبر حفل توقيع أذكره كان بالعاصمة الرياض، واستمر لأكثر من 10 ساعات، ولم يسبق لي أن تمكنت من التوقيع للجميع، وسبب ذلك بكل تأكيد هو توفيق رباني، وإخلاصي في الكتابة الأدبية واحترام القارئ.
أخيرًا ماذا عن الأعمال التلفزيونية؟
لدي تعاون حاليّ مع مجموعة MBC، وحاليًّا يجري العمل على مسلسل بساتين عربستان ومسلسل رواية خوف، ومن المتوقع عرضها بداية 2026، وأيضًا بعض القصص القصيرة سنعمل على تنفيذها كأفلام، وقد تعرض قبل الأعمال الروائية.